عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

المحافظ الجديد

ظل منصب المحافظ خلال السنوات الثلاثين الماضية بمثابة مكافأة نهاية خدمة لبعض الشخصيات وتقدير لمواقف معينة اتخذوها خلال خدماتهم أو لعلاقات شخصية في بعض الأحيان.. وكان من الضروري أن تتغير أسس وقواعد اختيار المحافظين كنتيجة طبيعية لثورة وضعت التغيير أول مبادئها.. ولكن حركة المحافظين الأخيرة رسخت نفس المفاهيم القديمة والعقيمة والتي أفرغت المنصب من محتواه رغم أهميته.

وقد أتفهم ضرورة أن يكون المحافظ في المحافظات الحدودية ذا خلفية عسكرية لدواعي التنسيق مع القوات المسلحة في عمليات تأمين الحدود.. ولكنني لا أفهم أبداً أسس الاستعانة بأستاذ جامعي مهمته تعليم الطلاب لمنصب المحافظ، ولا أفهم أسس الاستعانة بقاضٍ يعتلي منصة القضاء كي يكون محافظاً.. فليس كل قاضٍ ولا كل أستاذ جامعي ولا كل ضابط يصلح لهذا المنصب.. والمحافظ ليس مجرد موظف علي درجة وزير، يوقع أوراقاً، ويترأس لجاناً، بل يجب أن يكون شخصاً ذا مهارات إدارية كبيرة، ولديه رؤية ثاقبة لحل مشكلات الإقليم الذي يحكمه، وقادراً علي متابعة تنفيذ الخطط، ويستطيع تحقيق أهداف.. وهذه مواصفات أساسية ينبغي توفرها في شخص المرشح لمنصب المحافظ أولاً، ولا يصح أن يعين الشخص محافظاً ثم نترك الصدفة تحدد لنا هل تتوفر فيه هذه المواصفات أم لا؟!

وقد أتفهم ضرورة وجود محافظين أقباط.. ولكنني لا أفهم إطلاقاً لماذا يكون محافظاً واحداً؟ ولماذا في قنا تحديداً؟!.. فإذا اتفقنا علي ضرورة توفر مواصفات معينة في المرشح لمنصب المحافظ، فقد تتوفر المواصفات في عدة محافظين بغض النظر عن ديانتهم.. فإذا كان بينهم قبطي أو أكثر، فلا أعتقد أن نصاً في قانون المحليات يفرض أن يذهب هذا المحافظ القبطي إلي قنا.. فقد تصلح خبراته لتولي هذا المنصب في جنوب سيناء كما حدث في عهد الفريق فؤاد عزيز غالي رحمه الله، وقد تصلح للإسكندرية أو القاهرة.. المهم أن المحافظ مواطن مصري له خبرات ومواصفات، وبالدراسة قد تصلح هذه الخبرات والمواصفات لمحافظة ساحلية أو زراعية أو صناعية.

والجدل الدائر في قنا حالياً يزعجني.. لأن رفض المحافظ علي أساس ديني خطأ فادح.. ورغم احترامي لحق التظاهر والتعبير.. فلا يجوز قطع شريط السكك الحديدية عدة أيام لرفض محافظ لأنه قبطي.. ففي هذا فتنة طائفية تهدد الدولة بأكملها..

والآداء هو المقياس.. والرجل لم يعمل بعد.. والأزمة ليست سهلة.. ولكن الخطأ بدأ من الاختيار الذي تم علي أساس أن قنا كان لها محافظ مسيحي ويجب تغييره بمحافظ مسيحي وهذا خطأ.. وانتهي بالتعامل الشعبي علي أساس أن قنا حكمها محافظ مسيحي، ويجب تغييره ليكون مسلماً وهذا خطأ أكبر.. فالاختيار وأسلوب التعامل يعكسان أن خللاً جوهرياً كان سائداً ولم يتغير.. ولم يفطن أحد لضرورة تغييره.

ولا أري مثلاً بين المحافظين شاباً، ونحن نقول إننا أمام ثورة فجرها الشباب.. وطبيعة منصب المحافظ تنطبق علي الشباب أكثر من الكهول.. فالشاب يستطيع أن يخرج ليتابع في الشارع لوقت أطول من فترة جلوسه علي المكتب.. وقد تحتاج محافظات كثيرة لهذه النوعية من المحافظين.. فلماذا تم تجاهل الشباب في حركة المحافظين؟!

التغيير مطلوب.. ولكن التغيير الذي نريده هو تغيير الأسلوب والمنهج.. واستمرار الاختيار علي أساس تكريم بعض الشخصيات المهمة بمنصب المحافظ في نهاية الحياة العملية لم يعد جائزاً أو مقبولاً.. فالفساد في المحليات وصل لحدود غير مسبوقة بسبب هذا الأسلوب الذي يبعد تماماً عن المنهج العلمي في الاختيار.. مطلوب.. الآن وليس غداً.. أن نضع مواصفات عامة يجب توفرها فيمن يتولي منصب المحافظ.. وكذلك نضع مواصفات خاصة يشترط توفرها فيمن يتولي المنصب لمحافظة معينة.. وحينما نستعرض المرشحين، يتم تعيين من تتوفر فيه المواصفات العامة والخاصة.. وبدون تغيير المنهج سنظل نعاني من فساد المحليات.

منصب المحافظ أهم من منصب الوزير.. والمطلوب تغيير حقيقي وليس شكلياً.

[email protected]