رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عفوا ...كنت من النظام السابق!


أذكر بكل أسف وحزن أني كنت من النظام السابق ؛ كنت أصحو من نومي أجُرُّ قدمي جرّا ؛ إلي عملي ؛ إلي مدرستي ؛ إلي فصلي الذي أنا مدرّسته ؛ أحمل كعادتي وجها عبوسا أعياه الإرهاق؛ وروحا مكتظة بالإحباط والتمرد؛ نفسي تحدثني وأنا في طريقي :ليت اليوم عطلة؛ بل ليت أيام الدنيا كلها عطلات ؛ لقد ضقت ذرعا بهذا الجهد اليومي المرير؛ بين متطلبات البيت ومسؤليات العمل .
وعن غير رغبة ، ومن دون إرادة ؛ أجد نفسي داخل الفصل بذات الوجه العبوس الذي جاء معي ؛ أتلو علي تلامذتي الصغار نفس الأوامر التي سئمت من تكرارها: كلٌ يجلس في مكانه ؛ لا أريد سماع أي صوت ؛ لا أحب كثرة الحركة ؛ إذا تنفس أحدكم شهيقا فلا يُخرجة إلا مع خروجي من الفصل ؛ أهم شئ عندي النظام ....النظااااام.

ولا يتطلب ذلك مني بالطبع انضباطا في تصرفاتي أمام التلاميذ ؛ أو تنظيما لعملي ؛ أو تحضير جيد لسير الحصة ، أو ابتكار وسيلة جديدة لتوصيل المعلومة ؛ فعلي من يريد التعلم أن يفتح عقله فتحا؛ لأصبّ فيه ما عندي صبّا؛ وإلا فالخطأ خطؤه ؛ ولا يلومنّ إلا نفسه .

ولا بأس من منح بعض الابتسام للطفل المطيع الذكي؛ فمهارته قد تكون سببا في تحسين صورتي عند رؤسائي، مما قد يؤدي إلي بعض الإفاقة لراتبي الذي يحتاج إلي مستشفي للإنعاش لا مجرد غرفة انعاش .

وأما من أراه محدود القدرات ؛ بطئ الفهم من وجهة نظري ؛ فلا يستحق إلا أن يكون مذموما ؛ منبوذا ؛ مطرودا من رحمتي ؛ لا يسمع مني إلا نقدا لاذعا، أو زجرا رادعا، ولا يوجد لديّ سوي القمع والقهر لمواجهة السلوك العدواني الذي ينشأ بالتبعية عنده .

كنت أثناء الحصة لا أكلٌّ ولا أملٌّ من بث روح الفردية والأنانية عند الأطفال ؛ فأشير إلي أحدهم قائلة : هذا هو أشطركم وأفهمكم وأوّلكم ؛ وبذلك كنت أبث – دون تعمد – روح الكراهية والعلاقات السلبية بين التلاميذ ؛ وذلك بالمقارنة الدائمة والمستمرة ،وكذلك لا أهتم إلا بالدرجات ... الدرجات فحسب ، ولا يهمني إدراك قدرات التلاميذ وتقديرها والعمل علي تنميتها ؛ فهذا لن يساهم في ترقيتي وعلو مكانتي في المدرسة .

كان التلاميذ يهابونني ، يطيعونني ، ولكن خوفا لا احتراما ، كانوا يحملون لي بغضا وكرها ، لا حبا وقربا .

أشعر بالأسف الشديد لأني كنت جزءا من النظام السابق ؛ في عملي ؛ في نظرتي للمجتمع ؛ ولكن بعد ثورة 25 يناير حدثت ثورة في نفسي ، كرهت صورتي في النظام البائد ، استطعت أن أحطم

الشعار الذي كان مقدسا عندي.....نفسي ....نفسي ....نفسي ....

أصبحت بعدها أحب بلادي ، أحب وطني ، أحب فصلي الذي تسبقني أشواقي إليه ؛ فعن طريقه أستطيع أن أسهم في بناء هذه الأمة ؛أستطيع أن أسهم في وضع حجر الأساس في بناء الجيل الصاعد الذي سيقوم بدوره في بناء صرح الكرامة للأمة جميعها .

راتبي ما زال كما هو ؛ ولكن نفسي لم تعد كما كانت .

سوف أصبح أكثر دقة واهتماما في تحضير الحصص، سوف أصبح أكثر نظاما ونشاطا في عرض المعلومات ؛ سوف أصبح أفضل ابتكارا لجذب التلاميذ لأن أغرس فيهم حب العلم والمعلم ، سوف أترك لتلاميذي – بل أبناءي وأحباءي – مساحة من الحرية وإبداء الرأي .

سأقول لهم : إذا انتهينا من عملنا سنلعب سويا ، بدلا من القول الذي كنت أكرره من قبل : من ينتهي من الحل يغلق كراسته وينام على الدرج .....

سأحارب الأنانية وأبث في أبنائي روح الجماعة ؛ فأقول مثلا : ( أشطر مجموعة هي التي تفعل كذا ......) فيتعلم الطفل أن نجاح غيره هو نجاح له ، وأن ينظر إلي غيره كما ينظر إلي نفسه تماما .

لن يكون التمييز عندي بالدرجات فحسب ؛ بل سأبذل قصاري جهدي في اكتشاف المواهب والقدرات التي تخدم بلادنا ، وتصنع مستقبلنا .

وقد بدأت بالفعل أول نشاط في الفصل – بعد الثورة – نزلت بأبنائي إلي فناء المدرسة ليمثلوا ميدان التحرير الصغير ، ويدركوا معاني التضحية والفداء ؛ وجعلت هتافاتهم :

الشعب يريد أخلاق الميدان

تسامح – تعاون – حب وإيمان

الشعب يريد أخلاق التحرير

حرية – عزيمة – عمل بضمير

كم أنا سعيدة بنجاح الثورة داخل نفسي ؛ حتي أخرجت منها النظام السابق ؛ وأتمني لكل مصري ومصرية تحطيم النظام السابق في نفسه .