رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

مراكز علاج طبيعى تبيع الوهم للمصريين

بوابة الوفد الإلكترونية

 صراع بين نقابتى العلاج الطبيعى والتأهيل الحركى.. ومدّعو الطب يربحون

 

انتشرت فى الآونة الأخيرة إعلانات على منصات السوشيال ميديا وفيديوهات من الدخلاء على مهنة الطب، تحت مسمى «التأهيل الحركى وسمكرى البنى آدمين – الطب النبوى – والعلاج بالحجامة»، وفى الآونة الأخيرة تزايدت الجرائم التى يرتكبها هؤلاء، فيوماً بعد يوم تعلن الأجهزة الرقابية عن ضبط شخص منتحل صفة طبيب ممن يدعون أن لديهم القدرة على إنهاء أية أزمة صحية يمر بها أى إنسان، ودائما ما ينخدع الضحايا حتى يفاجأوا بالقبض على مدعى الطب.  وفى نفس الوقت تنتشر عشرات البوستات والتقارير التى تروج لأدوية وعلاجات ومراكز طبية وهمية، إذ تركز هذه المراكز على تكثيف الدعاية والظهور فى القنوات الفضائية فى ساعات مدفوعة وفى النهاية يتضح أنهم أمام هواة أو جزارين لا يهمهم سوى جمع المال والهرب بعد التسبب فى كوارث للمرضى وأسرهم. وكان آخرهم وفاة فتاة تلاميذ أثناء جلسة تخسيس بمنطقة الشهر وذلك يوم الاثنين الماضى، حيث توفيت فتاة أثناء عمل جلسة تخسيس داخل مركز طبى خاص، مثلت وحضرت الفتاة لعمل جلسات تخسيس بالتبريد عن طريق إحدى الممرضات العاملين بالمركز حيث أصيبت بحالة من التشنجات ما نتج عنه وفاتها فى الحال وتبين أن المركز الطبى مملوك لاثنين حاصلين على بكالوريس علاج طبيعى.

وليس هذا فقط بل قالت إحدى الفتيات، التى رفضت ذكر اسمها، إنها كانت تقوم بعمل جلسات كرايو وكافيتيش وراديو فريكويتس وحقن ميزوفيرابى بأحد المراكز فى منطقة المقطم ـ شارع 91 بجوار مسجد يسمى «ك ـ ك» وعند عمل إحدى الجلسات تورم أسفل بطنها وأصيب بالاحمرار والزرقان بل وحدث لها عملية قىء ووجع شديد فى البطن، وعند سؤالهم فى المرة المقبلة لعمل الجلسة أن السبب هو عملية ثيريو الدهون، وليس هذا فقط بل ويقومون ببيع برشام للتخسيس غير مرخص من وزارة الصحة، ولا يباع فى الصيدليات، بل يباع من خلالهم فقط.

ففى شهر مارس الماضى، ألقى القبض على طبيب مزيف مارس المهنة لسنوات عديدة وفتح عيادة فى إحدى قرى مركز الصف بمحافظة الجيزة، وتبين أنه خريج كلية العلوم، ومع ذلك كان يدير عيادة نساء وتوليد لعدة سنوات، ويتنقل بين المحافظات، وقام بتزوير مستندات ممارسة المهنة، بل أنه تقدم بطلب للحصول على تصريح مزاولة مهنة من نقابة الأطباء مرفقاً بها شهادة مزورة من كلية الطب بجامعة المنوفية.

 ونعود بالذاكرة لعام 2020، حينما تم إلقاء القبض على طبيب مزيف بقرية معدية مهدى مركز مطوبس بمحافظة كفر الشيخ، بسبب اللافتة المعلقة على عيادته والتى تذكر أنه حاصل على الدكتوراه من جامعة كامبريدج، تخصص مخ وأعصاب، وتبين أنه حاصل على ليسانس تربية.

وفى عام 2019، ضبط طالب مفصول من الفرقة الثانية بكلية الطب يمارس المهنة لمدة 8 سنوات فى محافظة كفر الشيخ وفى تخصص أمراض المخ والأعصاب أيضاً، وأدار عيادة طبية بسخا.

