رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رابعة والاتحادية وقرارات الرئيس أسباب جديدة للطلاق

أحداث قصر الاتحادية
أحداث قصر الاتحادية

لم يترك الاستقطاب السياسي في مصر جحرًا إلا دخله وغزاه وخرّبه، فبعد أن شهدت الساحة المجتمعية في مصر نشوب نزاعات أسرية انتهت بالطلاق بالفعل، بسبب الاختيار بين الفريق "شفيق" والرئيس "محمد مرسي" في انتخابات الرئاسة الفائتة.

أصبح الاعتصام في الاتحادية، ورابعة العدوية، والتحرير، والدستورية، والموافقة أو المعارضة لقرارات رئاسية ثم الاستفتاء على مسودة الدستور سببًا جديدًا لإنقسام قلوب، وانشطار أسر كثيرة.
فهل يسهم الاستقطاب السياسي الجاري في إضافة مزيد من المشكلات الاجتماعية إلى المجتمع المصري، لتشهد مصر أعدادًا متزايدة في نسبة العنوسة للجنسين، والطلاق للأسر ؟!


انشطار وانقطاع


حالات حقيقية، لعلاقات خطوبة وحب وزواج، رصدتها بوابة الوفد الإلكترونية لدى لقائها بعدد من الشباب والشابات، والمتزوجين والمتزوجات، كانت اعتصامات الاتحادية، وقرارات الرئيس، ومن بعدها الاستفتاء على مسودة الدستور، سببًا رئيسيًا في انشطارها، ومن ثم، انقطاعها نهائيا، فلم تكن أنجي أبو المكارم 25 سنة وتعمل مدرسة، تتوقع يوما أن تنفصل علاقتها بخطيبها بسبب خلاف سياسي، تقول:"أعيش حالة من الغضب الممزوج بالحزن من موقف خطيبي، كنت موافقة على قرارت الرئيس بينما كان هو من متظاهري الاتحادية، وعندما علم بموقفى، أخبرنى بأنه سينهي الخطوبة، حاولت التفاهم معه ففوجئت به يعطينى الدبلة، ويختفى، معلنا انتهاء علاقتنا"، أما علياء محمد 31 سنة وتعمل مهندسة، فتؤكد أن الحياة مع زوجها أصبحت مستحيلة، فهو لا يتقبل رأيها المخالف له سياسيا، فهو كان من المؤيدين لقرارت الرئيس وهي من المعارضين، و بالرغم من عمله في السلك الجامعي إلا أنه منذ ذلك الحين لا يتحاور معها او يناقشها ولكن يتعامل مع الخلاف بتهكم وسخرية من شكلها وملابسها، وحتى الطعام الذي تقدمه، فهو لا يترك فرصة إلا وينتهزها للسخرية منها، لدرجة جعلت حياتها معه أشبه بالجحيم يدفعها للتفكير جديا في الأنفصال.
"لقد أصبحنا نختلف أكثر مما نتفق"بهذه العبارة الموجزة عبرت لمياء حمدى عن حالتها مع خطيبها، تضيف:"بعد أحداث الاتحادية، اختفت حالة جميلة كنت أعيشها مع خطيبي، وحلت محلها أخرى وصلت للتخوين الذي أصبح موجودا للأسف بين المتحابين، فهو يتهمنى منذ مشاركتى في مظاهرات الاتحادية بالإنضمام لحركة 6 أبريل وتلقي أموال لمعارضة الإعلان الدستوري، والاستفتاء الآن، ونحن نتعارك كثيرا ولا اعتقد أنه سيمكننا اكمال العلاقة"، وتتابع لمياء ساخرة:"بجد احنا كبنات مكناش ناقصين السياسة كمان علشان منلاقيش حد مناسب نرتبط به، أنا عمرى 29 سنة ولى صديقات كثيرات تجاوزن الثلاثين بلا زوج، ومن ترتاح إلى شخص الآن وتحدث شرارة الإشارة إلى امكانية الإرتباط تأتى الانتماءات السياسية لتجهز عليها، لنعود نلف وندور في دوامة العنوسة من جديد".
الأمر نفسه، تؤكده هيام إمام 37 سنة وتعمل مدرسة بالسعودية، تقول:"رفضت عرسان كتير وقت انتخابات الرئاسة، بسبب انى اخترت الرئيس محمد مرسي ومن تقدموا لى كانوا يفضلون الفريق شفيق، وأنا لم أكن أتخيل أن اتزوج بشخص ينتمى للفلول أو لا يري غضاضة في انتخاب رموزهم، والآن يحدث الأمر نفسه، كلما حصل قبول مع أحدهم ينتهى كل شئ بمجرد أن ندخل في نقاش سياسي حول أحوال البلد، فهل أتزوج شخص أجنبي وأريح نفسي؟!".
حالات أخرى لم تؤثر عليها الاستقطابات السياسية، ربما بسبب تراجع الإهتمام السياسي لدى أصحابها منذ البداية، فتؤكد مها حمدي - مخطوبة – أنها لا ترى علاقة بين الاختلاف في الانتماء السياسي والإرتباط:"لا يمكن أن أنفصل عن شخص مرتبطة به، أو أرفض شخص جاء لخطبتي لمجرد إن انتماءه السياسي يختلف عن انتمائي أو تفكيري السياسي، لا أرى علاقة بين هذا وذاك"، وتضرب مها مثلًا باختها الكبري، تضيف:"اختي الكبيرة تختلف اختلافًا كبيرًا مع زوجها من الناحية السياسية، فهو يميل أكثر إلى الإخوان، وهي لا تشاركه في الميل، وعلي الرغم من ذلك يعيشون حياة هادئة".
ويتفق معها في الرأي محمود كرم – 25 عامًا- فيري إن لا يمكن أن يؤدي الاختلاف في وجهات النظر السياسية إلى زيادة نسبة العنوسة في مصر، لأنه عندما يتقدم أحد الشباب لخطبة أحد الفتيات ليس من المهم أن يكون الإتجاه أو الانتماء السياسي متشابهًا بينهما كشرط أساسي من شروط الزواج، يضيف:"من الممكن أن يتسبب الاختلاف السياسي في بعض المشكلات أو المشادات الكلامية بين الطرفين ولكن لا تصل إلى حد الإنفصال".


