عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رحيل محيى الدين عبد الحليم رائد الاعلام الاسلامي

أ.د./ محي الدين عبد
أ.د./ محي الدين عبد الحليم - أ.د./ بكر إسماعيل الكوسوفي

 إن العلماء والمفكرين من كل جيل، قد أفنو حياتهم في البحث والعلم والأخلاق وإرساء القيم وتربية الأجيال، هؤلاء الأفاضل الجهابذه قد تركوا بصمات بارزة في الحياة الفكرية والعلمية في الوطن العربي والإسلامي يقول سبحانه ( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب)

أسطر تلك الكلمات وأنا في غاية الحزن والأسف بعدما فقدت الأمة الإسلامية يوم الجمعة 9 سبتمبر 2011م أحد أعلامها الأستاذ الدكتور محيى الدين عبد الحليم الذي يعد أحد رواد الفكر والمعرفة والإعلام في الوطن العربي والعالم الإسلامي.

  وفي عجالة سريعة ودقيقة عن بداياته رحمه الله

  ولد الدكتور محيى الدين عبد الحليم- رحمه الله - في مركز الشهداء بمحافظة المنوفية بجمهورية مصر العربية في عام 1941م، وتدرج في مراحل التعليم المختلفة حتى حصل على الإجازة العالية الليسانس من قسم الصحافة بكلية الآداب بجامعة القاهرة عام 1964م، ثم واصل مشواره العلمي فالتحق بالدراسات العليا حتى حصل على درجة التخصص الماجستير في الصحافة من جامعة القاهرة عام 1974م وهو أول متخصص يحصل على هذه الدرجة من جامعة القاهرة، ثم حصل على درجة العالمية في الإعلام من جامعة القاهرة بمرتبة الشرف الأولى عام 1978م.

لقائي بفضيلته ودوره البارز في قضية كوسوفا

     ولعلي أتذكر في هذا المقام أول ما سمعت عن فضيلتة - رحمه الله -   كان من خلال الصحف والمجلات ووسائل الإعلام والبحوث العديدة  التي اثرى بها المكتبة العربية والإسلامية، ثم بعد ذلك عندما وقعت نكبة البوسنة، وقد كان آنذاك يلعب دوراً خطيراً في هذه القضية ، التقيت حينها به وتحاورنا وتجاذبنا أطراف الحديث ، وذلك لمناقشة تلك القضية وتزويده بالمعلومات عن المسلمين في البلقان وقضاياهم ، خاصة وأن هذا الإعلامي الكبير قد زار البوسنة، وتجول في عدة أماكن منها. وكان على خبرة تامة بما يجري للمسلمين في البلقان. حيث وجدت فيه مثالا للرجل والكاتب والمسلم الطيب الكريم الجدير بأن يحتذى به ، كما لمست فيه المشاعر الفياضة والاحاسيس المرهفة التي تشعر وتحس بواقع المسلمين المرير،  فعندما وقع العدوان الصربي على كوسوفا وكانت المذبحة المروعة الثانية التي شهدتها منطقة البلقان، كان على دراية كبيرة بما يجري للمسلمين في تلك البقعة من العالم، ومن ثم قام بدور كبير ولعب دوراً فعالاً في خدمة قضية كوسوفا، ولم يتوان لحظة واحدة عن مساندة المسلمين خاصة شعب كوسوفا في تلك الفترة الحالكة من الزمن، فانطلق لسانه وقلمه يصف كل شيء. ويصف واقع المسلمين المرير في تلك البقعة من العالم، وقد كان يصف ذلك بنزاهة وأمانه، ويبين للعالم أجمع مدى أضطهاد المسلمين في البلقان، ومدى معاناتهم تحت وطأة العدوان الصربي. وناشد حينها - رحمه الله - العالم بأسره بفعل كل المجهودات، وأن يتحركوا بفاعلية شديدة لإنقاذ ما تبقى من المسلمين في تلك المنطقة، حقناً لدماء المسلمين، وحفظا لها.

