رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مستشفى حميات إمبابة.. الإنسان قبل الدواء

مستشفى حميات إمبابة
مستشفى حميات إمبابة

رغم قرار وزيرة الصحة بإعداد وتجهيز نحو 376 مستشفى لاستقبال حالات «كورونا»، ورغم تخصيص عشرات المستشفيات العامة والمركزية فى القاهرة الكبرى للتعامل الفورى مع حالات البدايات الأولى، بإجراء الفحوصات والأشعات والتحاليل الطبية اللازمة، مع بقاء المريض أو المشتبه فى إصابته فى المنزل، والتزامه بتلقى العلاج «البروتوكولى»، لا يزال مستشفى حميات إمبابة بمحافظة الجيزة، يعانى ضغطاً كثيفاً من المرضى، ما يجعله الأكثر عدداً وكثافة من بين المستشفيات الأخرى، ومع ذلك يقدم الطاقم الطبى والعاملون الخدمة العلاجية والوقائية اللازمة لمواجهة الجائحة بشكل جيد، فى ضوء ما هو متاح لهم من إمكانيات تحتاج إلى دعم أكبر من وزارة الصحة ومن رجال الأعمال وفاعلى الخير والجمعيات الخيرية والأهلية.

ويعزو مترددون ومتعاملون هذا الضغط إلى عدة أسباب، أولها: اتساع النطاق الجغرافى الذى يخدمه، فهو مستشفى الحميات الوحيد الذى يخدم مدن وقرى ونجوع محافظة الجيزة، إضافة إلى بعض ساكنى مدن المحافظات المجاورة مثل القاهرة والقليوبية والمنوفية.

 ثانياً: عمليات التطوير التى تجرى خلال السنوات الأخيرة، ومع قدوم الدكتور محمود خليل، المدير الحالى للمستشفى، والدكتور ماهر الجارحى، نائب المدير، والدكتور خالد فوزى، مدير وحدة الكلى، وهى العمليات التى عززت ثقة المرضى، وأدت إلى زيادة الإقبال على جميع الأقسام.

ووسط هذا الزحام، وملاحقة شبح الموت لمرضى «كورونا»، لم تغب البصمة الإنسانية للطبيب والممرض المصرى، وما بين خطوات الفحص والكشف والإسعافات بين الأقسام، لا تستطيع المغادرة قبل أن تتوقف قليلاً عند وحدة الكلى، وتلك الوجوه الشاحبة التى تبحث عن فرصة غسيل للكلى المنهكة، تمنحهم فرصة مواصلة الحياة، ويكون المشهد أكثر حزناً وألماً وأنت ترى أطفالاً فى عمر الزهور، شاء القدر أن يضربهم «كورونا» دون أن يرحم آلامهم وعذابهم اليومى مع الفشل الكلوى وعمليات الغسيل.. يبكون، يصرخون، قبل أن يقرر مدير الوحدة تخصيص ركن لهم، فى محاولة لإنقاذهم ومساعدتهم على الشفاء بمساعدة بشر ضحوا بوقتهم ومالهم، بل بصحتهم؛ ليرسموا البسمة على وجوه هؤلاء الأطفال، يغزلون الأمل بما تحت أيديهم من إمكانيات متواضعة، وما فى قلوبهم من رحمة، ويعزفون أجمل سيمفونية عطاء، وكانت حالة الطفل يوسف عبدالسميع أقوى وأروع مثال على وجود الإنسان فى هذا المكان، حيث تماثل للشفاء من كورونا، واستعاد وظائفه الحيوية، وأصبح جاهزاً بشكل أفضل لعمليات الغسيل، وأكثر قوة لمواجهة ما يعانيه من ورم فى المخ كلف والده الكثير من المال والمعاناة.

ويقول الدكتور خالد فوزى مدير الوحدة «الضغط شديد للغاية على المستشفى،

وما نستطيع فعله من خير نقدمه، ولكن نتمنى دعم رجال الأعمال وأصحاب الخير لمواصلة عملية التطوير ودعم الجهود الحكومية»، مشيراً إلى أنهم أجروا نحو 238 عملية غسيل كلى فى فترة محدودة، لافتاً إلى أن المستشفى بحاجة إلى جهازى تكييف قوة 5 أحصنة، وجهازى موجات صوتية، وجهازى رسم قلب، «وأنه على ثقة كبيرة فى الناس الخيرين».

ويتفاءل الدكتور ماهر الجارحى، نائب مدير المستشفى، بانحسار وباء كورونا، مرجحاً انتهاء حدته مع أول يوليو، ورغم ذلك يطالب الجميع بالحيطة والحذر، موضحاً أن من أصيب بالفيروس، سيكون أكثر مقاومة له بعد ذلك، لافتاً إلى أن بعض الأجسام المضادة ستبقى بالجسم لمدة ثلاثة أو أربعة أشهر بعد الشفاء.

