رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

الأدوية المضروبة.. «سبوبة» للربح السريع

رفض الشركات لسحب المرتجعات.. وراء الكارثة


٧٠ ألف صيدلية تبحث عن حل للعقاقير منتهية الصلاحية


مافيا الدواء تروج بضائعها على صفحات «السوشيال ميديا»


أصحاب الأمراض المزمنة.. أول ضحايا معدومى الضمير

 

مصير غامض للأدوية منتهية الصلاحية يرفض أغلب العاملين فى قطاع الصيدلة الكشف عنه، فى الوقت الذى تمتنع فيه شركات الأدوية عن استلامها مما يضع أصحاب الصيدليات فى مأزق بسبب صعوبة التخلص منها، ويفتح الباب أمام معدومى الضمير للحصول على تلك الأدوية بطرق مختلفة، ليعاد طرحها للبيع بأسعار أقل من سعرها الحقيقى، مستغلين حاجة المرضى لها، وهو ما يمثل كارثة تهدد حياة المواطنين.
تشير البيانات إلى أن حجم تجارة الأدوية منتهية الصلاحية يبلغ مليارًا و200 ألف جنيه، تمثل 2٪ من إجمالى حجم الأدوية الموجودة بالسوق.
ووفقًا للأرقام الصادرة من نقابة الصيادلة، ويصل حجم تجارة الأدوية المهربة نحو من 3 إلى 10٪ منه من حجم تجارة الأدوية فى مصر، فضلا عن أن 80% من هذه التجارة تباع خارج الصيدليات، وأكد تقرير الإدارة المركزية لإدارة الصيدلة بوزارة الصحة، أن تجارة الأدوية المغشوشة تمثل نحو 10% من مبيعات الأدوية، التى بلغت فى 2018 نحو 90 مليار جنيه، حيث تخطت النسبة العالمية التى تقدر بـ6%، وتشير بيانات غرفة صناعة الدواء باتحاد الصناعات إلى أن حجم تجارة الأدوية المستوردة والمسجلة فى مصر 10 مليارات جنيه بواقع 18% من حجم تجارة الأدوية فى السوق المحلى.
صفحات عديدة انتشرت مؤخرًا على مواقع التواصل الاجتماعى لبيع أدوية محلية ومستوردة، وتوفير نواقص الأدوية، كأدوية الأورام والسكر والضغط بأسعار مختلفه، فضلًا عن الملصقات التى تنتشر فى وسائل المواصلات والشوارع التى تطلب شراء الأدوية المستعملة بنصف الثمن، تلك الحيل لجأ إليها البعض لجذب المرضى والتربح من ورائهم، ومع الأسف يتهافت الكثيرون لشراء تلك الأدوية دون أن يدركوا خطورتها، فيقع المريض فى شباك هؤلاء التجار ويظل المريض يتناول العلاج على أمل الشفاء دون أن يدرك أن ما يتناوله ما هو إلا كبسولات مسمومة أو بلا فاعلية قد تؤدى إلى وفاته بدلًا من شفائه.
وتشير الأرقام إلى أن إجمالى عدد شركات الأدوية التى تعمل فى مصر نحو 52 شركة، منها 8 شركات بقطاع عام وأعمال، و44 شركة خاصة، بالإضافة إلى 1260 شركة أدوية محلية، ويصل عدد صيدليات مصر إلى ما يقارب 70 ألف صيدلية، ويصل عدد المفتشين فى وزارة الصحة إلى 5 آلاف مفتش.
بداية الأزمة جاءت نتيجة عدم التزام الشركات المنتجة بسحب النسبة المنصوص عليها فى القرار الوزارى 499، والخاصة بالأدوية المنتهية الصلاحية، مما أدى لظهور كميات كبيرة من الأدوية الراكدة بداخل كل صيدلية.
سبق أن أصدرت الحكومة القرار رقم 115 لعام 2017 وإلزام شركات الأدوية بقبول المرتجعات من الأدوية منتهية الصلاحية من الصيدليات خلال عام، وينص القرار الوزارى على الزام كل الشركات بسحب الأدوية منتهية الصلاحية دون الاخلال بالعلاقات التجارية الخاصة القائمة بين الصيادلة والشركات المنتجة، أو شركات التصنيع لدى الغير التى تلتزم بها جميع الشركات المصنعة محليا، وشركات التوزيع بقبول جميع الأدوية التى صنعتها أو وزعتها والموجودة لدى الصيدليات، التى انتهت مدة صلاحيتها خلال عام من تاريخ صدور القرار.
