رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكم نهائي لصالح ذوي الإعاقة المتعاقدين مع الإدارة في الأعمال الحرفية (تفاصيل)

بوابة الوفد الإلكترونية

 قضت المحكمة الإدارية العليا فحص الدائرة الخامسة فى العام الحالى 2021 فى الطعن رقم 46175 لسنة 61 ق عليا، بإجماع الاَراء، برفض الطعن الذى  أقامه محافظ البحيرة، ورئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة شبراخيت، وتأييد الحكم الصادر لصالح ذوي الإعاقة المتعاقدين مع الإدارة في الأعمال الحرفية من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية، الدائرة الأولى بحيرة، برئاسة المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة، بوقف تنفيذ قرار رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة شبراخيت بغلق ورشة الرخام التي تمتلكها الوحدة المحلية ويديرها المدعي من ذوي الإعاقة بعقد بينهما بمناصفة الإيراد، وما يترتب على ذلك من أثار أخصها إعادة فتح الورشة الخاصة بأعمال الرخام، وألزمت الإدارة المصروفات، وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته من دون إعلان.


بداية القصة:
 تعود وقائع قصة القضية في يوم كانت القاعة تمتلئ بالمتقاضين تقدم العامل من ذوى الإعاقة (س.أ.ع) ووقف أمام المحكمة وقال للقاضي الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجي، نائب رئيس مجلس الدولة، سيدي القاضي: "الوحدة المحلية لقرية محلة فرنوي بمركز ومدينة شبراخيت تعاقدت معي للعمل في ورشة أعمال الرخام التابعة للوحدة المحلية، واتفقنا في العقد بالنصف هم 50% وأنا 50% واستحضرت معي 22 فردًا للعمل بالورشة وكنت ملتزمًا معهم طوال مدة العقد، لكن فوجئت بقرار رئيس الوحدة المحلية يغلق إداريًا الورشة بالقوة الجبرية بحجة أن ورشة الرخام بدون ترخيص! والورشة ملك الوحدة ومأجراها ليا والعقد سارى" ثم سأله القاضي: الإدارة بتقول إن الورشة مقلقة للراحة ومضرة بالصحة، هل اتخذت كافة الإجراءات اللازمة لحماية البيئة، فأجاب العامل المعاق "أنا بستعين أثناء تقطيع وتلميع الرخام بماكينات حديثة الصنع تعمل بالمياه ولا تسبب أي مشاكل أو أضرار بالبيئة أو صحة المواطنين، والماكينات دى اشترتها على حسابى بمبالغ مالية كبيرة"، ثم قال للقاضي "أنا معاق وبعول أسرة كبيرة العدد والورشة هي مصدر رزقى الوحيد ويعمل بها أكثر من 22 عاملًا الورشة بالنسبة لهم المصدر الوحيد لرزقهم ولأسرهم وأنا بطلب الرحمة قبل العدل"، فنطق القاضي بالحكم لصالح المعاق ومعه 22 من العمال فى حالة فرحة بالدموع برجوع مصدر رزقهم.

 

(7) مبادئ لحماية ذوى الإعاقة المتعاقدين مع الإدارة فى الأعمال الحرفية: 
وقد أكدت المحكمة برئاسة القاضي المصري الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجي، نائب رئيس مجلس الدولة، على (7) مبادئ لحماية ذوى الإعاقة المتعاقدين مع الإدارة فى الأعمال الحرفية هى:

1- الدستور المصري 2014 أولى ذوي الإعاقة والأقزام اهتمامًا لم تشهده مصر من قبل بستة نصوص دستورية.

2- توفير فرص العمل لذوي الإعاقة أصبح حقًا دستوريًا ملزمًا لجميع سلطات الدولة وأجهزتها الإدارية لدمجهم مع غيرهم من المواطنين. 

3- الحق الدستوري في التزام الدولة بضمان حقوق المعاقين حقق ثماره على فئة كانت مهمشة لمدة سنوات طويلة.

4- الدستور أنشأ المجلس القومي لذوي الإعاقة كيانًا اعتباريًا مستقلًا يُؤخذ رأيه فى مشروعات القوانين المنصفة لكل مصري اختبرته السماء بإعاقة ما.

