عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حنان أبوالضياء تكتب عن: «على عبدالخالق» الذى خاض حروبا إبداعية بسلاح الكاميرا

على عبدالخالق
على عبدالخالق

الإنسانية.. هى المدخل إلى دنيا المخرج الراحل «على عبدالخالق» المؤمن بالخير وأثره فى العالم، والذى أسكنه بين جنبات أفلامه، أيا كان الموضوع الذى سيتناوله.

حنان أبوالضياء تكتب عن: «على عبدالخالق» الذى خاض حروبا إبداعية بسلاح الكاميرا

صاحب الرؤى الإبداعية التى تقدم أفضل شكل من أشكال الإنسانية.. الفنان الذى لا يخاف أبدًا مما يقدمه لأنه يعلم أن ذلك العمل يحمل هدفا ساميا؛ مهما اختلف أسلوب التناول. يشعرك مع كل عمل قدمه أن لديه شعورا بالواجب تجاه جميع الناس، متعلقا بأولئك الذين أصبحت علاقته بهم حميمية من جمهوره، الباحث عن أعماله أفلامه تؤكد أننا لا يمكننا اليأس من البشرية لأننا نحن بشر، ويجب على كل واحد منّا أن يعمل من أجل تحسين نفسه، وفى نفس الوقت يتقاسم المسئولية مع الجميع. له أسلوبه الخاص فى طرح الأفكار، بدون محاولة إرضاء جميع الأذواق، فيفقد أسلوبه الخاص، مؤمنا أن الملل من العمل الفنى نسبى، فما يكون مثيرًا لشخص قد لا يكون كذلك لآخر. يشعرك أنه يخوض حروبا بسلاح الكاميرا.

حنان أبوالضياء تكتب عن: «على عبدالخالق» الذى خاض حروبا إبداعية بسلاح الكاميرا

فى البلاتوه هو ديكتاتور، يعرف كل صغيرة وكبيرة، من تفاصيل فيلمه، وعلى هذا الأساس يتعامل. آخذا بزمام المسئولية، لأنه من سيحظى بكل اللوم إذا لم يقدم العمل الفنى بشكل صحيح.

 

على عبدالخالق كان يعشق إحاطة عمله بفريق عمل ماهر، ولقد أهل نفسه للقيام بذلك، لأنه يؤمن أنه أمر لا يجب التخلى عنه. هو دوما حامل راية العمل.

حنان أبوالضياء تكتب عن: «على عبدالخالق» الذى خاض حروبا إبداعية بسلاح الكاميرا

مؤمن أن المشاعر هى البوصلة والغاية فى صناعة الفنون، وبدونهما كل تفوق تقنى وحرفى يفقد نصف بريقه. لا يغفل أو يتسهين بتلك الروافد الإنسانية الهامة، لذلك كل أعماله تلمسنا وتحركنا على مستويات أبعد من الإبهار التقنى والحرفى، وتلمس مشاعرنا بكل قوة. وبالتالى على عبدالخالق مخرج تقود حركة كاميرته المشاعر، فهى الشيء الوحيد الذى وثق فيه عند صناعة أفلامه. والإنسانيات فى الاستديو بين فريق العمل خدمت الشخصيات، التى ظهرت على الشاشة. إنها طوق النجاة لمبدع ربما قد تخذله الإمكانيات المادية والإنتاجية.

 

أفلام «على عبدالخالق» تبدأ بتيمة فكرية أو سؤال مصيرى، بعيدا عن الرؤى الفلسفية المعقدة، فهو عاشق لسينما البساطة. وهى سينما لا تعول على محبشات الإثارة بشكل كبير. لقد أراد أفلاما تعبر عن تجربة شعورية وحسية. وأفكار يريد إيصالها للجمهور. وأكثر الأمثلة على ذلك: البيضة والحجر، وجرى الوحوش.

