رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هنا ديوان المظالم: ملتقي للأحبة

تصوير - محمد كمال:
تصوير - محمد كمال:

دقت الساعة الثالثة عصراً، ورحل المواطنون والموظفون عن «ديوان المظالم» بعد عناء يوم طويل من تقديم شكاواهم، لتتحول الحديقة المقابلة لقصر عابدين، إلي ملتقي للأحبة ومقصد البائعين المتجولين وساحة للعب الكرة وضيعة لتنزه الكلاب.

بين عشية وضحاها بدا أن تنظيم الطوابير وسرعة خروج مسئول الرئاسة عقب تلقي التظلمات دون تفرقة في المعاملة شيئ بعث بالأمل، خاصة بعد مرور أكثر من ثلاثة أيام علي فتح باب الديوان.
عادت حركة المرور إلي طبيعتها في ميدان عابدين وحول القصر بعد احترام المواطنين للطوابير، وتحديد الساعة الثالثة عصراً كآخر ميعاد لتلقي الطلبات رسمياً.

الأحبة اثنين.. اثنين

في قلب الحديقة تحت الشجرة وأمام أحد أبواب القصر الخلفية يجلس الأحبة اثنين.. اثنين، ليتبادلا الكلام دون اهتمام لوجود مواطنين يقومون بتقديم طلبات للعمل أوالعلاج أو التعيين أو السفر أوغير ذلك.   
من بين المشاهد التي تلفت الانتباه.. تلك التي اصطحب فيها شاب يبلغ من العمر 18سنة من سكان منطقة عابدين كلب البوليس في جولة بحديقة القصر، تركه بلا سلاسل حديد لإمساكه، يبحث عن لقمة عيش وسط الحشائش.
رصدت «الوفد» الموقف من قريب ولاحظت حالة الخوف التي سيطرت علي المواطنين، الذين كانوا في حالة استرخاء ما بين الراحة والاستجمام أحياناً ومنهم من ينتظر خروج موظف الرئاسة برقم الشكوي التي تقدموا بها.
لاحظت «الوفد» علي الشاب عدم شعوره بالمسئولية ورغم رؤية حرس القصر للمشهد فقد بدا ذلك دون جدوي، لا يتحسب لإمكانية أن يهاجم أحداً دون السيطرة عليه حتي إذا كان صديقه!! 

ساحة للعب الكرة

استغل أطفال منطقة عابدين خلال اجازة نهاية العام الدراسي ساحة القصر رغم وجود أسلاك شائكة تحاصره، لممارسة اللعبة الشعبية كرة القدم. ذهلت من المشهد الذي كشف عن غياب جديد لحرس القصر الجمهوري ولم يشغل بالهم الأمر، معتبرين هؤلاء شوية عيال بتلعب في الاجازة، كما لو كان «نادي اجتماعي» !!
تضم ساحة ميدان عابدين مواطنين من كل الأطياف الذين قدموا لأغراض مختلفة.. محمد ربيع شاب يبلغ 16 عاماً –غير متعلم من محافظة الفيوم يعمل بائع ترمس يقول: «الرزق يحب الخفية» جئت إلي قصر عابدين، لأني ساكن في حارة السقايين، سعر كوب الترمس الصغير بنصف جنيه والكبير بجنيه. 
وأضاف: الحمد لله أبيع كويس لأن أكثر بيعه في منطقة العتبة وبعد العشاء أمر علي قصر عابدين لقربه من منزلي.

سألته: إيه آخر قرار سمعت به؟ فأجاب قرار الرئيس مرسي بعودة مجلس الشعب، مشيراً إلي أنه كويس في صالح الناس لأنه يري ذلك في خير لهم. ويضيف: لم أحاول تقديم أي طلب للعمل، لأني أري أن العمل الحر أحسن من الحكومة، علي حد علمه.
وعما يريده ربيع من الرئيس يقول: أريد.. شقة وأن يسمح لي بكشك مرخص قريب من سكني أبيع فيه ملابس أو أدوات منزلية أو بقالة.
وأضاف: أدعو للرئيس ربنا يكرمه ويجعله في خدمه مصر وأهلها وخاصة الشباب.

فاطمة المصري- صاحبة محل بقالة من سكان حي عابدين، تعمل موظفة في الحكومة- متزوجه وتعول أولادها بعد وفاة زوجها تري أن فكرة «ديوان المظالم» غير جيدة لأن الرئيس لايقدر علي حل مشاكل أكثر من 80 مليون مواطن.
وتساءلت كيف يوفر سكناً وعملاً لكل صاحب طلب؟ مشيرة إلي عدم انزعاجها من اقبال المواطنين علي المحل لأن الجو حر ويحتاج لشراء المزيد من المياه المعدنية والأطعمة مع مشقة وعناء اليوم.
وانتقدت «صاحبة المحل» خطاب الرئيس مرسي في التحرير الذي اعتبرته غير مفيد، وأكمله بمخالفته لحكم المحكمة بعودة مجلس الشعب للعمل. 
ونصحته أن يراعي الله فيما يقول ولا يستمع لجماعة الإخوان المسلمين.       

