رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

سالمون بقرآنك وإنجيلك

نجح الرئيس مبارك في خطابه الأخير في إحداث فرقة بين صفوف المصريين، فبعد أن أجمع ثوار الغضب على ضرورة رحيل رأس السلطة نهائيا من الحكم، خرج الرئيس بخطابه الأخير ليستجدي استعطاف الناس من خلال بعض العبارات التي أثرت في القلة ليتراجعوا عن موقفهم، إلا أن الغلبة مازالت للرافضين لحكمه وحكومته.

واستكمالا لحملة الفرقة التي يلعبها الإعلام المنتمي للرئيس السابق - إن شاء الله – تتواصل عمليات الضغط لتوسيع رقعة الانشقاق على الطريقة الإسرائيلية أو الأميريكية، وذلك من خلال اختراق صفوف ثوار الغضب أنفسهم وتشتيتهم بين فرق حتى يسهل التعامل معهم فيما بعد فرادى، وهو الأمر الذي نشاهده حاليا وبكثافة بين كافة الطوائف والانتماءات المشاركة في ثورة الغضب.

وهناك دلائل قوية على قيام أجهزة المخابرات وبالتبعية الأجهزة الإعلامية الحكومية، والحزب الوطني، وأيضا بعض أجهزة المخابرات الأجنبية وفي مقدمتها إسرائيل والولايات المتحدة الأميريكية، وحتى الحكومة بتشكيلتها الحالية، للترويج لبعض الشائعات التي من شأنها إحداث فتنة جديدة بين صفوف المتظاهرين، وفي مقدمة الأدوات التي تستخدمها لنشر الفتنة، استخدام جماعة الإخوان المسلمين، وفي هذا فحدث ولا حرج، فتارة يشيعون أنهم من خطط للثورة منذ البداية، وأن التجهيز لها بدأ منذ فترة طويلة، وتارة ثانية يشيعون بأنهم يحاولون "ركوب الموجة" وأنهم يحضرون لخطف الثورة ونسبها للجماعة، وتارة ثالثة بأنهم في طريقهم إلى سدة الحكم.. وهكذا كما نسمع على مدار الساعة من الداخل والخارج.

وقبل أن ننتقل إلى أداة أخرى من الأدوات التي يستخدمونها حاليا للفرقة بين ثوار الغضب، دعونا نشير أولا إلى أن الإخوان المسلمين أول من أعلنوا في الثالث والعشرين من يناير الماضي عن عدم مشاركتهم في ثورة الغضب يوم 25 يناير، وهو الأمر الذي أثار استياء الكثيرين من أبناء مصر، ولن نخوض هنا فيما قيل في هذا الموقف، ولكن سرعان ما تراجعت جماعة الإخوان عن هذا الإعلان، وقالت في بيان لها إن هناك مجموعة من الشباب سيشاركون في ثورة الغضب لكنهم يمثلون أنفسهم ولا يمثلون الجماعة.. ومن هنا فإن الجماعة لم تكن وراء تنظيم الثورة، ولم تكن حتى لها دور في إشعال نار الثورة.. ورد بسيط لمن يدعون أن جماعة الإخوان تحاول ركوب الموجة، ألم تشاهدوا أقباط مصر وهم يحيطون بالمصلين لحمايتهم لحين أداء صلاة العصر، وكذلك ألم تشاهدوا مسلمي مصر وهم يحمون الكنائس؟.. ويكفيكم هنا أننا لم نسمع عن محاولة حرق لكنيسة أو مسجد ما؟.. بما يعني أن الثورة مصرية وليس لها انتماء ديني أو طائفي أو حزبي.

