رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

" وكان الصمت "

بهدوء وصمت ورضا اختار الربيع  موعدا للرحيل، ودون أن ينطق بألم ولا آثار إزعاجا لأحد رحل في صمت مؤلم، لم يكن نبيا ولاملاكا وإنما أراد لنفسه طوال عمره القصير أن يمشي  بالمودة والرحمة  بين الناس، كان فيه سمة  الزهاد والشيوخ ..تعلو قسمات وجهه مسحة من رضا ويقين وتسليم لقضاء الله، آثر طوال حياته  مساعدة الآخرين وظل حتي آخر أنفاسه مصدرا  للسعادة، كان متصوفا  بامتياز يعطي مافي  يديه من أموال  إلي مقاصد البر والخير ..وحين كان يعاود أهله في المناسبات يسأل بشغف ولهفة ماذا يحتاج فلان ؟ ومتي موعد زواج فلانة؟ وماذا عن اليتيم الذي لم يراه أبدا ؟

قل لي من يريد المساعدة ؟ أسئلة كانت توجه لي دائما، و كنت أرد عليه  بأن الامانات وصلت إلي مستحقيها، وأراه من فور اللحظة مسكونا بسعادة تضيف إلي هالات السكينة في ملامحه إشرافا ورضا وسلاما جميلا ..

كان ملاذاً  لمن يطلب منه النصيحة ؟ يبدو أكثر لهفة من سائلة في معرفة كيف تسير الامور ؟ في أوقات التية والضياع النفسي  كان يبادر بإريحية شديدة وبمسئولية أبويه ليقول :هون عليك ؟ لاداعي للحزن ؟لاتقلق ؟ سهلة  سهلة ...!!!هكذا كان دائما ..تجد لديه حلا سحريا ببساطة وصراحة وبلا تكلف، كان ساحرا...مثيرا في سكونه وصمته  ...وحين تسأله ماذا  بك ؟ يبادر باستسلام  غريب ....لقد تعبت ؟؟؟ كان يمشي بين الناس باعثا السعادة والفرحة بينما كانت أثقاله فوق كل احتمال..بين لحظة وأخري تراه مكددوا  مهدرا ....لكنه وفور أن يضعف أو يثور ...تلبسه طبيعته السمحة..ويعتذر بشدة ..ويعاود السؤال ماذا عن وعن وعن ؟؟؟

ومثلما كان إنسانا نبيلا بامتياز..  كان  له وجه آخر شديد التألق علي صعيد المهنة، يبادر بالنصيحة، دون تكلف، و بكرم شديد، يعطي وجهة نظرة تاركا الطرف الآخر زميلا أو مسئولا تحت يديه ليقرر ماذا  يفعل  دون وصاية ولافرض رأي ...

حين عاد إلي بيته مساء يوم عيد الربيع جسدا بلاروح ...ملكني فضول غريب  لرؤية وجهه لأعرف ما الجديد ؟؟؟ والمفاجأة..لا جديد !!! مسحة رضا  وإشراق وسلام .

نظرت اليه أرمقه بنظرات وداع ..ولم أتمالك زمام أمري ...عدت لأنظر اليه ثانية وثالثة ورابعة ...محاولا قتل وحشة ستلازمني  طويلا ...طول عمري، لاجديد  سوي صوت قطع كل محاولات طمع عابثة لأشباع عيني  من التطلع في ملامحه ..."يا محترم   ..خلاص حان وقت الصمت  ..حان الرحيل "هكذا سمعت صوته المنحوت من ملامح وجهه ...عدت مكررا محاولاتي عن قرب حتي صارت رأسه بين يدي بينما جسده يتمدد هادئا ...وفجأة  عاودني  الصوت " خلاص حان وقت الرحيل "  طبعت قبلات تاتهة علي جبهته ووجهه ...وهمست في أذنية " أخي وأستاذي وصديقي ووالدي ....عادل القاضي ...أستودعك  الله العظيم " .