عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الشيخ محمد رفعت.. قصة قارئ لم يهان

هو الشيخ محمد رفعت محمود ولد فى عام[1882] بحى المغربلين بالقاهرة, ولفقده البصر قصة ترويها بعض الأوراق من معاصريه، تقول إنه ولد جميلاً، وأن إحدى السيدات عندما زارت والدته لكى تبارك لها على المولود، قالت: له عيون ملوك! وأنه أصيب بعدها مباشرة بمرض فى عينيه وفقد بصره على إثر ذلك عندما كان عمره سنتين فقط.

حفط القرآن فى سن الخامسة، حيث التحق بكتّاب مسجد فاضل باشا بدرب الجماميز بالسيدة زينب، ودرس علم القراءات، والتفسير ثم المقامات الموسيقية على أيدى شيوخ عصره، وتوفى والده [محمود رفعت] والذى كان يعمل مأمورًا بقسم شرطة الخليفة، وهو فى التاسعة من عمره فوجد الطفل اليتيم نفسه مسئولا عن أسرته، وأصبح عائلها الوحيد فلجأ إلى القرآن، يعتصم به ولا يرتزق منه، فقد تولى القراءة بمسجد فاضل باشا فى السيدة زينب سنة 1918 وهو فى سن الخامسة عشرة, فبلغ شهرة واسعة فى محيطه ونال محبة الناس .

افتتح الشيخ [محمد رفعت] بث الإذاعة المصرية سنة 1943 , وكان ذلك عندما استفتى شيخ الأزهر"محمد الأحمدى الظواهرى" عن جواز إذاعة القرآن الكريم، فأفتى له بجواز ذلك فافتتحها بقوله تعالى من أول سورة الفتح: "إن فتحنا لك فتحًا مبيناً"، وقد أرسلت إليه الإذاعات البريطانية فى ذلك الحين حتى يقرأ لها، ولكنه رفض وقال إنها إذاعة أجنبية والعمل بها لا يجوز، على الرغم من أنهم عرضوا عليه أجراً كبيراً قيل أنه خمسة عشر ألف جنيه، وكان لهذا المبلغ قيمته الكبيرة وقتها.

وقد نال الشيخ محمد رفعت عدداً كبيراً من الألقاب، منها ( المعجزة- قيثارة السماء – الروحانى – الربانى – القرآنى – كروان الإذاعة –الصوت الذهبى – الصوت الملائكى – صوت عابد – سوط عذاب وصوت الجنة)، كما كان الشيخ [محمد رفعت] من أول مَن أسس مدرسة للتجويد القرآنى فى مصر.

خشع قلبه فخشع صوته

يروى عن الشيخ أنه كان رحيماً، رقيقاً، ذا مشاعر جياشة، عطوفاً على الفقراء والمحتاجين، قوياً، عابدًا لله يشهد بوحدانيته وصمديته، فهو رجل "خشع قلبه فخشع صوته "، وكان له فرس يطمئن عليه كل يوم ويوصى بإطعامه .

ويروى أنه زار صديقا له قبل موته فقال له صديقه: من يرعى فتاتى بعد موتى؟ , فتأثر الشيخ بذلك وفى اليوم التالى والشيخ يقرأ القرآن من سورة الضحى حتى وصل إلى قوله تعلى "وأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر"، فتذكر الفتاة وانهال فى البكاء بشدة، وبعدها خصص مبلغاً من المال للفتاة حتى تزوجت .

وكان للشيخ رفعت طريقته الخاصة فى قراءة القرآن الكريم، فقد كانت تتسم بالتجسيد للمعانى الظاهرة للقرآن الكريم، وإمكانية تجلى بواطن الأمور للمتفهم المستمع بكل جوارحه، لا بأذنه فقط، وكأن الشيخ كان يعمد إلى التأثير فيمن حوله بتأثره البالغ.

فقد كان يبدأ بالاستعاذة بالله من الشيطان الرحيم، والبسملة، ثم الترتيل بهدوء وتحقيق, وصوت خفيض، يعلو بعدها صوته، فيصبح مرتفعاً لكنه رشيداً يمس القلب ويتملكه، ويسرد الآيات بسلاسة، ويسر، واستشعار لآيات الذكر الحكيم.

وكان صاحب الصوت الجميل الرخيم، ينتقل من قراءة إلى قراءة ببراعة وإتقان

وبغير تكلف، بعكس القراء الذين يفتخرون بذلك، ويتمادون بطريقة مبتذلة زائدة عن الحد، فقد كان صوته يجرى مقامات موسيقية مختلفة، ويستطيع أن ينتقل من مقام إلى مقام دون أن يشعرك بالاختلاف، فنجد الناس يبكون عندما يقرأ آيات الترهيب، وتفرح بذكره آيات الترغيب لذا سمى "بسوط عذاب وصوت الجنة"، وعند سرده القصص القرآنى يتفكرون فى الآيات ويتدبرونها ويعتبرون منها، وعندما يتصدق "أى يقول صدق الله العظيم" يندمون على بُعده , ويتمنون لو استمرت تلاوته أبد الدهر، ويعتبرونه صوتا من الجنة.

الموت وكبرياء الشيخ

أصيب الشيخ "محمد رفعت "عام 1943بمرض سرطان الحنجرة "الزغطة " فتوقف عن القراءة، وعلى الرغم من أنه لم يكن يملك تكاليف العلاج إلا أنه اعتذر عن قبول أى مدد أو عون، وعندما هاجمه المرض واشتد عليه، قام الأستاذ أحمد الصاوى بفتح اكتتاب للشيخ، وجمع له تبرعات ضخمة ولكنه رفض حينئذ، وقال : " أنا مستور والحمد لله"، وكانت كلمته الشهيرة "إن قارئ القرآن لا يهان ".

فارق الحياة فى 9 مايو 1950وبكته الملايين، وأحس بقسوة الفراق كل من أحبوه فأوجعت الفاجعة قلوبهم، وشيع جنازته خلق كثيرون سائلين الله السميع العليم أن يغفر له ذنوبه ويرحمه ويدخله فسيح جناته , وأن يجمعهم به فى الجنة .

قالوا عن الشيخ

- قال عنه الأديب محمد السيد المويلحى فى مجلة الرسالة : سيد قراء هذا الزمن، موسيقى بفطرته وطبيعته، إنه يزجى إلى نفوسنا أرفع أنواعها , وأقدس وأزهى ألوانها، وإنه بصوته فقط يأسرنا دون أن يحتاج إلى أوركسترا .

- قال عنه الكاتب الصحفى " أنيس منصور " ولايزال المرحوم الشيخ "محمد رفعت " أجمل الأصوات وأروعها, وسر جمال وجلال صوت الشيخ "رفعت "أنه فريد فى معدنه , وأن هذا الصوت قادر علي أن يرفعك إلى مستوى الآيات ومعانيها، ثم إنه ليس كمثل أى صوت آخر .

- وصفه الموسيقار "محمد عبد الوهاب " بأنه صوت ملائكى يأتى من السماء لأول مرة.

- وقال عنه مفتى سوريا " إنه جدد شباب الإسلام " .