رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

العبث باسم «دار الكتب المصرية»

من العيوب الراسخة في الإدارة المصرية أنها لا تقوم على الطابع المؤسسي الذي يجعل الغلبة للنظام الداخلي للموقع، وإنما تخضع لهَوَى المسئول وما يريد أن يطبقه في المكان، لذلك يراود المسئول الجديد هاجس وضع بصمة تجعله مختلفا عن سابقيه، ولو أدى ذلك إلى زعزعة النظام في المؤسسة وحدوث بلبلة لدى المستفيدين منها. وضع الخطط الجديدة شيء جيد،

لكن شريطة ألا يكون على حساب المؤسسة، أو سحبا من رصيدها الذي تكوَّن عبر سنوات طويلة. ومن العجائب التي تحدث في مصر تغيير أسماء بعض الوزارات، ومن الأمثلة القريبة على ذلك تغيير اسم وزارة التضامن الاجتماعي إلى وزارة التضامن والعدالة الاجتماعية، ثم إلى وزارة التموين «اسمها القديم». وتغيير أسماء الوزارات ليس خطيرا خطورة تغيير أسماء مؤسسات راسخة صار اسمها علامة بارزة، وفي هذا الإطار يأتي التصريح العجيب للدكتور زين عبدالهادي الرئيس الجديد لمجلس إدارة دار الكتب والوثائق القومية المعروفة باسم «دار الكتب المصرية» وهو الاسم الذي تحمله مطبوعات الدار منذ سنوات طويلة. أشار الدكتور عبدالهادي في تصريح للزميلة منى نور في جريدة «أخبار الأدب» (1 يناير 2012) والزميل حسن حافظ في موقع مجلة آخر ساعة (2 يناير 2012) إلى أنه يسعى إلى إحداث تغيير شامل في إدارة الدار، يبدأ بتغيير الاسم إلى «المكتبة الوطنية المصرية»، ومبرره في ذلك أن اسم «دار الكتب» هو ترجمة حرفية للمصطلح التركي «الكتبخانة»، وأن الهدف من إطلاق اسم «المكتبة الوطنية» هو أن «تضطلع بأدوار أهم وأعم من فكرة المكان المخصص لاقتناء الكتب وعرضها»، وهذا سبب غير مقنع لتغيير الاسم، فما المانع من أن تقوم الدار بهذا الدور دون تغيير اسمها العريق؟.
أنشئت دار الكتب المصرية عام 1870، عندما كلف الخديو إسماعيل علي مبارك باشا بإنشاء «الكتبخانة»، وتغير الاسم إلى «دار الكتب الخديوية» عام 1911، ثم «دار الكتب السلطانية» عام 1916، ثم «دار الكتب المصرية» 1927، ثم «دار الكتب والوثائق القومية» عام 1956، ثم انضمت إلى الهيئة العامة للكتاب عام 1971، ثم انفصلت عنها وصار اسمها منذ عام 1994 «الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية».
من الملاحظ أن اسم «دار الكتب» استقر منذ عام 1911، أي أنه مر عليه نحو مائة عام، اشتهر فيها هذا المكان بهذا الاسم، على الأقل في مصر والوطن العربي. والدار معروفة بأنها هي المكتبة الوطنية في مصر، ومن العجيب تغيير الاسم بعد هذا الزمن الطويل من الألفة معه، وإيراد حجة أنه ترجمة

للمصطلح التركي مردود عليه بأنها ترجمة مقبولة، إلا إذا كان الهدف الهروب من الترجمة الشرقية واستيراد المصطلح الغربي «المكتبة الوطنية» دون أن تكون هناك فائدة واضحة من تغيير الاسم. ولا يغيب عن البال أن هناك عددا من المكتبات الوطنية في العالم لا تحمل اسم «المكتبة الوطنية» مثل مكتبة الكونجرس الأمريكية والمكتبة البريطانية ومكتبة وأرشيف كندا والمكتبة الملكية البلجيكية والمكتبة الملكية الهولندية والمكتبة الملكية الدانماركية والمكتبة الملكية السويدية. ولم تلجأ هذه المكتبات إلى تغيير الاسم إلى «المكتبة الوطنية»، وقد اكتسبت هذه المكتبات أهميتها من تاريخها العريق واسمها الذي صار علامة مسجلة لم يفكر أصحابها في تغييره، لأنه جزء لا يتجزأ من تاريخ هذه المكتبات.
سيدي الدكتور زين، لا أظن أن باحثا في مصر أو الوطن العربي لا ينظر بعين الإعجاب إلى دار الكتب، وأعتقد أنه يشعر برنين الاسم حين يسمعه أو يتذكر الأيام الجميلة التي قضاها أثناء بحثه في الكتب والمراجع النادرة في الدار، ولن يشعر بوقع اسم «المكتبة الوطنية» مثل شعوره بجمال اسم «دار الكتب».
سيدي، لا تغير العنوان الجميل الذي يحمل لنا ذكريات محفورة لا تنسى، وحافظ على الاسم الذي يعيش في وجدان كل باحث ومثقف مصري وعربي، دع العنوان وأعمل عقلك واستثمر خبرتك في تطوير المتن، افعل ما شئت في تحديث الدار ونقلها نقلة كبيرة باستخدام أحدث المستويات التقنية، هذا ما سيحسب لك، وإن غيرت الاسم سيحسب عليك ولن يسامحك أحد، وسيعود مرة أخرى رغما عنك، فكن أداة بناء ولا تكن أداة هدم، وعد بنا إلى الزمن الجميل؛ زمن الإنجازات الحقيقية، واترك الشكل وأرنا إبداعاتك في المضمون.
[email protected]