عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الشعب والشركات ورجال الأعمال والفنانون تضامنوا بالمجهود الحربى لتحقيق شعار "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة"

بوابة الوفد الإلكترونية

. أكثر من ٢٠٠٠ مدفع فى وقت واحد ضربت النقاط الحصينة بخط بارليف وعمق سيناء مما أحدث رعبًا لقوات العدو فى سيناء ومئات القتلى فى الساعات الأولى للهجوم

 

فى الذكرى الثامنة والأربعين لنصر السادس من اكتوبر عام الف وتسعمائة وثلاثة وسبعين، تفتح جريدة الوفد ملفات ذلك النصر المبين مع ابطال النصر. ونحاور اليوم احد ضباط سلاح المدفعية من صانعى نصر اكتوبر وهو العميد محمد محمد عبد القادر، حيث كان فى ذلك الوقت برتبة نقيب قائدًا لسرية مدفعية من أكبر أعيرة المدفعية (١٥٥مم).

عبد القادر: يسعدنى وقد هلت علينا نسائم اكتوبر وتمشيا مع عوامل الزمن ومستجدات الأوضاع ان أقسم حديثى إلى ثلاثة أقسام. أتناول فى كل قسم حقبة زمنية مركزا على أهم ما يميزها من أحداث.

أولا: فترة ما بعد نكسة١٩٦٧

كانت تلك الفترة من أقسى وأصعب الفترات التى مرت بها البلاد بصفة عامة والقوات المسلحة بصفة خاصة. فقد منيت مصر بهزيمة ثقيلة لم تكن متوقعة فقدت فيها اكثر من ٨٠% من عتادها الحربي، ناهيك عن الوضع السياسى البالغ الصعوبة بالإضافة إلى روح معنوية منهارة، واقتصاد دون الصفر. إلا أن رفض الهزيمة من اللحظة الأولى كان سمة الشعب والجيش معا، فبدأت ملحمة التعاون بين الشعب وجيشه لإعادة بنائه مرة أخرى على أسس جديدة واستراتيجيات حديثة. وهنا وجب الإشارة إلى عدة نقاط:

١- تم اعتماد شعار «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة». فى إشارة إلى النية فى استعادة الأرض.

٢- قامت الشركات الصناعية والتجارية ورجال الأعمال بوضع إمكانياتهم من وسائل النقل تحت تصرف القوات المسلحة عوضا عما فقدته فى الحرب. وتمييزا لها كتب عليها «مجهود حربى».

٣- قام الفنانون بتنظيم حفلات يخصص عائدها للمجهود الحربى دعما للجيش الذى بدأ فى التعاقد على شراء الأسلحة.

٤- تمت الدعوة لحملة تبرعات لصالح المجهود الحربى جمع خلالها الملايين لشراء السلاح.

٥- صاحب ذلك إجراءات تقشف لم يسبق لها مثيل لضغط الإنفاق وتوفير العملة الصعبة لصالح المجهود الحربى.

٦- تم إدخال عناصر المؤهلات المتوسطة والعليا كمجندين بالقوات المسلحة فزادت القدرة على استيعاب الأسلحة والخطط.

٧- تم تغيير قيادات القوات المسلحة بقيادات شابة واعية مؤهلة علميا التأهيل المناسب لقيادة الجيش فى معركة التحرير حين يتقرر ذلك.

كانت الحياة صعبة، ولكن لم يتذمر أحد، ولم يعترض أحد، فقد كان الهدف واضحا للجميع وهو إزالة ذلك العدوان الرابض على الضفة الشرقية لقناة السويس. وتمشيا مع تلك الروح، قامت القوات المسلحة بعدة عمليات ضد العدو كان الغرض منها كسر رهبة الهزيمة واستعادة الثقة بالنفس. وتطورت تدريجيا فيما سمى بحرب الاستنزاف، والتى اتسمت بالتوسع فى تدريب القوات على أعمال القتال، ثم خوض عمليات محدودة أكسبت الجميع الثقة والمهارة المطلوبة، تلك الحرب التى أعتبرها فترة تأهيل القوات المسلحة المصرية لحرب التحرير.

ثانيا: حرب السادس من أكتوبر

كان من الطبيعى مع تطور الأداء واكتساب الثقة والوصول إلى أعلى درجات الاستعداد القتالى للقوات أن يبدأ التخطيط لحرب التحرير وهو ما تم بالضبط. فتم وضع الخطط والتدريب عليها كما تم بحث كل ما يمكن أن يعيق عبور القوات ودراسته بعناية ووضع الحلول المبتكرة للتغلب عليه. إلى أن حانت اللحظة الحاسمة فى الساعة الثانية وخمس دقائق من بعد ظهر يوم السبت السادس من أكتوبر من عام ألف وتسعمائة وثلاثة وسبعين.

