رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

المربع السحري

هذا الكلام عبث .. كلامك خطأ .. هذا الكلام غير صحيح.. كلام لم يقم علي أساس معرفة العلوم الشرعية.

«خلطك الشديد الذى ترتكبه هو لعنة ستصيبنا وستصيب الأجيال القادمة».. كان ما سبق ملخص المناظرة التي دارت بين العالمين الجليلين الدكتور أسامه الأزهري والحبيب الجفري من جهة وبين السيد إسلام البحيري من جهة أخري..  إسلام البحيري  الذي ظهر لنا بأفكار ودراسات تُشتت أكثر مما توضح.. تخلط الأشياء خلطاً متعمداً.. أفكار تفرق أكثر مما تجمع.. وسباب  وألفاظ لا تخرج من مفكر ولا باحث ولا تمت بصلة لشخص يريد البحث عن الحقيقة وإن أخطأ وأضل الصواب.. كلام لا يخرج من إنسان يعرف أن الصوت العالي ليس الطريق لإثبات الحقيقة.. فالحركات الجسدية والإيماءات ولا حتي الإيحاءات النفسية واللفظية تثبت صحة ما تقول بل علي أقصي تقدير تشتت المشاهد العادي الذي يريد أن يعرف فقط دون البحث عن مدي صحة هذا الكلام من عدمه..
وكان رد العالمين الجليلين مغلفاً بالهدوء، متماشياً مع وقار الشيوخ الأفاضل، متناغماً مع عمامه  أهل العلم  وحلمهم.. واضحاً لمن يريد أن يعرف،  مبنياً علي معرفة وليس رداً  قائماً علي الاجتزاء، ألفاظ الجليلين مستخرجة من بحور العلم كأنها اللؤلؤ البين الجلي، بعيدة عن السراب ولعبه اصطياد المفردات.. ثم  تشكيل بنيان وهمي في ظاهره ومتهاو في  مضمونه كما فعل الطرف الآخر، فبنيانه لا يعرف مدي ضعفه وهشاشته إلا علماء بحق ورجال لديهم من المعرفة الشاملة بحق، ورؤية تتسع وتستوعب الجميع عن فهم صحيح وسليم.
لن أخوض في تفاصيل أكثر عن المناظرة ولن أبحث كما يبحث السيد إسلام البحيري - وله كل الاحترام كإنسان -  من خرج منتصراً ومن خسر؟.. من انتابته شهوه التغلب وكان كل ما يشغله كبرياءه وان كان علي خطأ؟.. لن انتظر الإجابة لأني لا أبحث عنها ، لأن البحث في هذه المنطقة جهل كبير وعبث عميق لن يفيد..
السؤال الذي يجب الإجابة عليه.. كيف حقق إسلام البحيري هذه الإثارة؟.. وكيف نجح في جذب جمهور كبير ليتابعوه بعيداً عن مدي اقتناع البعض بما يقول أو موافقتهم لما يتحدث عنه أو حتي رفضهم وسخطهم عليه؟.
الإجابة  تكمن في فن صناعة الإعلام بوجه عام وتأثير هذ المربع السحري علي الناس، ونجاح الإعلام الخاص في هذه الصناعة، وتراجع القطاع العام - أي إعلام الدولة -.. وكيف حقق الإعلام الخاص  هذا النجاح من حيث الأسلوب وطريقة العرض واستخدام التقنيات الحديثة وامتلاك أصحابها

الرؤية الحديثة والقدرة علي التمويل الضخم مع العرض الجيد للسلعة التي تقدمها.. وهذا ما يفتقده إعلام الدولة..
فكان ظهور البعض علي القنوات الخاصة نجاحاً وانتشاراً لهم.. وكان هذا الظهور بمثابة صك العبور لصفوف العلماء وإن لم يستحقوا.. ورفعتهم هذه القنوات لمكانة عالية ومقام رفيع وهم ليسوا أهلاً لذلك وليسوا علي قدر العلماء في علمهم.. وظلت الغالبية من أصحاب المعرفة الحقة فرادي لا يعرف الناس عنهم الكثير.. وهذا دور رئيسي للإعلام بشكل عام وإعلام الدولة بشكل خاص في ظهور هؤلاء العلماء ودعمهم.
هذا هو السبب في ظهور إسلام بحيري وتكوين قاعدة كبيرة من المشاهدين.. فظهور بحيري  علي احدي القنوات الفضائية التي يمتلك صاحبها مفاتيح لعبة الدعاية والترويج وقدرته علي صناعة النجاح.
كان صك الدخول لعالم الشهرة وليس ما يقول فقط!!.. هو الصناعة لا غيرها.
.. أما إعلام الدولة فحدث ولا حرج .. تمتلك قنواته التقنيات الحديثة؟.. نعم.. لديه كفاءات؟ نعم.. يمتلك الخبرة؟ نعم.. وله تاريخ طويل في هذه الصناعة؟ نعم.. ولكنها مع كل ما سبق تفتقد الخلطة السحرية للنجاح، فإعلام الدولة مكبل بما تربينا عليه وهو الروتين الحكومي الذي يعاني منه الجميع  وما يحتويه من قيود ولوائح.. فأصبح الخارج عليه فاسداً ومهدراً للمال العام.. تلك هي المشكلة..
نحن في حاجة إلي المرونة لتحقيق النجاح  وفي نفس الوقت الحفاظ علي المال العام دون ملاحقة واتهامات إذا خرج أصحاب القرار عن الروتين.. 
أختم بما قاله جوزيف جوبلز وزير الإعلام النازي في زمن هتلر: «أعطني إعلاما بلا ضمير أعطك شعبا بلا وعي».. من هنا تكمن خطورة الإعلام من حيث التوجيه والتثقيف والتوثيق والوعي والتأثير والمسئولية.

[email protected] .com