رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حتى لو تدخل المجلس العسكري !

 عندما أندلعت ثورة يناير، لم نشك لحظة الرجوع إلى الوراء خطوة واحدة.. كان الجميع يقف على قلب رجل واحد.. لم ننخدع بخطابات الرئيس السابق قبل خلعه

. واصلنا الضغوط إلى أن فهم معنى الرحيل ورحل.. وعلى مدى ثمانية عشر يوما خط المصري أسمه ومكانته.. لم يكتف برحيل النظام الفاسد، بل واصل الضغط ليستقر المقام بأغلبهم حاليا في سجن طرة.. وخلال تلك الأيام لم نسمع عن مسلم أو مسيحي.. الكل كان مصري.. المسيحي يحمي المسلم حين صلاته.. والمسلم يفسح المجال لإقامة القداس.. وخلال تلك الفترة أيضا عرفنا من هم حملة راية الفساد في الإعلام.. ليظهر رجال وصفوا حينها بالشرفاء.. فلم تكن لهم مصالح تذكر حينها سوى مصر.

وحال الثورة لا يختلف كثيرا عن حال المصري ذاته، الذي يجد صعوبة في الحفاظ على المستوى المتقدم الذي أحرزه، بل يزداد سوءا ليتراجع وييسبقه من هو أقل منه خبرة أو قدرات.. وهو أيضا ما حدث لمصر، فقد جاهدت لتصبح لها الريادة بين ربيع الثورات العربية، بل سبقت من سبقوها في إندلاع الثورات، لكنها الآن تتراجع وبشدة عن أغلب مكاسبها.. ولا تسأل مصر في ذلك، بل نسأل أنفسنا أولا.. فالجميع يتصارع الآن على كعكعة لم تطه بعد.. فقط مقادير ووصفة مكتوبة بدون طاه أو حتى أدوات للطبخ.

عجب العجاب ما نراه ونسمعه الآن.. كلنا متهمون.. منافقون.. منخدعون.. خداعون.. ماكرون.. كذابون.. سياسيون.. محللون.. علمانيون.. سلفيون.. مسيحيون.. إلى آخر ما يمكن نعته بالواو والنون.. كل منا يتهم الآخر بالخيانة وحياكة المؤامرات.. وكأنه الوحيد الوطني الشريف الذي لم تنجب مصر سواه.. أهملناها جميعا.. لكنها لم تهملنا.. لم نمهلها لحظة واحدة لتفرح بهديتنا لها.. لكنها كعادتها امهلتنا.. فماذا ننتظر وإلى أي مدى ننظر.. إلى قريب يتربص بنا وبها.. أم إلى بعيد لا يعلم مداه إلا الله.

إذا كنا مصريين كما ندعي، فلما لا نأخذ قسط من الراحة ولو لأسبوع واحد، ونعتبرها إستراحة محارب أنهكه الصراع.. أسبوع واحد نلملم فيه الأوراق، ونتصالح مع أنفسنا، ونعيد الحسابات بنظرة محايدة.. نجرد أنفسنا من التعصب والعنصرية.. من الضغينة للآخر.. من الخبث والأنانية.. ننكر الذات.. ولتكن ذاتنا مصرنا.. نراقب ونحسب ونصل لنتائج لحل هذه المعادلة الصعبة.. بشرط أن يكون ناتج المعادلة في الطرف الآخر مصر.

إذا كنت مصري، وهو مصر، وهي مصرية، وأنا مصري، فلما نختلف إذا كانت هويتنا واحدة، من المؤكد أننا جميعا غير مصريين، فالمصري الحق هو من يعمل في صمت.. مخلص لبلده.. مجرد من ذاته.. لا ينظر إلى مكسب قريب.. يطمع في مستقبل أفضل للأبناء.. يزكي الصالح العام عن مصلحته الشخصية.. غير متعنت.. لا يتمسك برأيه الخطأ إذا أدرك أنه مخطئ.. يعتذر ويتراجع سريعا للعمل مع الطرف الآخر إذا ما ثبت حسن نيته.

