رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الوفد: تواصل فتح ذكريات الأبطال فى حرب أكتوبر المجيدة

انتصار أكتوبر العظيم
انتصار أكتوبر العظيم

مقدم  طيار متقاعد وصفى بشارة:

القوات الجوية انتقمت فى أكتوبر والخداع الاستراتيجى استمر حتى قيام المعركة

حاربنا بالعقل قبل الطائرات.. وحسابات الهجوم وضعت بالورقة والقلم دون كمبيوتر أو أقمار صناعية

مصر تواجه تهديدات الخارج بكل قوة وحزم وتواجه تحديات الداخل بإعادة بناء الدولة واقتصادها من خلال المشروعات العملاقة

بدأ المقدم طيار متقاعد وصفى بشارة حديثه عن انتصار أكتوبر العظيم ، مؤكدا أن الجيش المصرى لم  يحارب فى النكسة..  ولم تختبر قوته، بل جاءت الضربة الإسرائيلية خاطفة، لأن العدو حقق عنصر المباغتة، وذلك بضرب واستهداف المطارات المصرية، فأحرق الطائرات فى مرابضها وأسقط عددا كبيرا من الطيارين الشهداء، وهذه الضربة أوجدت رغبة عارمة فى الانتقام من العدو وتلقينه درساً لن ينساه على مدار تاريخه الملىء بالدموية والصراع.

بشارة الذى تخرج فى الكلية الجوية فى عام  1965، ثم التحق بسرب مقاتلات «ميج 21»  أكد أن نصر أكتوبر يمثل  ملحمة مصرية فريدة من نوعها فى تاريخ الحروب الحديثة، لأنها لم تكن معركة متكافئة فى أى شىء، ففى الوقت الذى دمرت فيه أسلحة الجيش المصرى بشكل شبه كامل، كانت الترسانة العسكرية الأمريكية مفتوحة على مصراعيها بأحدث ما وصلت اليه من تقدم عسكرى امام العدو، وبدون حساب، لذلك كانت العبقرية المصرية فى تحسين ورفع كفاءة الفرد المقاتل وتدريبه بطريقة تقلل من حجم الفجوة فى التسليح.

وأوضح أنه فى نكسة 67 دخلت الطائرات الإسرائيلية المجال الجوى المصرى  من البحر المتوسط، بدلاً من الاتجاه الشرقى عبر سيناء، وكانت تطير على ارتفاعات منخفضة فلم تسجلها الرادارات الأرضية، وبسبب سوء الاتصالات نتيجة استهداف مراكز الاتصال بدأت اسرائيل بضرب المطارات وممرات الإقلاع، لتشل حركة الطيارين وتمنعهم من الطيران، ثم جاءت الموجة الثانية وقصفت الطائرات فى أماكنها بدون إنذار، ولم تكن هناك دشم لحماية الطائرات، ما تسبب فى خسائر فادحة فى صفوف القوات الجوية، ووسط هذا العدوان كانت هناك بطولات فردية من الطيارين المصريين ولكنها لم تذكر بسبب فداحة الخسارة، مثل الطيار نبيل شكرى والمقدم سامى فؤاد الذى أسقط طائرة واستشهد يومها، ومنذ هذه اللحظات للعدوان تولد لدى القوات المصرية وبشكل خاص الطيارين رغبة فى الثأر والانتقام تبين بعد العدوان بأيام  قليلة وظهر واضحاً خلال حرب الاستنزاف وجاءت نتائجه فى الانتصار يوم 6 أكتوبر.

