عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بريزيدنت جوت تالنت

 

كل عام وأنتم بخير.. يستعد الجميع في عموم مصر المحروسة حاليا لاستقبال مولد "سيدي الرئيس"، ويبدو أن جميع المحافظات والقرى والنجوع بل "زنقة زنقة" أعدت عدتها للاحتفال بالمولد هذا العام بمجموعة ضخمة من مرشحي الرئاسة الطامحين، وكل شيخ وله طريقة، وعليك أن تختار نموذجا واحدا من بين المرشحين وفقا لما تراه مناسبا لمصرنا الحبيبة في هذه المرحلة الحاسمة.

ويبدو أن الصداع سيلازم الشعب المصري لفترة من الزمن، وهو عرض طبيعي من أعراض الثورة، فما أنفض مولد الاستفتاء على التعديلات الدستورية، وما تبعه من قيل وقال، وانتقادات ومديح من هنا وهناك، ومخاوف وترحيب، وكل ما إلى ذلك من متناقضات مازلنا نعيشها، إلا نجد أنفسنا سندخل دوامة جديدة من الفوضى، لكن هذه المرة فوضى بقوة تفوق الزلزال الذي ضرب اليابان مؤخرا، لندخل في متاهات ما لها أول من آخر، وفي حالة يجوز لنا أن نطلق عليها "فوضى الديمقراطية".

وتلك الفوضى أيضا، عرض طبيعي من أعراض الثورة، فالمتابع لحركات الحرية والثورات في العالم، سيلاحظ أن ما يحدث في مصر أمر صحي يجب ألا نرتاب منه، فالثورة اليابانية والمعروفة باسم "المايجي" نسبة إلى الجد الخامس لامبراطور اليابان الحالي، وهي الأقرب لثورة يناير، حيث قامت من خلال مجموعة من الانتفاضات الشعبية، وكان القائمون عليها من مناطق ونوعيات ودوافع مختلفة، ولم يكن هناك حزبٌ يقود تلك الانتفاضات، وما أعقب ذلك من حالة فوضى، نتج عنها إعلان أكثر من 500 حزب سياسي، سرعان ما اختفى أكثر من 90% منها ليظهر فقط على الساحة حزبان تقريبا هما حزب اليابان الديمقراطي الحاكم حاليا، والحزب الديمقراطي الحر وهو حزب المعارضة الرئيسي، وبعض الاحزاب المؤثرة نسبيا في الحركة السياسية في اليابان.. وانتظمت الحياة السياسية في اليابان بعد سنوات قليلة من اندلاع ثورة "المايجي".

ومع اختلاف أسباب ودوافع قيام الثورات، وكذلك آليات التخلص من الظلم والاستبداد والفساد، دخلت أمريكا والعديد من الدول الأوروبية في فوضى الديمقراطية، سواء في عملية إنشاء الأحزاب السياسية أو الترشح للرئاسة، إلى أن اتضحت الصورة تماما كما نراها الآن، ليخرج من السباق الأحزاب الضعيفة، وليتم ترشيح نماذج رئاسية تستحق فعلا أن تمثل بلدانها.

وفي الحالة المصرية، نعيش الآن سنة أولى ديمقراطية، وما نشاهده من الإفراط في إنشاء الأحزاب السياسية، والأسماء التي ترد إلى مسامعنا يوميا عن مرشحين للرئاسة، هي تكرار لسيناريو بدايات الديمقراطية والحرية التي عاشتها دول أوروبا وأمريكا واليابان، ومن ثم فما نراه الآن أو ما أطلقنا عليه مولد "سيدي الرئيس" حالة صحية، سرعان ما تنتهي، لتسلك مصر خلال سنوات قليلة المسار الطبيعي، لدولة لها من الثقل ما يؤهلها لأن تكون نموذجا للثورات الناجحة، استطاعت من خلالها أن تعيد بناء دولة دمرها الفساد.

ويجوز لنا ان نتصور السيناريو المتوقع في الانتخابات الرئاسية المقبلة، فكما نرى ونسمع حاليا عن أسماء لا يسع المجال لذكرها، لم يتفق إلى الآن الشعب المصري على اسم بعينه من بين المتنافسين على كرسي الرئاسة، وهناك فرق مؤيدة ومعارضة لكل مرشح، حتى بما في ذلك الأسماء البارزة بين المرشحين، لم تصل إلى نسبة تؤهلها للتوقع بفوزها في الانتخابات المقبلة، وهو ما قد ينجم عنه تشتت في الأصوات.. إلا أنه من المتوقع أن تتساقط أكثر من 95% من الأسماء التي نسمع عنها حاليا في نهاية الأمر، أما من خلال عدم تحقيق الشروط المطلوبة للترشح، أو من خلال الجولة الأولى في الانتخابات والتي من المتوقع أن يصل المرشحون فيها بين ثمانية وعشرة مرشحين، إلى أن تصل التصفية في النهاية بين مرشحين اثنين فقط، يفوز أحدهما بكرسي الرئاسة.

