رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

"دارفور" السكندرية تكتوي بنار الإهمال

بوابة الوفد الإلكترونية

«مواطنون تحت خط الفقر» جملة تجسدت بكل معانيها في حياة المواطنين المطحونين الذين يعيشون في عشوائيات الإسكندرية والذين ناشدوا الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية بجملة واحدة وهي «إحنا مش لاقيين رغيف العيش الحاف وأولادنا مايعرفوش شكل المانجة»!!

وعلي الرغم من أن القيادات السابقة بالإسكندرية كانوا يتباهون إبان نظام مبارك بتطوير كورنيشها وحصولها علي لقب عاصمة السياحة العربية، إلا أن جولتنا في غرب عروس المتوسط رصدت الأوضاع المتدنية التي يعيشها سكان العشوائيات في عزبتي رسلان المعروفة باسم «دارفور» و«الكابلات» لنري وجها آخر للعروس «البائسة» لا يراه أحد من المسئولين، فالسكان يعيشون فوق مياه الصرف الصحي ولا يعرفون سوي اللون الأصفر لمياه الشرب، والفئران والثعابين هي «الدمي» التي يلعب حولها الأطفال الذين يفتقدون الحياة الآدمية. ناهيك عن انتشار أمراض الكبد الوبائي والفشل الكلوي وغيرهما من الأمراض التي يعتبرها السكان رغم خطورتها أمرا عاديا، وغلبت علي أهالي تلك العشوائيات مهنة واحدة وهي النبش والتنقيب في الفضلات - عفوا الزبالة - لالتقاط الزجاجات وعلب الصفيح وبيعها بسعر 25 قرشا للكيلو!
أهالي هذه العشوائيات التي تكونت في الثمانينيات أي في عهد الرئيس المخلوع شكوا من تجاهل المسئولين لهم وأجمعوا علي عبارة واحدة «الحكومة بتتعامل معانا علي أننا فئران وصراصير واحنا عاوزين حاجة واحدة بس وهي نحس إننا بني آدمين»!
ففي عزبة رسلان، المعروفة باسم دارفور لانتشار الفقر والمرض بين أهاليها، قالت الحاجة أم سحر - 60 سنة - احنا زي ما انتوا شايفين عايشين في عشة يمكن الفراخ أحسن مننا بيلاقوا حد بيهتم بيهم ويراعيهم مش عاوزة اقول زي الحيوانات لأن ربنا كرم البني آدم وكل طموحنا أن يصلح لنا السقف الخشب المسوس  اللي أكلته الفئران والثعابين!
وأضافت: لا تستغربوا فالثعابين والفئران والسحالي بالنسبة لنا كالقطط عند الناس الأكابر، الموظفين علي حد تعبيرها، مشيرة الي أن تلك العشة التي تعيش فيها تضم 13 فردا هم زوجها رمضان أحمد شعبان - 67 سنة - مريض علي المعاش حيث كان يعمل عاملا بالصرف الصحي وهو حاليا يعاني من مرض التهاب الكبد الوبائي وابنها وحيد وزوجته وأولاده الخمسة وابنتها سحر وزوجها وابنتاهما.
واستطردت أم سحر: احنا هنا في المكان ده من الثمانينيات لأن الحكومة بعد ما بيوتنا اتهدمت ضحكت علينا ولم تعطنا أي شقق وكانوا بيوزعونا من وقت للثاني وجيراننا هنا نفس الكلام وكلنا لما بنقابل أي محافظ من اللي فاتوا بعد ما رجلينا تورم علي بابه، بالسبع ساعات كانوا يقولوا لنا اصبروا الدولة مفهاش فلوس وبعد كده نسمع أن مبارك واللي معاه أخذوا فلوس الناس الغلابة اللي ملهاش عدد.
وتقول ابنتها سحرة - 30 سنة - أنا أنام وبناتي فوق مياه الصرف الصحي التي طفحت داخل عشتهم، لافتة الي أنها مريضة بفيروس C ولم تستطع توفير العلاج المناسب لها لارتفاع تكاليفه ولعدم وجود مستشفيات من الأصل في عشوائية دارفور. مشيرة الي أن أن أقرب مستشفي حكومي لهم يبعد عن عزبتهم بمسافة قدرها 20 كيلو تقريبا.
وأضافت: أهالي دارفور بالإشارة الي العزبة التي تعيش فيها صنعوا لها غسالة ملابس كهربائية بسيطة لمساعدتها هي ووالدتها بتركيب موتور غسالة قديم داخل أحد صناديق القمامة البلاستيكية الموجودة في شوارع المدينة، وأنهت أم سحر حديثها قائلة: عاوزين حد يسمعنا، عاوزين نعيش عيشة نظيفة وربنا علي الظالم.
أما أسرة رمضان فهي مأساة أخري يعيشها عشرة أفراد يسكنون غرفة واحدة في بدروم أحد المساكن الآيلة للسقوط بعزبة الكابلات وفرشها أكوام من الملابس البالية التي تعزل بينهم وبين مياه الصرف الصحي.
يقول رمضان بحسرة: أنا مش حتكلم كتير بس