وفى 2017، ضبطت إدارة «شربين» الصحية بمحافظة الدقهلية شخصاً يدعى «محمد س. ع. ع»، لانتحاله صفة طبيب رغم أنه حاصل على ثانوية عامة، وفصل فى عامه الثالث من كلية الطب، وفى العام ذاته، تمكنت إدارة العلاج الحر بمديرية الصحة بالمنيا بالتعاون مع الإدارة العامة للتفتيش المالى والإدارى، من ضبط موظف فى مديرية الشباب والرياضة، يدعى «محمد. ى. ط. م»، ينتحل صفة طبيب مخ وأعصاب وتأهيل حركى، وضُبط وهو يزاول المهنة فى عيادة خاصة بشارع المجيدى بمدينة ملوى.

الفنانون سبب انتشار الظاهرة

 كانت هذه مجرد نماذج وما تم ضبطه أكثر، وما خفى كان أعظم، وقد أدت تلك الوقائع إلى العديد من التساؤلات حول من المسئول عن انتشار أمثال هؤلاء؟ خاصة أن بعض الفنانين قاموا بعمل دعاية لهم، وبعض القبض على هؤلاء الأطباء المزيفين، خرج بعض الفنانين ليلقوا باللائمة على نقابة العلاج الطبيعى والمختصين الذين تركوهم يعملون لسنوات دون ترخيص.

ومنهم من وقع ضحية لهؤلاء بالفعل مثل حسن شاكوش الذى خضع للعلاج لدى «ولاء» التى كانت تنشر مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعى بعنوان «سمكرية البنى آدمين.. أجدع بنت فى مصر» وتبين أنها حاصلة على دبلوم تجارة وقامت بتأسيس مركز طبى للعلاج الطبيعى «بدون ترخيص» وادعت قدرتها على علاج فقرات العمود الفقرى لتحقيق أرباح مادية بطريقة غير مشروعة.

النقابة تحذر

انتشار مثل هذه المراكز والحوداث أكد ضرورة تكاتف كل أجهزة الدولة للقضاء عليها لذلك لجأنا لنقابة العلاج الطبيعى التى أكدت أنها «تتعاون مع الجهات الرسمية لإلقاء القبض على المحتالين الذين يتهافتون بكثرة على مهنة العلاج الطبى، لافتة إلى أنها تكرر تحذيرها من التعامل مع من يدَعون أنفسهم بـ«سمكرى بنى آدمين – ميكانيكى بنى آدمين – نحات بنى آدمين- وتأهيل حركى»، مؤكدةً ضرورة التأكد من هوية الطبيب الذى يتعامل مع المواطنين والتأكد من الترخيص المكانى والشخصى لمن يمارس المهنة وذلك حفاظاً على صحة المواطنين، مشيرة إلى أنها لن تتهاون وستتصدى وبشدة بالتعاون مع كافة أجهزة الدولة لكل شخص تسول له نفسه انتحال صفة دكتور علاج طبيعى لاتخاذ كافة الإجراءات القانونية (مدنية وجنائية) ضده.

وأهابت النقابة بالمواطنين والزملاء الإبلاغ عن أى مخالفات وخصصت رقم (01098887070 هاتفيًا أو واتس) للإبلاغ عن الشكاوى والمخالفات وكذلك على الصفحة الرسمية للنقابة على موقع فيس بوك «النقابة العامة للعلاج الطبيعى- مصر»، كما يمكن الاستعلام عن الترخيص المكانى والشخصى للدكتور وهذه الخدمة مجانية للمواطنين.

