رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حوار| السفير محمد حجازي: الدبلوماسية المصرية تخوض أخطر معاركها في إدارة ملف أزمة سد النهضة

السفير محمد حجازي
السفير محمد حجازي مساعد وزير الخارجية الأسبق

أكد السفير محمد حجازي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن ملف أزمة سد النهضة من أكثر الملفات تعقيداً وخطورة خلال الفترة الحالية، مشيراً إلى أن الدبلوماسية المصرية تخوض واحدة من أهم معاركها في العصر الحديث، بالإضافة إلى أن وزير الخارجية سامح شكري، تحمّل الكثير في ملف من أصعب ملفات الأمن القومي المصري، ووقف بصلابة أمام مراوغات الجانب الإثيوبي.


وأضاف حجازي، خلال حواره لـ"الوفد"، أن رئيس وزراء إثيوبيا اَبي أحمد، خسّر دولته الكثير من المصالح المشتركة مع مصر والسودان؛ بسبب تعنته في ملف السد، فالأسواق المصرية كانت مفتوحة لصادرات إثيوبيا دائما، كما أنه كان يُمكن الربط الكهربائي بين إثيوبيا والسودان ومصر، بالإضافة إلى الربط البري الذي كان من شأنة أن يقود إثيوبيا كدولة حبيسة إلى موانئ مصر علي البحر المتوسط.
 
وإلى نص الحوار
 
»في البداية.. كيف ترى مشهد أزمة سد النهضة والتعنت الواضح من قبل إثيوبيا في هذا الملف؟


الدبلوماسية المصرية تخوض واحدة من أهم معاركها في العصر الحديث في ساحة مجلس الأمن وبدعم ومساندة من مجلس الجامعة العربية، كما أن وزير الخارجية سامح شكري يجري دائما اتصالات مكثفة مع الأعضاء الدائمين وغير الدائمين مع المجموعة الأفريقية والعربية، ومن خلال العواصم بداية بزيارته ببروكسل ولقاءه  بوزراء خارجية الاتحاد الاوربي بغرض تجميع المواقف من أجل تمرير مشروع القرار الذي  يتضمن العمل المشترك من أجل تنمية موارد النهر وحق إثيوبيا في التنمية وحق مصر أيضا في الحفاظ على مصالحها المائية.


لكن التعنت الإثيوبي بشأن ملف سد النهضة واضح وصريح، فهي لا تحترم الاتفاقيات ولا الأعراف والمواثيق وتخالف مبادئ القانون الدولي.


وإذا استمر التعنت الإثيوبي بشأن ملف السد، فأرى أن المشهد سيهدد الأمن والسلم والاستقرار الإقليمي، فالجانب الإثيوبي مراوغ وليس له سقف تفاوضي، فإذا لم نضع من الاَن اللبنة الأساسية لإدارة العلاقة المائية مع إثيوبيا من خلال اتفاق ملزم فستضر مصر والسودان بشكل كبير مستقبلا، بالإضافة إلى أن حوض النيل وأحواض أنهار أخرى كثيرة ستُباح لكل من يرغب في إقامة مشاريعه دون النظر لمصالح الدول الأخرى، وكل يوم ستبني سدود جديدة على نفس المجرى المائي.


» أكدت مصر أكثر من مرة أنها ليست ضد التنمية في إثيوبيا لكن دون الإضرار بمصالح الدول الأخرى.. كيف تفسر ذلك؟


مصر أكدت مرارا وتكرارا أنها ليست ضد التنمية في إثيوبيا أو أي دولة أفريقية لكن دون الإضرار بمصالح الدول الأخرى، خاصة المصالح المائية، فنهر النيل ليس حكرا على أحد، لذا التزمت مصر باتفاقية إعلان المبادئ الموقعة في الخرطوم عام 2015 لكن إثيوبيا خلت بهذه الاتفاقية ونظرت إلى مصالحها فقط وتريد إلحاق الضرر بمصر والسودان.
 
