الإسلام ومراعاة مشاعر الناس
من الأمور المهمة والأخلاق الحسنة التى قلت في مجتمعات طغت فيها المادية وغلبت عليها المدنية التي نفرت كثيرًا من الناس عن أخلاقها الإنسانية مراعاة مشاعر الناس وأحاسيسهم مما يزيد في الود والمحبة، ويؤلف بين قلوب أفراد المجتمع.
اقرأ أيضًا: الذكر والدعاء بغير المأثور في الصلاة
وقد علمنا حبيبنا صلى الله عليه وسلم الكثير من المبادئ والآداب التي نُرَاعِي من خلالها صيانة مشاعر الناس ومراعاة أحاسيسهم، وذلك لأن جرح الجسد يظهر أثره فورًا وبشكل واضح على الإنسان، لكنّ جرح المشاعر يكون في النفس بعيدًا عن المشاهدة والعيان، وهو أشد إيلامًا وأقسى وقعًا جراحاتُ السّنانِ لها التئامُ ولا يُلْتامُ ما جَرَحَ اللسانُ والسيرة النبوية زاخرة بالأمثلة والمواقف الدالة على مراعاة مشاعر الآخرين، ومنها: عدم جرح السائل والمنِّ عليه فكان النبي صلى الله عليه وسلم يراعي السائلين من أصحابه ولا يجرحهم بمنعم فيعطيهم ما عنده ففي حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: ((مَا يَكُونُ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ)) رواه البخاري ومسلم. وإن لم يكن عنده أمره أن يبتع على حسابه فعَنْ سيدنا عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُهُ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا عِنْدِي شَيْءٌ ، وَلَكِنِ ابْتَعْ عَلَيَّ ، فَإِذَا جَاءَنِي شَيْءٌ قَضَيْتُهُ " فَقَالَ عُمَرُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَدْ أَعْطَيْتَهُ ، فَمَا كَلَّفَكَ اللَّهُ مَالَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ ، فَكَرِهَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلَ عُمَرَ ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَنْفِقْ وَلَا تَخَفْ مِنْ ذِي الْعَرْشِ إِقْلَالَا ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَعُرِفَ الْبِشْرُ فِي وَجْهِهِ لِقَوْلِ الْأَنْصَارِيِّ ، ثُمَّ قَالَ : " بِهَذَا أُمِرْتُ " وإن كان السائل لا يستحق المال رده النبي صلى الله عليه وسلم ردا جميلا ولم يجرحه بقول فعن عبيد الله بن عدي بن الخيار قال: أَخْبَرَنِي رَجُلانِ أَنَّهُمَا أَتَيَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَهُوَ يُقَسِّمُ الصَّدَقَةَ، فَسَأَلاهُ مِنْهَا، فَرَفَعَ فِينَا الْبَصَرَ وَخَفَضَهُ، فَرَآنَا جَلْدَيْنِ فَقَالَ: ((إِنَّ شِئْتُمَا أَعْطَيْتُكُمَا وَلا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ وَلا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ))؛ رواه أحمد وغيره بإسناد صحيح. وعن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ قَالَ: ((يَا حَكِيمُ: إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلا يَشْبَعُ، الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى)). قَالَ حَكِيمٌ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لا أَرْزَأُ أَحَدًا بَعْدَكَ شَيْئًا، حَتَّى