صراع التربية الرياضية والعلاج الطبيعى

مجال العلاج الطبيعى يشوبه صراع خفى بين أطباء العلاج الطبيعى وخريجى كلية التربية الرياضية الذين يدرسون إصابات الملاعب وعلاجها بشكل مستفيض، وهو ما أكده حسام القاضى ماجستير إصابات وتأهيل حركى، ‏عضو الجمعية المصرية للطب الرياضى والعلاج الحركى، مشيراً إلى أن هناك تخصصاً يسمى التأهيل الحركى وهو يخص التربية الرياضية وله نقابة تسمى نقابة الإصابات والتأهيل وتخصصها أكثر من العلاج الطبيعى، ويعتمد هذا التخصص على التمارين العلاجية والمعترف بها دوليًا، أما العلاج الطبيعى فله نقابة وكلية خاصة به ويعالج المرضى بأجهزة العلاج الطبيعى أو العلاج الكهربى، مشيرًا إلى أن كلية تربية رياضية من أصعب الكليات، لأن الطلبة يدرسون بعض مواد الطب البشرى بشكل مبسط، بالإضافة إلى علوم الحركة أى الفيزياء المعقدة، وعلم نفس وتغذية، بالإضافة إلى مواد التربية الرياضية وهى عبارة عن تدريب رياضى وصحة رياضية والحركات الأساسية للالعاب الجماعية، وبذلك يكون الطالب مؤهل للعمل كأخصائى تغذية، أو ذوى احتياجات خاصة وتأهيل حركى بالعلاج الوظيفى، وهناك أخصائيو توثيق رياضى، وأخصائيو إعلام رياضى.

وتابع «القاضى»، للتأكد من المعالج يجب أن يكون معه رخصة مزاولة المهنة، بالإضافة إلى ترخيص لفتح المكان، لافتًا إلى أن هناك أكاديميات خاصة من الدخلاء على المهنة بهدف التربح والحصول على المال السريع، عن طريق تعليم الشباب ما يسمى بكورس العلاج الطبيعى، فلا يوجد شىء بهذا الاسم، لأنه غير معترف به وسيعرض نفسه للمساءلة القانونية، وهناك تنسيق مع جهات الدولة المختلفة لإيقاف مثل هذه الأنشطة غير القانونية، لأن وجودها فيه خطورة على صحة المواطنين.

غياب الرقابة وقلة الوعى

وعلى الجانب الآخر، أوضح الدكتور أحمد عزت، أمين صندوق نقابة العلاج الطبيعى، أن السبب فى انتشار مراكز تحت

مسمى «سمكرى البنى آدمين أو التأهيل الحركى»، هى قلة الوعى لدى المواطنين، وعدم تطبيق القانون، بالإضافة إلى أن القانون يعاقب على التزوير وفتح مركز مخالف بغرامة 500 جنيه فقط وتشميع المكان، فلا توجد عقوبة رادعة، مطالبًا بتشديد العقوبات والغرامات وإيجاد تشريعات قوية، حتى لا تتكرر مرة أخرى ظاهرة انتشار مثل هذه المراكز التى تسىء لسمعة أطباء مصر.

وأضاف «عزت» أن المدعى باسم «سمكرى البنى آدمين»، أغلقت له ثلاثة مراكز، بالإضافة إلى هروبه حاليًا خارج البلاد، لافتًا إلى أن السبب فى شهرته هو وغيره يرجع إلى عدم الرقابة المتواجدة على صفحات السوشيال ميديا، فضلاً عن الدعاية المجانية التى قام بها بعض الفنانين عن طريق نشر فيديوهات معه، الأمر الذى أدى إلى انتشار صيته فى كل مكان، برغم من تبرئة الفنانين لأنفسهم من القضية وأنهم كانوا على غير علم بما يحدث، إلا أنهم ساعدوا على انتشار المدعين أمثاله، مشيرًا إلى أن النقابة استأنفت حربها لمواجهة ظاهرة عمل غير المتخصصين بالعلاج الطبيعى، حيث تم تحرير مجموعة من المحاضر ضد مراكز للعلاج الطبيعى، والأكاديميات المخالفة.

أما عن خريجى التربية الرياضية، فأكد أنه لا يحق لأحد علاج مريض طالما أنه لا يحمل ترخيصاً من وزارة الصحة بمزاولة المهنة، وخبراء التربية الرياضية لا يتعاملون سوى مع الأصحاء، فهم لديهم دور فى الكفاءة البدنية، فبعد حصول المريض على العلاج المناسب وعمل العلاج الطبيعى اللازم للمريض، يقومون بعملهم لعودتهم للملاعب وتأهيلهم رياضياً.