حنان أبوالضياء تكتب عن: «على عبدالخالق» الذى خاض حروبا إبداعية بسلاح الكاميرا

على عبدالخالق كان دوما مؤمنا بأن الفن يتسع للجميع. وأن كل مخرج يحتاج إلى أن يكون له أسلوب واضح وبارز وفن من السهل تحديد ملامحه، مهما اختلف عن الواقع، يصبح ليس من الصعب رؤية أسلوب المبدع. وبالطبع حركة الكاميرا لديه وجمالها ، والتفاصيل الأخرى الخاصة بمادة الفيلم، هى العلاقة التى ميزت أسلوبه بين أصحاب الأساليب الحقيقيين من المخرجين، هو لا يستخدم أساليب تصويرية لمجرد الزخرفة، لذلك صنع أفلامًا صدقها الجميع.

حنان أبوالضياء تكتب عن: «على عبدالخالق» الذى خاض حروبا إبداعية بسلاح الكاميرا

على عبدالخالق.. أجاد التمتع بصناعة الفيلم، مجتازا المشكلات والأزمات والعيوب. فى كل مرة صنع فيلمًا كان يعرف مسبقا جوهر ما يريد توصيله للناس. وأول شيء كان يبحث عنه مع كل عمل هو الفكرة التى يمزجها بالتيمة، التى سيصل بها للشاشة. الفكرة تخبره بالقصة، وتوضح لك كافة التفاصيل. ويبدأ فى اختياره للشخصيات، ويظل مخلصا لتلك الفكرة أثناء تنفيذ الفيلم؛ مستخدام مواطن القوة والضعف فى أى عمل. فى «أغنية على الممر» تكلفت 19 ألف جنيه وقت إنتاجه. كان يتواجد سيارات إسعاف بجانب دور عرض الفيلم بسبب حالات الإغماء لتأثر الجمهور، وجد مساعدة كبيرة من إدارة الشئون المعنوية؛ فدعم 15 ألف جنيه من الجيش. وأغنيته الشهيرة حولت إلى شعار للتضحية والفداء (تعيشى يا ضحكة مصر) أبدعها الشاعر الراحل عبدالرحمن الأبنودي. مقدما وسيلة المقاومة بالغناء:

أبكى.. أنزف.. أموت

وتعيشى يا ضحكة مصر

وتعيش يا نيل يا طيب

وتعيش يا نسيم العصر

وتعيش يا قمر المغرب

وتعيش يا شجر التوت

وتلاميذ المدارس والنورج اللى دارس

والعسكرى اللى دايس ع الصعب عشان النصر

يا مراكب يا صوارى يا شوارع يا حوارى

يا مزارع يا صوامع يا مصانع يا مطابع

يا مينا يا كبارى يا منادر يا بنادر يا منازل يا بيوت

أبكى.. أنزف.. أموت

وتعيشى يا ضحكة مصر

 الفيلم احتل المركز (66) فى قائمة أفضل 100 فيلم فى ذاكرة السينما المصرية؛ حصل الفيلم على عِدّة جوائز محليّة ودولية أهمها جائزة مهرجان كارلو فيفارى – تشيكوسلوفاكيا، وجائزة مهرجان طشقند – أوزباكستان، إنتاج لجماعة السينما الجديدة التى ساهمت فى صنع سينما مصرية مختلفة.عرض فى فى أول يناير 1972 وقام ببطولته محمود مرسى (الشاويش محمد) وأحمد مرعى (حمدى) عن مسرحية على سالم. وهو بمثابة وثيقة تتناول قصة فصيلة مشاة مصرية يتم حصارها أثناء حرب 1967 وهم يدافعون بأرواحهم عن موقعهم. الفيلم رفضه أحمد مظهر واعترض على إطلاق النار على العدو من أحد أفراد الموقع؛ لذلك قام بشخصية الشاويش محمد محمود مرسى. الطريف أن أجر على سالم 400 ثمنا للمسرحية، الفيلم الذى شاهده وزير الحربية الفريق محمد صادق.

