رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

التعريب.. والإخوان.. والوزيرة

أجرى الزميل والصديق ممدوح دسوقي حوارا مع الدكتورة نادية زخاري وزيرة البحث العلمي السابقة، نشر في «الوفد» (الخميس 6 فبراير 2014). الحوار مليء بالنقاط الإيجابية، ويظهر فيه انحياز الوزيرة الشديد للبحث العلمي وتفاؤلها بزيادة ميزانية البحث العلمي في الدستور الجديد. أكدت الوزيرة في الحوار أهمية نقل التكنولوجيا الحديثة. وأوضحت أن بعض رجال الأعمال يدعمون البحث العلمي، والبعض الآخر يقتصرون على استيراد التكنولوجيا من الخارج ويرفضون تطبيق الأبحاث العلمية التي ينتجها المصريون.

ورغم الإيجابيات في الحوار، إلا أن الوزيرة تطرقت إلى مسألة تعريب العلوم، فمنحت الإخوان شرفا ليس لهم حق فيه، وهو أنهم حاولوا تعريب العلوم في دستور 2012، ورفضت الوزيرة هذا المسلك تماما، وحملت ردودها في هذا الجانب عددا من المغالطات، فقد أشارت إلى أن الدستور الجديد «أنقذ المواد العلمية بعدما حاول الإخوان تعريب المواد العلمية في دستور 2012، دون أن يدروا أن تعلم اللغة الأجنبية لا يفقد الهوية، وعندما نتحدث مع العالم الخارجي فهل نتحدث معه باللغة العربية؟! إن جميع الأبحاث العلمية تصدر باللغات الأجنبية، ولو تم تعريب المواد العلمية لتوقفت على نفسها وفقدت أهميتها بعدم التواصل مع الأبحاث الخارجية وسيتأخر الترتيب العلمي المصري؛ لأن الأبحاث العلمية تعتمد على النشر في المجلات الدولية، والآن أصبحنا أمة غير مصدرة للعلم تستورد الأبحاث والعلوم المتقدمة».
ولتسمح لي الوزيرة بالاختلاف معها في عدة نقاط مختصرة:
أولا: الإخوان ليسوا أصحاب الفضل في الدعوة إلى تعريب العلوم، فالدعوة قد سبقت الإخوان بزمن طويل، ويكفي أن تعلم الوزيرة أن التدريس في كلية طب قصر العيني –التي حصلت منها «زخاري» على الدكتوراه - بدأ باللغة العربية، وكان اسم هذه الكلية «مدرسة الطب البشري»، وذلك عندما أنشأها الطبيب الفرنسي أنطوان براثيليمي كلوت (المشهور بـ «كلوت بك») بتكليف من مؤسس مصر الحديثة الوالي محمد علي، فقد كان حريصا على نقل الطب باللغة العربية، واختار مجموعة من المترجمين لنقل العلم من ألسنة الأساتذة إلى الطلاب المصريين، واستعان ببعض علماء الأزهر للمساعدة في اختيار الكلمات التي تعبر عن المصطلحات الأجنبية، ثم كان إرسال البعثات العلمية. وتخرج في المدرسة العديد من أفضل الأطباء الذين قدموا عشرات الكتب الطبية باللغة العربية، إلى أن استطاع اللورد كرومر القضاء على اللغة العربية في المدرسة وتحويل التعليم إلى اللغة الإنجليزية.
ثانيا: لا تعارض بين تعريب العلوم وتعلم اللغة الأجنبية، بل إننا نحتاج إلى بذل الجهود في تعليم طلاب الكليات العملية على وجه الخصوص عدة لغات وليس لغة واحدة هي اللغة الإنجليزية، فالعلم ليس مقصورا على هذه اللغة، ويكون هذا بتقسيمهم إلى عدة مجموعات تدرس كل منها لغة معينة وتتاح لها بعض الكتب المؤلفة بهذه اللغة. والفائدة المرجوة من هذا هو اطلاع الدارسين على العلم في مصادره المختلفة، وفي النهاية يستطيعون ترجمة بعض الكتب إلى اللغة العربية لتعم

الفائدة من لا يجيدون هذه اللغات.
ثالثا: تعريب العلوم لا يمنع من الاطلاع على الأبحاث باللغات الأجنبية أو النشر في المجلات الأجنبية، فالذي يجيد اللغة يستطيع أن يقرأ هذه الأبحاث بيسر، ويتمكن – أيضا - من نشر ما يشاء في هذه المجلات. والمشكلة ليست في اللغة، وإنما في ضروة امتلاك المادة العلمية، والمداومة على متابعة الجديد في العلم.
رابعا: ليس مطلوبا من كل خريجي الكليات العملية أن ينشروا أبحاثاً باللغات الأجنبية، فهذا ما يفعله بعض الخريجين الذين يواصلون دراساتهم العليا، وهو ما يتطلب إتقان بعض اللغات الأجنبية، وهذا الأمر غير مقصور على خريجي الكليات العملية، وإنما يمتد إلى طلاب الدراسات العليا في كليات العلوم الإنسانية الذين يحتاجون إلى إتقان بعض اللغات الأجنبية للاطلاع على الجديد في التخصص العلمي ونشر الأبحاث العلمية، وهذا يحدث –أيضا- في دراسة اللغة العربية، حيث يتواصل الباحثون مع الجديد في علم اللغة والدراسات الأدبية.
خامسا: السوق التي يعمل فيها معظم خريجي الكليات العملية هي السوق المصرية، واللغة السائدة فيها هي اللغة العربية، وعندما يعمل الطبيب في مستشفى أو وحدة صحية أو عيادة فإنه لا يتحدث إلى المرضى بالمصطلحات التي تعلمها في الكلية، وإنما يناقش معهم المرض باللغة العربية التي يفهمونها، وبالتالي فإنه يحتاج إلى مؤلفات باللغة العربية تساعده في توصيل المعلومات إلى المرضى الذين تسود بينهم شكوى من أن الكثير من الأطباء لا يردون عليهم إلا بالقليل من الكلمات التي لا توضح لهم طبيعة المرض أو كيفية التخلص منه، وإنما يكتفون بالكشف وكتابة الوصفة الطبية في دقائق معدودة يكون خلالها الطبيب قد حصل على المقابل المادي الكبير دون أن يحصل المريض على قدر كاف من المعلومات التي توضح له كيفية التعامل مع المرض.
وسنحاول مواصلة موضوع تعريب العلوم في مقالات أخرى إن شاء الله، مع تقديري للدكتورة نادية زخاري وزيرة البحث العلمي السابقة.

[email protected]