رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الكاتبة السورية ميادة سليمان: أعزل نفسى عن العالم فى رمضان

الشاعرة السورية ميادة
الشاعرة السورية ميادة سليمان

 كيف يصوم المبدعون؟.. سؤال نطرحه فى هذه السلسلة من الموضوعات التى نترك فيها المساحة كاملة - دون تدخل منا- للمبدع ليبوح بأسراره وذكرياته مع الشهر الكريم، واليوم موعدنا مع الشاعرة السورية ميادة سليمان:

 

 بداية تعلّمي الصّيام، لم أكن أعلم معنى الصّيام، حتّى جاء يوم ووضعت أمّي طعام الفطور، ولم أرَ سوى ثلاثة كؤوس شاي، وحين سألتها لمَ لمْ تضعْ كأسًا لها، ولأبي، قالت: نحن صائمان، استغربت العبارة، لكنّها شرحت لنا مفهوم الصّيام، وحبّبنا به أبي، أمّا بدايتي مع الصّيام، فعندما كنت في الصّفّ الرّابع الابتدائيّ، صمتُ معظم الشّهر، وفي أيّام قليلة كنت أجوع، فأفطر، والأمر الجميل والّذي أعتبره سببَ تأدية الطّفل للعبادات بحبّ وأريحيّة أنّ أهلي لم يكونوا يوبّخونني مثلًا إذا أفطرت، أو يعاقبونني كما كان الأمر مع صديقاتي في المدرسة، فمعظمهنّ كنَّ يصُمنَ في المنزل، وعندما يأتين إلى المدرسة يأكلنَ! هذا طبعًا بسبب فرض الأهل عليهم الصّيام دون تحبيب وتوعية لمعنى العبادة، والامر ذاته أفعله مع أبنائي، أرغّبهم به، وحين يرونني صائمة، لا شعوريًّا ستتشكّل لديهم قناعة بأنّ هذا الأمر عدا عن كونه عبادة، أمر جميل وله لذّته، حين تعلم أنّ الله سيرضى عنك، ويجزيك على صبرك، وجوعك، وعطشك. وعندما كنت أصوم، أذكر أنّني كنت ألقى اهتمامًا، وتشجيعًا من الأقارب، فأشعر بأنّني رغم صغر سنّي أقوم بعمل عظيم.

واستمرّ الأمر إلى يومنا هذا، وأنا في رمضان لديّ طقوس خاصّة بي، فلا أزور أحدًا، ولا أتّصل بأحد، إلّا للضّرورة، فقد كان أبي يوصيني بأنّ الصّوم أيضًا امتناع عن الكلام، وليس كما يعتقد كثيرون بأنّه الكلام البذيء، أو الغيبة، والنّميمة، وإنّما كلّ حديث لا جدوى منه، ولا ضرورة لذكره. كما أنّني قبل حلول هذا الشّهر أحرص على شراء ثياب العيد للأولاد، كي لا أخرج بعد الفطور، ففي رمضان لا أغادر منزلي إلّا للضّرورة القصوى، حتّى أنّ جاراتي كنَّ يعتقدن أنّني مسافرة خلال الشّهر،

لكن حين يعلمنَ بأنّ هذه طقوسي يحترمنها، وينتظرن العيد حتّى يرينني.

بالنّسبة للإبداع في رمضان، فمثله مثل باقي الأيّام لا يتغيّر شيء، أنا أكتب في جميع الأوقات، فالإبداع لا يعرف صيامًا، أو فطورًا، كما أنّني أستغلّ فرصة السّحور بعد قراءتي للقرآن الكريم، بكتابة بعض النّصوص الأدبيّة، أو الافكار الّتي تخطر ببالي. وممّا كتبته من وحي هذا الشّهر، هذه القصيدة:

أُفْطِرُ عَلَى ثَلَاثِ قُبْلاتٍ

 

تقبَّلَ اللهُ صِيامِي

عن فِتنَةِ عَينَيكَ

وسِحرِ ثغرِكَ

أنا كُلَّما جُعتُ

انتظرْتُ أذانَ العِشقِ

بِلهفةِ مُؤمنةٍ بِحُبِّكَ

مَاكانتْ يومًا إلَّا

بَتولًا تقيَّة…

 

اللهمَّ إنِّي صُمتُ عن كلِّ شيءٍ

يُلطِّخُ طُهرَ حُبِّكَ

ها أنَذَا .. أُفطِرُ على

ثَلاثِ قُبلاتٍ..

كِسْرَةِ وَفاءٍ..

وَرَشْفَةِ رُضَابٍ مُسْكِرَةٍ زَمْزَمِيَّة…

 

فإذَا ماأطَلَّ فَجرُ الحَنينِ

سألَتْني نَفسِيَ الأمَّارَةُ بالشَّوقِ

أيجوزُ لي

أنْ أُطيلَ النَّظرَ إلى وَجهِكَ

أو أستعذِبَ حَلاوةَ صَوتِكَ

آهٍ.. مازِلتُ أذكُرُ

كيفَ فاحَ كالخُزامَى

في أُذُنِيَّ…

 

أيجوزُ لي

أنْ أطرَبَ بِغَزَلِكَ

أمْ أنَّ حَرفَكَ جُرمٌ فِي زمنِ التَّكفيرِ

أمْ أنَّ شِعرَكَ إثمٌ في زمنِ التَّكبيرِ

وذَبْحِ الحُبِّ بِسَيفِ الأعرافِ القَبَلِيَّة

 

أيجوزُ لي؟

كُلَّما سألْتُ

أعيَيْتُ عشتارَ

أعيَيْتُ العِشقَ ..الأوزانَ.. الأشعارَ

وكلُّ حُروفِ الأبجدِيَّة…

 

أيجوزُ لي؟

سَأَسْألُ المُفتِيَ قَلبيْ

عسَاهُ يتلطَّفُ في وَلَهي

ويُطفِي نارَ وَجدٍ تسعَّرَ في الأحنَاءِ

فألهبَ خافِقًا طِفلًا نَقِيَّا…

وأصلَى رُوحًا

ذَنبُها

مُوَالاةُ عَينَيكَ

ياظُلمَ الحَياةِ!

مَتى يُنصِفُ الموتُ

حُبًّا توَضَّأَ باليَاسَمِينِ

وَصلَّى رَكعَةَ الإخلاصِ الأَبدِيَّة

 

وَاحَبِيبَاهُ!

إنِّي أتُوقُ إلى قَبرٍ يَضُمُّنا

وَيَاحبَّذَا المَوتُ

إنْ كُنتَ تَرقُدُ مَعِي

تِلكَ الرَّقدَةَ الدَّافِئَةَ الهنِيَّة

 

وَسَلامٌ على دُنيَا

رجَمَتْنا بِتُهمةِ الحُبِّ

فَأخفَتْكَ بَينَ أضلُعِي

يُؤرِّقُنِي الكِتمَانُ

سَأجهَرُ بِعِشْقِكَ..

و ليَخْسَأِ الحَاسِدونَ

ماكُنتَ لِي إلَّا

عاشِقًا كَلِفًا وَفِيَّا...