حنان أبوالضياء تكتب عن: «على عبدالخالق» الذى خاض حروبا إبداعية بسلاح الكاميرا

سينما على عبدالخالق من الفنون الإنسانية التى تبنت نقل الواقع وعرضه بطرق درامية متكاملة، حيث قدمت أفلام تناولت أحداث الحروب، والصراعات السياسية، فى جميع المراحل والحقب السياسـية، دون استثناء، وفى أوقات إشتعال فتيل نار حرب، التى خضناها ضد العدو الصهيونى.

 

 منذ دخوله عالم السينما بدأ فى اختيـار نصـوص للأفلام عن الأحداث التى أدت إلى اندلاعها ونتائجها، وفي خضم هذا الاهتمـام السـينمائى أطلقت مجموعة من الأفلام السينمائية نقلت الأثر الذى تركته الحرب. وأفلامه التى صورت عن حرب أكتوبر كانت مشاهد كثيرة منها على جبهة القتال، أمام مرمى النيران، لذلك نبهه أحد القادة كيف يتصرف فى حالة سقوط قذائف على الجبهة، ولقد قضى ليلة داخل إحدى الدشم وكانت ليلة صعبة للغاية. فيلمه «يوم الكرامة» كان كان وسط الذخيرة الحية.. فيلمه القصير «رجال وسلاح» فيلم تسجيلى مدته 10 دقائق حصل على الجائزة الفضية وسط 30 دولة مشاركة.

كما تعد الأفلام السينمائية وسيلة هامة من وسائل الاتصال التى يمكن استخدامها لتوضـيح وتفسير التفاعلات والعلاقات المتغيرة فى مجالات كثيرة. انتبه على عبدالخالق إلى أهميتها وخطورتها الاجتماعية والأخلاقية، لكونه بمثابة تشكيل العقل البشري.

ومن خلال تجربة الثنائى على عبدالخالق ومحمود أبوزيد فيلم (العار -1982) ومن بعده فيلم (الكيف ـ 1985)، حيث نجح هذان الفيلمان نجاحاً فنياً وجماهيرياً ملحوظاً، جاء فيلمهما الثالث (جرى الوحوش - 1987)؛ معتمدا فى سرده السينمائى على بناء مؤلف روائى ابتكارى، فهو استلهم القصة من الواقع لكنه يعتمد أكثر على خيال المؤلف والمخرج، وقدر ما على الإبتكار دون أن يقيد بالواقع وأحداثه، مستعين فيه بالممثلين المحترفين، لتجسيد شخصيات الرواية وتمثيل أحداثها وأداء مواقفها. وفى حالة التصوير فى الاستديوهات يكون الديكور عنصرا أساسيا من عناصر البناء الفيلمي. مقدما موضوعات مختلفة.

 

تحدث على عبدالخالق عن علاقته بالسيناريست محمود أبوزيد، فقال: (...أشعر بأن كلانا يكمل الآخر.. وفى مرحلة التأليف لا أتدخل مطلقاً فيما يكتبه محمود، لأن ثقتى به كاملة، ولكنه يقرأ علىَّ كل مشهد يكتبه حتى أعيش معه مرحلة الكتابة من البداية للنهاية، ويأخذ رأيى كناقد أو كقارئ للسيناريو. وأثناء التنفيذ يتركنى أعمل ما أريد، ولكنه يتابع معى مراحل التصوير ويكون قريباً منى بالرأى والمشورة، لذلك يخرج العمل متكاملاً...).

 

واقترب على عبدالخالق من واقع الحياة اليومية للإنسان والأسرة، وقدما فنا مصقولا من معاصرة المشكلات، والأحداث وهمـوم الإنسان اليومية، وصراعه مع مناخه الاجتماعى، والاقتصادى والسياسى والثقافى، دلف إلى توسعه حياة هذا الإنسان وتوسعه إدراكه وخبراته العملية والجمالية عند التعامل مع الحياة، وهذا ما جعل الدراما لديه تقترب من مفهوم الممارسة الاجتماعية فى الفن، كما فى أفلامه «البيضة والحجر»، «اغتصاب»، «مدافن مفروشة»، «الحقونا».

