رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

د. هانى سرى الدين يكتب : سيادة الأمة هى ضمان الحكم الرشيد

د. هانى سرى الدين
د. هانى سرى الدين

ليس الهدف من هذه المقالات المسلسلة التذكرة بالماضى فحسب، ولكن التأكيد أيضاً على أن ثوابت حزب الوفد منذ أكثر من مائة عام لا تزال مستقرة، وراسخة، وصالحة للتطبيق برؤية معاصرة تتفق مع المستجدات المحيطة بنا.

تبقى مقولة سعد زغلول الخالدة «الحق فوق القوة، والأمة فوق الحكومة» بمثابة تلخيص لتصور حزب الوفد للعلاقة بين الحاكم والمحكوم. فالقوة لا تعنى حقاً لمن يمتلكها، إلا إذا كان ذلك الحق مدعوماً من الأمة، التى فى النهاية هى مصدر السلطات.

وتاريخ الوفد خير شاهد على أن الشعب هو المحرك والقائد، وأنه ما نبعت سياسة من الأمة إلا والتف حولها الناس وساندوها ودعموها لتنجح، وما خرجت سياسة بعيداً عن الأمة إلا وذوت وفشلت.

لقد ولد المبدأ مع حكومة سعد زغلول، حكومة الشعب التى تشكلت فى أعقاب فوز الوفد فى انتخابات 1924 رغم إرادة الملك، ليأتى سعد زغلول بإرادة الأمة فى الانتخابات التى أجريت بمقتضى الدستور لتعرف مصر قوة ثالثة لم تكن فى الحسبان بخلاف القصر والإنجليز وهى قوة الأمة. لذا فإن خطاب سعد للملك وقتها بقبول تشكيل الحكومة ركز على اعتبار إرادة الأمة هى الإرادة الأعلى إذ قال «إن الرعاية السامية التى قابلت بها جلالتكم ثقة الأمة ونوابها بشخصى الضعيف توجب علىّ أن أشكل الوزارة..»، ثم رسخ سعد زغلول هذا المبدأ فى عدة مواقف، فعندما عين الملك، حسن نشأت، رئيساً للديوان الملكى دون علم الوزارة قدم سعد استقالته ما أدى إلى اندلاع المظاهرات فى ربوع مصر تهتف «سعد أو الثورة» ليعلن الملك تجديد ثقته فى الوزارة مرة أخرى.

وهذا مصطفى النحاس واصل الحرص على مبدأ سيادة الأمة ليصطدم بالملك فاروق وبأحزاب الأقلية وبالاحتلال البريطانى فى عدة أمور كان أشهرها رفض تنصيب الملك فاروق فى حفل دينى سنة 1937 وتشكيل النحاس لحكومته دون الرجوع للملك، فضلاً عن اعتراض الحكومة على تعيين رئيس الديوان، وخوضها صراعاً ديمقراطياً قوياً ضد استبداد الملك مستندة إلى مبدأ واحد هو أنها ممثلة للأمة التى هى أعلى من الحكومة والملك نفسه، وكان ذلك بمثابة تأكيد على رفض استغلال الدين فى السياسة، ومنع اتخاذ الزعامة الدينية تكأة للاستبداد السياسى.

إن مبدأ سيادة الأمة أحد الثوابت الأزلية للوفد منذ تأسيسه، وهو مبدأ ممتزج بالروح المصرية عبر التاريخ الحديث، وفى سبيله تحققت إنجازات وطنية لم تكن لتتحقق دون مساندة وإقرار حقيقى وتأييد

من الأمة، ولاشك فى أن الدستور المصرى أقر ذلك المبدأ فى مادته الرابعة، إذ نص على أن «السيادة للشعب وحده، يمارسها ويحميها، وهو مصدر السلطات، ويصون وحدته الوطنية التى تقوم على مبادئ المساواة والعدل وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، وذلك على الوجه المبين فى الدستور».

وفى تصورى، فإن سيادة الأمة هى جوهر الديمقراطية المصرية، إذ لا يمكن لفرد ما مهما كان، ومهما بلغ من قوة، أن يخالف اختيار الأغلبية، أو أن ينعزل عن الهموم العامة، أو أن يسير بعيداً عن طموحات الناس وأمانيهم فى التطور والتقدم.

 ولذا فإننى أرى أن الشارع المصرى فى 25 يناير انتفض تعبيراً عن رفض الأمة لرخاوة الحكم وغياب المساواة، وغياب العدالة الاجتماعية، إلا أن الإخوان والتيار المتأسلم ركبوا الموجة لتحقيق مبتغاهم، فكانت 30 يونيه تصحيحاً من الأمة لوضع مغلوط استغلت فيه جماعة الإخوان الإسلام لتصل إلى السلطة وتخاصم الحضارة، جاءت الثورة لتؤكد سيادة الأمة وتدلل على أن الأمة المصرية لا تقبل الاستبداد الدينى، وأن لديها القدرة على إزاحته متى أرادت.

إن المبدأ الذى ولد من رحم أعظم الثورات فى تاريخ مصر الحديث، وهى ثورة 1919، يمثل سمة راسخة فى العقل الجمعى للمصريين، ليعودوا إليه جيلاً بعد جيل، مستذكرين ومسترشدين باعتباره الضمان الأعظم للحكم الرشيد، وعدم طغيان الحاكم على المحكوم.

فلا تزال الديمقراطية، وسيادة الشعب، واستقلال السلطات، وحرية الرأى، وحرمة الحقوق الشخصية، والحق فى الانتخاب الحر دون تزييف، والحق فى محاكمات عادلة، كلها مبادئ راسخة من مبادئ حزب الوفد مصونة بالدستور، ولن يتنازل عنها.

وسلام على الأمة المصرية...