وأصدر وزير الصحة القرار رقم 14 لسنة 2017، الذى تضمن آليات تنفيذ القرار الوزارى، الذى نص على أن الشركات المحلية وشركات التصنيع، وشركات التوزيع تلتزم بقبول الأدوية منتهية الصلاحية بحد أقصى 8% من المسحوبات الشهرية خلال التسعة أشهر الأولى، على ألا يتم التقيد بحد أقصى بعد هذه المدة، حتى يتم سحب جميع مرتجعات الأدوية بنهاية المدة، على أن يتم تعويض الصيدلى خلال فترة لا تزيد على 90 يومًا, وفى شهر أبريل 2018، ولكن ومع انتهاء المدة المحددة بالقرار الوزارى عادت الأزمة من جديد، حيث رفضت أغلب شركات الأدوية استلام الأدوية منتهية الصلاحية من الصيدليات، الأمر مما أدى لتكدس الأدوية منتهية الصلاحية بمخازن الصيدليات وعجز الكثير من الصيادلة عن التخلص منها، فلجأ البعض لحرقها بينما لجأ آخرون للتخلص منها بإلقائها فى صناديق القمامة، الأمر الذى أدت لظهور باب خلفى لتجارة الأدوية من معدومى الضمير، بالحصول على تلك الأدوية بطرق ملتوية وإعادة تدويرها بمصانع بير السلم وبيعها من جديد للمواطنين!
مؤخرًا حذرت وزارة الصحة فى بيان لها، من شراء الأدوية والمستحضرات الطبية عبر الصفحات المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعى, وأوضحت أن الغالبية العظمى من تلك الأدوية مغشوشة ومجهولة المصدر ومنتهية الصلاحية، وأشارت إلى أن التفتيش الصيدلى بالوزارة بالتعاون مع الأجهزة الرقابية المختلفة، رصدوا على وسائل السوشيال ميديا صفحات تستقطب المرضى لبيع أدوية الأمراض المزمنة، كما يتم شراء الأدوية التى لم تستعمل، مما يفتح الباب أمام إعادة تدوير المنتجات منتهية الصلاحية، وأوضحت أن هذه الصفحات لا تدعو فقط لشراء أدوية الأورام، بل للأدوية الحيوية المختلفة مثل الضغط والسكر والقلب والكبد والكلى لاستغلال حاجة المرضى، محذرة من التعامل معها مطلقًا والإبلاغ عنها سريعًا، وأضافت أن الإطار الآمن لشراء الدواء هو التوجه للصيدلية, كما أن سياسة الاسترجاع الآمن للأدوية معمول بها داخل صيدليات مصر منعًا لبيع المستحضرات خارج الأسواق الرسمية.
وقالت وزارة الصحة والسكان، إنه تم توجيه التفتيش الصيدلى بالإدارة المركزية للصيدلة للتعاون مع وزارة الداخلية قطاع الجرائم الإلكترونية لتتبع تلك الصفحات وغلقها ومعاقبة القائمين عليها، كما تم تشكيل فريق من التفتيش الصيدلى لتتبع صفحات السوشيال ميديا التى تروج لبيع وشراء أدوية خارج «الصيدليات» مؤكدة أن ذلك يعد بابًا من أبواب نشر الأدوية المغشوشة والمهربة مجهولة المصدر، بالإضافة إلى جمع الأدوية منتهية الصلاحية وإعادة تدويرها وطرحها بالأسواق طمعًا فى المكسب، فضلًا عن استغلال المرضى وترويج الأدوية المهربة ذات الأسعار المرتفعة بأسعار منخفضة قبل انتهاء صلاحيتها الفعلية.
يرى الدكتور عصام القاضى عضو لجنة الصحة بمجلس النواب، أن تلك الأزمة جاءت لرفض شركات الأدوية سحب الأدوية منتهية الصلاحية من الصيدليات، وفشل كل محاولات التوصل لحلول بين الشركات وأصحاب الصيدليات، ونتج عن ذلك قيام البعض بتغيير مدة الصلاحية ووضع الأدوية فى عبوات مختلفة وبيعها بنفس السعر، لأصحاب مخازن الأدوية وبذلك تصل إلى الأسواق من جديد، لأنه من المستحيل أن يقوم الصيدلى بتغيير صلاحية أى منتج، كما أن بعض مخازن الأدوية يمكنها