مؤامرة وأجندة زوجية خارجية


بداية يوضح الدكتور محمد المهدي، أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، أن النزاعات زادت داخل البيوت المصرية بشدة نتيجة عدة أسباب، أولها حداثة العهد بممارسة الديموقراطية والخلاف الذي لا تتوقف معه الحياة، وثانيا وجود حالة استقطاب شديدة ورؤية سلبية للمخالف، خاصة في حالة الاستقطاب الديني ففي تلك الحالة يتم أسقاط المخالف من الحسابات لأن الخلاف أمره محسوم ما بين الحلال والحرام، وهو ما يغيب معه أي فرصة للتفاهم، وثالثا المسميات الموجودة في حالة الاستقطاب السياسي مثل الفلول وما يصاحبها من توصيفات خيانة الشعب والثورة، أو اجندة خارجية سواء أجنبية او خليجية، وبالتأكيد لا يوجد أي فرصة للتواصل والحوار مع الأتهام بالتخوين، ورابعا الشارع السياسي متقاتل ومتصارع، والتيارات السياسية لم تقدم قدوة في التفاهم والأخلاص للوصول لمرحلة إيجابية ونموذج التيارات السياسية المتصارعة التي تتعامل بسخرية

من بعضها البعض يوجد منها نموذج أصغر في كافة البيوت، فالجميع يتعامل من منطلق السلطة الأبوية التي يكون صاحبها هو صاحب الرأي الحق، والباقي مجرد تابع، ومن يخرج عليه باطل، بالأضافة إلى الإعلام الألكتروني الذي لا يوجد سقف حرية له وهو ما ساهم كثيرا في أشعال الحرب الكلامية بين مختلف الإتجاهات المؤيدة والمعارضة.
ويؤكد الدكتور المهدي أن الحل يكمن في الخروج في الخلاف السياسي من دائرة الاعتقاد الديني إلى إطار الفكر، فالفكر يحتمل الصواب والخطأ والاجتهاد، وحينها تصبح المشاحنات أكثر هدوءا وانضباطا، لأننا نختلف في أفكار ليست مقدسة.


