رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

وجدى زين الدين يكتب : مصر.. والإرهاب ومجلس الأمن

وجدى زين الدين
وجدى زين الدين

تساءلت منذ عدة سنوات لماذا لا يفتح مجلس الأمن ملف الإرهاب الذى يضرب العالم يمينًا ويساراً؟ هل فعلًا يمكن أن تصيب الأمم المتحدة نوبة شجاعة وتفتح قضية الإرهاب وتحدد الدول التى ترعاه وتساعد على نشر جماعات التطرف. العقل والمنطق يقولان إن الأمم المتحدة لن تقوم بهذا الدور لأنها تعلم جيدًا أن العصابات الإرهابية كلها هى صنيعة الدول الغربية والولايات المتحدة.. وتعلم أيضًا أنها لا يمكن أن تتحرك دون إذن من أمريكا لأن المنظمة الدولية التى فقدت دورها وأهميتها الذى أقيمت من أجله بعد الحرب العالمية تتحرك بريموت الأمريكان فى الاتجاه والوجهة التى تريدها أمريكا.

وإذا كان مجلس الأمن قد أدان العمليات الإرهابية فى سيناء، فليس معنى ذلك أنه سيخطو خطوات أكثر من هذا، فالشجب والاستنكار والتنديد هى السياسة الوحيدة التى تقوم بها المنظمة الدولية، ولا أكثر من ذلك.. ويجب أن يعلم الجميع أن الإرهاب هو صناعة الغرب وأمريكا، ولو رجعنا إلى الوراء قليلًا فسنجد أن عصابات اليهود التى شكلتها بريطانيا منحتها وعد بلفور، وأقامت لها كيانًا فى فلسطين ودولة عام 1948 فيما بعد، كان ذلك صناعة غريبة، ولايزال المسلسل قائمًا، لكن هذه المرة مع عصابات مجرمة تنتمى زورًا وبهتانًا إلى الإسلام الذى هو منها وأمثالها براء، العصابات الإجرامية التى تنتمى ظلمًا إلى المسلمين أمثال داعش أو الإخوان وجميع الفصائل المنبثقة عنها الآن كونتها أمريكا والدول الغربية بهدف أكبر، هو تقسيم المنطقة العربية وتمزيقها إلى دويلات صغيرة بهدف ألا تقوم للأمة العربية قائمة، وهو ما بدأ بالفعل فى العراق وسوريا واليمن وليبيا، ولما أتى الدور على مصر كانت محروسة بعناية الله، وأدرك المصريون بفطرتهم أن كارثة ستحل على رؤوسهم خاصة بعد أن تمكنت جماعة الإخوان إحدى الأدوات الأمريكية فى التنفيذ من الوصول إلى الحكم، وكانت ثورة 30 يونيه التى أصابت الغرب وأمريكا بخيبة أمل كبرى، وحطمت آمالهما فى النيل من مصر، وأحبطت مخطط التقسيم الإجرامى الذى كان فى انتظار البلاد.

فهل بعد ذلك يمكن أن نصدق أن الأم المتحدة التى هى إحدى أدوات أمريكا أيضًا يمكن أن تفتح ملف الإرهاب فى مصر، والذى كان الهدف منه فى الأساس هو تنفيذ المخطط الأمريكى- الغربى، من يصدق هذا؟!.. وبأى عقل يمكن أن يقبل تصديق هؤلاء، سواء أصحاب المخطط أو الأدوات المنفذة؟.. الأمل الوحيد بات هو ضرورة أن يدرك العرب كم المخاطر الشديدة التى تلاحقهم من كل صوب واتجاه.. ولم يعد أمام العرب ومصر إلا أن يفرض عليها قتال الأدوات الإرهابية التى صنعتها أمريكا والغرب.

