عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لماذا شرف ؟

قوبلت بهجوم شرس من بعض الأصدقاء وزملاء المهنة والرسائل التي وصلتني عبر البريد الإلكتروني، حول فكرة ترشيح الدكتور عصام شرف رئيسا لمصر في الانتخابات المقبلة.. ويمكن حصر الردود والانتقادات في مجموعة من النقاط، في مقدمتها والتي أجمع عليها عدد كبير ممن قرأوا مقالي السابق، هي أن الدكتور شرف لا يملك من المقومات الشخصية ما يؤهله لأن يكون رئيسا، فهو رجل – كما وصلني – لا يختلف عليه أثنان في النزاهة والشرف والضمير والعمل الدؤوب، وعلى المستوى الشخصي يتشرف الجميع بالتعرف إليه، إلا أنه شديد الأدب، وذو قلب مرهف، و"متدين"، ومصر لا تحتاج إلى شخص بهذه المواصفات حاليا، وهل أصبحت مقومات اختيار رئيس مصر أن يشاهد وهو يجلس في مطاعم "الفول والطعمية" أو يشرب من "القلة".. كما أشاروا أن بدعوتي هذه أسوق بطريقة غير مباشرة لصناعة ديكتاتور جديد، لا يمكن خلعه مستقبلا، ويكفينا ما فعله مبارك ومن سبقه.

وبعيدا عن المواصفات الشخصية، تلقيت العديد من التعليقات حول أداء الدكتور شرف منذ توليه رئاسة الوزراء إلى يومنا هذا، منها ماذا فعل للشعب إلى الآن؟.. وما رأيك في الفشل الذريع للحوار الوطني الذي تبناه؟.. وهل كان قرار عودة بطولة الدوري العام قرارا صائبا؟.. وماذا عن التغيرات التي أجراها على مجالس إدارات ورؤساء تحرير وسائل الإعلام؟.. ومن المسؤول عن "توليفة" المحافظين الجدد؟.. ولماذا كل هذه السلبية في معالجة مشكلة محافظة قنا؟.. وأخيرا هل من نتائج ملموسة تحققت على أرض الواقع إلى الآن؟.

لا أختلف مع من عارضني في الرأي فيما يتعلق بالصفات الشخصية للدكتور شرف، فهو رجل ذو أدب جم، يخشى الله في كل أفعاله وأعماله، رفض الإنضملم لدولة الفساد السابقة، لديه فيض من الضمير والنزاهة والشرف والشفافية ما يبعث في النفوس السكينة والطمأنينة لكل خطوة يخطوها، لم يكن في يوم ساعيا لمنصب أو سلطان، أبن بار من أبناء الثورة.. فلما الاختلاف إذن حول رجل بكل هذه المواصفات.. فهل نعيش الآن في زمن أصبح فيه الأدب "سبة"؟.. أم كما قال لي صديق اتفق معي في الرأي يبدو أننا أصبحنا مدمني "قلة أدب"، والمؤدب في زمننا نطلق عليه "عبيط" أو ضعيف الشخصية ولا يصلح للقيادة.. فهل فعلا أصبحنا في زمن نرفض فيه الأدب ونتمنى أن يكون قائدنا "قليل الأدب".. لا اعتقد أن أدب الدكتور شرف يمنعه من تولي مسؤولية رئاسة مصر، وإذا كان الشارع المصري يعاني حاليا من مشكلة أخلاقية، فلما لا يكون رئيسنا قدوة لنا جميعا في الأدب ونقتدي به، وهل أثر أدب الدكتور شرف على إدارته لمجلس الوزراء إلى الآن؟.

وأخيرا هل التدين أصبح أيضا سمة من سمات الضعف أو وصمة عار، ويكفى الدكتور شرف فخرا أنه حصل على إشادة شخصية من أئمة العلمانية الكارهين للإسلاميين بأنه رجل متدين طيب القلب، وكلما دخل عليه مكتبه في أوقات الفراغ يجده مشغولا بتلاوة آيات من كتاب الله.. أليس هذا ما قاله الدكتور يحيى الجمل الذي وصف الحجاب والنقاب بأنه "زفت".. فهل كان يقصد هنا مديح الدكتور شرف أم يشير إلى رسالة ما؟