الأمل في الأجيال القادمة


من جهتها، تؤكد الدكتورة نفين عبد الله – مدير مركز أجيال للاستشارات والتدريب - إنه لا يمكن تحديد إذا كان هناك تأثير بين عملية الاستقطاب السياسي التي نعيشها في الوقت الحالي وبين زيادة نسبة العنوسة أم لا، إلا إذا كانت هناك دراسات أو أبحاث أو أرقام تشير إلى ذلك.
وعن الخلافات السياسية وتأثيرها السلبي على العلاقات العاطفية والاجتماعية بين الأزواج، ترى عبد الله أن الأمل في الأجيال القادمة، بعد اتاحة الفرصة والوقت الكافي للتأهيل المجتمعى للتعايش وقبول واحترام الرأى المخالف، وهو ما يفتقده المجتمع الآن، ما أدى إلى تطور الأمر وصولا للقتل وسفك الدماء، وصعوبة التعايش بين من كانوا أحبابًا.
الإعلام يشحن البيوت سلبيًا
الدكتورة عزة كُريم بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، تشير بأصابع الإتهام إلى وسائل الإعلام وبرامج التوك شو، في انتقال حالة الإنفعال الشديد، والشحن للتأييد أو المعارضة للاتجاهات السياسية من الشارع ومقرات الأحزاب والجماعات السياسية إلى البيوت، التي أصبحت تعيش حالة من الصراع اليومى المتزايد، داخل المنزل الواحد، فكل من المؤيد والمعارض له مبرراتهن وشعوره بالظلم من الطرف الأخر، وهو الظلم الذي لن يصيبه وحده بل سيعود بمصر للخلف، فالخلاف ليس سياسيا فقط وإنما خلاف على مستقبل مصر.
وترى كريم الحل لعلاج الشروخات الأسرية في أن يتفق المختلفين من الأزواج والمخطوبين على عدم الحديث نهائيا في السياسة، والتقليل من متابعة برامج التوك شو السياسي، فالمشاهد لا يملك القدرة على تغيير ما يراه على الشاشات، ومن الأفضل عدم المكوث في المنزل كثيرًا، والانطلاق لممارسة نشاطات الحياة بشكل طبيعي، والإهتمام بالرياضة والعلاقات الاجتماعية.


العام يصبح خاص ويصعب التعايش


وفي السياق نفسه، يوضح الدكتور شحاتة زيان بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، أن أساس المشكلة يكمن في عدم وجود ثقافة الاختلاف بين المصريين، فعندما يعارض شخص رأي الآخر، ننتقل من مجرد المعارضة للرأي إلى الخلاف مع الشخص نفسه، وهو ما يفسر حالات الإنفصال الناتجة عن الخلافات السياسية، فالخلاف لم يستمر كخلاف سياسي بينهم ولكنه تطور وأصبح خلاف اجتماعي يتم اسقاطه على كافة تفاصيل الحياة اليومية، فلا يقوم الزوج بالإنفاق على زوجته، وتهمل الزوجة في واجبتها المنزلية، أو الزوجية، ويغيب الـ "التسامح" ويتمسك كلٌ برأيه وموقفه.

"ليس الخلاف السياسي بين الأزواج أو المخطوبين هو السبب الرئيس الذي يدفع للانفصال وإنما ما يحدث من نتائج تصل للتسفيه والسخرية من الآخر، فعندما ينتقل الأمر من العام إلى الشخصي، يصعب الاستمرار"، هذا هو توصيف الدكتورة عفاف حامد، أستاذ علم النفس بجامعة القاهرة للحالة، وهي تعتبر أن ظاهرة الخلاف صحية لو كانت في اطار الحوار، وتنصح بضرورة التعرف على مهارات حل الخلاف، والتكيف وقبول الرأي المخالف، واعتباره عامل للإثراء، والبعد عن الازدواجية والمزاجية وتصيد النواقص الاجتماعية والنفسية.