إعطاء فواتير فى أى وقت وبأى كمية ويروجون لتلك الأدوية بأسعار مخفضة، وتتولى تلك المخازن بتوزيعها على الصيدليات، وأضاف عضو لجنة الصحة بمجلس النواب الخطورة تكمن فى إمكانية إصابة متناولى تلك الأدوية بالسرطان، فضلًا عن أن المريض يظل يتناول الأدوية على أمل الشفاء ثم يفاجأ بتأخر حالته، لكون تلك الأدوية عديمة المفعول، وقد يصل الأمر فى بعض الحالات خاصة الحالات التى تحتاج لأدوية السيولة إلى الوفاة، فأصحاب النفوس المريضة هم السبب فى انتشار تلك المظاهر، حيث يبحث أغلبهم عن الأدوية المرتفعة الثمن والحيوية، لكسب مزيد من الأرباح على حساب المرضى، ومن ناحية أخرى فإن أغلب الصيدليات تلجأ لجمع الأدوية المنتهية الصلاحية داخل كرتونة لمحاولة استرجاعها، وهناك القليل من الشركات المنتجة تقبل استرجاع نسب بسيطة منها، بينما تلجأ صيدليات أخرى نتيجة لحالة الركود لشراء كميات قليلة من الأدوية حتى لا تتعرض للخسارة، لكن معدومى الضمير لديهم القدرة للوصول إلى تلك الأدوية وإعادة تدويرها بمصانع بير السلم وبيعها، هذا فضلًا عن أن رفض الشركات استرجاع تلك الأدوية قد يؤثر على سمعتها ويخفض مبيعاتها، وللتغلب على تلك الظاهرة المؤسفة لابد من عمل الباركود لكل دواء بداية من المادة الفعالة حتى التصنيع والتداول، وتلك هى أهم خطوة وهى المخازن التى تعتمد على الباركود، وبذلك يمكننا متابعة كل مراحل الغش والتزوير.
ويؤكد الدكتور محمود عمرو مدير مركز السموم بالقصر العينى، أن أى مادة كيماوية لها مدة صلاحية لأن الجزيئات التى تتركب منها تلك المواد تتحمل التماسك لمدة محددة، كما أن تحولها لمادة أخرى يحتاج وقت آخر.
كما أن تجارب تلك المواد قبل الاستخدام يحدد الفترة المحددة لاستخدامها، ويقول: بعد انتهاء مدة صلاحية الأدوية والمحدد على العبوات نجد أن المادة الفعالة تتحول إلى مادة أخرى وتتفكك أعضائها، ولا تصلح للتناول لأن تأثيرها سيصبح بلا قيمة أو سيكون لها ثأثير عكسى، لكونه سيكون ملوثًا ويسبب التسمم، فالأدوية تتغير تركيبه الكيميائى بمجرد انتهاء صلاحيتها، وهناك بعض الأدوية يجب وضعها فى درجات حرارة منخفضة لحفظها من الفساد، فتلك المرتجعات يجب أن تعود للشركات مرة أخرى حتى لا يتم استغلالها بصورة سيئة، فأدوية السرطان تباع بأسعار مرتفعة، وعندما يلجأ البعض لإعادة تدويرها تتحول لمواد مسرطنة نظرًا لتغير تركيبها الكيميائى، ولن يؤدى نفس المفعول، وهذه كارثة يجب على الدولة أن تحاربها، وينصح المواطنين بعدم شراء الأدوية إلا للعلاج ومن قبل صيدليات موثوق فيها، ويجب على الحكومة إنشاء هيئة رقابة على الأدوية، فهذا الأمر سيقضى على 70% من حالات التسمم.
ويرى محمد العبد رئيس لجنة الصيدليات بالنقابة العامة للصيادلة، أن الأدوية التى يتم تداولها على صفحات التواصل الاجتماعى هى أدوية مغشوشة أو مهربة وغير مسجلة بوزارة الصحة ويتم بيعها بأسعار رخيصة، والمفترض أن تكون هناك رقابة على بيع الأدوية، ويجب على الوزارة التعامل بحسم مع تلك الصفحات، لأن تلك الأدوية لا يمكن استخدامها مرة أخرى، كما أن أغلب الشركات المنتجة ترفض المرتجعات خوفًا من تعرضها للخسائر، ومن المفترض أن تكون هناك عقوبات على الشركات الممتنعة عن قبول المرتجعات، وهذا لا يحدث فى مصر، ففى نهاية عام 2015 كانت هناك اتفاقية مع غرفة صناعة الدواء برعاية وزارة الصحة بإلزام الشركات بسحب الأدوية منتهية الصلاحية من الصيدليات، لكن الشركات لم تلتزم لعدم وجود عقوبات على تلك الشركات التى رفضت بدعوى تعرضهم للخسائر، ومع الأسف أصبحت تلك الأدوية تباع فى الشوارع من قبل معدومى الضمير، وهنا يرى أنه للأبد من وجود قرار وزارى يلزم تلك الشركات ويعاقب الممتنعين، لأن تلك الأدوية يصعب التخلص منها فتتكدس لدى الصيدلى بالمخازن، والبعض يلجأ لإلقائها فى القمامة مما يتيح الفرصة لمعدومى الضمير بجمعها وإعادة تصنيعها فتتحول إلى سموم.
ولإنهاء تلك الأزمة يضع الصيدلى محمد العبد عدة حلول، أهمها ضرورة التخلص من الماكينات القديمة التى تقوم الشركات بالاستغناء عنها، أو بيعها بعد تقطيعها كقطع غيار، وعلى المواطن عدم الانسياق وراء الأدوية التى تباع بأسعار أقل من سعرها الحقيقى، وأن تكون هناك عقوبات رادعة على كل من يحاول استغلال المرضى.