ويلقى نائب مدير مستشفى الحميات بإمبابة باللوم على كثير من المصريين، ويعتبر عدم وعى معظمهم سبباً رئيسياً فى ازدياد معدل الإصابات والوفيات بشكل عام فى مصر، وبخاصة فى مرحلة ذروته، مشيراً إلى أنه سبق أن حذر من ذلك، وطالب الحكومة بتشديد حظر التحرك وبسرعة فرض عقوبات مشددة على كل من لا يلتزم بمواعيد الحظر، وقواعد التباعد الاجتماعى وارتداء الكمامات، لافتاً إلى أن تعامل المواطنين بنوع من الإهمال والاستهانة واللامبالاة مع الفيروس منذ بداية الأزمة وضع المستشفيات الحكومية فى موقف صعب، وهو ما كان يمكن تجنبه لو التزم الجميع بيوتهم، ولجأوا للعزل الذاتى، ولم يتجهوا للمستشفى إلا عند ثبوت إصابتهم أو حملهم الفيروس عن طريق تحليل الدم والأشعة

المقطعية.

ويضيف الجارحى للأسف الشديد كل من كان يأتى مستشفى الحميات، حتى إن لم تكن تظهر عليه أعراض كورونا كان يطلب مسحة، علماً أنها ليست ضرورية فى ذلك التوقيت، والأدهى من ذلك أنه كان يجلس وينتظر نتيجتها ويزاحم الآخرين، غير مبال باحتمالية انتقال العدوى إليه نتيجة هذه المخالطة، فيلحق بنفسه وأسرته الضرر ويربك أجهزة المستشفى، ويرفع من معدل الإصابات، ولا يجد له سريرا للعلاج.

ويؤكد الجارحى أن المفهوم الخاطئ للمسحة كلفنا الكثير، ففى أحيان كثيرة تكون الأعراض واضحة، ومن الأفضل البدء فى العزل وبروتوكول العلاج، ولكن لا يفعل ذلك الكثيرون، وينتظرون المسحة، وعندها يكون الفيروس قد هاجم الرئة، وتصير عملية العلاج صعبة.

ويلوم الجارحى بعض المستشفيات التى ترفض إجراء غسيل كلوى أو أى عمليات أو قسطرة لمريض قلب أو صدر أو أى جراحة إلا إذا أحضر المريض شهادة تفيد خلوه من كورونا، ويقول «هذا حرام، ويتنافى مع كل المعايير المهنية والإنسانية»، فمن الأفضل هنا إنقاذ المريض أولاً، ولا مانع من أخذ عينة دم لفحصها بشكل سريع، وإذا ثبتت إيجابيته يتم التعامل معه بحذر شديد وبكل الضوابط الوقائية، داعياً الجميع إلى التعاون مع الدولة، مؤكداً أن ما تقدمه الحكومة فى مواجهة الجائحة ليس بالقليل، بل يفوق ما قدمته دول كثيرة متقدمة علمياً وطبياً ومزدهرة اقتصادياً.

ورغم وجود بعض الإخفاقات الخارجة عن إرادة العاملين بالمستشفى والناجمة عن الزحام الشديد والضغط الكثيف وعدم وعى بعض المرضى ومرافقيهم وأهاليهم، إلا أن إدارة المستشفى وعبر مختلف الأقسام واجهت أزمة كورونا بنوع من التحدى، وكانت الخطوة الأولى فصل أقسام استقبال حالات الاشتباه بفيروس كورونا عن العيادات، تجنباً للاختلاط ولمنع انتشار العدوى، وتهيئة الطاقم الطبى نفسياً وتدريبياً للتعامل مع الجائحة والمرضى بشكل إنسانى، مع تخصيص حجرتين فى قسم الطوارئ للعزل الصحى، واحدة للمريض المشتبه فيه، وأخرى للطبيب المتابع للحالة، والالتزام التام بارتداء الملابس الوقائية.

ونتيجة لزيادة أعداد المرضى تم إنشاء قسم الرعاية المتوسطة لاستقبال حالات الاشتباه، يضم القسم 14 سريراً للسيدات والرجال، وفى حال ثبوت إصابة المريض بفيروس كورونا، ينقل فوراً إلى مستشفيات العزل.

ويضم مستشفى حميات إمبابة 340 سريراً، و13 سريراً للرعاية المركزة، ومعمل تحليل للفيروسات الكبدية، وقسماً للكلى الصناعية الخاص بمرضى الفشل الكلوى المصابين بفيروس بى وسى (34 ماكينة)، وقسم عزل لحالات إنفلونزا الخنازير، وآخر داخلى لمرضى نقص المناعة، بالإضافة إلى قسم للالتهاب السحائى، ومنظومة حديثة لرصد الأمراض المعدية والوبائية.

ولمواجهة هذا الضغط يجرى حالياً العمل على قدم وساق بالمبنى الإضافى الجديد للمستشفى الذى تفقدته الدكتورة هالة زايد مؤخراً، ويحتوى على 200 سرير.