عاوز أقول للرئيس مرسي وهو راجل بتاع ربنا اننا مش لاقيين رغيف العيش الحاف وأولادنا مايعرفوش شكل المانجة!
يروي عم علي سامي جبر - 62 سنة - مأساته: كنت أعيش في بداية حياتي في بيت الوالد رحمه الله ولكن بعد وفاته صاحب العقار أغراه الشيطان وخرب في أساسات البيت لمدة شهر كامل يوميا حتي انهار بالكامل ونجوت وأولادي بأعجوبة حيث كنا في زيارة عند أقارب لنا في الريف وقت انهيار البيت.
وتابع حديثه واصفا معاناته هو وأسرته: اتخذت من الشارع مأوي لهم وبعدها جاءوا الي عشوائية الكابلات بغرب الاسكندرية حيث أستأجر غرفة بدروم أجرتها زادت من 40 جنيها الي 150 جنيها شهريا خلال 22 عاما!
قال علي: لقد فقدت قدرتي علي الحياة، حيث كنت أعمل في قص الجلود قبل أن أصاب بالتهاب رئوي من رطوبة الأرض التي تغرقها مياه الصرف الصحي وأيضا جلطة في العين ولم أجد من يؤويني وزوجتي وأولادنا الثمانية سوي تلك الغرفة المهددة بالانهيار فوق رؤوسنا.
وبدموع الألم أكد تعثر أولاده في الدراسة، مشيرا الي أن أقرب مدرسة تبعد عن عشوائية الكابلات عشرة كيلو مترات مما يعرض حياة بناته للخطر، مؤكدا عدم زيارة أي مسئول لهم خلال السنوات الماضية التي عاني خلالها الأمرين - علي حد تعبيره.
وتساءل علي: أين أعضاء مجلس الشعب والحكومة، ويواصل بأسي: احنا ناس مش في حساباتهم ولو كانوا عاوزين مننا حاجة كانوا جاءوا الينا علي الأقل في الانتخابات مثلما يحدث في أي مكان فإحنا مش علي الخريطة لأننا ناس «ترسو» وهم «بريمو» زي القطار كده مش لازم نعيش عيشة بني آدمين.
ويشكو كغيره من عدم وجود خدمات من كهرباء وتليفونات وأقسام شرطة، لافتا الي أن قسم الشرطة لا يعرف خريطتهم لأنه يبعد عنهم بعشرات الكيلو مترات.
ويضيف أبو الثمانية: القانون الذي يحكمنا هنا قانون الغابة والأمر لصاحب القوة - علي حد وصفه - فلا يوجد من يحاسب المجرمين والخارجين علي القانون الذين يتخذون من العشوائيات مأوي لهم.
وفي نهاية حديثه حدد «علي» مطالبه التي توافقت بدون قصد مع مطالب ثورة 25 يناير من كرامة وعيش وحرية وعدالة اجتماعية والتي تجاهلها نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك قائلا: نفسي أحس أني أنا وأولادي مش ناس درجة عاشرة وعاوز بيت يستر عرض مراتي وبناتي اللي ميعرفوش طعم الدنيا بعد ما خنقتهم رائحة الصرف الصحي ولدغ العرس والفئران.