لذلك خاضت الدبلوماسية المصرية حربا طويلة الأمد منذ أكثر من 10 سنوات، لوضع قواعد وأسس لتشغيل وملء سد النهضة، وطالبت المتمع الدولي بالتدخل حيال التعنت الإثيوبي، ونريد حاليا اتفاق قانوني ملزم يحفظ حقوق الثلاث دول .
 
نحن نتحدث اليوم عن إتفاقية 1902، فهناك ركائز لإدارة العلاقات الحدودية والمائية، وبالتالي عليك أن تصر على موقفك، لأنه موقف قانوني عادل ووجودي وليست قضية مساومة، وعلى مرّ التاريخ لم تقبل أي حكومة مصرية منذ العصور القديمة حتى العصور الحديثة المساس بنهر النيل، وندافع من أجل الخير والنماء وتنمية الدول الأخرى دون الإضرار بمصالحنا وحقوقنا.
 
الملئ الثاني الأحادي لسد النهضة مرفوض جملة وتفصيلا، اَبي أحمد بيتحدي الموقف المصري وبيضر بمصالح إثيوبيا على الصعيد الإقليمي والدولي، حتى وإن كان يهدف لتحقيق مصلحة له فهي سبب للتوتر الإقليمي .
 
إثيوبيا في مخالفة صريحة لتعهداتها في اتفاقية المبادئ تعلن عن الملء الأحادي للسد، فالقضية هنا ليست قضية تنمية بل تهديد أمني صريح لأمن واستقرار واحدة من أكثر المناطق خطرا، ومجاورة لمضيق باب المندب وحركة التجارة تمر عبر هذا المضيق، وارتباط ذلك بحركة الملاحة الدولية.
 
»هل النظام في إثيوبيا يحاول التغطية على جرائمه في إقليم تيجراي وفشله في إدارة الملفات الداخلية باللعب على وتيرة الحشد الشعبي في ملف السد؟


النظام الإثيوبي يهرب إلى الخارج ويحاول أن يجد قضية يحشد من خلالها الرأي العام الذي أصبح يدينه على الصعيد الداخلي أو الإقليمي أو الدولي، وهذه سياسة متهورة أدت إلى جرائم ضد الإنسانية واضطراب إقليمي، لذلك رئيس الوزراء الإثيوبي اَبي أحمد، يهرب بقضية سد النهضة لتغطية جرائمه في تيجراي، فهذه هي الورقة الرابحة الاَن في يده لحشد شعبه، ولكن الكثيرين سوءا في الداخل الإثيوبي أو الخارج يعرفون أنه خسر الكثير وسيخسر في النهاية.


حكومة اَبي أحمد أساءت إلى شعبها وارتكبت كل هذه المذابح، فالمشهد الإثيوبي أناني ولابد على المجتمع الدولي أن يتحمل مسئولياته، ومصر قادرة على تحقيق أهدافها والعالم أجمع يدرك ذلك، مصر في كل تحركاتها تتوخي مصلحة الجميع.


وهنا لابد أن يتدخل المجمتع الدولي في الوقت المناسب حتى لا يزداد الوضع تدهورا، ومصر بكل الأحوال تستطيع الحفاظ على حقوقها.
 
»كيف خسَر اَبي أحمد مصالح دولته مع مصر ؟


مصر لا تترك حقها أبدا، وهذا مسجل في كتب التاريخ ومعلوم للجميع، كما أن مصر لا تريد إلا الخير لكل الدول ولكن في الوقت نفسه دون أن تضر هذه الدول بمصالحنا وحقوقنا، رئيس وزراء إثيوبيا يُدرك أنه إذا كان يريد تنمية بلده فالتعاون مع مصر أساس هذه التنمية، واضطراب الإقليم وتوتر العلاقات سيحول دون تحقيق سد النهضة لهدفة التنموي.