وقال منتصر عبد الجليل صاحب مكتبة أمام قصر عابدين: انزعجت من المواطنين الذين لايجيدون القراءة ولا الكتابة ويطالبونني بكتابة شكاواهم ورأفة بحالهم أساعدهم، الناس فاكرة ان الرئيس معه العصا السحرية لتحقيق ما يطلبونه!
وأضاف «عبد الجليل» أن مكتب ديوان المظالم موجود منذ عهد زكريا عزمي المحبوس الآن في قضايا إهدار المال العام، مشيراً إلي أن الغريق يتعلق بـ«قشاية» والغالبية العظمي من مقدمي الشكاوي يحتاجون لمساعدات.
وقد أدت دعوة الرئيس للنظر في الشكاوي إلي تغيير الموظفين مكان خروجهم من باب آخر بعد أن كانوا يشترون مني الهدايا في مقابل مادي معقول، علي حد روايته.

سألت على صابر الذي كان يجلس أمام محل «عبد الجليل» علي الرصيف.. يعمل «جزماتي» ولديه 4 أولاد وبنتان - تعرف أن هنا ما يسمي بديوان المظالم؟ أجاب بنعم.. كنت أرغب في تقديم طلب صرف معاش «السادات»، لكن طلبوا مني بطاقة زوجتي الشخصية ولم أقدر علي احضارها لأنها لم تستخرجها أصلاً .  

ديوان في كل محافظة

أمام باب القصر مباشرة مسجد المدبولي.. التقينا الشيخ ناصر فكري إمام وخطيب الجامع عقب صلاة المغرب، لسؤاله حول مدي منطقية فكرة «ديوان المظالم» من عدمها، حيث أجاب بقوله: المهم ليس في تلقي الشكاوي فقط، المهم جدية تحقيقها، وهل كل من له حاجة يستجاب لطلبه؟!.
وأوضح أن المظالم لا تعتبر جميعها حقا  ليس مسلوباً أو ضائعاً وتحتاج حضوراً لتقديمها، معتبراً كل من يحاول تعطيل شكوي عادية وانتزاع حق غيره  أمراً يحاسب عليه المرء يوم القيامة.
واستنكر «فكري» ما شاهده في برنامج في احدي القنوات الفضائية، التقي فيه المذيع زوجة أحد المساجين والتي حرصت علي أن تطلب الإفراج عنه من خلال العفو الرئاسي.

سألت إمام الجامع عن رأيه بشأن «ديوان المظالم»؟ وأجاب أنها جيدة جداً وتحتاج الي المزيد من الجهد والعمل لإنجاحها، مطالباً بتعميم تجربة «ديوان المظالم» في كل محافظة، لتخفيف مشقة السفر لتقليل العبء علي المواطنين أصحاب الحاجات.
وعن تعرضه لمضايقات المواطنين أثناء تلقي الديوان الشكاوي؟ أوضح أن الناس كانت تطلب منه فتح المسجد لتقعد فيه، لكن الصراحة كنت حريصاً علي فتحه قبل ميعاد الصلاة بنصف ساعة علي الأكثر رأفة بحالهم.
ويعتقد«الشيخ» أن قرار عودة مجلس الشعب من جديد للعمل أداة من أدوات تفعيل العمل تجاه انجاز القرارات، مشيراً إلي رؤية الرئيس ومرجعيته في التصديق علي التشريعات القانونية.

والغريب في الأمر، أن تامر عبد رب النبي- مسيحي، كان جالساً يستمع لحديث فضيلة الشيخ بكل حب وتواضع واحترام ويبادر عامل في المسجد بالقول: أنه يرحب بفكرة «ديوان المظالم»، وسلوكيات المواطنين في منتهي النظام والاحترام لم أره في مصر

منذ 15عاماً تقريباً، منظمين في تقديم طلباتهم .

أغرب اقتراح تحدث عنه عامل المسجد «عبد النبي» يتعلق بكيفية كتابة التظلم للديوان، حيث اقترح خروج موظف من مكتب الرئيس يساعد المواطنين، خاصة الذين لايجيدون القراءة والكتابة.

وأضاف أن معظم الناس لا تعرف أن مكتب التظلمات موجود منذ أيام الزعيم أنورالسادات، وهو يتلقي الشكاوي، مشيراً إلي قلة أعداد المتقدمين للطلبات عن اليومين السابقين. 
وأرجع«عامل المسجد» سبب ذلك إلي وجود إجازات لأصحاب الحرف والصنايعية، وهم أكثر  المتقدمين لأنهم يريدون أن يعملوا في وظيفة ثابتة.

وأشار إلي تعامل الصغار بكل رفق مع الحالات الإنسانية لمساعدة كبار السن في تصوير مستندات الأزمة أو كتابة الطلب أو عبور الشارع وهي جوانب ترسخ صورة المودة والرحمة.

