رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

المعذبون فى الأرض

بوابة الوفد الإلكترونية

«ما أحلاها عيشة الفلاح».. أغنية قديمة شهيرة تغني بها محمد عبدالوهاب ورددها علي مدي عقود طويلة ملايين الفلاحين. ووقتها كان الفلاحون يعيشون في جنة الله علي الأرض، خضرة وهدوء وهواء نقي وراحة بال.

الآن تبدلت الأحوال وتحولت القري من جنة الي جهنم، حيث لا يوجد سوي عذاب بلا آخر وأزمات بلا حصر وآلام بلا حدود.
وهكذا تحولت حياة الفلاحين من أغنية عذبة الي موال حزين.. من محافظات مصر التقطنا 3 حكايات تكشف معاناة الفلاحين، والغريب في هذه المعاناة أن المسئولين لم يتحركوا لرفع الظلم عن فلاحي مصر، واكتفوا بالصمت والسكوت وبراءة الأطفال في عيونهم.


في الخمسينيات رفع حكام مصر شعار محاربة الجهل والفقر والمرض.. وكان الفلاح هو المقصود بهذا الشعار فوحده كان الأكثر معاناة من هذا الثالوث المروع، الآن وبعد 60 عاما من الشعار - إياه - مازال الفلاح يعاني من ثالوث مروع أيضا.. وثالوث هذه الأيام أخطر بكثير من ثالوث الخمسينيات إنه ثالوث الظلم والقهر والإهمال الذي تمارسه علي الفلاحين وزارتا الري والعدل وثالثهما بنك التنمية والائتمان الزراعي.
وحسب الأرقام الرسمية فإن 150 ألف فلاح في الغربية سقطوا وسط أنياب هذا الثالوث وصار السجن عليهم هو المكتوب.. والغريب أن بعضهم سيساق للسجن بسبب مخالفة قرار وزاري تم إلغاؤه منذ 17 عاما.
يقول محمد مسلم أمين الفلاحين بالغربية إن 50 الف مزارع مهددون بالسجن بسبب غرامات الارز التى حررتها وزارة الرى عن الموسم الزراعى الماضي بإجمالي 40 مليون جنيه تم فرضها بواقع 76 جنيها غرامة على كل قيراط تمت زراعته بالارز، وهناك عدد من أفراد الاسرة الواحدة محرر ضدهم أكثر من محضر مما أصاب معظم المزارعين بالخوف من القبض عليهم لعجزهم عن سداد الغرامات، ويشير إلى أن المزارع كان يلجأ فى هذه الازمات إلى أعضاء الحزب الوطنى للمطالبة بإلغاء المحاضر ولكنهم هذه المرة وبعد الثورة لا يجدون أحدا يقف معهم ويساندهم في إلغاء غرامات الارز وإنقاذ المزارع من مصيره المحتوم!
أما بنك التنمية والائتمان الزراعى الذى أنشئ لخدمة المزارعين ومدهم بالقروض الحسنة والميسرة تحول إلى وحش ينهش لحم الفلاح ويمص دمه بلا رحمة، والأرقام الرسمية تقول إن هناك 2224 مزارعا ومستثمرا صغيرا فى مجال الأمن الغذائى مهددين بالسجن بسبب المديونية المتراكمة عليهم  لبنك التنمية بالمحافظة بإجمالى 63 مليونا 666 الفا و488 جنيها منها 803 مزارعين  بإجمالى 3 ملايين و189 الفا و88 جنيها و1421 مستثمرا صغيرا فى المجال الزراعى والأمن الغذائى بإجمالى مديونية بلغت 60 مليونا و647 الفا و500 جنيه! والغريب أن المزارع البسيط الذي تطارده الغرامات والفوائد تطارده أيضا رسوم كشوف الحساب الذى يرسلها البنك على عنوانه ويحصل على 15 جنيها على كل كشف ويتم إرسال الكشف كل 3 شهور!
واتهم المزارعون بالغربية إدارة بنك التنمية بالتواطؤ بسبب منحهم قروضا لغير الفلاحين مما أدى إلى زيادة عدد المتعثرين وبالتالى انعكس ذلك على خدمات البنك للمزارعين الجادين.
ويقول محمد البلتاجى مزارع بالغربية يجب إعادة النظر فى محاضر أكثر غرابة وهى التى تقوم وزارة العدل بفرضها على المزارعين تحت مسمى مخالفة الدورة الزراعية والتى ألغيت بالفعل بقرار وزير الزراعة فى عام 1995 أي قبل 17 عاما!
ويطالب بيومى درويش وشعبان عمارة وسمير خليل وكامل الفقى بضرورة توفير مياه الرى وأن تقوم الوزارة بدورها فى تطهير الترع والمجارى المائية فى محافظة الغربية وخصوصا فى نهايات الترع التى تحولت المجارى المائية فيها إلى مقالب للقمامة ومرتع لورد النيل ويتهم المزارعون وزارة الرى بتعمد إلحاق الضرر بالمزارعين بسبب توقف عمليات التطهير مما يهدد آلاف الأفدنة من البوار كما يطالب المزارعون الجمعيات الزراعية بسرعة صرف الأسمدة الخاصة بالمحاصيل الصيفية حتى يتمكن المزارعون من خدمة زراعاتهم.
ويشير المزارعون إلى مشكلة خطيرة تتعرض لها الأراضى الزراعية بسبب الانفلات الأمنى وهى تعدى بعض أصحاب الاعمال التجارية والصناعية كالورش على مساحات كبيرة من الاراضى على الطرق السريعة والفرعية وتبوير هذه المساحات لاستغلالها كمخازن لبضاعتهم! وتتسبب هذه المخازن فى حبس آلاف الأفدنة التى توجد خلفها وتحرمها من المياه، بالاضافة إلى صعوبة الوصول للاراضى لخدمتها، ويقول محمد مسلم أمين الفلاحين إنه حرر عدة محاضر بوجود عمليات تبوير واسعة للاراضى الزراعية فى نطاق مركز طنطا والمحلة ومعظم مدن المحافظة ولم يتحرك أحد من المسئولين لمنع هذه الكارثة التى تتعرض لها الأراضى الزراعية.

