رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حتي لا تضيع مصر بحثاً عن وفاء وكاميليا وعبير

 

حانت لحظة الاختيار بين الدولة واللادولة.. بين سيادة القانون واللاقانون.. بين المواطنة والتمييز.. فلا يمكن أن تمر فتنة عبير فخري بعد أن أزهقت أرواحاً، وأسالت دماء، وأحرقت كنائس كما مرت فتن أخري سابقة.. يجب أن يطرأ تغيير حقيقي وجذري في نمط التعامل مع مثل هذه القضايا التي تؤثر علي الامن القومي للوطن.. ولابد أن نشعر بالقانون مطبقاً علي الجميع دون اعتبار لدين أو جنس أو هوي سياسي.. فمصر ليست لعبة في يد كل عابث.

نحن كمجتمع لدينا كل الحق في أن نعلم الحقيقة بعد تحقيقات قانونية نزيهة.. فقضية عبير مليئة بالقصص وبعضها متضارب.. هناك رواية انها منفصلة عن زوجها المسيحي، وانها تزوجت مسلماً بعده.. وهناك رواية انها تنتظر الانفصال عن زوجها المسيحي حتي تتزوج الثاني المسلم.. وهناك رواية انها أشهرت اسلامها في الازهر، وانها محتجزة بالكنيسة منذ هذا الوقت.. وهناك رواية أن الكنيسة تحاول إقناعها بالعودة للمسيحية.. كل هذه الروايات لا تهمنا.. فهي مجرد سيدة مصرية تتزوج من تشاء، وتدين بالدين الذي تشاء.. تماماً كما أن بعض المسلمين تنصروا، ولا دخل لنا بذلك.

ولكن ما يهمنا نحن كمجتمع أسئلة أخري تحتاج اجابات.. فهل يحق للكنيسة أو أي جهة أن تحتجز شخصاً؟! وهل تعيش الكنيسة بمعزل عن المجتمع المصري؟! وهل تتعامل الكنيسة بالحكمة المطلوبة في مثل هذه الاحداث؟! وهل يحق لنا كمجتمع أن نتدخل في عقيدة مواطن؟! وهل الوحدة الوطنية مسئولية جميع الفئات والمواطنين أم مسئولية قطاع واحد من المجتمع؟!.

لا أحد لديه قدر من عقل ووطنية يقبل المساس بدار عبادة.. ونرفض تماماً لجوء البعض لحرق كنيسة أو معبد أو مسجد.. ولقد أشرنا بالخطأ علي تصرفات بعض المتطرفين المسلمين الذين تظاهروا أمام الكاتدرائية للمطالبة بتحرير كاميليا، وقلنا وقتها إن مصر لديها ما هو أهم من كاميليا شحاتة ووفاء قسطنطين وغيرهما ولكن طالما أن الامر يترتب عليه احتقان وفتنة.. فلا يمكن أن نعتمد علي إخماد نيران الفتنة دون أن نزيل أسبابها.. وهنا يظهر دور للكنيسة المصرية ـ التي نحترمها ـ في استجلاء الحقيقة.. ولا أدري سبباً لعدم الإفصاح الرسمي عن مصير الفتاتين وفاء وكاميليا حتي ينتهي هذا الامر ونقطع الطريق أمام مثيري الفتن، وننتبه لما هو أهم بكثير لمستقبل هذا البلد.

ما نشعر به من مرارة بعد أحداث امبابة

يرجع لإهدار قيمة القانون 30 عاماً متصلة.. فقد كان النظام السابق يستند علي التوازنات والمواءمات في حل المشاكل للحفاظ علي استقرار كرسي الحكم.. وكان يجنب القانون في مشاكل كثيرة، فاختل توازن المجتمع واستقراره.. وحتي نستعيد التوازن المجتمعي، لابد أن يعود القانون فاصلاً وحاسماً في كل المشاكل.. ولم يعد ممكناً بعد الآن القبول بالحلول المائعة التي تهدف لإطفاء النيران فقط ولا تريد إزالة الاسباب الرئيسية التي تؤدي لإشعال الحرائق.. القانون يجب أن يطبق علي الجميع حتي لو كان رئيس دولة.. وحتي لو كان رجل دين.. فلو أن متطرفاً مسلماً أشعل النار في الكنيسة، يحاكم وينال عقابه.. ولو أن متطرفاً مسلماً قطع أذن مسيحي، يحاكم وينال عقابه.. ولو أن متطرفاً مسيحياً احتجز مواطنة أو مواطناً، يحاكم وينال عقابه.

والمساجد والكنائس ليست مؤسسات سياسية.. فكما نرفض استغلال مساجد بعينها في اطلاق مظاهرات نرفض أيضاً استخدام الكنائس استخداماً سياسياً، ونرفض وصف المسيحيين بأنهم شعب الكنيسة، فكلنا شعب مصر، وكلنا نعيش داخل وطن واحد.. ويلفنا جميعاً علم واحد.

نحن نريد دولة مدنية حديثة تقوم علي أسس ديمقراطية حقيقية وسليمة.. ولا يمكن الحديث عن دولة مدنية دون تطبيق كامل وأمين لمبدأ سيادة القانون، ودون تحديد واضح وشريف لدور المؤسسات الدينية.. ولو كان القانون مطبقاً، ستصبح الدولة قوية، وستختفي الفتن الطائفية.. ولو كان القانون مطبقاً ومحترماً لما انفعل المواطنون برواية ـ صادقة كانت أو كاذبة ـ لأنهم وقتها سيلجأون للقانون وللدولة.

إذا لم نفهم أننا شعب واحد يحكمنا قانون واحد.. ستضيع الدولة.

[email protected]