رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

"المستديرة"

بمجرد أن سمع أخاه الأصغر يتفق هاتفياً مع أحد أصدقائه للعب الكرة أخذ يشير له إشارات مفادها بأنه سيلعب معهم، لم يفهم أخوه المقصود ليس لعدم قدرته على فهم الإشارات

ولكن لاستبعاده أن يقوم أخوه بذلك الفعل حيث ألح عليه مراراً من قبل وفي كل مرة كان الرفض رده، ولكن ما زاد اندهاش الأخ الأصغر أنه بمجرد إنهاء المكالمة مع صديقه حتى وجد أخاه الأكبر مرتدياً ملابسه ويربط حذاءه..استعداداً للمباراة

كان الفريق الآخر مكونا من خمسة لاعبين بينما الفريق الذي يضم الأخوين من ستة فقرروا فيما بينهم أن يقوم لاعب بالراحة بالتبادل، رفض الأخ الأكبر أن يكون هو ذلك اللاعب في بداية المباراة وأصر على أن يكون آخرهم آملاً أن ينتهي اللعب قبل أن يأتي دوره أو-على الأقل- بعد أن يكون قد أُنهك تماماً،يريد أن تنسحق قواه عن آخرها، ألا يقوى حتى على التفكير،مجرد التفكير،أن تكون طاقته المتبقية كافية لمجرد سحبه حتى فراشه ليندس في نوم عميق يقلل بشكل أو بآخر من الوقت الذي يفكر فيه بنفس الموضوع،لا غيره

كان يتحرك كثيراً بالملعب،بصورة مبالغ بها، بكرةِ أو بدون، وبالأخص بدون، وبمجرد أن يحصل عليها بين قدميه، ينطلق كفهد مُطارَد، فيمر من لاعب، تظهر صورتها أمامه، يتذكر كيف كانا في البدء أصدقاء، أصدقاء فقط، وكيف كانت تحكي له عن حبيبها،وعن تفاصيل تفاصيل ما يحدث بينهما، يمر من الثاني وتتوالي الأيام فتسوء العلاقة بينها وبين حبيبها، تقترب منه أكثر،ويقترب،تصل العلاقة بينهما لذروتها بينما تنتهي علاقتها بحبيبها،يأخذ الثالث منه الكرة في لحظة شرود فيركل الأرض بعنف ويعاود الركض خلفه،يتعمد الخشونة،يسُب أعضاء فريقه في عصبية واضحة وغير مبررة،لا يرد عليه أحد احتراماً لسنه الذي يكبرهم جميعاً ولأخيه الصغير –صديقهم - ، ينظر إلى الكرة وكأنه سيثقبها بعينيه طالما ليست معه،يرى في استدارتها وجريانها المنتظم على الأرض تشابهاً مع عقله الذي يدور منذ عدة أشهر في نفس المدار.

يشعر أن شيئاً يقيده،يخلع ال"تي شيرت" ويبقي بنصفه الأعلى عارياً ، مازال يشعر أنه مُقيد،مُختنق،أن الجاذبية الأرضية زائدة عليه وحده،وكأن أصفاداً مُضاعفة من صورة حبيبها السابق تشده إلى الأرض فيقاومها حركة وجرياً وبرغم ذلك لا يحس أنه يتحرك مطلقاً بالرغم من أنه -في أعين الجميع- لا يكف عن الحركة ولا يعرف للثبات سبيلاً،بسبب،أو بدون،وخاصة بدون.

جاء دوره في الراحة، لم يكن يشعر أنه أُنهك تماماً كما يبغى، يقف على خط الملعب،يتحرك ولا يهدأ متقمصاً دور

المدرب ، يصرخ في هذا ويأمر ذاك،ومع الهدوء النسبي للعب تعود رأسه لمداراتها ،يفكر في الطريقة التي كانت تنظر بها حبيبته لذلك الشخص وهي بجانبه في السيارة ، بوله..؟؟ بحنان..؟؟ بشوق..؟؟ وهل كان يغازلها،، وهل كان يكتفي بالغزل ..؟؟ ،أم أنه كان يمد كفه ليتحسس فخذها،وهل كان يقترب من أذنها ليرميها بكلمة فاحشة تضحك لها ؟

يلوم ذاته،لماذا لم يجعلها تحكي له تلك التفاصيل ؟؟ ولا يعلم أن ما روته كفيل بإغراقه بدواماته المهلكة ألف ألف عام ،هل كانا عندما يصعدان لشقته يحتضنها ويسير معها خطوة بخطوة مثلما يفعل هو، أم كان يتركها لتتزين له ،أم هي من كانت تطلب منه ذلك ؟،الاحتمالات القاتلة لا حدود لها ، والمقارنات بين ما يحدث وما كان أشبه بحبل غليظ يضيق حول رقبته شيئاً فشيئاً ، ثم يتخيل لمساته ،همساته ، حركاته ، يزداد غليان رأسه حتى الفوران ،.وقبيل الانصهار يصرخ بأحد اللاعبين: "اجري شوية يا بكر "..!!

لم يكن من الممكن أن تكذب عليه أو تداري شيئاً ،كانت قد حكت له معظم ما يحدث سلفاً ، أولاً بأول،كأصدقاء، ولكنها تطورت عنده لمكانة أخرى لم يعد يحتمل معها ما يجتره من ذكرياتها التي طغت على ذاكرته فمسحتها واحتلت علاقاتها السابقة التي تذبحه كل ساعة مكانها ، بدأ يشعر أن حذاءه هو ما يقيده ،نظر إليه فوجد صورة ذلك الحبيب السابق محفورة على سطحه تضحك بملامحها القبيحة على الفردتين، خلع حذاءه وجوربه ، أحس بالهواء يتخلل أصابعه ومسام قدميه، فتنفست،شعر بالحرية،نادى بأعلى صوت :" بكر..يا بكر..تعالي ريّح شوية"، ونزل حافياً للملعب .