إنباتها 10٪ .. و4 آلاف فدان تم تدميرها في المنيا
الإدارات الزراعية تبيع تقاوي ذرة فاسدة للفلاحين!

أبشع خطر هو الذي يأتيك من مأمنك، وهذا ما حدث مع فلاحي المنيا، الجمعيات والإدارات الزراعية بالمحافظة أعلنت عن توافر تقاوي ذرة شامية عالية الإنتاج.. لم يكذب الفلاحون خبرا واندفعوا لشراء تقاوي أصناف «فرد 8 بايونير لوت 222» و«فرد 20/30 آي تك» و«فرد 10 بحوث» وزرعوا بها أكثر من 4 آلاف فدان وانتظروا أن تنبت التقاوي وتخرج نباتات صغيرة تحمل الأمل في إنتاج وفير من الذرة الشامية.
انتظروا أسبوعا واثنين وثلاثة أسابيع، وعندها اكتشفوا الكارثة تقاوي الذرة ميتة ونسبة إنباتها لا تتعدي 10٪!
سارع الفلاحون في نزلة ثابت ومينال بمطاوي وشوشة بسمالوط وصفانية بالعدوة بالشكوي لإدارة الإرشاد الزراعي بالمنيا ولكن شيئا لم يحدث!
ويروي سيد حسن - مزارع بنزلة ثابت - حكايته مع تقاوي الذرة الميتة فيقول: «اشتريت من

الإدارة الزراعية تقاوي «فرد 8 بايونير» تكفي زراعة 16 قيراطا وبعد أن زرعتها فوجئت بأن نسبة الإنبات 7٪ فقط.
ويؤكد سيد خلف - موظف بالإدارة الزراعية بمطاي - أن تقاوي الذرة صنف «20/30 اي تك» لم تتجاوز نسبة إنباتها 9٪ ويقول: شركات التقاوي بالمنيا تعمل دون رقابة نظـير عمولات ربحية لتسويقها، ويتم تقديم هذه التقاوي الفاسدة للمزارعين من خلال الجمعيات الزراعية وإدارات الإرشاد.
ويشير محمد علي - مزارع بمغاغة الي أن إنتاجية فدان الذرة في الأعوام السابقة كانت تتراوح بين 18 و24 إردبا للفدان، ولكن الفدان هذا العام لم تنتج سوي 4 أرادب علي أقصي تقدير.

