رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

د. محمد داود يكتب : مقاصد القيم الإسلامية وتزكية الإنسان

د. محمد داود
د. محمد داود

< التزكية="" مصطلح="" قرآنى="" له="" موقع="" مهم="" فى="" منظومة="" القيم="" القرآنية="" ومعناه="" تخليص="" الإنسان="" من="" الصفات="" المذمومة="" السلبية="" وتطهيره="" من="" كل="" دنس="" ومعصية="" هذا="" من="" جانب,="" ومن="" جانب="" آخر="" تنمية="" الإنسان="" بإكسابه="" الصفات="" المحمودة،="" إنها="" تجمع="" بين="" (التحلى="" والتخلى).="">

وتأتى التزكية مرادفًا للمصطلح المعاصر التربية.

< وجاءت="" آيات="" القرآن="" بالأمر="" بتزكية="">

قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} (الأعلى:١٤- ١٥)، ومن الملاحظات المدهشة أن أطول قسم فى القرآن الكريم يتعلق بتزكية النفس، قال تعالى: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} (الشمس: ٩ - ١٠)

والتزكية مهمة الأنبياء فى الناس، قال تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِى ضَلَالٍ مُبِينٍ}( آل عمران: ١٦٤).

وهى فضل من الله تعالى على عباده المؤمنين {بَلِ اللَّهُ يُزَكِّى مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا) (النساء : 49).

والتزكية اجتهاد من الإنسان بتزكية ماله بالزكاة والصدقة وأن يكون من حلال, وبتزكية نفسه بالعبادات التى فرضها الله تعالى وبسنن النبى (صلى الله عليه وسلم).. وهكذا تتحقق التزكية بكل الطاعات بذكر الله تعالى وشكره وحسن عبادته سبحانه.

< ولقد="" نهى="" القرآن="" من="" جانب="" آخر="" وحذرنا="" من="" التزكية="" المذمومة؛="" قال="" تعالى:="" {فَلَا="" تُزَكُّوا="" أَنْفُسَكُمْ="" هُوَ="" أَعْلَمُ="" بِمَنِ="" اتَّقَى}="" (النجم="" :="" 32)،="" وذلك="" بمدح="" الإنسان="" نفسه="" أوغيره="">

جاء فى صحيح البخارى «أثنى رجل على رجل عند النبى (صلى الله عليه وسلم)، فقال النبى للرجل : ويلك قطعت عنق صاحبك.. وكررها النبى مراراً، ثم قال (صلى الله عليه وسلم): من كان منكم مادحاً أخاه لا محالة، فليقل : أحسب فلانا والله حسيبه, ولا أزكى على الله أحداً، احسبه كذا وكذا، إن كان يعلم ذلك منه».

< ومن="" أهم="" ما="" يعين="" على="" تزكية="">

الصحبة الصالحة، فالمرء على دين خليله، وكثرة ذكر الله تعالى لما له أثره فى القلب، فيجعله يرغب فى طاعة الله تعالى.. ويميل إليها.

< وهكذا="" يظهر="" لنا="" أن="" التزكية="" فى="" المنهج="" الربانى="" هى="" جماع="" الفضائل="" والمكارم="" وهى="" إنقاذ="" للإنسان="" وتنمية="" له="" ودعم="" له="" فى="" الخير="" والتنمية="" لأن="" الإنسان="" هو="" صانع="" الحضارة="" هو="" صانع="" التنمية="" هو="" صانع="" الرقى..="" وبدون="" تزكية="" الإنسان="" بالقيم="" الإسلامية="" سيبقى="" المجتمع="" البشرى="" مهدداً="" بالأزمات="" الخانقة="" والمشكلات="" المستعصية="" فى="" المجال="" الإنسانى="" والاجتماعى,="" تحيط="" به="" أمراض="" القلق="" والإحباط="">

إن الأساس فى كل إصلاح هو الإنسان إنه الركيزة الأساسية فى كل رقى.