5 - لا ينبغي على الوحدة المحلية أن تستغلق في وجه المعاق باب الرزق وهى عليمة بإعاقته لتضيف إلى حياته ظلمة وعتمة بدلًا من أن تنير أمامه طريق الحياة.

6- العامل المتعاقد مع الوحدة المحلية رغم إعاقته استطاع أن يستجمع حوله اثنتين وعشرين أسرة تعمل بالورشة ترتزق معه اُكل الحياة، وغلق الورشة تمنعهم من كسب رزقهم بالحلال وتشريد أسرهم وزيادة أعداد العاطلين.

7- مصادر مهتمة بشئون ذوى الإعاقة: الحكم من أبهى صور التعاون بين القاضي والمشرع، المحكمة عام 2015 ناشدت المشرع قبل التشكيل الأول لمجلس النواب بإصدار قانون موحد لذوي الإعاقة وفي 2018 أصدرت الدولة المصرية القانون ولائحته التنفيذية ملزمًا سلطات الدولة كافة.


تفاصيل القضية وحيثيات الحكم: 
 قالت المحكمة برئاسة القاضي المصري الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجي، نائب رئيس مجلس الدولة، إن الدستور المصري 2014 ، أولى ذوي الإعاقة والأقزام اهتمامًا بالغًا، لم تشهده مصر من قبل، باعتبار أن هذه الفئة لم يكن لها أي وجود دستوري على مدى زمني طويل إلا اعتبارًا من دستور  2014، الذي جاء ليخص المعاقين بستة نصوص دستورية في مناسبات عدة هى المادة (53) من الدستور التي أضافت إلى صور التمييز بين المواطنين بصدد مبدأ المساواة ولأول مرة التمييز بينهم بسبب الإعاقة، والمادة (55) التي ألزمت الدولة بتوفير وسائل الإتاحة للأشخاص ذوي الإعاقة في حالة القبض والحبس، والمادة (80) التي ألقت على عاتق الدولة كفالة حقوق الأطفال ذوى الإعاقة وتأهيلهم واندماجهم في المجتمع، والمادة (81) التي ألزمت الدولة بضمان حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والأقزام، صحيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا وترفيهيًا ورياضيًا وتعليميًا، وتوفير فرص العمل لهم، مع تخصيص نسبة منها لهم، وتهيئة المرافق العامة والبيئة المحيطة بهم، وممارستهم لجميع الحقوق السياسية، ودمجهم مع غيرهم من المواطنين، إعمالًا لمبادئ المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص. والمادة (214) التى أنشأت من أجلهم من المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة، والمادة (244) التي جعلت الدولة تعمل على تمثيل الأشخاص ذوي الإعاقة تمثيلًا ملائمًا في أول مجلس للنواب يُنتخب بعد إقرار هذا الدستور.
وأضافت المحكمة أن توفير فرص العمل لذوي الإعاقة أصبح حقًا دستوريًا على جميع سلطات الدولة وأجهزتها الإدارية لدمجهم مع غيرهم من المواطني، وتجلى هذا الحق الدستوري في التزام الدولة بضمان حقوق المعاقين في المجالات كافة، وفي هذا تحقيق جزء كبير من أهداف الثورة التي قامت في 30 يونيو 2013 التي أتت بثمارها على فئة كانت مهمشة من الأشخاص ذوي الإعاقة لمدة سنوات طويلة، حتى أنشأ لهم المجلس القومي لذوي الإعاقة له استقلاليته الفنية والمالية والإدارية بوصفه كيانًا اعتباريًا مستقلا يُحترم وتُؤخذ بآرائه وتوصياته في حسبان المُشرّع لسن القوانين المناسبة المنصفة لكل مصري اختبرته السماء بإعاقة جسدية أو ذهنية ما.      

