رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كروت التنازلات

في قراءة سريعة لخطاب الرئيس مبارك ليلة أمس، يمكن التعرف على أسلوب المراوغة الذي اتبعه منذ ظهوره على شاشة التلفاز ليلة جمعة الغضب، ولنقرأ معها بوضوح الخطوات والإجراءات والقرارات التي أعقبت مسلسل التنازلات التي يمن بها علينا بنظام "القطارة".

فقد بدا لنا جميعا أن الرئيس لديه مجموعة من "كروت" التنازلات، لا يريد أن يكشفها دفعة واحدة، بل يطرح إحداها ليقيس بها رد فعل الغاضبين، فإن جاءت بنتائج إيجابية، فقد فلح، وإن لم يكن ذلك، ينتظر لطرح "كارت" جديد قد ينخدع فيه الناس، أو على الأقل يحقق له مكاسب زمنية تمكنه من دراسة الوضع ورد فعل الشعب.. وهكذا فعل الرئيس، فبداية التنازلات كانت بتغيير الحكومة وتعيين نائب له وتسمية رئيس للوزراء جديد من بين الشخصيات التي قد تكون محبوبة بين الناس، وهو بكل صدق "كارت" ساذج ومفضوح، ولم يفلح في تهدئة نار ثورة الغضب، بل كان قرارا مستفزا رفع من درجة الغليان بين الناس.

إلى أن جاء خطاب أمس، ليحمل فيه قرار بعدم الترشح لفترة رئاسية جديدة، أو كما قال أنه الأمر الذي لم يكن يفكر فيه من الأساس، فهو لم يكن يوما طالب سلطة أو جاه وليس هذا من طبعه، وليعلن أيضا عن نيته تأمين الانتقال السلمي للسلطة خلال الأشهر الباقية من رئاسته.

وحتى لا نتوه في تشريح خطاب الرئيس، دعونا نتعامل معه مجزأ، فالبنسبة لقراره بعدم الترشح لفترة رئاسية قادمة، وأن الأمر لم يكن في حساباته من الأساس، فإذا كان الأمر كذلك فلما لم يفصح عن نيته من قبل، بل لما لم يعلن هذا الأمر قبل الخامس والعشرين من يناير الماضي، فهل هذه كانت نيته بالفعل، أم هي إحدى "كروت اللعبة".. أعتقد أنه حل "ملتوي" للخروج من أزمة التنحي واتخذه وهو في موقف المضطر.

وأيضا، قال الرئيس أنه سيعمل على تأمين الانتقال السلمي للسلطة خلال ما تبقى له من أشهر في فترة ولايته.. أي سلطة يتحدث عنها هنا الرئيس، ومن هم الذين ستنتقل إليهم السلطة، فهل سيتم نقل السلطة إلى السيد عمر سليمان والفريق شفيق، أم يقصد إجراء انتخابات نزيهة بعد تعديل المادتين 76 و77 من الدستور لضمان توسيع قاعدة الترشح لانتخابات الرئاسة.. فهل يعد هذا إحدى المراوغات السياسية التي اعتدناها خلال ثمانية أيام متتالية.

ونستخلص مما سبق، وكما اتضح لنا، أن ما أعلنه الرئيس مجرد محاولات للخروج من عنق الزجاجة، أو بمعنى آخر إخماد نار ثورة الغضب، ومن ثم التعامل بسياسات جديدة مع الملف بأكلمه.. وسؤالنا هنا هل سينفذ الرئيس مبارك أي من وعوده لنا.. وهل سيستغل فترة نقل السلطة – هذا إن تم نقلها – لإيجاد مخرج يعيده إلى كرسي الحكم، وهل سيتم تعديل الدستور؟

ولا أريد أن أكون سوداويا، إذا ما وصلت بالوصف إلى أن حديث الفريق شفيق لقناة الحياة، وخطاب الأمس وما تضمنه من قرارات، وزيارة المبعوث الأميركي إلى القاهرة، وحتى تصريحات الرئيس أوباما التي جاءت في غير صالح مبارك، كلها سيناريو لتخدير الشعب المصري والرأي العام في الداخل والخارج

للخروج من المأزق، على أن يعاد ترتيب الأوراق فيما بعد أزمة ثورة الغضب، ولا يهم هنا الوسيلة التي استخدمت، المهم فقط الوصول للغاية، وهي الإبقاء على مبارك في الحكم لصالح أميركا وإسرائيل.

ونهاية القول في جزئية عدم الترشح، هي أنها "كارت" رابح، استطاع به الرئيس مبارك من إحداث انشقاق بين صفوف متظاهري أيام الغضب، وهو ما شاهدناه اليوم الاربعاء، فبخلاف ما نظنه أنه هجمة منظمة من جهات عدة تدين بولاءها للنظام الحاكم وفي مقدمتها الحزب الوطني، وجدنا اختلاف في الرؤى ووجهات النظر بين من طالبوا الرئيس بالرحيل حتى لحظات ما قبل الخطاب، وما أعقب ذلك من قتال بين المصريين والمصريين، ولا نعلم كم عدد القتلى أو الجرحى إلى الآن.

وأيضا، إذا كان الخطاب يعني جملة من قرارات أو خطوات الإصلاح، فهل نسي أو تناسى الرئيس مبارك المطلب العاجل والملح لحل مجلسي الشعب والشورى، أليسا هما من تسببا في نسبة كبيرة من اندلاع ثورة الغضب، أم أنهما "كارت" لم يستخدم بعد؟

الأمر الذي استبعده الرئيس تماما من خطابه، ولم يشير إليه من قريب أو بعيد، هو قانون الطوارئ، واعتقد أنه إما أن يكون أحد "الكروت" التي لم يستخدمها الرئيس إلى الآن، أو لم يكن ضمن "كروت" اللعبة من الأساس لأنه "كارت" غال وثمين ولا يمكن المجازفة به، وهنا سؤالنا حول خطورة هذا الكارت، فهل سيتم استخدام قانون الطوارئ خلال الفترة المتبقية من ولاية الرئيس؟.. أم أنه مازال "كارتا" احتياطيا؟

شيء أخير يجب الإشارة إليه، في اليوم التالي لخطاب الرئيس، تابعنا سويا ما قام به الفريق المؤيد للرئيس مبارك من ضرب بالعصي والحجارة والأسلحة البيضاء، على متظاهرين عزل، بل وشاهدنا وتابعنا دخول كتائب الخيالة والهجانة لشق صفوف من يطالبون برحيل الرئيس، فهل هذا أحد أساليب نقل السلطة في سلام؟

وبذكر هذه الواقعة، فقط أذكر بأول قرار أتخذه محمود وجدي وزير الداخلية الجديد، وهو تغيير شعار الداخلية إلى "الشرطة في خدمة الشعب".. وأيضا تصريحات الفريق شفيق بأنه سيفدي المتظاهرين برقبته؟!.. والله المستعان.