رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

من العرش إلى السجن.. المعتمد بن عباد أخر ملوك الطوائف (بروفايل)

كان المعتمد بن عباد أخر ملوك قرطبة وإشبيلية، ولعله أحد أشهر ملوك الأندلس لعدة أسباب جعلت حياته مضرب للمثل فمن مراتع اللهو وحيازة الملك صبيًا خلفا لوالده الملك المعتضد بن عباد، حتى وقوعه في الأسر على يد يوسف بن تاشفين أمير المرابطين رغم عقده حلفًا معه.

 

اسمه أبو القاسم أخر ملوك بنو لخم الذين حازوا إشبيلية وقرطبة، وكان رقيق  الحس شديد المراس على حمل السيف واليراع، فخاض معركة الزلاقة وأبلى فيها بلاء حسن، وفرغ من المعركة ليخط قصيدة غزل في زوجته اعتماد الرميكية والتي اشتق لقب ملكه من اسمه فهي اعتماد وهو المعتمد لشدة ولعه بها.

 

 

سبب زواجه من الجارية "اعتماد الرميكية" لأنها استطاعت أن تجيز شطر بيت ارتجله، وكان قد سأل صاحبه ابن عمار ليجيزه، فارتج عليه، فأجازته هي على البديهة، وهي تغسل في النهر.

وقال "صنع الريح من الماء زرد" وطلب من ابن عمار ان يكمل ببيت أخر من الشعر، ولكنه فشل ولم تسعفه قريحته،  فأكملت قائلة: "أي درع لقتال لو جمد"، مكملة صدر البيت الشعري الذي نطق به الأمير، فافتتن بجمالها وسرعه بديهتها وذكائها.

 

يوم الطين.. أمنية تحولت لنبؤة

 

ذات يوم، وبعد أن ضاقت الحياة باعتماد ولم تعد تقوى على تحمل شظف العيش وما حل بهم من ذل الأسر، قالت للمعتمد: والله ما رأيت منك يوما حسنا، فأجابها: ولا "يوم الطين".

 

من أشهر الروايات التي ذكرها التاريخ عن شغف المعتمد بزوجه، ويُذكر أن اعتماد رأت جواري يبعن اللبن وقد شمرن عن سوقهن وسواعدهن يخضن في الطين، لتخبر زوجها أنها اشتهت ماضيها قبل ان تكون زوجة ملك.

فما كان منه إلا أن أمر بجلب العنبر و المسك، وسحق الطيب، ثم غطيت به كل ساحة القصر، وصب ماء الورد عليها، وقد عُجِنَ ذلك حتى أصبح كالطين لتخوض فيه الرميكية وبناتها وجواريها.

 

مقتل أخيه.. عقدة المعتضد التي ورثها المعتمد

كانت حياته صعبة في كنف والده المعتضد وشاهد بعينيه مقتل أخوه إسماعيل ولي العهد على يد والده لمخالفته أمره، فربى لديه عقدة من والده مقررا ان يكون اكثر رأفة من أبيه حال توليه الملك.

 

المعتمد.. من اللهو إلى القصر

 

إثر انهيار دولة ابن جهور 463 هـ ،غدا المعتمد أمير إشبيلية وقتها ملكا عل قرطبة واستطاع أن يؤسس أعظم مملكة للطوائف، من "تدمر" حتى المحيط الأطلنطي، وضم إليها مملكة طليطلة ومدينة قونقة.

وفي عام 465 هـ أرسل ألفونسو السادس وفدا إلى إشبيلية يطلب من المعتمد أن يؤدي له الأموال، ما كان من إلا أن رفض وتوعد القشتالي بالحرب،مهدداً بالاستنجاد بالمرابطين في المغرب الأقصى.

 

 

 

لم يملك المعتمد خيارا سوى المرابطين رغم نصيحة ولديه ورفضهم لذلك، مدركين أنهم أن نجوا من القشتالي الفونس لن ينجوا من المرابطين.

 وكان رد المعتمد الخالد:  " تالله إني لأؤثر رعي الجمال لسلطان مراكش على أن أغدو

تابعاً لألفونس وأن أؤدي له الجزية، إنَّ رعي الجمال خيرٌ من رعي الخنازير "

وعبر يوسف بن تاشفين البحر مع جيشه إلى الأندلس، وكانت معركة الزلاقة سنة 479هـ التي أبلى فيها المعتمد بلاء حسنا مصمما أن يقود الجيوش بنفسه ويكون بن تاشفين تحت إمرته.

 

بعد معركة الزلاقة عاد يوسف بن تاشفين للمغرب مقرر أن يضمُّ إمارات ملوك الطوائف إلى الدولة المرابطية جبراً أو قسراً.

إلا أن المعتمد رفض الانضمام تحن لوائه، إلا أن بعد مقاومة باسلة وبعد مقتل ولديه الراضي بالله والمعتد بالله ، غيلة وغدرا اضطر للاستسلام عام 484هـ.

 

من القصر إلى الأسر

عقب استسلام المعتمد نفاه بن تاشفين للمغرب، حيث الطبيعة القاسية التي لم يتعود عليها بعد مصادرة أمواله ومجوهراته، واستقر به المقام في سجن بمدينة إغمات.

في تلك الفترة كتب المعتمد عدة بكائيات ومرثيات خلدت حزنه على مفارقة قرطبة وعلى تبدل حاله من بساط الملك إلى غيابت السجن.

 

 

وفاته غريبًا

في إغمات ماتت زوجته اعتماد عام 488 هـ، وبعده بشهرين قضاهما متردد ما بين النكبات والعثرات، وروحه تنكسر ما بين الأشجان والحسرات، لم يطق المعتمد الحياة بعدها فمات كمدا عليها.

 

 ولم يعرف جيرانه بعد وفاته اسمه فنادوا على جنازته أن هيا للصلاة على الغريب، كما أطلق على نفسه في الأسر.

ودفن المعتمد بجوار ابنه و زوجته و على قبره أوصى بتدوين بعض الأبيات:

 

قَبرَ الغَريب سَقاكَ الرائِحُ الغادي

حَقّاً ظَفَرتَ بِأَشلاء ابن عَبّادِ

بِالحِلمِ بالعِلمِ بِالنُعمى إِذِ اِتّصلَت

بِالخَصبِ إِن أَجدَبوا بالري لِلصادي

بالطاعِن الضارِب الرامي إِذا اِقتَتَلوا

بِالمَوتِ أَحمَرَ بالضرغمِ العادي

بالدَهر في نِقَم بِالبَحر في نِعَمٍ

بِالبَدرِ في ظُلمٍ بِالصَدرِ في النادي

نَعَم هُوَ الحَقُّ وَافاني بِهِ قَدَرٌ

مِنَ السَماءِ فَوافاني لِميعادِ

كَفاكَ فارفُق بِما اِستودِعتَ مِن كَرَمٍ

رَوّاكَ كُلُّ قَطوب البَرق رَعّادِ

وَلا تَزالُ صَلاةُ اللَهِ دائِمَةً

عَلى دَفينكَ لا تُحصى بِتعدادِ

المراجع:

 

الأندلس .. من الفتح إلى السقوط - راغب السرجاني

رحلة الأندلس حديث الفردوس الموعود -  حسين مؤنس