ولا ننكر هنا حق أي مصري في ترشيح نفسه للانتخابات، طالما ينطبق عليه الشروط التي نص عليها الدستور والقانون.. لكن ما يستفزني فعلا أن البعض وجد من الانتخابات الرئاسية فرصة للترويج لنفسه سواء كان فنانا أو إعلاميا أو محاميا، المهم أن يظهر

في وسائل الإعلام تحقيقا للشهرة، وقد بلغ إلى مسامعي أن زوجة عم عبده البواب تتدرب على الاتيكيت حاليا، وقد أخضعت نفسها لعمليات تجميل عديدة، تمهيدا لأن تصبح سيدة مصر الأولى بعد أن تقدم زوجها لترشيح نفسه للانتخابات.

وبالرجوع إلى الأسماء التي تم الإعلان عنها إلى الآن، للترشح لرئاسة الجمهورية، وجدتني في حيرة بالغة، فمن ناحية هناك أسماء لها من التاريخ السياسي والخبرة، ما يؤهلها لأن تصلح لرئاسة مصر، وفي المقابل هناك أسماء لا يختلف عليها اثنان بعدم صلاحيتها قلبا وقالبا، لكن من حقهم الترشح.. وهنا تكمن المشكلة.. فكيف نخرج من مسابقة الوصول إلى الرئاسة؟

نعتقد أنه مع التطورات المتلاحقة التي يشهدها العالم في كافة مناحي الحياة، فمن الممكن ان تنفرد مصر كعادتها بأسلوب جديد لم يتبع من قبل، وهو عمل مسابقة على شاكلة "آراب جوت تالنت"، على أن تتم عمليات تصفية مبدئية بين المرشحين والمتوقع أن يصل عددهم إلى أكثر من 500 متسابق، ويتم تشكيل لجنة متخصصة لاختبار مواهب المتسابقين، على أن نصل إلى التصفيات النهائية، ليتم اختيار 20 متسابقا من بين المرشحين، وهنا نفتح المجال للجمهور للمشاركة من خلال التصويت إما بالاتصال المباشر، وإما عبر الرسائل النصية القصيرة، على أن يتم إعلان المرشح الفائز في الحلقة الأخيرة من برنامج "بريزيدنت جوت تالنت".

وبعيدا عن هذه الدعابة، أريد منكم وأنا معكم أن نراجع انفسنا حول الشخصية التي تستحق فعلا أن تتولى رئاسة مصر.. وليتجرد كل منا من عواطفه تجاه شخص ما، وليتجرد أيضا من انتمائه أو التيار السياسي الذي ينتمي إليه.. فهل وقع اختيارنا بالإجماع على اسم ما من بين الأسماء المرشحة للرئاسة؟.. وإذا كان رأينا بالإجماع هل هذا الاسم يحمل كافة المقومات التي نريدها فعلا لشخصية الرئيس؟.. وهل هذا الإنسان موجود فعلا بين المصريين؟.. لا اعتقد أنه موجود بين أسماء المرشحين مع كامل الاحترام لكل الأسماء المرشحة للرئاسة، إلا أنه موجود بين المصريين، لكنه يعمل في صمت، ولم يتقدم أو يطرح نفسه للترشح للرئاسة.. فقط إنسان بسيط مصري حتى النخاع.. وطني من الدرجة الأولى.. لا يسعى لأي مكاسب.. نحبه ونعشقه.. حملناه على الاعناق في ميدان التحرير.. لم ينحن يوما إلا لخالقه.. رفض الانصياع لدولة الفساد فقرر الخروج منها بأمان.. ليعود مع الثوار رئيسا للوزراء.. فهل يوجد حاليا أفضل من الدكتور عصام شرف لأن يكون رئيسا لمصر.. فلما لا ندفعه نحن لترشيح نفسه للانتخابات، وكما كان اختيارنا في تحديد مصيرنا والتخلص من الفساد، فلما لا يكون اختيارنا أيضا في ترشيح من نراه مناسبا لرئاسة مصر المحروسة؟!.

[email protected]