ويضيف بشارة أن استشهاد عدد كبير من الطيارين خلال العدوان، كان عقبة كبيرة أمام استعادة القوات الجوية عافيتها، ولكن  كان الشباب الملتحق بالقوات الجوية حديثاً لديه عزيمة واصرار فى التعلم وتنفيذ المهام الشاقة فى التدريب، واستطاعت القوات الجوية بناء نفسها بشكل مدهش، وفى مدة زمنية لا تحتسب، ففى اليوم التالى للهزيمة ذهبنا للجزائر، بناء على اتصال بين الرئيس الراحل جمال عبدالناصر والرئيس الجزائرى «هوارى بومدين»، الذى أمدنا بأسطول من طائرات «الميج 21»، بالإضافة إلى أن  الاتحاد السوفيتى أرسل لنا طائرات مفككة، قمنا بتجميعها فى مصانعنا، وبدأنا نلملم شتاتنا، وكنا نحو 60 طياراً فقط لهم القدرة على الطيران، والباقى أصيب أو استشهد، وقمنا بتكوين مجموعتين فى أنشاص والمنصورة، وبعد 40 يوما فقط من الهزيمة نفذنا هجوما يومى 14و15 يوليو1967 داخل سيناء، وقصفنا احتياطات العدو الإسرائيلى من الذخيرة والجنود والمعدات، الأمر الذى أعطى الأمل فى أن الانتصار قادم لا محالة، ورفع الروح المعنوية لدى شباب الطيارين ورجال القوات المسلحة، وفتح الباب لعمليات إقلاع وإبرار لقوات الصاعقة خلف خطوط العدو فى سيناء .

وخلال حرب الاستنزاف أذاقت القوات المسلحة العدو مراراً جعلته يلجأ الى انشاء أكبر مانع صناعى فى التاريخ البشرى وهو «خط بارليف» ووضعت أنابيب النابالم فى مجرى القناه لتحرق كل من يفكر فى العبور، ولكن العقيدة المصرية والإصرار والتدريب الشاق والتخطيط العبقرى، جعلنا نتغلب ونحطم أسطورة الجيش الذى لا يقهر، ولا أنسى أول اشتباك مع طائرات الفانتوم الإسرائيلية، التى كانت تعد أحدث طائرة فى العالم وقتها، هذا اليوم كان فى سبتمبر 1969 كنت أنا والطيار سمير عزيز نطير على ارتفاع منخفض قرب قناة السويس، وخرجت طائرة فانتوم لاعتراضنا فتسابقنا أنا وسمير لضربها، وسبقنى هو بضربها بصاروخ فوقعت وضربتها أنا بصاروخ آخر فهوت فى بحيرة قارون، واختفت تماماً من على شاشات الرادار، وعندما عدنا إلى المطار أنكر الروس الواقعة، لأنها كانت أول اشتباك بين طائرات «الميج 21» والفانتوم الشبح، ولم يكن هناك دليل على سقوطها، وظللنا نبحث عنها فى البحيرة لمدة أيام دون وجود اثار لها، وهذا جعل الروس يصرون على عدم سقوطها، وبعد 20 يوما من الواقعة المد والجزر أظهر جزءًا من ذيل الطائرة وشاهدها بعض الصيادين، وأبلغوا عن مشاهدتهم شيئا غريبا، وعلى الفور ذهبنا أنا وسمير عزيز مع فريق البحث، واستخرجنا حطام الفانتوم.

كانت هذه العمليات ترفع الروح المعنوية للطيارن بشكل كبير أثناء التدريبات، فقد بدأنا ندرب الطيارين الجدد على الطائرات الحديثة، استعدادا للحرب بتدريبات شاقة على