أثبتت تجربة ما بعد رحيل مبارك، أن العمل الأحادي لا مكان له في مصر.. وهي تجربة عشناها جميعا مع كافة التيارات السياسية والإنتماءات الدينية.. كل من حاول القفز أو السطو على الثورة فشل وخسر شعبيته.. من المؤكد أن هناك شعبية لفئة ما عن فئة أخرى.. وهو أمر طبيعي.. لكن حتى تلك التي تملك الفريق الأعظم من التأييد لن تنجح إلا بمساعدة من هم أقل منها شعبية أو سيطرة.. وإذا ما نسينا او تناسينا.. فلنا في الحزب الوطني أسوة

سيئة.. مهما طال بك الزمن من سيطرة وشعبية.. فمصيرك مزبلة التاريخ إن لم تتعاون مع الآخر مهما كان ضعيفا أو قليل الحيلة.. فهو من نسيج مصر.. كونه ضعيف لا شأن له في ذلك.. وإذا أردت أن تتخلص منه لابد من بتره.. والبتر يعني التشوه أو العجز في أحيان كثيرة.. لا يمكن بتره.. فمصيره من مصيرك.. وحياته من حياتك.. وما يؤلمه يؤلمك.. وما يسعدك يسعده.. نفس الجسد.. نفس الدم.. بل نفس اللهجة.. بل أحيانا نفس الأسرة.

الغالبية من بسطاء مصر ينعتون قليل الأصل بــ "أبن الحرام"، فمن ينكر أصله أو يتخلى عنه أبن حرام.. ومن يتنكر من انتمائه أبن حرام.. ومن يتلون أبن حرام.

وبذكر الحلال والحرام، يحضرني الصحاف وزير الإعلام العراقي أبان الغزو الأميركي على العراق، فقد ظل متماسكا ومتمسكا ومؤمنا بقضيته وتأدية عمله إلى آخر لحظة، وأيا كان ما يؤمن به، فهو رجل مخلص لما وكل فيه، لم يتهاون لحظة، لم يتلون أو يغير من وجهته، بل قاد حملة إعلامية ضروس ضد أقوى أجهزة الإعلام في العالم، وأنتظرنا معه المفاجأة التي وعدنا بها.. وكانت المفاجأة اختفائه واختفاء العراق.. ورغم ذلك فهو أبن حلال.. لأنه لم يتخل عن انتمائه رغم أنه كان على شفى الموت.

وكذلك نحن، يجب أن نعود إلى روح الفترة من الخامس والعشرين من يناير إلى الحادي عشر من فبراير، مبدأ واحد.. هدف واحد.. مصر واحدة.. وهي الروح التي أشعلت الثورة ووصلت بها إلى مبتغاها الأولي.. وكذلك الحال بالنسبة للزمالكوية .. لا تتخلوا عن انتمائكم.. فمصيرنا أننا ولدنا مشجعين لنادي تعيس.. كل همه التفنن في "العكننة" على مشجعيه.. ومن المؤكد أن هناك فارق كبير بين مصر والزمالك.. إلا أن العلاقة العكسية في الحالتين هي ما يلفت الانتباه.. فالزمالك يهين جمهوره.. وجمهوره لا يهينه.. لا يمهل شعبه.. وشعبه يمهله.. يحزن من يرفع رايته.. ويفرح لرايات الغير.. يدلل لاعبيه.. ولاعبيه يسبونه.. ومع ذلك يظل الزملكاوي زملكاويا.. بل يزداد تمسكا بناديه مهما كانت ظروفه.. حتى لو تدخل المجلس العسكري ليثنيه عن من يشجع سيظل الزملكاوي زملكاويا.. وإذا ما تخليت عن زملكاويتي سأعيش كما أعيش الآن.. مصري في بلاد الغربة.