      
 وأشارت المحكمة إلى أن رئيس الوحدة المحلية لقرية محلة فرنوي بصفته أبرم عقدًا مع العامل من ذوى الإعاقة، وتم الاتفاق بينهما علي أن يقوم الأخير بالعمل في ورشة الصيانة التابعة للوحدة المحلية لقرية محلة فرنوي بشبراخيت، طبقًا للائحة التشغيلية للورشة في مجال أعمال الرخام  وليس طبقًا لقانون المحال التجارية والصناعية على أن يتقاضى 50% من قيمة الإيراد للورشة مقابل عمله، و50% الباقية للوحدة المحلية لقرية فرنوي، وصدر هذا العقد بعد موافقة سكرتير عام مساعد محافظة البحيرة وفقًا لكتابه المرفق بالأوراق، ثم قام العامل وهو من ذوي الإعاقة باستحضار  اثنين وعشرين عاملًا متخصصًا في الرخام للعمل معه بالورشة، موفيًا بالالتزامات كافة تجاه الوحدة المحلية بدفع نسبة الـ50% بانتظام، إلا أنه فوجئ بصدور قرار الوحدة المحلية لمركز ومدينة شبراخيت بغلق ورشة الرخام بحجة إدارتها من دون ترخيص بالمخالفة لأحكام قانون المحال الصناعية والتجارية وغيرها من المحال المقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة، علي الرغم من أن الورشة تابعة للوحدة المحلية لقرية محلة فرنوي طبقًا للائحة التشغيلية للورشة في مجال أعمال الرخام  وليس طبقًا لقانون المحال التجارية والصناعية، وهو ما يعني أنها تابعة للجهة الإدارية وتعمل طبقًا للقانون، فضلًا عن خلو نصوص العقد من تكليف المدعي باستخراج ثمة تراخيص بهذا الشأن، وأن الإدارة لم تنفذ العقد طبقًا لما اشتمل عليه بطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية، مما يكون معه قرار غلق الورشة التى يديرها المعاق مخالفًا لصحيح حكم القانون.
 وأوضحت المحكمة أنه ما كان ينبغي على الوحدة المحلية بشبراخيت أن تستغلق في وجه المدعي باب الرزق وهى عليمة بإعاقته لتضيف إلي حياته ظلمة وعتمة، بدلًا من أن تنير أمامه طريق الحياة، لاسيما أنه رغم إعاقته استطاع أن يستجمع حوله اثنتين وعشرين أسرة تعمل فى الورشة وترتزق معه اُكل الحياة، ويكون القرار المطعون فيه مؤديًا إلى منع المدعي ومن يعمل معه من كسب رزقهم بالحلال وتشريد أسرهم وزيادة أعداد العاطلين، ومن ثم يتعين وقف تنفيذ القرار الصادر من رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة شبراخيت فيما تضمنه غلق ورشة الرخام التي يعمل بها المدعي وما يترتب على ذلك من آثار أخصها إعادة فتح الورشة الخاصة بأعمال الرخام وتنفيذ الحكم بمسودته وبغير إعلان.
 وذكرت مصادر مهتمة بشأن ذوى الإعاقة أن هذا الحكم يعد صورة من أبهى صور التعاون بين القاضي والمشرع سجلت المحكمة في حكمها الصادر في فبراير 2015 -الذى أصبح نهائيًا عام 2021- مناشدتها حينذاك للمشرع المصري أن يجعل على القمة من اهتماماته القادمة وقد قارب مجلس النواب على تشكيله الأول عقب ثورة الشعب في 30 يونيو 2013 فى ذلك الوقت إصدار قانون موحد متكامل لمتحدي الإعاقة يلم شتات جميع المسائل المتعلقة بهم في إطار انسجام تشريعي لدمجهم مع غيرهم من المواطنين، تقدّر فيه قيمتهم وتيسر لهم سبل الحقوق والرعاية التعلم والعمل من أجل رفعة أوطانهم، وقد عقد البرلمان المصري الجديد أولى جلساته فى 10 يناير 2016، وبعد ثلاث سنوات من تاريخ صدور هذا الحكم أصدرت الدولة المصرية في ١٩ فبراير سنة ٢٠١٨  قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة الصادر بالقانون رقم ۱۰ لسنة ۲۰۱۸ ونص في المادة الثالثة من مواد إصداره على أن يعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره. ثم أصدر رئيس مجلس الوزراء القرار رقم 2733 لسنة 2018 بتاريخ 23 ديسمبر 2018 بإصدار اللائحة التنفيذية لقانون حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة المادة متضمنًا في المادة الثانية من مواد إصداره بأن تلتزم جميع الوزارات وغيرها من الجهات المعنية بتطبيق أحكام قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة الصادر بالقانون رقم 10 لسنة ۲۰۱۸ كل فيما يخصه، بإصدار القرارات التنظيمية اللازمة لتنفيذ أحكام القانون المشار إليه.

 

حكم نهائى لصالح ذوى الإعاقة المتعاقدين