وأشار إلى أن طلاب التربية الرياضية يدرسون تشريح وفسيولوجيا ولكن بمحتوى ضعيف، مقارنة بطلاب علاج طبيعى أو طب بشرى، وهذه المواد البسيطة تساعدهم فقط فى عملهم، وليس للعمل كأطباء، وذلك لأن اختصاصات العلاج الطبيعى كثيرة، وأبرزها علاج طبيعى لجراحات قلب وصدر، علاج طبيعى عناية مركزة، علاج طبيعى صحة ومرأة وتأهيل قبل وبعد الولادة لاضطرابات الحوض، علاج طبيعى للذكورة واضطرابات الحوض، علاج طبيعى عظام واضطرابات الجهاز الهيكلى العضلى، علاج طبيعى للجراحة والحروق، علاج طبيعى للأطفال، علاج طبيعى للأعصاب واضطرابات الجهاز العصبى، تغذية وتقويم، وإدارة مستشفيات وجودة.

واختتم كلامه قائلاً: «أن النقابة تعمل على ملف مواجهة منتحلى صفة أعضائها منذ 5 سنوات بالمحافظات، لافتاً إلى أن أكثر أساليب تلك المراكز لجذب المرضى هى: الحجامة، الطب البديل، التأهيل الحركى، الطب النبوى، الاسترخاء والعناية، وغيرها بالإضافة إلى صالات الألعاب الرياضية، مؤكدًا أن النقابة لن تتوقف عن مواجهة تلك المراكز المخالفة والتى تمثل خطراً على المواطنين، حيث تعرض الكثير من المرضى للعلاج بشكل خاطئ وحدثت لهم مضاعفات، ويتم تلقى الشكاوى على الواتس أب على أرقام النقابة على أن تتضمن الشكوى صورة للافتة أو إعلان خاص بالمركز أو العيادة، والعنوان بالكامل، لتتمكن النقابة من اتخاذ إجراءاتها، حيث يتم إرسال شكوى رسمية لإدارة العلاج الحر بوزارة الصحة.

عقوبات

قال عبدالصادق البنا، المستشار القانونى والمحامى بالاستئناف العالى ومجلس الدولة، أن القانون المصرى يحتوى على تشريعات غليظة فى انتحال صفة أو من يتسبب فى عاهة مستديمة نتيجة انتحال الصفة، أو من يفتح مركز بدون رخصة مزاولة، منها التزوير وعقوبتها السجن من ثلاث لسبع سنوات، وعقوبة انتحال صفة وتبدأ بالسجن سبعة أعوام، وعقوبة مزاولة نشاط بدون ترخيص وهذه عقوبتها السجن لمدة سبعة أعوام مع إغلاق المركز ونزع اللوحات واللافتات ومصادرة الأشياء المتعلقة بالمهنة، كما يأمر القاضى بنشر الحكم مرة أو أكثر من مرة فى جريدتين يعينهما على نفقة المحكوم عليه، ويجوز بقرار من وزير الصحة أن يغلق بالطريق الإدارى كل مكان تزاول فيه مهنة الطب بالمخالفة لأحكام هذا القانون، بالإضافة إلى أنه فى حالة انتحال صفة طبيب وإحداث عاهة بالمريض يحاكم المتهم بتهمة انتحال صفحة واحداث عاهة ويتراوح الحكم بين السجن لمدة ثلاث إلى سبعة أعوام، ونصت المادة 11 من القانون على أن يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنتين وبغرامة لا تزيد على مائتى جنيه، كل شخص غير مرخص له فى مزاولة مهنة الطب يستعمل نشرات أو لوحات أو لافتات أو أية وسيلة أخرى من وسائل النشر إذا كان من شأن ذلك أن يحمل الجمهور على الاعتقاد بأن له الحق فى مزاولة مهنة الطب، وكذلك كل من ينتحل لنفسه لقب طبيب أو غيره من الألقاب التى تطلق على الأشخاص المرخص لهم فى مزاولة مهنة الطب.

وأوضح «البنا» أن السبب فى انتشار تلك المراكز على صفحات الإنترنت المختلفة وقنوات التليفزيون هو غياب الرقابة، بالإضافة إلى عدم إبلاغ المواطنين عن تلك المراكز، وقلة وعيهم بخطورة انتشار هؤلاء المزيفين، وتصديقهم لكل ما يشاهدونه على التليفزيون أو صفحات التواصل الاجتماعى، خاصة أنه يصل إلى أذهانهم أن مثل تلك الفيديوهات أو الإعلانات تظهر بعد المرور على الرقابة وهذا مخالف للحقيقة.