مكانته  العلمية والاعلامية    
كما ان هذا الرجل رحمه الله تعالى أسهم في نشر وتأصيل لغة حديثة فرضها التطور ومسايرة العصر هي: لغة الإعلام الديني، وله أكثر من عشرين بحثاً علمياً ارتقت إلى درجة المرجعية للهيئات الدولية والدارسين نشرت في مجلات علمية، وكذلك ناقش وأشرف على الكثير من رسائل الماجستير والدكتوراه، وهو خبير إعلامي في المنظمة الإسلامية للعلوم والتربية والثقافة وله نشاطات محلية ودولية، هذا العالم الجليل رحمه الله هو أول من أنشأ قسما للصحافة والإعلام الإسلامي في جامعة الأزهر ثم بعد ذلك في الجامعات الإسلامية بالدول العربية، وكان العالم الكبير رئيسا لهذا القسم المذكور، وقد تولي أيضا منصب المستشار الإعلامي لوزير الأوقاف الأسبق بمصر، وكان أيضا مستشار في منظمة اليونسكو وعضواً في الجمعية المصرية لصحة المسنين غير القادرين علي خدمة أنفسهم وعضوا في منظمة اليونيسف وفي المجالس القومية المتخصصة .

   وخلال حياته التي بلغت سبعين عامًا وستة أشهر، أسهم رحمة الله  بإسهامات بناءة في مجال العمل الإعلامي مما كان له الأثر الطيب في نفوس المفكرين والدارسين والمثقفين. حيث قام بدور بارز في وضع الإعلام الإسلامي بصورته اللائقة به، حيث شمر عن ساعده وألف مصنفات بديعة وكتب  وبحوثاً قيمة أبدع فيها إبداعاًَ منقطع النظير، وهذه الجهود والإسهامات الفعالة قد أسهمت إسهاماً بليغاً في تطوير وإثراء العمل الأكاديمي والتعليمي والأخذ به نحو الأمام.

    وباستعراض لأثره البارز في مجال الإعلام الإسلامي – وأعنى بأثره هنا مدى مساهمته الفاعلة في مجال التأليف والتصنيف في المجال الإعلامي- يتبين لنا مدى المقدرة الكبيرة التي يتمتع بها في تصنيف كتب تعالج الكثير من قضايا الإعلام الإسلامي. والتي تعد من العُمد الأساسية للباحثين في مجالات الدعوة والإعلام حيث تميزت بالثراء والخصوبة والإبداع، ومنها:-
الاتصال بالجماهير والرأى العام - الأصول والفنون، وخطبة الجمعة والاتصال بالجماهير، والرأي العام في الإسلام، والإعلام الإسلامي وتطبيقاته العملية، والدعوة الإسلامية والإعلام الدولي، وإشكاليات العمل الإعلامي بين الثوابت والمعطيات العصرية، والدراما التليفزيونية، والعربية في الإعلام:الأصول والقواعد والأخطاء الشائعة، والمنافقون وأصول العمل الإعلامي، والرؤية الإسلامية لإعلام الطفل ... وله أيضا عشرات الأبحاث والدراسات المنشورة، وله مقالات دورية ثابتة فى عدد من كبريات الصحف والمجلات العربية.

  بالإضافة إلى كتابه الرائع

والفريد الماتع "الإعلام عن الإسلام في غير ديار الإسلام" هذا الأثر  القيم في موضوعه الهادف في تقديم القضايا، وموضوعاته تدور حول قضية خطيرة، وقد زادت خطورتها في ظل المتغيرات الحالية حيث تلعب الصورة الذهنية المقدمة عن الإسلام في الخارج دوراً حيوياً في تقديم هذا الدين إلى الجماهير غير المسلمة في العالم.

وهذا الكتاب يحمل بين طياته بحوثاً قيمة لتقييم عمل إعلامي في دولة غربية خرج به الأستاذ الدكتور/ محيى الدين عبد الحليم بآراء تستحق التقدير، كما تتطلب من الباحثين في الإعلام السير على نهجه لدعم الإعلام الإسلامي ونشر الدعوة والتعريف بأساليبها.

