رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

من يملك مصر

الصراع السياسي هو صراع حول السلطة والثروة تتحكم فيه المصالح.
عندما تطورت البشرية وانتقل الانسان من شكل الاسرة الي شكل القبيلة دخلت القبائل في صراع فيما بينها حول الموارد المحدودة التي كانت تجود بها الطبيعة وقوي الانتاح الضعيفة.
ثم تطورت البشرية اكثر واكثر ليستمر جوهر الصراع السياسي مهما تم تغطيته بعباءة الدين تارة وبعباءة القومية تارة وبعباءة الوطنية تارة صراع حول السلطة والثروة.
في عالم المثل كان يتم الحديث عن العدل ومختلف القيم والتي كانت تعبر عن طبيعة هذا الصراع في مختلف مراحلة

جاءت الاديان لترشد الناس وتهديهم الي الله.
عودة الي السؤال 
  من يملك مصر؟؟
من المستفيد من ثروات هذا البلد؟
من يسيطر علي السلطة فيه ولصالح من يستخدمها؟
الاجابة :-
الاسرة الحاكمة – كبار رجال السياسة - رجال الاعمال المحيطين بهم – كبار رجال الامن (جيش – شرطة – اجهزة مخابرات) – كبار رجال القضاء – كبار رجال الاعلام – السلك الدبلوماسي – كبار موظفي الدولة في مختلف الوزارات والمحافظات)
لا حظ معي سيناريوا الثوريث الذي طال كل هذه المؤسسات  واغلقها تقريبا علي اسر بعينها مع تبادل احيانا في المواقع فيما بينها مع توطيد هذه الروابط بالمصاهرة. ومع انهيار شبه كامل لتكافؤ الفرص والعدالة.
تتشكل في النهاية من كل ذلك طغمة حاكمة مسيطرة علي السلطة والثروة تقف في جبهة واحدة متراصة دفاعا عن مصالحها ضد بقية الشعب المحروم من السلطة والذي لا يحصل من الثروة الا علي القليل وتسخرمجمل سياساتها الداخلية والخارجية لخدمة مصالحها الضيقية ودفاعا عنها ,هنا لا مانع من استخدام الدين او الوطنية كادوات في صراع هذه الطغمة الحاكمة مع بقية الشعب من اجل الحفاظ علي مصالحها وامتيازاتها واقناع الشعب ان هذا خدمة للدين او حفاظا علي الدولة والوطنية ومن لم يقنعه الاعلام بذلك  فجهاز الامن وجهاز القضاء كفيل باقناعة.
في هذا الوضع يستمر التدهور الي ان تتعمق الازمة وتتفاقم بين الطغمة الحاكمة والشعب بعد ان يفشل النظام (اسلوب ادارة الدولة) في تحقيق امال وطموحات الناس وتفشل ادواته في ادارة الصراع هنا تكون الثورة حتمية والتغيير حتمي بعد انسداد الافق.
هذا ما حدث في يناير 2011
قامت الثورة عيش , حرية ,عدالة اجتماعية , كرامة انسانية
لكي تتحقق هذه الشعارات التي هي اهداف الثورة من البديهي ان تنتزع السلطة والثروة من يد الطغمة الحاكمة وتعود للشعب ومعيار نجاح الثورة هو حدوث ذلك.
هل يستسلم النظام ويفقد السلطة والثروة والنفوذ ام يقاوم؟