وفيما يتعلق بأداء حكومة الدكتور شرف والسلبيات التي فندها لي الأصدقاء والقراء، فبداية لابد وأن نشير إلى أن عمر مجلس الوزراء لم يتعد الشهرين تقريبا، وبالتالي فمن غير المنطقي قياس إنجازات ما في هذا الزمن الوجيز، اللهم إذا كانت تمتلك هذه الوزارة عصا موسى، أو الفانوس السحري، ومع ذلك، هل نظرنا إلى حجم الانجازات المعلنة من قبل العديد من الوزارات خلال هذه الفترة، فوزارة المالية الأكثر نشاطا إلى الآن اعلنت عن مجموعة ضخمة من المشاريع، أهمها إعادة هيكلة الأجور وليس زيادة الرواتب، وهو أمر طالبنا به لسنوات طويلة، ويتحقق الآن، وأيضا التحركات المكوكية لحملات سداد ديون مصر أو إسقاط الفوائد المستحقة عليها، وأمور أخرى كثيرة نعرفها جميعا، هذا بخلاف نشاط الخارجية المصررية، ووزارة التعاون الدولي، ووزارة البترول، ووزارة التربية والتعليم والتي نتوقع لها أن تحدث نقلة نوعية في تاريخ التعليم في مصر، لنعود  قبلة للعلم والعلماء كما كنا سابقا.. إذن هناك إنجازات حتى ولو كانت مجرد مشروعات أو قرارات، فقد تم التوصل إلى حلول في شهرين فقط.

وبالنسبة لفشل الحوار الوطني الذي عول عليه الكثيرين كونه القناة الشرعية للتواصل بين أصحاب القرار أو الحكومة وفئات

الشعب المختلفة، فهذا الأمر يسأل عنه الدكتور يحيى الجمل، الذي أفشل هذا المشروع قبل أن يبدأ، فقد جمع فيه المقربين منه فقط، ولم يكن حوارا وطنيا، بل أحد برامج "التوك شو".

أما فيما يتعلق بعودة بطولة الدوري العام، فلدي سيناريو تخيلي لقرار العودة، فبداية قرار العودة جاء قبل أن يتم التحقيق مع جمال مبارك، ونعرف جميعا الصلة التي تربطه بحسن صقر وسمير زاهر، وقد يكون قرار عودة البطولة أحد أدوات الثورة المضادة التي تم الاتفاق عليها مع ثلاثي إفساد الحياة الرياضية في مصر، وتم تسويقها بوسائل عدة، بل وإقناع الرافضين بوجهة نظرهم، فالدوري العام من جهة وسيلة لإلهاء الناس عن السياسة والتظاهرات، ومن جهة أخرى تجميدها قد يتسبب في "خراب بيوت" الكثيرين، لذا فمن الأفضل الموافقة على قرار العودة، وقد كان.. وهو قرار خاطئ بكل المقاييس، لكن هناك حسابات أخرى، كما أن القرار لا ينفرد به الدكتور شرف، بل يكون من خلال التشاور والإجماع.. أضف إلى ذلك أن رئيس الوزراء بعيد تماما كما علمت عن الحياة الرياضية، ومن ثم فمن المؤكد أنه استعان بمن هم أهل للخبرة والثقة في هذا القرار، على الرغم من أنه ملف أمني أكثر منه رياضي.

وفيما يتعلق بقرارات تعيين رؤساء مجالس إدارات وتحرير الصحف، فهي من القرارات التي يسأل عنها أيضا الدكتور يحيى الجمل، فكما شكل أعضاء الحوار الوطني، اختار عدد من الصحفيين المقربين منه، أو من كانوا يتولون قطاع التعليم في الصحف القومية لتعيينهم في المناصب المختلفة.. وجميعنا نعرف كيف تم اختيار أسماء بعينها.

وإذا ما نظرنا إلى الانقتادات الموجهة ضد الدكتور شرف فيما يتعلق بالمحافظين الجدد، سنجد أن عملية الاختيار تتشابهة إلى حد كبير للآلية المتبعة سابقا في اختيارات المحافظين، فأغلبهم من لواءات القوات المسلحة أو الشرطة، اللهم إلا القليل منهم، لذا فالاختيار لشخص حديث العهد بمثل هذه الاختيارات، أمر صعب، ومن الأفقضل هنا معرفة من صاحب توليفة المحافظين.. وكذلك الحال بالنسبة لمشكلة محافظ قنا، فهي مرتبطة بخطأ الاختيار الأول، ولم يستجب الدكتور شرف لمطالب إقالته، بل وعد بحل المشكلة بعد عودته من جولته الخليجية، فلننتظر ونرى ما هي حلوله المطروحة لهذه الأزمة المفصلية.

وفي النهاية لا ننكر ان مصر مليئة بمن يصلحون لقيادتها، ونكن لهم كل الاحترام، لكن إذا كان هناك أشخاص نعرفهم تمام المعرفة نحترهم ونقدرهم، فلما لا نبادر ونطرحهم بين من طرحوا أنفسهم لرئاسة مصر، وهذا لا يعني فرض الدكتور شرف رئيسا للجمهورية، بل يدخل ضمن الأسماء المرشحة في السباق الرئاسي، وقد يفوز أو يخسر، المهم أن نجد اختيارات عديدة في الأسماء المرشحة للانتخابات.. وأخيرا ما هو الصالح لمصر أن تضم القائمة مطرب أو مطربة - مع حبي وتقديري لهم جميعا - أو عاطل عن العمل، أم أشخاص يصلحون جميعا أن يتولوا رئاسة مصر المحروسة؟