   لقد سخر أستاذنا - رحمه الله -   جهده وقلمه في مجال الإعلام الإسلامي لينهض به نحو التقدم والرقى ومواجهة أعداء الإسلام، وإبراز الإسلام في صورته الصحيحة ومبادئه السامية،  وكعادته رحمه الله أولى قضية كوسوفا عناية خاصة بإعتبارها  أكبر حدث ألم بالمسلمين حينها تلك المذابح المروعة التي قام بها الصرب ضد شعب البوسنة المسلم ، ثم من بعده شعب كوسوفا  فهذين الحدثين قد أثر في نفس أستاذنا رحمه الله بصورة خاصة، فعاش بروحه ووجدانه هذه القضية وعانى مع الشعبين معاناة رهيبة، وتألم بروحة للمصاب دماً، و كتب في هذا المجال العديد من البحوث  التي تميزت بالدقة والإحكام، والتحقيق والإتقان، ليلمس الواقع بحاسته الإعلامية المتوازنة ، يذكره، ويحرره، وينقح، ويهذب، ويخرج بنتائج علمية إعلامية منقطعة النظير نظراً لثقافته العالية، وإلمامه الخطير بأدق المعلومات التي تتعلق بالإعلام ودوره في الحياة.

   كان رحمه الله لا يهدف من وراء ذلك إلا خدمة قضايا الأمة الإسلامية والاتجاه بالإعلام نحو الأفضل، ووضع الأسس والحلول المناسبة لقضايا الإعلام الإسلامي ليتحقق مدى فاعليته نحو تقديم الإسلام في صورته الصحيحة والوقوف أمام تلك الحملة المسعورة من الإعلام الغربي لتشويه صورة الإسلام لدى الناس.

      لقد كان رحمه الله رجل متواضع ورجل كريم كان لا يتأخر في خدمة الناس والعلم وذلك حباً في فعل الخير وحباً لله تعالى وعندما سافر هذا العالم الجليل إلى دول البلقان قمت حينها بأعداد ونشر كتاب للتعريف به وذلك تقديراً لخدماته الخيرية وأعماله العلمية والدينية وهو بعنوان (محيي الدين عبد الحليم الأستاذ والرائد في حقل الإعلام الإسلامي)  ضمن سلسة باسم أعلام الإعلام الإسلامي تقديرا لشخصه الكريم.

   إننا إذا ما تحدثنا عن تراث أستاذنا الفاضل الدكتور/ محيى الدين عبد الحليم رحمه الله  فإننا نتحدث عن تراث إعلامي إسلامي ضخم، ونتاج فكري في هذا المجال منقطع النظير، عالج فيه أستاذنا قضايا إعلامية وفكرية متنوعة.  فأن أستاذنا عندما يكتب في مجال الإعلام الإسلامي باعتباره رائدا فيه، إنما يكتب كتابة الخبير الملم بتيارات الإعلام الإسلامي القديمة والحديثة، القادر على رصد وتحليل وتفسير المنعطفات الأساسية في ذلك الإعلام الزاخر المتنوع.

   إن أستاذنا قد أتاحت له سعة اطلاعه وصبره على الدراسة والتتبع والاستقراء وقدرته على التعامل مع التراث الإسلامي من خلال تصور يتسم بالرغبة في النظر الكلي وعدم الاستغراق في الجزئيات والتفاصيل أتاح له ذلك كله أن يوجه كثيراً من الملاحظات المنهجية والنقد المنطقي لبعض جوانب إعلامنا الإسلامي تتفق والمرحلة المنهجية التي بلغتها مدرسة " الإعلام الإسلامي" في البحث عن مناهج التعامل مع هذا الإعلام القيم. وإذا كان مصابنا أليمًا في وفاته - رحمه الله - فعزاؤنا أنه ترك لنا تراثًا خالدًا، سيكون منهلا للأجيال القادمة.. رحم الله الفقيد الغالي وأسكنه فسيح جنانه.