عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

"الحياد الإيجابى".. جوهر السياسة العُمانية الحكيمة

السلطان هيثم والملك
السلطان هيثم والملك سلمان يشهدان التوقيع على مذكرة تفاهم تأ

 سلطنة عُمان والسعودية تتفقان على مواصلة جهود إيجاد حل سياسى شامل للأزمة اليمنية

مسقط والرياض: التعاون والتعامل بشكل جدى وفاعل مع الملف النووى والصاروخى الإيرانى

 

تحتفظ سلطنة عُمان برصيد واسع من العلاقات الطيبة والمميزة مع الدول الشقيقة والصديقة، وتزداد هذه العلاقات كل يوم متانة وقوة واتساعاً، وهذا لم يأت بمحض المصادفة أو نتيجة ظروف فرضتها الساحة الدولية والإقليمية، وإنما جاء بناءً على قناعات راسخة، وأُسس أصيلة ومتجذرة نابعة من صميم تاريخ الإنسان العُمانى وحضارته وثقافته وسماته وسمته، وخصوصيته الشخصية، وهذا ما يوثقه التاريخ وبات مكشوفا ومقروء أمام الجميع.

فالعلاقات التى تربط السلطنة مع دول العالم الشقيقة والصديقة تُعد من أنجح العلاقات التى تربط الدول بعضها ببعض، وذلك بفضل السياسة الحكيمة التى أرسى دعائمها المغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور طيب الله ثراه والتى اتسمت على الدوام بمبادئ قويمة تقوم على التعاطى المُتحضر والتعامل الإنسانى والاحترام المُتبادل، وعدم التدخل فى الشئون الداخلية، وحل المُشكلات والقضايا بالحوار فى إطار حكيم يُغلب لغة العقل والمنطق والحكمة.

 

أسس راقية

وبفضل هذه الأُسس الراقية أرسى السلطان قابوس، رحمه الله، مكانة دولية للسلطنة، وحظيت بالقبول والإشادة والتقدير والاحترام، وبالوضع المرموق الذى يليق بالمكانة التاريخية والحضارية والدور الكبير الذى لعبته عُمان فى التاريخ الإنسانى والحضارى.

وما يُميز هذه السياسة الحكيمة للسلطنة أنها سياسة مُحبة للاستقرار والأمن والسلم والرخاء والطمأنينة والتنمية والتسامح والتآلف ونبذ الغُلُو والتطرف والصراعات، لذلك كرست جهودها وطاقاتها وسخرت إمكاناتها لتحقيق ذلك ومساعدة المنظمات الدولية المعنية ودول العالم، ودعم قضايا الشعوب العادلة، وحل الصراعات بالسلم والحوار البناء، وتقريب وجهات النظر، والعمل على بناء الثقة بين الأطراف المتصارعة والفرقاء.

فجوهر السياسة العُمانية قائم على الحياد الإيجابى والنأى بالنفس عن الصراعات، حيث تنظر إلى أن الأمن والاستقرار والسلام ضرورة لا غنى عنها، وهذه الضرورة لا تتحقق إلا بالتخلى عن السياسات غير السوية، وبالرؤية إلى الحياة وحاجة الناس إلى التعايش والاستقرار والسلام والأمن والتنمية بمنظار الواقعية والتسامح والإخاء والتعاون والمشتركات الإنسانية.

 

عمق العلاقات

وقد جاءت زيارة السلطان هيثم بن طارق سلطان عُمان للسعودية الأسبوع الماضى، تأكيداً على عمق العلاقات التاريخية بين السلطنة والمملكة، وانطلاقا من حرص قيادتى البلدين الشقيقين على توثيق الروابط المشتركة التى تجمع بينهما، وتلبيةً للدعوة الكريمة التى تلقاها سلطان عُمان من أخيه خادم الحرمين الشريفين.

وقد تابع الشعبان الشقيقان العُمانى والسعودى تفاصيل هذه الزيارة التاريخية، بكثير من الغبطة والسرور خصوصًا أن الجانبين الرسميين احتفيا بالزيارة بوصفها تتويجا للعلاقات التاريخية بين البلدين، إضافة إلى الاحتفاء الشعبى الذى بدأ منذ فترة مبكرة عندما أعلن خبر الزيارة بشكل رسمى.. وتلك الفرحة وذلك السرور مفهوم جدا فى ظل العلاقات الثنائية بين بلدين شقيقين بحجم عُمان والسعودية، ونعنى بالحجم البعد التاريخى والحضارى للبلدين ومدى تأثيرهما على المحيط فى العصر الحديث.

 

تطابق وجهات النظر

والبيان المُشترك الذى صدر فى ختام زيارة (الدولة) هذه، أكد أهمية الزيارة لجهة التقاء النظرتين الحكيمتين العُمانية والسعودية تجاه ما يخدم العلاقات الثنائية العُمانية السعودية، ويعززها ويقوى عُراها، وتجاه ما يخدم مسيرة مجلس التعاون الخليجى، بما ينسجم مع الأهداف السامية النبيلة التى قام على أساسها مجلس التعاون، وإزاء ما يخدم الأمن والسلم فى الإقليم والعالم، حيث مضامين البيان المشترك فيما يتعلق بالشأن اليمنى، أكدت تطابق وجهات نظر البلدين الشقيقين حول مواصلة جهودهما لإيجاد حل سياسى شامل للأزمة اليمنية قائم على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطنى اليمنى الشامل وقرار مجلس الأمن الدولى رقم (٢٢١٦)، ومبادرة المملكة العربية السعودية لإنهاء الأزمة اليمنية، ورفع المعاناة الإنسانية عن الشعب اليمنى الشقيق، وفيما يتعلق بالملف النووى والصاروخى الإيرانى أكدا أهمية التعاون والتفاهم بما يُسهم فى تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمى والدولى والتأكيد على مبادئ حسن الجوار واحترام القرارات الأممية والشرعية الدولية وتجنيب المنطقة كافة الأنشطة المزعزعة للاستقرار.