امام الضغط الجماهيري اضطر النظام الي التخلي عن رأسه (الاسرة الحاكمة – وبعض كبار السياسيين - وبعض قيادات الاجهزة الامنية ) مؤقتا من اجل ان يعيش النظام ويعود لانقاذهم فيما بعد.
ضغط الاعلام الممول لكي تهدأ الاوضاع وان نترك القانون يأخذ مجراه اي ان تتخلي الثورة عن احد اهم ثوابتها وهي المحاسبة الثورية وتحقيق العدالة الانتقالية اي القضاء علي اعداء الثورة وللاسف هذا ما حدث وابتلع اغلب الثوار الطعم ووافقوا علي ان تقوم اجهزة امن النظام بتقديم الادلة الي نيابة النظام لترفعها الي قضاء النظام ليحاسب رموز النظام بقوانين النظام . وانقسم الثوار ونسوا القاعدة الذهبية التي تقول "ان الثورة التي لا تقضي علي اعدائها فانهم يقضون عليها"
ذهبت النخب الي الانتخابات قبل الدستور وقبل التطهير فكان الفشل حتمي فلم تنتزع السلطة من اعداء الثورة فاستخدموها في عرقلة كل شئ وبالمال تم تحريك الاعلام والبلطجية وغيرهم.
لم تتم المحاسبة ولا تطهير مؤسسات الدولة من الفساد وظلت السلطة الفعلية والثروة في يد الطغمة الحاكمة التي استثمرت اموال طائلة في الاعلام حتي تزيف وعي الجماهير التي بدأت تستفيق وتبحث عن مصالحها و تؤيد الثورة وتحلم مع الثوار بالتغيير والعدل.
فكانت الفتن والدسائس واستخدام الدين لتحويل القضية من اغتصاب السلطة والثروة من قبل الطغمة الحاكمة الي قضية كفر وايمان واصبح الرافضين للنطام الفاسد اما مسلمين او علمانيين (كفار) وانشغل الجميع الا من رحم ربي بقضايا فرعية (هدم الاضرحة – تغطية الثماثيل – سن زواج الفتاة – المسلمين الجدد - هل مصر اسلامية ام لا) وكأننا لم نكتشف انفسنا بعد واخذت استثمارات الطغمة الحاكمة تدريجيا تؤتي اكلها وانقسم الناس وخانت النخب الحاكمة بعد الثورة اهداف الثورة فلم توافق علي انشاء هيئة مستقلة للعدالة الانتقالية تكشف من خلالها الحقائق وترسي مبدأ المحاسبة وتعوض المظلومين وتطهر مؤسسات الدولة وعلي رأسها الامن والقضاء والاعلام, فتكرر القتل وانتهاك حقوق الانسان.
في اللحظة المناسبة وبعد الانهاك الكبير لقوي الثورة وتشتتها انقض النظام ممثلا في طغمته الحاكمة علي الثورة.
اهم الدروس المستفادة
لا تنسي القاعدة التي تقول " ان الثورة التي لا تقضي علي اعدائها يقضون عليها " (الدرس الاول)
لا تنسي ايضا ان ارساء مبدأ المحاسبة والعدالة الانتقالية هو اساس اقامة الدول العادلة بعد الثورات وضمان عدم تكرار الانتهاكات فلا مصالحة الا بعد المحاسبة. (الدرس الثاني)
الدساتير تكتب بالتوافق (الدرس الثالث)
الفترة الانتقالية يتحمل مسؤليتها الجميع لا يستطيع اي مكون سياسي ان يديرها بمفرده واهم اهدافها التطهير(القضاء علي اعداء الثورة من خلال العدالة الثورية الانتقالية) وعمل

