.. ومن هذا أحذر
لا يعرف الكثير من الشعب المصري شيئاً يسمي بعجز الموازنة، أو الميزان التجاري للدولة أو حتي معني الصادرات والواردات أو أي مصطلحات اقتصادية أخرى، ولكن غالبية الشعب المصري يعرف تماماً معني زيادة الأسعار وتأثيرها علي حياته اليومية، ويعرف أكثر وأكثر أنه يريد أن يعيش حياة تقترب من الآدمية
، أو تقترب معيشته من المياه الإقليمية لدولة الحياة الآدمية، حياة لا يتجاوز فيها طموحه أن يأكل وأن يشرب وأن يسكن وأن يٌعالج، والمهم والأهم في هذه الحياة هو أولاده تلك الثمرة التي يريدها أن تعيش أفضل مما عاش، وأن يرفع عنها هموم الحياة، وأن يخفف عنها كل ما هو شقي، وأن يتصدي لأي مخاطر أو شر يفكر أو يحاول مجرد المحاولة أن يؤذيها لأنها في النهاية ثمرته التي ينتظر أن يجنيها وزرعته التي يستثمر فيها عمره، قد يجوع الرجل ويشقي وقد يحتمل هذا الشقاء أما أولاده فلا، قد يمرض ويحتمل آلام المرض أما أولاده فلا، كل شيء في الحياة هين ويمر إلا الاقتراب من منطقة التأمين الحياتي للأبناء، ولا أقصد هنا أن يوفر الأب لأبنائه المسكن، أو يُدبر لهم ثمن التعليم في مدارس متوسطة التكاليف، أو شراء سيارة قديمة ترحمهم من أزمة المواصلات، لا والله أقصد توفير أبسط أبسط متطلبات الحياة اليومية بقدر من الآدمية، وهذا دور حكومتنا المبجلة في الأساس، بل هو دورها المهم والأهم، هو شغلها الشاغل، أو هكذا يجب أن يكون، ولكنها للأسف الشديد تعمل جاهده أن تحقق العكس، تجتهد وتتفنن في تعكير الحياة المُتعكرة أصلاً علي المواطن، تعلن صراحة أن الفقير موضع اهتمام وأن أهلنا في كل المناطق الفقيرة هم البوصلة التي تحدد خططتها وتعمل علي رفع مستوي معيشتها، وبدون مقدمات أو سابق إنذار كالعاده يُفاجأ الناس بزيادة أسعار الكهرباء وتشتكي وتصرخ وتبقي الزيادة في طريقها مستمره وتجري وكأنها تسابق كوابيس الفقير في منامه وتدهس مراكز الأمل المتبقية عنده، ويبقي الفقير يصرخ ويصرخ ويظهر لنا مسئولون عظام يحدثوننا عن ترشيد الاستهلاك الُمرَشد أصلاً، ويتحدثون عن مبررات لا ترقي الي مستوي عقل طفل صغير لم يتجاوز من التعليم المرحلة الاولي، ُتعِلمنا الحكومة أنها تقول شيء وتفعل عكسه،