رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مرحلة ما بعد «مرسى»

حسنا فعلت حركة «تمرد» عندما دعت القوي الوطنية إلي الاتفاق علي مرشح رئاسي واحد. هذه الدعوة خطوة نحو الاستفادة من أخطاء ثورة يناير في البدايات، إذ نجحت الثورة في اقتلاع الرئيس السابق حسني مبارك، لكن الثوار لم يفكروا في مرحلة ما بعد خلع «مبارك»، وكانت النتيجة أن جلس المجلس العسكري علي عرش مصر

، لكنه أدار المرحلة الانتقالية مرتبكا، ولم يستطع الخروج من صندوق «مبارك» الذي اعتاد عليه، وكان كمن رقص علي السلم، فلم يستطع تقديم أداء جيد في الحكم يجعل المصريين يتذكرون أيامه بالخير، ولم يقدر علي إرضاء طموحات الثوار ورغبتهم في التخلص من «الإرث المباركي» الذي أعاق مصر عن اتخاذ خطوات نحو التقدم ومغادرة «دائرة التخلف». وأتاح المجلس العسكري للإخوان مساحات لم تتح لغيرهم، وكان ذلك بتوصية من الولايات المتحدة الأمريكية التي منحت ثقتها للإخوان، وحاولت تجربتهم في الحكم، ولما وصلوا إلي الحكم كانوا نقمة علي الوطن.
استفادت حركة «تمرد» من الدرس، ويجب أن تستعد من الآن لمرحلة ما بعد «مرسي». عندما اندلعت الثورة لم يفكر الثوار في مرحلة ما بعد «مبارك». واليوم الفرصة متاحة للتفكير فيما بعد رحيل «مرسي» عن الحكم. لا يكفي هدم نظام «الإخوان» وحده كما فعلنا مع «مبارك»، وإنما يجب أن نفكر بشكل جدي في التخطيط الجيد للمرحلة التالية، لتكون مرحلة بناء بدلا من «التوهان» الذي نعيشه، وأن يشارك في هذا التخطيط أبناء مصر المخلصون في جميع المجالات، فتكون هناك خطط للنهوض الاقتصادي والعلمي والإعلامي والاجتماعي وغير ذلك، بالاستفادة من الموارد المتاحة، ودراسة كيفية تقليص الأموال المهدرة التي تضيع هباء، ومنها التخلص من أنواع «السبوبة» علي حساب ميزانية الدولة، ومن ذلك علي سبيل المثال نزع بلاط محطات المترو وإعادة تركيب بلاط جديد قد يكون أقل جودة، والاستعانة بشركة أمن لتنظيم حركة الدخول والخروج من البوابات رغم وجود عمالة في «المترو»، وهو ما يكلف الدولة 485 ألف جنيه شهريا، وهو ما اعتبرته مذكرة للمستشار حمدي الوكيل رئيس اللجنة الثالثة لقسم الفتوي بمجلس الدولة إهدارا للمال العام (الشروق- 25 مايو 2013)، وجاء في المذكرة أنه «إذا كانت الهيئة تعاني عجزا في العمالة المختصة بمراقبة البوابات فكان من الأولي تعيين عمالة جديدة تساهم بها في حل مشكلة البطالة بين الشباب بدلا من التعاقد مع شركة خاصة لا تبغي سوي الربح».
مرحلة ما بعد «مرسي» يجب التخطيط لها فورا لتشريح مشكلات مصر ووضعها علي مائدة المتخصصين لوضع حلول تكون جاهزة للتطبيق. يحتاج الوطن إلي جراحين ماهرين يزيلون البثور والجروح المتقيحة من جسد الوطن، ويعيدونه معافي قادرا علي الإسهام في التنمية العالمية. مصر لا ينقصها الموارد الطبيعية ولا العقول صاحبة الأفكار والابتكارات ولا الأيدي الماهرة. كل ذلك متوفر، لكنه يحتاج إلي قائد ماهر لا يضيع الوقت في المهاترات والصراعات الحزبية والطائفية.
تجارب الدول الناجحة موجودة بين أيدينا، لكنها لا تصلح للتطبيق حرفيا علي مصر، لأن لكل دولة طبيعتها التي تختلف عن الأخري. يمكن الاستفادة من هذه التجارب، ولكن بعد تطويعها للبيئة والطبيعة المصرية وما تحتاجه مصر. وإذا توفرت الإرادة، فإن آلاف الدراسات جاهزة ومناسبة للحالة المصرية لدي العديد من العقول المخلصة من أبناء هذا الوطن. ولو أتيحت الفرصة لتكوين منظومة من المخلصين الذين يملكون الأفكار القابلة للتطبيق فإن الإيقاع سوف ينضبط في جميع قطاعات الوطن وربوعه.
المصريون يجتمعون علي التعبير عن حب هذا الوطن والفرحة بنجاحه، والنموذج الواضح لهذا هو أننا عندما كنا نحصد البطولات في مباريات كرة القدم كانت الروح المعنوية ترتفع ليسود شعور عارم بأن المصريين جسد واحد. أبناء هذا الوطن لديهم الرغبة في الخروج من حالة الفوضي والتشتت إلي حالة الانتظام وتقديم نموذج للشعب الراقي، لكنهم لا يجدون علي رأس الدولة القدوة، لذا تنتقل عدوي التخبط إلي الجميع، لأن السمكة تفسد من رأسها. الفرصة متاحة الآن لتصحيح ما فات والبناء علي أسس سليمة تصحح مسار هذا الوطن في سنوات قليلة، بالعلم والتخطيط والعمل.
[email protected]