رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

هل نحتاج استفتاء جديد؟

‬أحترم جدًا نتيجة الاستفتاء الذي جري يوم‮ ‬19‮ ‬مارس الماضي،‮ ‬وجاءت نتيجته أن‮ ‬77‭.‬8٪‮ ‬من المصريين قالوا نعم للتعديلات الدستورية‮.. ‬ولكننا الآن أمام فرصة تاريخية لا تتكرر كثيرًا كي نؤسس لدولة مدنية حديثة علي أرض مصر وعلي أسس ديمقراطية سليمة،‮ ‬ولا ينبغي أن نهدرها تحت أي مسمي وتحت أي زعم‮.‬

 

فمن قالوا نعم في الاستفتاء كانوا يريدون الاستقرار،‮ ‬فإذا بالاستقرار لم يتحقق‮.. ‬بل إن الاستمرار في المسار المحدد بناء علي كلمة نعم يعني طول فترة المرحلة الانتقالية‮.. ‬ويحمل مخاطر عديدة أهمها أن تيارًا بعينه سوف يختطف الأغلبية المضمونة بالنسبة له،‮ ‬ومن المحتمل جدًا أنه سيصبغ‮ ‬الدستور الجديد بهويته إذا تم إعداده في ظل سيطرتهم علي البرلمان والحكم‮.‬

ومن قالوا نعم منذ‮ ‬3‮ ‬شهور،‮ ‬أصبحوا ـ في معظمهم الآن ـ مقتنعين أن حساباتهم لم تكن دقيقة‮.. ‬فما طالبوا به لم يحدث‮.. ‬وما سعوا إليه لم يتحقق فور أن قالوا نعم كما تخيلوا‮. ‬وهم ليسوا ملامين،‮ ‬لأنهم لم يأخذوا وقتًا كافيا ليدرسوا ما الذي سيترتب علي نعم،‮ ‬وكل ما فكروا به أنهم سوف يجدون استقرارًا فوريا‮.. ‬ولكنهم فوجئوا بإعلان دستوري يضم‮ ‬8‮ ‬أضعاف المواد التي عرضت عليهم ووافقوا عليها بثمانية في الاستفتاء‮.. ‬والظروف تتغير‮.. ‬ولا‮ ‬يصح أن نتعامل في مرحلة انتقالية بمنطق الأمر الواقع‮.. ‬باعتبار أن الأغلبية قالت نعم،‮ ‬وأن المطالبين بأولوية وضع دستور كامل متكامل‮ ‬يضمن الدولة المدنية الحديثة هم أقلية،‮ ‬وهم منزعجون من أن رأيهم لم‮ ‬ينفذ‮.. ‬بل إن البعض‮ ‬يتهم هذه الأقلية بأنها ليست ديمقراطية،‮ ‬وهذا منتهي التضليل للرأي العام،‮ ‬ومحاولة للي الحقائق واستمرار الوضع علي‮ ‬ما هو عليه لمصلحة طرف وحيد في المجتمع دون اعتبار لباقي القوي والأطراف‮.‬

صحيح أن المجلس الأعلي للقوات المسلحة تعهد بحماية الدولة المدنية في محاولة لطمأنة الرأي العام الخائف من سيطرة الإخوان علي‮ ‬البرلمان والحكم‮.. ‬ولكن مع كامل الاحترام فإن هذا ضمان لا‮ ‬يكفي،‮ ‬فالدستور‮ ‬يجب أن‮ ‬يؤسس لهذه الدولة المدنية بشكل واضح وقبل الدخول في أي عملية سياسية انتخابية‮.. ‬فإذا فاز الإخوان بالأغلبية بعد ذلك،‮ ‬فلا بأس ولا خوف من هذا طالما أن لدينا دستورًا محدد المعالم فيه نصوص واضحة لمنع استئثار طرف للحكم أو احتكار البرلمان مدي الحياة كما كان حادثًا خلال حقبة الحزب الوطني السابقة،‮ ‬وقد شهدنا جميعًا كيف تحكم مصر،‮ ‬فرغم أن الدستور الذي كان قائمًا كان‮ ‬ينص علي‮ ‬أن مصر دولة ديمقراطية بها تعددية حزبية‮.. ‬إلا أن نفس الدستور كان‮ ‬يتضمن موادًا تؤسس لعكس ذلك تمامًا،‮ ‬وكانتن تضمن

إحتكار السلطة مدي الحياة‮.‬

وطالما أن خلافًا حدث بهذا الحجم في المجتمع المصري حول أهمية البدء بوضع دستور جديد حتي لا نعيد الكرة ونجد أنفسنا مطالبين بثورة أخري خلال عقدين أو ثلاثة،‮ ‬فلابد أن‮ ‬يكون هناك حل لهذا الوضع الذي‮ ‬يزيد فيه الآن عدد المؤيدين لمبدأ الدستور أولا،‮ ‬وكثير من هؤلاء المؤيدين ممن قالوا نعم في‮ ‬الاستفتاء‮.. ‬والحل المطلوب هنا هو إعادة النظر في‮ ‬هذا الموقف،‮ ‬وتأجيل الانتخابات البرلمانية لحين التعاقد المجتمعي‮ ‬علي‮ ‬دستور جديد ديمقراطي‮ ‬حر خالٍ‮ ‬من الثغرات التي‮ ‬يمكن أن‮ ‬يستخدمها فصيل محدد للسيطرة علي‮ ‬الحكم مدي‮ ‬الحياة‮.‬

وإذا كان المجلس الأعلي‮ ‬للقوات المسلحة‮ ‬يستشعر حرجاً‮ ‬من مثل هذا القرار بسبب نتيجة الاستفتاء الأخير ـ ولو كنت مكانه سأشعر بنفس الحرج ـ فلا مانع من طرح الأمر للاستفتاء الشعبي‮ ‬مرة أخري‮ ‬للإدلاء بالرأي‮ ‬حول بند واحد فقط‮.. ‬هل تريد وضع دستور جديد متكامل ديمقراطي‮ ‬قبل الانتخابات البرلمانية أم لا؟‮! ‬فإذا كانت الاجابة بنعم،‮ ‬وجب الامتثال لرأي‮ ‬الأغلبية مع ضمان عدم المساس بالمواد التي‮ ‬سبق الموافقة عليها في‮ ‬استفتاء‮ ‬19‮ ‬مارس،‮ ‬وإذا كانت الإجابة بلا ـ وهذا ما لا أظنه‮- ‬فسنكون قد قطعنا الشك باليقين،‮ ‬ولا حيلة لنا في‮ ‬الأمر،‮ ‬لأن‮ »‬لا‮« ‬هنا ستكون بعد دراسة للمتغيرات التي‮ ‬حدثت خلال الشهور الثلاثة الماضية‮.‬

ولا أريد هنا أن‮ ‬يتحجج البعض بأن للاستفتاء تكلفة اقتصادية وإهدار للوقت،‮ ‬لأن تكلفة عدة ملايين لا تساوي‮ ‬شيئا بالنسبة لمستقبل دولة بحجم مصر‮.. ‬وقد أهدرنا سنوات وعقودًا ومليارات بسبب عدم وضوح الرؤية‮. ‬وأفضل من إهدار حقوق أجيال قادمة في حياة أفضل‮.‬

تري‮ ‬هل‮ ‬يستجيب المجلس الأعلي‮ ‬للقوات المسلحة حتي‮ ‬يستريح ويريح المصريين؟‮!‬

[email protected]