رئيس وزراء إثيوبيا خسّر دولته الكثير من المصالح المشتركة مع مصر؛ بسبب تعنته غير المبرر في ملف السد، فالأسواق المصرية كانت مفتوحة لصادرات إثيوبيا دائما، كما أنه يمكن الربط الكهربائي بين إثيوبيا ومصر من خلال السد العالي وينتقل حتى هذا الكهرباء إلى أوروبا، كما أن مصر يمكن أن تكون الربط البري الذي يقود إثيوبيا كدولة حبيسة إلى البحر المتوسط.


لكننا أمام مشهد لقيادة متهورة محدودة التفكير، وعلى الجميع أن يدرك أن لدى مصر القدرة على حماية مصالحها بشكل فاعل وبالشكل الذي تراه مناسبا.


اتفاقية 1902 تمت مع إثيوبيا المستقلة، وإتفاقية 2015 وضعت اللبنة القانوينة والزمت إثيوبيا  بمبادئ اتفاقيات الأنهار الدولية، وكان اتفاقا هاما وضروريا.
 
» كيف رأيت كلمة وزير الخارجية سامح شكري في مجلس الأمن ؟


كلمة وزير الخارجية سامح شكري كانت ملحمية شاملة جامعة قوية بها عزة مصر ومكانتها وقدرة الاقناع والتأثير، كانت واحدة من أهم المعارك بالفعل  التي خاضتها مصر.


كما أن وزير الخارجية تحمّل الكثير في ملف من أصعب ملفات الأمن القومي المصري، ووقف بصلابة أمام مراوغة وكذب الجانب الإثيوبي.


الكل يعلم أن سياسة إثيوبيا غير مسئولة تستجدي المجتمع الدولي بفقر شعبها وبحاجتها للتنمية

حتى لو على حساب الدول الاَخرى، وأكدت مصر مرارا وتكرار أنها ليست أبدا ضد هذه التنمية بل معها تماما وفي ديباجة مشروع قرارانا كل الخير والنماء للشعب الإثيوبي دون الإضرار بمصالحنا المائية.
 
»ما هي المكاسب التي حصلت عليها مصر من جلسة مجلس الأمن؟


أولاَ التأكيد على أن قضية سد النهضة لم تعد تنموية، بل هي قضية تهديد للأمن والاستقرار الإقليمي، وكذلك تهديد للأمن والسلم الدوليين، ومن ثم فهي مرتبطة ارتباطا أصيلا بعمل مجلس الأمن الدولي الذي عليه أن يتخذ من القرارات الحاسمة إزاء هذه القضية، بالإضافة إلى أن أمامه قرارا عادلا ومنصفا للأطراف الثلاث وكل هذا يدعو إليه.
 
»كيف رأيت كلمة مندوبين بعض الدول في جلسة مجلس الأمن خاصة روسيا والصين ؟


كلمة بعض مندوبين الدول في جلسة مجلس الأمن الخاصة بمناقشة ملف سد النهضة تحكمها مصالح الدول المشتركة، وبما أن روسيا والصين والهند دول منبع للأنهار فمن مصلحتها عدم مناقشة ملف المياه داخل مجلس الأمن.


كما أن أزمة سد النهضة خطر على استقرار حركة التجارة في المضايق البحرية، والموقف الروسي دعا صراحة لتواجده إلى جوار المفاوضين، وأن يُقدم ما من شأنه الرفض المسبق، فهناك أمور تتعلق بالاستغلال السئ للملف والإضرار بمصالح الإقليم المرتبط بمصالح دولية. 
 
» اتخذت مصر كل الطرق الممكنة لحل أزمة سد النهضة بالطرف التفاوضية.. فما الدور المنوط على مصر حال استمرار التعنت الإثيوبي؟


على مدار 10 سنوات تقريبا، اتخذت سلكت مصر كل الطرق الممكنة التفاوضية من أجل التوصل إلى اتفاق عادل وملزم في مف سد النهضة، ووقعنا على اتفاقية إعلان المبادئ في الخرطوم عام 2015 والتزمنا بها، لكن إثيوبيا اخلت ببنود هذه المبادئ واتخذت طريق منفرد وأعلنت عن ملء السد بشكل أحادي دون إشراك مصر والسودان في هذه الخطوة، الأمر الذي ينذر بأزمة حقيقة لمصر والسودان.