هل فعلًا أمريكا تريد التخلص من الجماعات الإرهابية التى صنعتها بأيديها؟.. وهل فعلًا أمريكا تبدأ الحرب الحقيقية ضد هذه التنظيمات ومن بينها داعش؟.. وعلى حد مزاعمهم بذلك: هل ستكون هناك عمليات استقرار فى الدول التى زرعت الولايات المتحدة فيها الفتنة، وغذّت العرقيات بها؟.. هل ستعود الأوضاع فى اليمن والعراق وسوريا وليبيا مرة أخرى إلى ما كانت عليها من توحد قبل دخول الأمريكان والصهيونية فى هذا الشأن العربى؟

أسئلة تبحث عن إجابات حاسمة فى ظل مخاوف حقيقية لهذه البلدان العربية التى تواجه التشرذم الآن، وإسالة الدماء بين أبناء الوطن الواحد.. الحقيقة أن الهدف الذى تنشده أمريكا هو هذا الوضع الحالى، الذى بدأته بزعم تحقيق الديمقراطية، وبزعم التخلص من الحكام

العرب الذين مع الأسف الشديد أتاحوا الفرص لتحقيق المآرب الأمريكية والغربية بسبب تصرفاتهم وأفعالهم العلنية والخفية ضد شعوبهم. الحرب المعلنة الآن على الإرهاب حق يراد به باطل.. الحق هو الحرب على إرهابيين من صناعة أمريكا وأعوانها، والباطل هو تصعيد النعرة الطائفية والعرقية لتحقيق الهدف الصهيونى فى تقسيم الأمة العربية وتحويلها إلى دويلات صغيرة وطوائف وملل ومذاهب عرقية أشبه ما تكون بالماضى، عندما كانت هناك دويلات الطوائف، وبالتالى لا تهش ولا تنش، ولا تكون فيمن حضر أو غاب.

الدليل الواضح هو ما نقوله لأن الشواهد كلها تؤكد أن هناك تمييزًا فى الحرب على الإرهاب، ففى الوقت الذى يقوم فيه تحالف دولى غربى أمريكى بالحرب على التنظيمات الإرهابية نجد استثناء لذلك، وهو جماعة الإخوان التى يتركها هذا التحالف ويدعمها بالأموال، لماذا؟!.. الإجابة بديهية وسهلة لأن الولايات المتحدة وأتباعها الغربيين لا يزالون يدعمون الإخوان بالأموال ويفتحون لهم الأبواب المغلقة فى بلدانهم، ولا أكون مبالغًا إذا قلت إن بريطانيا التى تبدو بعيدة عن الأحداث العالمية بشأن الإرهاب هى التى تؤوى العدد الأكبر منهم، ولا تزال تعمل بسياسة تشكيل العصابات الإرهابية، فهى متخصصة فى ذلك منذ القرن الماضى، وبهذه السياسة كانت وراء التشكيل العصابى الصهيونى الذى احتل أرض فلسطين، ومنذ إنشاء الوطن القومى لليهود على هذه الأرض المباركة من خلال وعد «بلفور» الذى تحقق وقامت بعده دولة إسرائيل. لا تزال بريطانيا تتبع نفس السياسة، والذى يحدث الآن فى الوطن العربى هو النسخة الثانية من اتفاقية «سايكس بيكو» الثانية.. تحويل الدول العربية إلى حالة حرب داخلية تعتمد فى المقام الأول على التمزق والتشرذم وإعلاء الطائفية والعرقية.

ومن نعم الله على مصر أنها أدركت هذه الكارثة، وكشفت المخطط الذى كانت تعتزم جماعة الإخوان تنفيذه ليس لصالحهم كما يدعون، وإنما لصالح الصهيونية، وأستغرب أكثر أن الجماعة الإرهابية كانت تتصور خطأ أنها فى بدايات تحقيق الخلافة المزعومة، وهى فى الحقيقة تهدى مصر إلى الصهيونية لتقسيمها إلى دويلات. والشعب المصرى الذى قام بأعظم ثورة فى التاريخ كانت عناية الله له تحرسه حتى لا تقع مصر فى فخ التقسيم الذى وقعت مصائبه الآن فى عدد من البلدان العربية.

[email protected] com