 

ولكون أفلام التجسس مزيجًا من الهروب المثير، والإثارة التكنولوجية، والأماكن الغريبة، والجمع بين أنواع الحركة والخيال العلمى، وتقدم بطالًا محددًا بوضوح للجمهور لجذبهم، مع عناصر الإثارة السياسية. إلى جانب أن هناك أيضاً أعمال استقصائية أكثر جدية، وغالبًا ما كانت الخطوط الفاصلة بين الوطنيين والخونة ضعيفة. كانوا ينظرون ويتحدثون ويتصرفون بنفس الطريقة. ظل الخونة حتى بعد أن خانوا بلادهم. وهذا مايبدو واضحا فى إعدام ميت، للمخرج على عبدالخالق، مع الثنائى محمود عبدالعزيز ويحيى الفخرانى، ومحوره التجسس الناجح على مفاعل ديمونة الإسرائيلي. ومحوره الإيقاع بجاسوس مصرى يدعى منصور - محمود عبدالعزيز - لإسرائيل، والحكم عليه بالإعدام، وتم الإلتفاف سريعاً على المخابرات الإسرائيلية من خلال تجنيد شبيه له يُدعى عز الدين – محمود فى شخصية مزدوجة – وإرساله بشكل عادى جاسوساً لمصر فى المخابرات الإسرائيلية مكلفاً بشكل رئيسى لمعرفة معلومات وافية عن مفاعل ديمونة النووى الإسرائيلي. وفى الحقيقة أن القصة تختلف فى النهاية فلم يقتل الجاسوس على يد والده كما بالفيلم، ولكن تم استبدال آسر به. وإعدام ميت، له خصوصيته بين أفلام الجاسوسية الذى وصفه محمود عبدالعزيز حين عرضه بـ: أكثر الأفلام شفافية وأهمية.

وفى الحقيقية يعد هذا الفيلم من الأعمال الدرامية المدروسة والقائمة على الشخصية التى حصلت على مقياس عمليات التفكير وشخصية الأشخاص المنجذبين إلى الغدر.

وفى أفلامه التى تناولت موضوعات اجتماعية؛ يقدم تفسيرًا صريحًا أو ضمنيًا للمسألة. قد يكون من المفيد أيضاً التفكير فى المعنى على أنه تعبير وتواصل عن انطباع أو ملاحظة أو انعكاس، أو حكم على شيء ما؛ وهذا يبدوا واضحا فى «ضد الحكومة»، «البيه البواب»، «أربعة فى مهمة رسمية»؛ علاوة على ذلك، قد يتخذ شكله حجة أو نقد لهذه الظاهرة نفسها. أنه يقدم فيلما ذا مغزى يوحى بأننا ندرك أن هذا الفيلم يقدم طريقة لفهم الشيء الذى يمثله. هو انعكاس للمجتمع، الحاضر والماضى.

 

قصص الأفلام التى قدمها لأشخاص يخرجون بأفكار حول شيء يريدون قوله، شىء يريدون إخبار شخص ما؛ كما فى «السادة المرتشون» و«الناجون من النار».

 

وفى النهاية ستظل لأفلام على عبدالخالق القدرة على لمس قلوب وعقول المشاهدين، تحمل رسالة الوعى مؤثرة على التصورات والمعتقدات المتعلقة بعالمنا. رافعة الحجاب عن مشكلاتنا. فلقد كان على عبدالخالق يستخدام الأفلام لإثبات قضية التغيير الاجتماعى، بطريقة رائعة لجذب الناس إلى مناقشة المشكلات، فنحن نعلم جميعًا القوة التى يمكن أن يمتلكها الفيلم؛ وكيف يمكن أن يلهم، وينير.