ومن بين الأدوات الأخرى، ما يشاع حول أحزاب المعارضة ومحاولتها أيضا لركوب الموجة لخطف الثورة من ثوارها الشباب، أو من خلال ضعف الأحزاب في المشاركة في التظاهرات، وما إلى ذلك من تصريحات وأخبار أصابتنا بالصداع طوال الأيام القليلة الماضية، وكذلك الحال بالنسبة للدكتور محمد البرادعي، والسيد عمرو موسى، والدكتور أحمد زويل، والسيد إبراهيم المعلم، وما إلى ذلك من أمور مشتبهات، إلى أن وصلت إلى آخر أدواتها وهي التشكيك في لجنة الحكماء التي يمثلها بحق شرفاء مصر، ومحاولة تفويت الفرصة من الإجماع على الوثيقة التي أعدوها لنقل السلطة بشكل سلمي، وقد نجحت الأجهزة العاملة على نشر الشائعات على نحو ضعيف في خلخلة وتد الثورة القوي.. لكني كلي ثقة أن هذا الأمر لن يدوم، وستعاود الثورة ترتيب صفوفها وبثبات

أكبر، لأسباب كثيرة، أضعفها أنه لا يمكن التراجع بعد كل ما تحقق من مكاسب.

وأضف إلى ما سبق المعالجة الإعلامية الساذجة لوسائل الإعلام الحكومية، والزج ببعض شباب الثورة كما تدعي، بهدف الترويج لفكرة أن هناك جهة وراء غسل دماغ الشباب ودفعهم للثورة، إلا أنهم أدركوا الأمر وتراجعوا بعد أن استردوا رشدهم، وخرجوا ليحذروا الشباب المرابط في ربوع مصر ضد النظام الحاكم، أو من خلال فئة أخرى من نفس جيل الشباب المشارك في الثورة بأنهم وصلوا إلى مكاسب كبيرة، ويكفى هذا وعليهم الرجوع إلى منازلهم وانتظار البدء في تطبيق وعود الرئيس !

كلمة أخيرة لشباب الثوار، لا تنخدعوا أو تنجرفوا وراء الشائعات التي يروج لها المغرضون، فهم يريدون إحباط ثورتكم، وستكشف لكم أيام ما بعد النصر إن شاء الله صحة ما نقول.. وأن الوعود التي تسوق لها الحكومة حاليا مشكوك فيها، وإلا لما لم يحدد السيد نائب رئيس الجمهورية أو السيد رئيس الوزراء كيفية تأمين سلامة خروجكم من ميدان التحرير وأنكم لن تساءلوا قانونيا.. فماذا يعنيان هنا بالمساءلة، فقد أكتفيا فقط بالإشارة لمحاسبة من شارك في أعمال تخريبية أو تدمير، وترك "مفهوم الحساب" مفتوح على مصرعيه ليشمل جرائم أخرى، مثل ترويع الناس، ومحاولة قلب نظام الحكم، والإضرار بالمصالح العليا للدولة، والإضرار بالاقتصاد الوطني وفي مقدمة ذلك البورصة التي خسرت المليارات.. أليست كل هذه تهم من الممكن أن يتم توجيهها للمشاركين في ثورة الغضب، خاصة في ظل العمل بقانون الطوارئ؟!

وفي النهاية، أدعوكم للصمود يدا واحدة كما بدأتم ثورتكم.. فهي لحظات حاسمة، وقد حققتم مكاسب كبيرة، وما تبقى إلا القليل.. فأصمدوا ورابطوا، وستصلون إلى مبتغاكم ومرادكم.. ولا تسمحوا بالفرقة مجددا.. ونشكركم على رد كرامتنا وشرفنا.. فواصلوا حتى لا نخسر ما أهديتموه لنا.

وأقسم لك يا مصر بقرآنك وإنجيلك.. برجالك ونساءك وأطفالك.. بفلاحيك وعمالك.. بمثقفيك وبسطاءك.. بدماء شهداءك ودماء من ينتظرون الشهادة.. سنظل نذكر شبابك المخلص.. شباب أثبت للعالم أجمع كيف تدار الثورات السلمية بحنكة واقتدار، حتى وإن كان الخصم منزوع الرحمة لا يعرف إلا الدم والتعذيب وانتهاك حقوق الإنسان.. فحاربوا نار الفتنة ولا تستمعوا للمغرضين، فقد أصبح لديكم من الخبرة ما يمكنكم من فرز الصواب من الخطأ.