نهايات الترع .. حزينة!
اختفت المياه .. وغاب المسئولون .. وحضر الموت والتلوث والعذاب في البحيرة

الأفلام العربية تنتهي دائما نهاية سعيدة.. البطل يقهر أعداءه ويتزوج حبيبته، وإن كان فقيرا تهبط عليه الثروة من حيث لا يدري.. هكذا نهايات الأفلام العربية، أما نهايات الترع فعلي العكس تماما.. تقهر كل أصحاب الأراضي المحيطة بها ويصبح غنيهم فقيرا وعزيزهم ذليلا.. وفي البحيرة حكايات مأسوية لمن شاء حظهم أن تكون أراضيهم في نهايات الترع.
محمد خالد - مزارع - يمتلك 3 أفدنة بقرية العرقوب بكفر الدوار وهي أرض تكفل له أن يعيش حياة رغدة سعيدة، ولكنه أبعد ما يكون عن السعادة.. في كل عام ينفق أموالا كثيرة علي تجهيز أرضه وتسميدها وزراعتها والاعتناء بها، وبعد كل ذلك تجف زراعته من العطش ثم تموت أمام عينيه بسبب عدم وجود مياه لريها في ترعة السعرانية.
جفاف مياه ترعة السعرانية حولها - كما يقول حسين صبري - مزارع - الي مقالب للقمامة ومرتع للحشرات والحيوانات الضالة.
وفي أبوالمطامير الحال أفضل قليلا فعندما تجف نهايات الترع من المياه يتعاون الفلاحون ويستأجرون ماكينات ري تنقل مياها إضافية الي الترع الفرعية حتي يتمكنوا من ري أراضيهم، وهو ما يجعل تكلفة ري القيراط الواحد في المرة الواحدة تفوق 15 جنيها ولهذا هجر الكثيرون زراعة أراضيهم بعدما عجزوا عن ريها.
وبصوت غارق في الحزن يقول عبدالحميد خليل - مزارع - تقدمنا بالعديد من الشكاوي الي مديرية الري بدمنهور لتطهير الترع بالكراكات ورفع أطنان القمامة والطمي التي تسدها لتصل المياه الي حقولنا، وفي كل مرة نتقدم بالشكاوي يكون الرد الجاهز: سيتم التطهير في أقرب فرصة، ولكن يبدو أن هذه الفرصة لن تأتي أبدا بدليل أنهم لم يطهروا الترع منذ سنوات.
ويقول عمران عبدالسلام: يبدو أن الحكومة لا تتحرك إلا بالمظاهرات وقطع الطرق ولهذا فلم يعد أمامنا حلول إلا أن نقطع الطرق ونتظاهر حتي يتكرم المسئولون بالنظر الينا، حتي نتمكن من زراعة أرضنا ونرويها بانتظام لنجد هامش ربح نعيش منه.
من حوش عيسي أكد صالح رزق - مزارع - أن غياب المياه عن ترعة البرنسيسة نعاني بشدة وتموت زراعاتنا من غياب المياه أغلب أيام شهور الصيف.
عدم وصول المياه الي نهايات الترع ليست كارثة زراعية فقط فالأخطر أن أغلب تلك الترع هي المصدر الوحيد لمياه الشرب في كثير من القري وبالتالي فإن غياب المياه عنها هو ببساطة حكم علي أهالي تلك القري بالموت عطشا والمرعب أن بعض الترع التي تصلها كميات قليلة من المياه تحولت الي مستنقعات مليئة بجثث الحيوانات الميتة ومخلفات المنازل أي أنها باختصار صارت أكبر موزع للأمراض والأوبئة علي كل من يقترب منها أو يجبره العطش علي الشرب من مياهها.. يحدث هذا كله ومسئولو محافظة البحيرة غائبون.. صامتون.. وكأن شيئا لم يحدث وبراءة الأطفال في عيونهم!