رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رمضان شعيرة روحية في الإسلام لتعميق الصلة بين الله والإنسان

بوابة الوفد الإلكترونية

فلسفة الصيام تقوم على ضبط رغبات الجسد وقهر الشهوات

صدقة الفطر إقرار من الجميع بأهمية التعاطف مع الفقير والمحتاج

 

أكد الدكتور أحمد محمد سالم أستاذ الفلسفة الإسلامية والفكر العربى الحديث بكلية الآداب جامعة طنطا، أن الآفة الكبيرة فى أداء الشعائر الروحية فى الإسلام تتمثل فى تفريغها من مضمونها للدين وتحويلها إلى مجرد عادة اجتماعية خالية من أى مضمون روحى رباني.

وأشار د.«سالم» إلى أن شهر رمضان له طقوس اجتماعية احتفالية يختص بها المجتمع المصرى ، مثل الاحتفال بالفوانيس واجتماع الأسر على الطعام فى الإفطار والسحور، مؤكدا أن رمضان تقليد دينى أيضا من حيث كونه شعيرة روحية فى الإسلام لتعميق الصلة بين العبد وربه.

وأضاف أستاذ الفلسفة والفكر الحديث أن فلسفة الصوم تقوم على أن الجسد هو حامل للروح ومؤثر فيها ، ففلسفة الصوم تقوم على ضبط رغبات الجسد والتحكم الروحى فى تلك المتطلبات، فالصوم يكسر الرغبات ويقهر الشهوات ويضبط حركة الجسد والجوارح.

وقال « سالم» إن الصيام على الرغم من أنه علاقة خاصة بين العبد وربه فإن له تأثيره العميق على البعد الاجتماعى فى أنه يخلق حالة من التعاطف بين الأغنياء والفقراء، بما يشعر به الصائم من محنة الفقير فى تحصيل الطعام فيأتى فى نهاية الشهر ليقر الجميع بإخراجه من صدقة الفطر اعترافا منهم بأهمية التعاطف مع الفقير والمحتاج. «الوفد» التقت الدكتور أحمد سالم أستاذ الفلسفة والفكر الحديث وهذا نص الحوار:

 

 

بداية ..ماذا يمثل لك رمضان والصيام ؟

      • رمضان يمثل لى تقليدا دينيا واجتماعيا فى الوقت نفسه، فهو تقليد دينى من حيث كونه شعيرة روحية فى الإسلام تعمق الصلة بين الله والإنسان، فهو شهر للروحانية والعبادة، وشهر لتعميق الصلة بالله، وإرساء التعاطف مع الآخر الفقير، وإرساء دائم الوحدة الاجتماعية من خلال ممارسة الجماعة لشعيرة دينية واحدة، ولكن لهذا الشهر الكريم طقوس اجتماعية احتفالية يختص بها المجتمع المصرى مثل الاحتفال بالفوانيس، واجتماع الأسر على الطعام فى الإفطار والسحور، ولا شك أن هذه التقاليد الاجتماعية المصاحبة للشعيرة راسخة فى نفوس المصريين منذ طفولتهم، وهى تقاليد مستقرة لها طابعها الخاص فى مصر عن كل دول العالم.

      • وماذا عن فلسفة الصيام ؟

      • الصوم موجود فى كل الأديان الإبراهيمية، بل وفى الأديان البشرية مثل أديان الهند الكبرى، وتقوم فلسفة الصوم على أن الجسد هو حامل للروح ومؤثر فيها، بل ذهبت بعض الأديان إلى أن الجسد هو سجن للروح، فالإنسان هو جماع قبضة من طين الأرض، ونفخ نورانية من روح الله ، الجسد يرغب فى الشهوات من المأكول والمشروب والمنكوح، يرغب فى الطعام الفاخر ،والثياب البهية، أما الروح النورانية فتتطلع إلى السماء راغبة فى السمو والارتقاء والتحليق، هنا يتنازع الإنسان متطلبات الجسد التى هى أساس العمران البشرى، وبين سعى الروح للسمو والارتقاء والتطهر من قتامة الجسد ومتطلباته، وهذا الصراع بين ما هو حسى وما هو روحى تكمن فلسفة الصوم فى كل الأديان على اختلافها، وذلك فى محاولة الصوم لأن فلسفة الصوم تقوم على ضبط رغبات الجسد، والتحكم الروحى فى تلك المتطلبات، فتتحكم الروح عبر الصوم فى شهوات تسعى للإشباع بلا نهاية، فالصوم يكسر الرغبات، ويقهر الشهوات، ويضبط حركة الجسد والجوارح، ولذا كان الصوم فى أوقات محددة من العام لأتباع الأديان، ولكن الصوم للرهبان والمتصوفة، والذين يرغبون فى تعميق وتعبيد طريقهم إلى الله هو الأصل فى حياتهم، لأنهم من خلال الصوم يستطيعون تحرير الروح من متطلبات الجسد لانطلاق الروح النورانية من سجن البدن نحو الآفاق النورانية، فترتقى الروح بالذكر والشكر والصلاة والتلاوة فى تجربة شديدة الخصوصية فى علاقة العبد بالرب، والأصل فى الصيام واحد فى كل الأديان، والهدف منه واحد، وهو التحكم فى الطبيعة الحسية برياضة روحية للسيطرة على الجسد  . 

