رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الجينات المصرية لا تتوافق مع الإخوان

المصريون لا يتوافقون مع الطبيعة المتشددة، يمارسون التدين ببساطة، يعبدون الله بلا تكلف، قلوبهم صافية، تظهر البشاشة على وجوههم حتى في أحلك اللحظات، مرت بهم العديد من الصعاب عبر التاريخ، لكنهم كانوا يدركون دائما أنها ستزول، يستعينون بالصبر على المحن والشدائد، ويصبرون على الظالم إلى أن يصل الصبر إلى مدى لا يمكن تجاوزه، فينتفضون عليه انتفاضة الأسد الذي لا يرضى بجرح كرامته.

«الإخوان المسلمون» لم يستطيعوا أن يكسبوا المصريين، لأنهم فشلوا في التناغم مع الطبيعة المصرية المحبة للتسامح والرافضة للتشدد والتطرف. هذه الطبيعة تجعل المصري يدرك أن الإيمان الصادق يظهر في صورة سلوكيات تنطق بالأخلاق الرفيعة التي تتسق مع الدين. ولذلك، وجد المصريون غصة شديدة في حلوقهم، لأنهم تأكدوا أن «الإخوان» يكذبون ويخلفون الوعود ويخونون أمانة الحفاظ على الوطن ويظهرون الفجور من أجل استعادة الكرسي، ويخدعون أتباعه بأنهم يدافعون عن الإسلام.
رب ضارة نافعة، منح المصريون ثقتهم للإخوان، قدموا لهم فرصة ذهبية لحكم مصر وإظهار القيم الإسلامية، لكنهم أثبتوا أنهم لم يكونوا جديرين بالثقة؛ حاولوا الاستحواذ على كل شيء، تكالبوا على الوظائف السيادية دون اشتراط الخبرة أو الكفاءة، مارسوا التخريب في جميع قطاعات الدولة، فرحوا بتقسيم مصر إلى طوائف وجماعات، بدلا من أن تكون كيانا واحدا كما كانت أيام ثورة 25 يناير، ولم يكتفوا بتقسيم البشر، وإنما سعوا –أيضا- إلى تفتيت الأرض، وبدأوا المخطط باختراع مشروع إقليم قناة السويس الذي ينزع جزءا من الأرض المصرية عن سيادة الدولة، ويجعل سيناء منطقة معزولة عن مصر، يرتع فيها الإرهابيون والمتطرفون، وتكون عرضة لأن تبتلعها إسرائيل. أذاق الإخوان المصريين ذل العيش، رفعوا أسعار السلع، وزادوا فاتورة الكهرباء وحرموا الناس من النور والهواء في قيظ الصيف. نسوا شهداء ثورة يناير، وزادوا أعدادهم. وضعوا الثوار في خانة «الفلول»، وحاولوا انتحال صفة «الثوار» لأنفسهم. وبدت مصر في عهد الإخوان «مشوَّهة» وعاشت البلاد عاما من الحزن والكآبة وفقدان «حلاوة الحياة».
خسرت جماعة الإخوان المسلمين كثيرا، واتضح وجهها الإرهابي الذي كان محجوبا لسنوات طويلة، عندما فقدت الكرسي كشرت عن أنيابها وأظهرت صورة سيئة لا تمت للإسلام بصلة، ظهر هذا جليا في الأيام السابقة والتالية لعزل الرئيس السابق محمد مرسي. في رابعة العدوية انطلقت الكلمات من الأفواه تعبر عن الكراهية للتيارات الأخرى، كلمات كأنها الرصاص الموجه إلى الآخرين، تدعو إلى الانتقام، وتسيء إلى كل الرموز المحترمة، ومنهم الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، والبابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، والفريق أول عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع الذي استجاب لصوت الشعب المصري الذي عبرت جموعه عن عدم احتمال حكم الإخوان. الكلمات التي تحض على الفتنة وإراقة الدماء لا يمكن أن تصدر عن أشخاص يزعمون أنهم دعاة

إلى الله، إنهم يدعون إلى قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، يسيرون في اتجاه معاكس لما أمرت به الأديان، لقد دعت رسالات السماء إلى نشر السلام والأمن والصدق ورعاية الأمانة.
الكلمات تحولت إلى واقع عندما حمل مؤيدو الرئيس السابق السلاح، ونشروا الرعب بين المواطنين في القاهرة والمحافظات، وسالت الدماء في الشوارع. رأى الناس مشاهد مفزعة على الفضائيات وفي المواقع الإلكترونية. ومن أكثر المشاهد إيلاما مشهد إلقاء بعض الشباب من فوق بعض الأسطح في الإسكندرية ثم الضرب إلى درجة الموت، مشهد لا تقبله الفطرة الإنسانية السليمة، فما بالنا بالأديان والرسالات السماوية السامية.
والأسوأ هو استعانة الإخوان بأمريكا والدول الغربية، وقولهم في رابعة العدوية من خلال ما سمعته عبر الفضائيات «أمريكا هتوريكوا»، في دلالة واضحة على أنهم لا يهمهم استقلال الوطن أو التخلص من التبعية للولايات المتحدة الأمريكية، بما يؤكد أنهم الوجه الآخر لعملة نظام «مبارك»، وموقفهم هذا يذكرني بالخديو توفيق الذي استعان بالإنجليز ليحموا عرشه من المصريين عندما انتفضوا عليه بقيادة الزعيم أحمد عرابي، وكانت النتيجة احتلال مصر لمدة تزيد على ثمانين عاما. ويأتي الإخوان اليوم ليفعلوا الشيء نفسه غير عابئين باستقلال الوطن أو بمستقبل المصريين، يهمهم فقط اعتلاء كرسي مصر، لبدء مشروعهم المهيمن على العالم الإسلامي، والذي يقوم على الدم من أجل الوصول إلى أهدافهم. وفي عودة تفجيرات خط الغاز الموصل من مصر إلى الأردن دلالة مؤكدة على أنهم لا يجدون حرجا في تخريب الوطن ما داموا خارج السلطة، ففي الفترة التي حكموا فيها لم تشهد مصر تفجيرا واحدا لخط الغاز.
الشعب المصري أيقن يقينا تاما أن هذه الجماعة لا تحمل الخير لمصر، كما كانت تدعي، وإنما تحمل الخراب والدمار والتفتيت وتشويه الدين. ولن يتراجع المصريون عن استعادة طبيعتهم الجميلة السمحة التي شوهتها هذه الجماعة.

[email protected]