مسرح العمليات نفسه، لأننا لم نكن نملك ذخيرة تكفى التدريب والقتال، فكنا ندربهم على العمليات مباشرة وفى الحقيقة كان هناك استيعاب عال  من الطيارين الجدد واستعداد  للتضحية بأنفسهم من أجل النصر، وكان الشعب يقف بجانب الجيش يداً بيد، وهنا أذكر مثالاً عن عظمة الشعب خلال حرب الاستنزاف، فكانت  الفتيات من قرى الشرقية وأبو حماد والسنبلاوين هذه القرى كان أغلب رجالها فى الخدمة بالقوات المسلحة، وعندما بدأنا فى بناء دشم الطائرات ومواقع الصواريخ كان يحضر للموقع يوميا عشرات الفتيات، أعمارهن تتراوح بين 16 و21 عاماً يحملن القصعة ويرفعن مواد البناء وراء العمال وأثناء قصف إسرائيل لهذه المواقع كانت تسقط البنات شهيدات جنبا إلى جنب مع العمال من الرجال، ورغم سقوط العشرات منهن نجد حضور العشرات منهن فى اليوم التالى دون خوف من الموت، وهذه المواقف كانت تجعل من الطيارين نسورا حقيقية فى الجو يقذفون بنيرانهم أى شىء يواجهونه دون مراعاة  لفارق التكنولوجيا فى الطائرات، وكانت المواجهة بين الطائرات المصرية وطائرات العدو غير متكافئة فى أى شىء سواء السرعة او القدرة على المناورة أو مدة الطيران أو تكنولوجيا التوجيه.

خلال حرب أكتوبر كنت برتبة «قائد ثان» فى السرب 49 مقاتلات، وكانت مهمة السرب حماية الطائرات المقاتلة والقاذفة، واشتركنا فى الضربة الجوية الأولى التى حققت أهدافها، حيث قامت بضرب المطارات والمقرات الإدارية والنقاط الحصينة وتدمير مواقع الصواريخ «سكاى هوك»، ومخازن السلاح ومحطات الوقود ومراكز الملاحظة، وبعد الضربة الجوية قمنا بحماية القوات الأرضية للجيش الثالث خلال العبور، واعتراض أى طائرة للعدو الإسرائيلى ومنعها من الاقتراب لشاطئ قناة السويس أو الموجات الأولى للعبور وعندما حدثت الثغرة أسقط السرب 49 وحده 12 طائرة للعدو الإسرائيلي، واستشهد منا 3 طيارين فقط، وكانت هذه الحرب بمثابة فرصة الانتقام للطيارين المصريين الذين تحكموا فى طائراتهم كانها أجنحتهم وصنعوا بها المعجزة فى مواجهة أحدث الطائرات الأمريكية والغربية، وصنع الطيارون المصريون عشرات البطولات الخالدو التى كان أروعها ما فعله الطيار الشهيد سليمان ضيف الله أثناء الثغرة، حيث استكمل حماية الطائرات القاذفة، رغم إصابة طائرته ورفض تركهم  او القفز من الطائرة، حتى استكملت القاذفات مهامها، واستشهد فى طائرته التى تحترق أمام عينه ويملك فرصة فى النجاة .

واشار المقدم طيار متقاعد وصفى بشارة إلى أن الشعب المصرى فى أشد الحاجة الى استعادة روح أكتوبر، التى  يجب أن تظل هى الملهم فى وقت الأزمات والتحديات التى تطل برأسها على مختلف اتجاهات الإستراتيجية، فالدولة المصرية لم تكن معرضة لحجم وكمية المخاطر التى تحيق بها من كل اتجاه، وفى ظل تآمر جماعة الإخوان الإرهابية على الوطن، ورغم كل هذه التحديات فإن الدولة المصرية تواجه تهديدات الخارج بكل قوة وحزم، وتواجه تحديات الداخل فى اعادة بناء الدولة المصرية واقتصادها من خلال مئات المشروعات العملاقة، والتى تأخرت كثيراً، فالرئيس السيسى يعالج أخطاء الماضى ويسابق الزمن فى انجاز المشروعات على مختلف المستويات وفى كل المحافظات، وفى الوقت نفسه يقدم التطوير اللازم للقوات المسلحة لتحديث الترسانة العسكرية المصرية، والتى أثبتت الأيام أن الجيش المصرى جيش وطنى شريف يحمى أمن بلاده ويدافع عن مصالحها وأمنها القومى، ويقف بجانب شعبه فى مطالبه واختياراته.