وسيدنا إبراهيم عليه السلام دعا ربه بأن يرسل من يصلح شأن العباد، هكذا حكى القرآن؛ قال تعالى: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (البقرة : 129).

 

مقاصد سامية:

لقد خلقنا الله العليم الحكيم لعبادته وتوحيده والعمران (عمارة

الاكوان) وتزكية الإنسان.

ولقد قدم الإسلام منظومة من القيم المتكاملة، التى تضمن تحقيق هذه المقاصد العليا العظيمة، والتى بها يكون صلاح الفرد والمجتمع والحياة عموما، ويشهد التاريخ أنه عندما تمسك المسلمون بمنهج الله وبمقاصد القيم الإسلامية كانوا سادة وأسسوا حضارة عظيمة، أضاءت الدنيا بهذه القيم العظيمة السمحة.

< ومقاصد="" القيم="" الإسلامية="" الإيمانية="" والحضارية="" والعلمية="" والأخلاقية="" تأسست="" على="" هدى="" القرآن="" الكريم="" والسنة="" النبوية="">

< والجليل="" فى="" القيم="" الإسلامية="" أنها="" من="" تكاليف="" الإيمان="" وأخلاقه،="" الأمر="" الذى="" أعطاها="" قيمة="" مضافة="" فوق="" قيمتها="" التعبدية،="" وهى="" قيمتها="" النفعية="" للحياة="" فإن="" أقوى="" أنواع="" الضبط="" للسلوك="" الإنسانى="" هو="" الضبط="" الإرادى,="" النابع="" من="" داخل="" الإنسان،="" وليس="" بقوة="" من="" خارجه="" ؛="" وهذا="" لاينتج="" إلا="" من="" القيم="" والأخلاق="" التى="" يدعمها="">

 وهذه القيم الإسلامية لأنها من الخالق الحكيم {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (الملك:14)، جاءت متسقة منسجمة مع الإنسان مع مشاعره وآماله وأشواقه، ترقى به فى سلم الحضارة والمجد، إنها تزكية دائمة لأخلاقه بالصدق والأمانة والوفاء والإخلاص، والتسامح مع الآخرين.

< إن="" الحياة="" فى="" عالم="" تسوده="" هذه="" القيم="" الإسلامية="" لن="" تنعكس="" بالخير="" على="" الفرد="" وحده="" بالاستقرار="" والسلام="" النفسى="" وحسب،="" بل="" تنعكس="" على="" بناء="" مجتمع="" إنسانى="" يتصف="" بالتماسك="" والتراحم="" والقوة="" وبالصمود="" والثبات="" أمام="" كل="" الثقافات="" المضادة="" والأفكار="">

< بل="" إن="" هذه="" القيم="" الإسلامية="" هى="" هُوية="" المجتمع="" المسلم="" التى="" تميزه="" عن="" غيره="" من="">

< إن="" غاية="" الحق="" من="" الخلق="" هى="" الخير="" كل="" الخير="" للخلق="" وسبحان="" القائل:="" {وَمَا="" كُنَّا="" عَنِ="" الْخَلْقِ="" غَافِلِينَ}="" (="" المؤمنون:17).="" فكل="" الخلق="" تحت="" عين="" رعاية="" الخالق،="" وللإنسان="" موقع="" خاص="" فى="" هذه="" العناية،="" قال="" تعالى="" {إِنَّ="" اللَّهَ="" بِالنَّاسِ="" لَرَءُوفٌ="" رَحِيمٌ}="" (البقرة="" :="">

وفى قمة عناية الحق بالخلق عنايته بالمؤمنين {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ} (البقرة : 285)

وهكذا تؤدى هذه القيم الإسلامية بالإنسان إلى التناغم مع الكون كله، ومع البشرية جمعاء، ومع المؤمنين بكل نبى ورسول. ما أعظمها من قيم.

 هذا وبالله التوفيق.

[email protected]