وقد تميزت فترة الحرب بالآتي:

١-عبور أكثر من مائتى وعشرين طائرة لقناة السويس فى وقت واحد لقصف أهداف العدة البعيدة

٢-قصف أكثر من ألفى مدفع فى وقت واحد للنقاط الحصينة من خط بارليف وفى عمق سيناء وأهداف سبق استطلاعها وتأكيدها مما أحدث رعبا بمعنى الكلمة لقوات العدو فى سيناء فضلا عن مئات القتلى فى الساعات الأولى للهجوم.

٣-هتاف الجنود بطول الجبهة دون ترتيب مسبق«الله أكبر» والذى بث الرعب فى نفوس العدو على الضفة الشرقية.

٤- بروز العبقرية المصرية فى عملية فتح الثغرات فى الساتر الترابى بواسطة

خراطيم المياه.

٥- كفاءة قوات المهندسين العسكريين فى إقامة الكبارى على صفحة القناة فى ست ساعات لعبور القوات الرئيسية من المدرعات والمشاة.

٦-القدرة الفائقة لجنود المدفعية العاملين على المقذوفات الموجهة المضادة للدبابات فى إصابة أهدافهم بكل دقة، الأمر الذى كان سببا مباشرا فى منع احتياطيات العدو المدرعة من الاقتراب من شاطئ القناة وبالتالى إنجاح عملية العبور.

٧- كفاءة قوات الدفاع الجوى لا سيما الصواريخ سام ٢ وسام٣ فى اصطياد أهدافها من الطائرات المعادية بكل دقة.

٨- باختصار نجاح القوات فى تطبيق أسس وقواعد معركة الأسلحة المشتركة الحديثة كما تعلموها تماما خلال فترة حرب الاستنزاف فكان النصر حليفهم.

ثالثا: ما بعد حرب أكتوبر ١٩٧٣ وحتى الآن

تلك فترة حدثت بها متغيرات كثيرة، فقد مات خلالها الكثير من ابطال اكتوبر، وولد فيها الكثيرون ممن لم يشهدوا تلك الحرب، إلا أنهم سمعوا عنها، وواجبنا الآن وبعد مرور تلك السنوات الطوال وقبل أن يحل أجلنا وهى سنة الله فى كونه، ان نبصر أبناءنا ببعض الدروس المستفادة من الحرب الوحيدة التى حققت مصر فيها النصر على عدوها وقطعت يده الطولى التى طالما تباهى بها، وفرضت عليه فيما بعد سلامًا. وأنا هنا أخاطب الشباب الذين هم عدة الوطن ومستقبله فأقول: لست ذا مصلحة فى هذه السن فيما أقول لكم، فالعمر لم يعد فيه الكثير، كونوا لوطنكم عونا على البقاء، انبذوا الخلافات، تجنبوا الشائعات، فمصر وإن كانت بفضل الله محروسة، فإن أبناءها هم أدوات حراستها، فلا تكونوا معاول هدم لها، وانتم وإن كنتم اليوم شبابا، فأنتم غدا آباء وأجداد، وسيكون لكم ابناء وأحفاد تريدون لهم العيش فى خير وسلام. انظروا من منظور متجرد لما يقوم به قادة الوطن لصالح أجياله القادمة. هناك صعوبات لا شك فى ذلك. هناك سلبيات. لا شك ايضا فى ذلك، ولكن من ذا الذى خلق كاملا؟ بأيديكم يمكن إقالة الوطن من عثرته، وبأيديكم يمكن لا سمح الله إسقاطه وإفناؤه، فأيهما تبغون؟ لقد كنت وقت هذه الحرب شابا مثلكم لم أتعد الرابعة والعشرين من العمر، وكان لدى اربعة مدافع تتعدى قيمتها ملايين الجنيهات، كما كان لدى ذخيرة بملايين أخرى، وكان لدى ما هو اهم ارواح مائة واربعة عشر ضابطا وجنديا كنت مسئولا عن المحافظة عليها، وكان لدى ما هو أهم وأهم...ذلك هو المشاركة فى استعادة شرف وكرامة أمة. وقد أدينا الأمانة وحافظنا على العهد. ولستم أقل منا وطنية وحبا لهذا البلد. فقد شربتم من نفس النيل، وأكلتم من نفس الأرض، واستنشقتم نفس الهواء. فأدوا أماناتكم وليوفقكم الله.

 

العميد محمد عبدالقادر