عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ادعموه.. لا تطرحوه أرضاً

 

لم يكن الدكتور مصطفى الفقى فى وفاق تام مع النظام السابق منذ خرج من منصبه، سكرتير الرئيس المخلوع للمعلومات.. وظلت مواقفه وأفكاره ورؤاه محل ارتياب وسخرية، دفعت الرئيس المخلوع إلى سؤاله ذات مرة عن مراجيح الهواء.. فى إشارة إلى مواقفه التى لا تستقر على حال!!

حافظ «الفقى» بدهاء ومكر على خيط رفيع مع رأس السلطة ذى الثلاثة رؤوس.. الأب والأم والوريث.. وربما كان ابتعاد «الفقى» عن قصر الرئاسة السبب فى تألقه ليصبح مفكراً ودبلوماسياً وكاتباً صحفياً مرموقاً، وأن يعيش حياته بقانونه الخاص وهو الأهم!

كان للفقى مواقف وانتقادات حادة لرموز فى السلطة لم تصادف هوى مبارك وحلقة الحكم الضيقة حوله باعتباره كان يوماً فى مطبخ السياسة وأجواء صناعة القرار.. وباستثناء سقطة تزوير الانتخابات البرلمانية وقبوله عضوية مزورة فى برلمان 2005، لا يمكن الطعن عليه، ولا النيل من وطنيته بأى حال، ولا حتى وصفه بأنه كان عراب النظام السابق، خاصة أنه صار مرشح مصر لمنصب أمين عام الجامعة العربية.

من المؤسف أن تنطلق وقفات الاحتجاج ودعاوى قضائية غاضبة تطالب بإلغاء ترشيح «الفقى» للمنصب العربى، لا لشىء سوى أنه كان يوماً قريباً من مبارك.. هذه الأجواء العدائية لا تحقق مصالح مصر، وتضرب حملة ترشيحها للفقى فى مقتل، خاصة أن المنافس القطرى عبدالرحمن العطية يحظى بدعم لا محدود من بلاده لانتزاع المنصب والخصم من رصيد مصر الثورة.

فات الداعين للوقفات المناهضة للفقى، وهم صناع الثورة وأبطالها ثلاثة أشياء جديرة بالمراجعة، وهى أن «الفقى» حظى بدعم حكومة الثورة برئاسة د. عصام شرف، والدكتور نبيل العربى وزير الخارجية، ذى التوجه العروبى القومى، والأهم تأييد المجلس العسكرى راعى الثورة وحاميها، وثانيها أنه حل بديلاً للدكتور مفيد شهاب مرشح النظام المنهار، وثالثها أن «الفقى» وسط ركام الفساد وقضايا الرشوة واستغلال النفوذ لرموز النظام البائد، بقيت ساحته بريئة من آثار اتهام.

إن وقوف الثوار أمام ترشيح الفقى لا يستقيم مع مصالح مصر الثورة الباحثة عن العودة إلى مجدها القديم، والأدهى أنه قد يجعلها فى نظر العرب مرتبكة وتائهة ومنقسمة حول مرشحها إلى فريقين، حكومة تؤيد، وشعب يرفض!!

هذه الحالة قد تدفع دولة مثل السعودية إلى مراجعة موقفها بعد إعلان تأييدها للمرشح المصرى، ودفع دول أخرى مازالت تفكر إلى حسم موقفها لاختيار المرشح القطرى تحت تأثير الرفض الشعبى المصرى للمرشح المصرى!

فاتنا نحن الثوار أن الفقى واجه مبارك فى بواكير الثورة وكان أسبق فى قراءة وتوصيف الأحداث ووصفها بالثورة، حين كانت تتأهب للانفجار فى جمعة الغضب.. قدم «الفقى» تشريحاً لحالة مصر بمسئولية عبر قناة «الجزيرة» إلى الرئيس المخلوع وصف الأحداث بالثورة قائلاً ما نصه: «إننا فى حالة ثورة وحالة فراغ سياسى رهيب.. وأطالب الرئيس مبارك بالخروج إلى شعبه.. وأن يتخذ قرارات سريعة

وصريحة وحاسمة».

لم يضع «الفقى» واجبه الوطنى محل اختيار أو موازنات ولا حسابات مع ورئيس كان لا يزال صلباً فى موقعه، ولا توارى إلى الظل، ولا تخيل لحظة ما سوف ينتهى إليه مصيره، وما قد يدفعه من ثمن لو لم تنجح الثورة!

عملياً لا يمكن لأى منا الطعن فى مواهب المرشح المصرى، ولا فى قدراته وعلاقاته، ولا فى أهليته للمنصب العربى، لأنه يدرك خريطة الواقع العربى وتشابكاته وخلافاته القطرية.

إن دعم الفقى ليس له فى ذاته، ولكن لقرار حكومة مصر الثورة التى قام رئيسها الدكتور عصام شرف بجولة خليجية الأسبوع الماضى بحثاً عن دعمين لا أكثر، الأول مالى لإنقاذ اقتصاد يتداعى، وآخر سياسى فى معركة الجامعة العربية.

حين يضع «شرف» دعم «الفقى» فى سلة واحدة، إلى جوار دعم الاقتصاد المصرى، يجب أن تلفت إلى أهمية الوقوف خلف المرشح المصرى فى معركة هى الأولى لمصر فى محيطها العربى بعد الثورة، ومن الخطر أن تخسر وهى صانعة ثورة تتأهب لأن تقود بها العرب إلى آفاق أرحب، مما قد يسمح بتكرار خسارات أخرى فى مواجهات قادمة محتملة!

حالياً يبدو المشهد مثيراً للأسى، يتسابق الثوار دون وعى للطعن فى «الفقى» عبر وقفات احتجاج، وحملات الفيس بوك، ودعاوى قضائية، بينما تلفت صحيفة عربية أكثر وعياً، وهى الشرق الأوسط السعودية إلى أهمية بقاء المنصب مصرياً، وإعلان دعمها للفقى صراحة دون مواربة، بل ومطالبة الحكومات العربية بالتفاف حول مصر لا عليها!

إننا كثوار مطالبون بمراجعة موقفنا من الفقى حفاظاً على مكتسبات الثورة وليس مقبولاً أن نقف فى شاطئ آخر بعيداً عن حكومة الثورة، وجيش الثورة بعد أن «كنا إيد واحدة».

ليكن لدينا قدر من ثقة فى اختيارهما أولاً، وفى قدرة الرجل الذى وقع عليه الاختيار ثانياً، بدلاً من اتهامه بالولاء لنظام اقترب بأم الدنيا من الهاوية، لولا لطف المقادير!!