الدستور والاعداد لانتخابات نزيهة. (الدرس الرابع)
ماذا سيحدث الان؟
سيعيد النظام الذي افلت من السقوط انتاج نفس السياسات الامنية والاقتصادية الفاشلة والتي ادت الي الازمة التي ادت الي ثورة يناير وسيعود الشباب اصحاب النصيت الاكبر في المستقبل والمصلحة الاكيدة في التغيير لكن هذه المرة مسلحين بزخم تجربتهم الثورية الاولي (لاحظ ان هذا جيل قد يكون قليل الخبرة لكنه لا ينهزم ) مستفيدين بالدروس والعبر محددين عدوهم بدقة وهدفهم بوضوح بانجاز الموجة الثانية من الثورة وسيدعمهم الشعب الذي سيدرك حتما بعد فشل النظام في تحقيق العدل الاجتماعي والكرامة الانسانية ان النظام يجب ان يسقط وان مصلحته في اسقاطه ليحقق حلمه في العدل والحرية وحتي ينقذ الدولة نفسها من السقوط  وهذا تماما عكس ما يروج له اعلام النظام من ان اسقاط النظام سيسقط الدولة. الذي سيسقط الدولة هو استمرار نظام فاشل مأزوم.
عندما تصل الموجة الثانية من الثورة الي السلطة بعد ما فشلت الموجة الاولي من تحقيق ذلك فان اول ما ستفعله هو محاكمة الطغمة الحاكمة علي جرائم الدم والمال ضد هذا الشعب ,وستنتزع اموال الشعب المنهوبة من بين ايديهم وستطوي هذه الصفحة بعدل وانصاف ثم ستضع دستور يليق بمصر الجديدة وثورتها العظيمة يحمي حقوق مواطنيها في العيش بكرامة وحرية وعدالة اجتماعية وستجري بعد ذلك اتنخابات ديمقراطية لبناء مؤسسات الدولة بعد تطهيرها ثم توضع خطة اقتصادية واجتماعية تضع مصر علي اولي خطوات التقدم.
سيتم كل هذا في اطار الحفاظ علي الاستقلال الوطني فالسياسة الداخلية المنحازة الي الشعب وتعمل علي تحقيق مصالحه يكون وجهها الاخر سياسة خارجية تدعم الاستقلال الوطني.
في اطار ذلك لن تسمح الثورة لأحد ان يزايد علي شعبها المؤمن بالدين او علي شعبها الوطني بالوطنية وفي نفس الوقت يترك الظلم البين في توزيع الثروة واحتكار السلطة واهانة الانسان فلن يقدس الشعب مرشد ولا شيخ ولا جنرال ولا نجم نخبوي بل سيبحث عن حقه في السلطة وادارة شئونه بعدالة وحرية وكرامة انسانية. فلن يقبل الشعب ان يساومه احد علي كرامته وحريته وحقه في العدل الاجتماعي مستغلا الدين او الوطنية.
بعض المفاهيم والمقولات
الدين جوهره العقيدة والحساب عليها سيكون من الله جل جلاله يوم نقف جميعا بين يديه سبحانه.
الوطنية تدعمها المواطنة التي هي حفظ حقوق المواطنين وتوفير العدل بجناحيه المساواة والحرية.
السياسة هي ادارة شئون الدولة لخدمة مصالح الناس لا علاقة لها بعقائدهم. هدفها تحقيق الرفاهية لمواطنيها  ورفع مستوي معيشتهم.
عندما ستقضي الثورة علي الجهل لن يستطيع الاعلام ولو كان مغرضا ان يخدع الناس. وعندما تقضي الثورة علي الفقر لن يستطيع الفاسدين سارقي اقوات الشعب شراء ضمائر الناس واصواتهم.
سيعلم الناس ان الممارسة الديموقراطية هي اختيار حر بين برامج وكفاءات ولا يمكن ان تكون اختيار بين اديان او هويات.
هذه الحملات الاعلامية الشرسة المضللة والتي تجد رواجا الان عندما ستنتهي سيدرك الناس حجم الكذب وبشاعته وضرورة التطهير وحتميته.
انتهي عصر الحاكم الامبراطور - الخليفة – الامام . من يحكم الدول الحديثة الان موظفون عموميون بالقاب مثل وزراء ,محافظون ,رئيس وزراء, رئيس جمهورية , ...الخ. يحكمون جميعا بارادة الشعب ولمدد محددة ويحاسبهم الشعب الذي اتي بهم وهذا كله وفق دستور اقره الشعب.
الحرية والكرامة الانسانية والعدل للجميع للخصوم السياسيين قبل المؤيدين هذه مبادئ لا مساومة عليها.
اليأس خيانة والثورة مستمرة

-----

استاذ العلوم السياسية بجامعة المنيا