عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نموذج رائع في تأمين قطارات الصعيد


عبر سنوات طويلة من السفر بين القاهرة والصعيد، لم أجد دورا ملحوظا لرجال الشرطة بصورة كافية وبشكل فعلي إلا خلال رحلتي إلى أسوان منذ نحو أسبوعين، عندما استقللت القطار رقم 996 الذي انطلق من القاهرة إلى أسوان في العاشرة مساء يوم الثلاثاء 21 مايو 2014، عندما دخلت العربة الثالثة للقطار، شد انتباهي صوت أحد الأشخاص يجلس بالقرب من المقاعد المخصصة لي ولأسرتي، نبهني إلى قطعة حديدية في الرف أدت إلى إعاقتي عن تحريك إحدى الحقائب لوضعها بشكل صحيح، شكرته على المساعدة. بعد تحرك القطار، اكتشفت أنه ضابط الشرطة المسئول عن تأمين القطار، وذلك عندما وجدت أمناء وأفراد شرطة يأتون إليه لتلقي التعليمات.

كان المشهد النادر خلال رحلاتي السابقة هو أن يتفقد رجال الشرطة القطار ذهابا وجيئة مرتين على الأكثر، ثم يجلسون على المقاعد. في هذه المرة، اختلف الأمر، ظل رجال الشرطة يتحركون في القطار طوال الرحلة التي امتدت لنحو 14 ساعة، ولم يجلسوا للحصول على قسط من الراحة أو أخذ غفوات إلا لفترات قصيرة، حتى إن أحدهم لم يُخصص له مقعد فكان يقضي الوقت واقفا أو مستندا على مقعد لأحد زملائه.
ظل هؤلاء الرجال يصطحبون رئيس القطار وطاقمه عند التفتيش عن التذاكر من العربة الأولى إلى العربة الأخيرة، وعند ظهور مشكلة كانوا يتدخلون لحلها. ولفت نظري أسلوب التعامل المهذب وإلزام الركاب المشاكسين باحترام القانون دون صخب أو أصوات عالية تزعج الجالسين على مقاعدهم.
لأول مرة منذ سنوات طويلة أشعر بالراحة في عربات الدرجة الأولى، فهذه العربات تتميز باتساع حيزها إلى حد ما، نتيجة أن المقاعد فيها أقل وأكبر حجما. وكان المعتاد أن البعض يركب القطار دون حجز مسبق، ولضيق الممر في عربات الدرجة الثانية فإن كثيرا من هؤلاء يتجه إلى عربات الدرجة الأولى، ويجلس مستندا على مقاعد الركاب أو عند الأبواب، مما يؤدي إلى مضايقة الحاجزين في هذه الدرجة وصعوبة تحركهم في الممر، خاصة السيدات اللائي يجدن حرجا في التوجه إلى دورات المياه. لكن، في هذه المرة، اختلف الوضع، لم يسمح رجال الشرطة لراكب مخالف بالمكوث في هذه العربات، لتعود إلى الدرجة الأولى ميزتها ومكانتها المفقودة، والتي يدفع الراكب مبلغا مضاعفا للجلوس فيها.
لاحظت أن العلاقة بين الضابط ومرؤوسيه قائمة على الإنسانية، فقد كان يتعامل معهم باعتباره الأخ الأكبر، ويتناقش معهم حول المشكلات التي واجهوها أثناء تفقدهم عربات القطار وكيفية حلها، وإضافة إلى ذلك أنه في حواره معهم كان يسرد لهم بعضا من خبراته التي يمكن أن تفيدهم في

عملهم.
هذا الضابط لم يكن لي معرفة سابقة به، ولم أكشف له أنني صحفي أو أتعرف عليه إلا في نهاية رحلة القطار.. وما لاحظته طوال الرحلة هو الذي يجعلني أوجه التحية المصحوبة بالاحترام للرائد صبري سالم والمجموعة المصاحبة له، فقد أثبتوا أنهم يعملون في صمت مخلصين في عملهم. وهذه شهادة حق أكتبها، لأن دورنا ينبغي ألا يقف عند حدود النقد، وإذا رأينا نموذجا إيجابيا فعلينا أن نشجعه ونطلب تعميمه.
وهذا يدفعني إلى أمل أن أجد هذا النموذج في جميع قطاعات وزارة الداخلية، فرغم التصالح بين الشعب والشرطة منذ ثورة 30 يونيو، فإن فريقا كبيرا من العاملين في «الداخلية» ما زالوا يؤثرون الكسل على العمل. رجال المرور غير موجودين في كثير من المناطق التي لا تقع في قلب العاصمة، لذلك نجد الشلل المروري في مناطق حيوية رغم وجود أكشاك للمرور، لكنها خاوية من العاملين فيها، أو يجلسون لشرب الشاي والراحة. كثير من رجال شرطة الآثار لا يعملون، ولذلك فإن آثارنا منهوبة، ليس خارج حدود المدن فقط، ولكن داخلها أيضا، ومن المشاهد المؤذية للنفس أن تجد محلا للأحذية داخل جزء من مسجد يوسف أغا الأثري في ميدان باب الخلق على بعد أمتار من مديرية أمن القاهرة، ولا أحد يتحرك أو يتعاون لاستعادة هذا الجزء من المسجد، وهذا مثال، وغيره كثير. نحتاج إلى عودة الأمن والأمان في الشارع المصري، وأن تختفي أخبار سرقة السيارات وخطف المواطنين، وأن يشعر تجار المخدرات والبلطجية والمجرمون واللصوص بهيبة الشرطة وقدرتها على الوصول إليهم وتخليص البلاد من شرورهم. إذا أخلص كل مواطن في هذا البلد فسيتحقق الرخاء والتقدم ونصل إلى مصر التي نحلم بها.
[email protected]