وبعد خطوة إثيوبيا المنفردة، لجأت مصر إلى طاولة المفاوضات أكثر من مرة، لكن إثيوبيا في كل مرة تخادع وتغالط في القضية وتحاول تضليل مصر والسودان بشتى الطرق، وتدخل الاتحاد الأفريقي على طاولة المفاوضات والجامعة العربية لكن دون جدوى أيضا... حتى لجوء مصر إلى مجلس الأمن في نهاية الأمر وننتظر قرار المجلس.


والتزام مصر بالقانون الدولي يتيح لها اتخاذ ما تراه مناسبا من إجراءات، إلتزامك بالقانون الدولي دلالة على مكانة الدولة واحترامها لتعاهداتك الدولية والمواثيق الموقعة بين مصر والسودان وإثيوبيا، ولكن إذا استمر الطرف الاَخر في تصرفاته فالمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة تتيح للدول لحين اتخاذ مجلس الأمن ما يراه مناسبا أن تُدافع تلك الدول عن مصالح أمنها القومي بالشكل الذي تراه مناسبا.

 

 

»  كلمة الرئيس السيسي في احتفالية مبادرة "حياة كريمة" حملت معها الكثير من الرسائل للداخل والخارج.. كيف رأيتها ؟

 

عبّرت كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي، في احتفالية مبادرة "حياة كريمة" التي تمت في استاد القاهر، عن اهتمام الرئيس بالإنسان وأوضاعه الاجتماعية والصحية والتنموية التي هي أساس لبدء الجمهورية الجديدة التي تستند على رفعه الإنسان وشأنه، والاهتمام بأهم مكونات مشروع حياة كريمة وهو الريف المصري، فإثراء الريف المصري والنهوض به هو إثراء لمصر اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا وصحيا وإنسانيا.

 

كما أن ٦٠٪ من مجموع الشعب المصري يعيشون في الريف، فإذا ارتقينا بالريف ارتقينا بمصر واعتمد اقتصادنا على قاعدة صلبة تتعزز فيها قدرة المواطن على الاسهام في نمو اقتصاده، وكذلك على الإنفاق فيتحول الاقتصاد الوطني اعتمادا على قدراته الذاتية إنتاجيا وذاتيا في ظل رعاية اجتماعية وصحية.

 

» وبالنسبة لكلمة الرئيس بشأن سد النهضة.. هل أثلجت قلوب المصريين ؟

 

كلمة الرئيس السيسي بالنسبة لسد النهضة جاءت تعبيرا عن وعي وفهم استراتيجي معمق لتعكس الروح الصلبة التي تسعي من أجل صالح الاَخرين وصالح البلاد وأمنها القومي، فيقدم للأشقاء في إثيوبيا والسودان تصور لعملية ترابط إقليمي بري وسككي ومائي وكهربائي، ويحول منطقة شرق أفريقيا لإطار من أطر التعاون المستقر تترابط فيه المصالح المشتركة بين البلدان الثلاث.

 

كل هذه الروئ حواها المعني الذي أكده الرئيس السيسي، بالاهتمام بالتعاون المشترك بين دول حوض النيل الأزرق، في الوقت نفسه طمأن الشعب المصري بأن دولة بحجم مصر لا يُمكن أن يقلق شعبها، فجدد الخط الأحمر الذي لا يمكن تجاوزه وأن يتعدى أحد على حقوق مصر، وأكد على أن المجتمع الدولي يتحمل مسئولياته، وأن مصر لن تفرط أبدا في حقوقها المائية.