هذه هى السياسة العُمانية التى يترسم خطاها اليوم السلطان هيثم بن طارق، تُوحد ولا تُفرق، تُقرب ولا تُبعد، تبنى ولا تهدم، يدها ممدودة للأشقاء والأصدقاء من أجل السلام والأمن والاستقرار والرخاء والتنمية للإنسانية جمعاء.

 

مجلس التنسيق المشترك

وجدير بالذكر أن الجانبين العُمانى والسعودى، رحبا خلال جلسة المباحثات الرسمية بينهما فى مدينة «نيوم» السعودية، بالتوقيع على مذكرة تفاهم فى شأن تأسيس مجلس تنسيق عُمانى

سعودى برئاسة وزيرى خارجية البلدين لتعزيز علاقاتهما الثنائية فى شتى المجالات، كما اتفقا على توجيه الجهات المعنية للإسراع فى افتتاح الطريق البرى المباشر والمنفذ الحدودى الذى سيُسهم فى سلاسة تنقّل مواطنى البلدين وتكامل سلاسل الإمداد فى سبيل تحقيق التكامل الاقتصادى المنشود بين البلدين.. ورحبا أيضا بالتواصل الفاعل بين الوزراء فى البلدين لبحث المواضيع المشتركة وذات الاهتمام من الجانبين، كما وجها بالعمل على إبرام عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين البلدين للتعاون فى مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والأمنية والثقافية والدبلوماسية والتعليمية وفى كل ما من شأنه أن يعزز المنافع والمصالح المشتركة ويعود على شعبى البلدين بالخير والنماء.

وأكد الجانبان عزمهما فى رفع وتيرة التعاون الاقتصادى بين البلدين من خلال تحفيز القطاعين الحكومى والخاص للوصول إلى تبادلات تجارية واستثمارية نوعية تحقّق طموحات الشعبين وتُسهم فى تحقيق مستهدفات رؤية «المملكة 2030» ورؤية «عُمان ٢٠٤٠»، وعبر إطلاق مجموعة من المبادرات المشتركة والتى تشمل مجالات تعاون رئيسية منها الاستثمارات فى منطقة الدقم، والتعاون فى مجال الطاقة، إضافة إلى الشراكة فى مجال الأمن الغذائى، والتعاون فى الأنشطة الثقافية والرياضية والسياحية المختلفة.

 

البيئة والأمن الغذائى

وأكد الجانبان تعزيز التعاون فى مجالات البيئة والأمن الغذائى ومبادرة الشرق الأوسط الأخضر التى أعلن عنها الأمير محمد بن سلمان ولى العهد السعودى نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع لما فيها منفعة على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية.

وأشاد الجانبان بجهود دول مجموعة أوبك بلس، بقيادة المملكة وبمشاركة سلطنة عُمان، التى أدت إلى استقرار وتوازن الأسواق البترولية، رغم ضعف الطلب الذى عانت منه الأسواق جراء موجات جائحة كورونا التى لا تزال تؤثر في جزء كبير من العالم.. وأكدا على ضرورة الاستمرار فى التعاون لدعم استقرار الأسواق البترولية.

كما رحبا بتعزيز التعاون حول تطبيق نهج الاقتصاد الدائرى للكربون الذى أقرته مجموعة العشرين كونه إطار متكامل وشامل لمعالجة التحديات المترتبة على انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحرارى وإدارتها من خلال التقنيات المتاحة، لأنه نهج يمثل طريقة مستدامة اقتصادياً لإدارة الانبعاثات من خلال تطبيق عناصره الأربعة وهى الخفض وإعادة الاستخدام وإعادة التدوير والإزالة، ونوه الجانبان بأهمية تبنى مصادر الطاقة المتجددة وتقنياتها، وذلك لإسهامها فى استدامة إمدادات الطاقة عالمياً.

 

فرص الاستثمار

واتفقا على توجيه الجهات المعنية للقيام بدراسة فرص الاستثمار المتبادل بينهما فى التقنيات المتطورة والابتكار ومشاريع الطاقة والطاقة المتجددة والصناعة، والمجال الصحى والصناعات الدوائية، والتطوير العقارى، والسياحة، والبتروكيماويات، والصناعات التحويلية، وسلاسل الإمداد والشراكة اللوجستية، وتقنية المعلومات والتقنية المالية التى تعود بالنفع على البلدين آخذًا بالاعتبار الإمكانيات المتاحة والفرص الطموحة.

كما رحب الجانبان بمشاركة الشركات السعودية للاستثمار فى المشروعات النوعية التى تسعى السلطنة لتحقيقها.. وتبادلا وجهات النظر حول المسائل والقضايا التى تهم البلدين على الساحتين الإقليمية والدولية، وأكدا العمل فى تنسيق مواقفهما بما يخدم مصالحهما ويدعم ويعزز الأمن والاستقرار فى المنطقة والعالم.