مبادرة لنزع فتيل الفتنة
اشتعلت الأزمة بين الليبراليين والإسلاميين بعد فترة قليلة من اندلاع ثورة يناير المجيدة، وكثير من المنتمين إلى كل فريق يريد الانفراد بالساحة، وتبدو الكراهية واضحة في كتابات وتصرفات المتعصبين من الجانبين، وهنا تكمن المشكلة،
في كلمة «التعصب»، فهذه الكلمة تحمل رفض الآخر وكراهيته وعدم الرغبة في التحاور معه أو الاطلاع على أفكاره، والشخص المتعصب لا يقبل الأفكار المخالفة، ويقرأ كمن هو أعمى، دون أن يغوص في المعاني، أو يتجاوز قشور الأشياء إلى النظرة الموضوعية التي تحاول التزام الحياد على قدر الإمكان للوصول إلى الحقائق، وقليلون من يقرأون بعين محايدة. والحقيقة أن الإسلام لم يدع المنتمين إليه إلى الانغلاق، وإنما دعا إلى التفكر وإعمال العقل وعدم اتباع الآخرين تبعية تقليد دون نظر أوفكر، ولا يتعارض الإسلام مع الليبرالية، لأن الأخيرة تدعو إلى الحرية ومنح الآخرين حق التعبير عن الرأي. إذن، لا يوجد تعارض، وتكمن المشكلة في بناء سد منيع دون معرفة آراء الآخرين والتحاور معها، والخروج بالنتائج التي تقدم إضافات جديدة، ليحدث التعاون والوصول إلى التقدم، بدلا من التناحر والجدال حول أفكار عقيمة مكررة لا تأتي بخير، وإنما تعود بالضرر على المجتمع.
قدم الدكتور ناجح إبراهيم القيادي في الجماعة الإسلامية مبادرة لنزع فتيل الفتنة بين الإسلاميين والليبراليين، في مقال بعنوان «خارطة طريق لإعادة الثورة إلى مسارها الصحيح» نشرته جريدة «المصري اليوم» يوم الجمعة 5 أغسطس 2011، يشير فيه إلى أن المشكلة تكمن في التهويل والتضخيم والتعميم للأخطاء التي يرتكبها أحد الطرفين، ويوضح أنه «الآن يتم على نطاق واسع توسيع رقعة الحديث عن كل ممارسة سلبية من أى إسلامى لتصبح معيارا للحكم على كل الإسلاميين، وكل ممارسة سلبية من ليبرالى لتصبح معيارا على الحكم عليهم جميعا.. مع شن كل فريق حربا لا هوادة فيها
هذه كلمة حق قالها أحد المنتمين إلى التيار الإسلامي للتقريب بين وجهات النظر، ووضع مصلحة الوطن في المقدمة، وليت جميع المختلفين يستخدمون العقل في الاتفاق على هدف واحد، هو بناء مصر الجديدة الفتية صاحبة الكلمة المسموعة والأفعال الرشيدة، لا مصر التي يتناحر أبناؤها على الفتات، ولا يصبرون على الشجرة حتى تثمر.