وقدم «عبد النبي» نصيحة إلي الرئيس مرسي بأن يتقي الله في الشعب وأن يكون جريئاً في اتخاذ قراراته مضيفا: إياك ودعوة المظلوم فإنها مستجابة.

شكوى في صندوق

علي بعد خطوات كان خالد محمد علي- صاحب قهوة أمام باب القصر وملاصق لمكتبة عم «صابر»، يقول: فكرة ديوان المظالم ليست جديدة علينا، والقهوة بتشتغل كويس لما بيكون هناك ناس، لكني زعلان علي تعبهم لأنهم يأتون من محافظات بعيدة .

انتقد «محمد» أحد الذين قدموا لتقديم تظلم فتح مكتب للشكاوي دون تخصص، مقترحاً علي الرئيس حلاً معقولاً لتخفيف الضغط علي الديوان، من خلال تفعيل جميع صنادوق الشكاوي الخاصة بالوزارات.  
وأضاف أن مطالب المواطنين أحياناً غير معقولة، والقصر الرئاسي غير مخصص لاستقبال الشعب، مشدداً علي ضرورة تخصيصه لمقابلة الوفود الخارجية.
«صاحب القهوة» أوضح أن الرئيس محمد مرسي ليس لديه خطة استراتيجية لحل جميع المظالم، مستنكراً عودة مجلس الشعب مرة أخري .
وأضاف أنه قال في خطابه أمام المحكمة الدستورية العليا بأنه (يحترم الدستور والقانون)، معتبراً أن أول القصيدة مخالفة رئاسية ويجب أن يحاكم لعدم تنفيذ الحكم القضائي.
ويقول الحاج سيد جمعة صاحب محل جزارة وعنده 4أولاد علي (وش جواز) لايزعجني زحام المواطنين علي الديوان بل العكس تماماً لأني تاجر في الأصل لكن سكان العمارات هم الذين يشعرون بذلك.

وأضاف «جمعة» أن خطوة الرئيس مرسي تجاه ديوان المظالم ممتازة وأحييه عليها، خاصة إذا قام بتنفيذ طلبات الغلابة من المواطنين يصبح زعيماً شعبياً.
اللي يحب البلد ديه لازم يخاف عليها ولا يتقدم بشكوي دون سبب قوي، لو تعاملنا بطريقة صحيحة، حنكون أحسن بلد في العالم، علي حد قوله.
وأوضح «الجزار» أن هناك نماذج كثيرة تستحق البت السريع في شكاواها.. ومن ذلك سيدة تبلغ من العمر 35 عاماً ولديها أبن 9 أعوام يحتاج إلي عملية قلب مفتوح ويظهر عليها أنها غلبانة وزوجها موظف مسكين علي قد حالهم، تحتاج مصاريف لإدخاله المستشفي «لإجراء» العملية.

وتابع: وهناك رجل «أرزقي» من شبين القناطر بمحافظة القليوبية يبلغ من العمر 60عاماً يعاني من عدم الرؤية ويحتاج لعملية سريعة ليقدر علي العمل بعد تقديمه الطلب كان صعبان علي الناس علشان لم يكن يعرف كيف يعود إلي منزله.

فرحان.. فرحان

أما فرحان غريب فرحان - صاحب محل عصير قصب ملاصق لصاحب «القهوة»، شاب لم يتزوج - معاق في قدمه اليسري، لاصابته بشلل الأطفال  فقال:
زحمة المواطنين علي «ديوان المظالم» أفادتني كثيراً لأن الجو الحر دفعهم لشرب عصير قصب مثلج فازدهر نشاط المحل.

وتابع: لم أتقدم بشكوي لديوان المظالم لكني أرحب بوجوده لرد مظلمة كل صاحب حق بعد بحث حالته الاجتماعية وأتمني غياب الواسطة والمحسوبية، مؤكداً أنه معين في وزارة الصحة بمؤهل بكالوريوس تجارة منذ شهر مايو الماضي من العام الحالي.
يقول: أطلب من الرئيس أن يراعي مصالح البلد ولا يتهاون في حق المصريين في الداخل والخارج.

محمود رفض ذكر باقي اسمه، صاحب محل لبيع المحمول شاب حاصل علي مؤهل عالٍ - متفرغ للعمل فيه، أشاد بفكرة فتح باب «ديوان المظالم».مضيفا أن المنظر العام أمام القصر غير لائق وأشبه بالفوضي، مقترحاً وجود خيمة كبيرة في الحديقة المقابلة للقصر لاستقبال وحصر أعداد المواطنين.
وأشار إلي تفاوت مطالب الشعب من مقدمي التظلم بين ماهو ممكن تحقيقه وما هو صعب، مشيراً إلي أن السبيل الوحيد أمام المواطنين الراحة في الحديقة انتظاراً لأخذ أرقام التظلم.