      • وما دور وأثر الصيام على الإنسان والمجتمع ؟

      • لا شك أن الصيام كشعيرة دينية لها تأثير على حياة الفرد من الناحيتين الروحية والجسدية، فأما الروحية فإنه يعمق الصلة الروحية بين العبد والرب، ويصل الإنسان بالسماء، من خلال الصلاة المستمرة، والذكر والشكر وتلاوة القرآن، ولذا فالصيام يعمق صلة الأرض بالسماء، وصلة الإنسان بالله، ويزيد من عمق التجربة الإيمانية، ومن الناحية الجسدية فإنه يسهم فى تقوية الإنسان أمام رغبات الجسد، كما يزيد قوة الإنسان على تحمل الجوع والعطش، فهى رياضة روحية تبغى تقوية الجسد الإنسان فى التحمل ، كما أنه يسعى لإحداث توازن بين المادى والروحى، والحسى والمعنوى، وذلك لأجل الارتقاء الروحى للإنسان .

وعلى الرغم من أن الصيام هو علاقة خاصة بين العبد الرب، فإن للصيام تأثيره العميق فى البعد الاجتماعى فى أنه يخلق حالة من التعاطف بين الأغنياء والفقراء، وذلك بما يشعر به الصائم من محنة الفقير فى تحصيل الطعام، فيأتى فى نهاية الشهر ليقر الجميع بإخراج صدقة الفطر اعترافا منهم بأهمية التعاطف مع الفقير والمحتاج، ويواصل الصيام فى المجتمع المسلم

أهمية المشاركة الاجتماعية، ووحدة المجتمع المسلم، وأهمية الحفاظ على النعمة لأن الصيام يدرب الإنسان في المجتمع على المحافظة على النعمة  للإقرار بقيمتها من خلال الحرمان منها ساعات طويلة من اليوم .

< ما ="" موقع="" الصيام="" بين="" العبادات ="" فى="" الإسلام="">

ـ على الرغم من أن الصوم هو الشعيرة الرابعة فى الإسلام، بعد الشهادتين ، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، فإن الصوم يكثر الشعائر السابقة عليه عمقاً رأسياً ، حيث يكثر الإنسان فى الصوم الذكر والتسبيح لله، وتكرار الشهادتين ، كما أن الصوم يزيد من الصلاة، ووصل الصلة بالله بصلاة القيام أو التهجد ، ومن جانب آخر يعمق الصيام أداء الإنسان للزكاة والصداقات، ولهذا لم يكن غريبا أن تأتى هذه الشعيرة لتكون الرابعة لأنها تؤسس لتعميق الشعائر الثلاث التى قبلها، ولعل هذا أميز ما يوجد فى شهر الصيام.

وتظل الآفة الكبيرة فى أداء الشعائر الروحية فى الإسلام ،هي تفريغها من مضمونها الدينى، وتحويلها إلى مجرد عادة اجتماعية خالية من أى مضمون روحى ربانى، وذلك لأن المجتمع الآن بات غارقًا فى بحر من المادية، ولم يسع الخطاب الدينى إلى الدعوة لهذه الشعيرة بوصفها شعيرة روحية خالصة تعيد التوازن الروحى للإنسان، إن هذا هو الدور المنوط به للخطاب الدينى والدعوى لإعادة الصيام إلى مكانته الروحية الخالدة .

< كيف="" قرأت="" مدرسة="" الإصلاح="" الدينى="" الصيام="" كشعيرة="" دينية="">

ـ يذهب أمين الخولى منطلقاً من التفسير الاجتماعى للإسلام  أن يكشف عن البعد الاجتماعى للصيام، فيرى أن الهدف الاجتماعى للصوم هو ربط هذه العبادة بحياة الأمة، حتى تصير عاملاً فعالاً فى إنعاش الحياة، وتلافى ظواهر النقص فى نواحيها المختلفة من صحية، وعملية، على نحو ما تفعل الأمم الشاعرة بحق أفرادها فى الحياة الكريمة، ولهذا أشعر أن الهدف الاجتماعى لحل التدبير التعبدى فى رمضان : أنه موسم خير يقام سنوياً لعلاج مشكلة الفوارق، وتذليل مصاعبها، وقد رفض الخولى توجه الصوفية نحو تشجيع مسألة الجوع، وتلمس الآثار لفضل الجوع، لأن فلسفتهم حول الجوع ليس مما يرحب به هدي القرآن كثيراً، وأن الروح الحيوية التى امتاز بها الإسلام، وقررها فى كتابه الكريم، لا تهتم كثيراً لما أطال به الصوفية من اعتبار الجوع سيد الأعمال، وأنه فضل العبادة، أو مخ العبادة، وأن ترحيبهم بما ينتهى إليه الجوع من الضعف حتى عن أداء العبادة المفروضة كالصلاة ليس مما يتفق كثيراً مع هذه الروح الجادة النشطة التى يحرص عليها الإسلام، وإنما هى روح دخيلة على الإسلام .

وفى موضوع الصيام يرفض عبد المتعال الصعيدى توجه الصوفية نحو تقديس الجوع الذى لا يمكن أن يتحمله الجسم، ويتخذ من الصيام وسيلة لتقوية النفس الإنسانية فى مواجهة الجوع، والابتعاد عن الشهوة الجنسية فيقول: «إن الصوم رياضة للنفس والجسم على احتمال الجوع والابتعاد عن الشهوة الجنسية من مطلع الفجر إلى غروب الشمس، فهو أدب من أعظم الآداب يراد منه تربية المسلم نفسيًّا وجسميًّا ليكون منه إنسان ذو حزم وقوة وعزم، يصبر على مكاره الحياة من جوع ونحوه إذا صادفته فى حرب وغيره، ويقوى على منافسة غيره من أفراد الشعوب التى تنافس شعبه فى الحياة، فلا يجبن ولا يتقهقر فى منافسته ، بل يكون أسبق منها فى ميدانها، وأقوى على احتمال أعبائها».