عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

قصص كفاح الأمهات على أرصفة الشوارع والمزارع

لا برد قارص وأمطارغزيرة تمنعهن. ولا حرارة شمس قاحلة تغيبهن عن عملهن المعتاد.. قصص كفاح حقيقية تشهد عليها المزارع التى تعج بالنساء يوميًا.. وفى الشوارع التى يجوبهن والأرصفة التى اتخذوها مقعدًا لهن جامعات الفراولة.. بائعات الزبد والبيض.. مشاهد يومية لأمهات مكافحات يسعين على صغارهن.. منهن الأرملة ومنهن المطلقة وبينهن من تعاون زوجها لتحسين معيشة أطفالهم.

من قرى الإسماعيلية والشرقية يتوافد بائعات الزبد والجبن للمدينة كل منهن تحمل على عاتقها وكلهن أمل أن يجدن مكسبا قليل يمكنهن تحمل أعباء المعيشة اليومية لتحقيق أحلام صغارهن البسيطة.

وتقول فاطمة السيد بائعة جبن و أم لـ4 أطفال من عزبة الكيلو 11 شمال الإسماعيلية» من طلعة الفجر خارجين من بيوتنا ومعانا الجبن والمش وبنجرى على أكل عيشنا ورزق عيالنا ولحد المغرب قاعدين فى الشارع.. من لمكان لمكان بنتقل بحثًا عن الرزق المنتظر.. وتابعت «فى المطر نازلين وفى الحر نازلين وكل همى أن ولادى يكملوا تعليمهم والحمد لله بنتى الكبيرة دخلت السنة دي الجامعة وربنا يقدرنى أكمل مع إخواتها بعد ما ابوهم مات واكبرهم عندها 10 سنين. وقالت «طول ما فيّا صحة هفضل انزل أسعى ورا رزقى وربنا يعينى أكمل معاهم وأجوزهم.

على مقربة من فاطمة كانت أم ميرفت تفترش بضاعتها من الزبد الفلاحى والبيض البلدى وبصوت جهورى منهك كانت تنادى على بضاعتها. وقالت «بقيت بنزل اشتغل عشان اعرف اجهز بنتى الوحيدة. ابوها اختفى وهى عمرها 3 سنين وسابنى، بقيت انزل ألف على البيوت اجمع الجبن القريش والزبدة الفلاحى وانزل على الاسماعيلية ابيعها.. وتابعت « 16 سنة لا عمرى فى يوم كليت ولا مليت.. بنزل 3 أيام فى الأسبوع وال3 ايام الأخري أجمع فى البضاعة من البيوت « وقالت « بنتى خلصت السنة ده دبلوم التجارة واتخطبت وانا مكملة لحد ما اجوزها».

البيع فى الأسواق أقل حدة من العمل فى المزارع.. ففى مزارع الفراولة تنتشر النسوة بين زراعات الفراولة لجمع المحصول الذى نضج بثماره الحمراء المدلاة على الرمال.. هنا العمل الشاق فى جمع محصول الفراولة داخل قرى الإسماعيلية لساعات طويلة تبدأ عقب صلاة الفجر وحتى الثانية ظهرًا يتخللها دقائق من الراحة داخل عشة من الخوص.

بصعوبة انحنت «أم عمر» 44 سنة امام طرح المحصول لتستكمل عملها فى جمع المحصول الذى بات مزهرًا ومدلى بحباته الحمراء على الأرض. وفى طاولة بلاستيك كانت ترص ما تقوم وزميلاتها بجمعه.. دقائق معدودة بين كل ساعتين عمل يسترحن فيها داخل عشة من الخوص يقمن خلالها بالوضوء والصلاة ثم يعاودن العمل.

وتقول «أم أمين» شغالين فى كل وقت، الشغل ملوش علاقة بالجو حار ولا بارد». وتابعت «أنا أرملة وعندى ولدان فى المدرسة؛ واحد ثانوى والتانى فى الاعدادية ومعاش الضمان 430 جنيها، مبيكفيش عيش حاف بنزل اشتغل عشان ولادى يكملوا تعليمهم وأكيد هستريح لما يتخرجوا ويشتغلوا» وأضافت «أشتغل وأتعب عشان عيالى ولا أمد إيدى واستنى حد يخبط على بابى. ولادى بيشتغلوا فى الصيف بعد الامتحانات، وأنا علمت عيالى إن الشغل مش عيب طالما بشرف».

 

إحسانية: رفضت مساعدة الغير وعلمت أولادى وحفّظتهم القرآن كاملًا

لم ترض بأن تقهرها الحياة بعد وفاة زوجها، رغم عرض مساعدات أهلها، إلا أنها أبت أن تقبلها لدرء شعور الحرج لدى أبنائها، فكافحت حتى استطاعت أن تحتوى أولادها التسعة.

إحسانية ذلك الاسم الذى يحمل بين حروفه معاني كثيرة « عمل الخير، تقديم العون للمحتاجين، البرّ، المعروف « وغيرها من المعاني السامية.

الحاجة إحسانية محمد آدم، 61 عامًا، والتى تنتمى لقرية المهيدات بمحافظة الأقصر، عملت بالبقالة والتجارة بالملابس وتنقلت بين حرفة وأخرى لتصل بنجلها محمود ونجوى أصغر أبنائها إلى بر الأمان، دون الحاجة لمساعدة، ولم تصر على تعليم أبنائها فقط بل تحفيظ القرآن كان من بين أولوياتها لدى أبنائها، حتى إن نجلتها الصغرى نجوى استطاعت أن تحقق

المراكز الأولى فى مسابقات حفظ القرآن الكريم على مستوى الجمهورية أكثر من مرة، وتم تكريم الأم فى عدة فعاليات بالأقصر عرفانًا بالدور الذى قامت به تجاه أولادها فى ظل ظروف الحياة الصعبة، ومواجهتها لكل ذلك بمفردها.

قالت نجوى عبد الصبور نجلة الحاجة إحسانية، أمى قمت بدور الأم والأب فى حياتي؛ بعد وفاة والدى فى الثانية عشرة من عمرى، فكافحت فى العمل بأكثر من حرفة لأكمل تعليمى، خاصة لأن والدى لم يكن له عمل ثابت، وبالفعل استطاعت تحقيق ذلك لوحدها، حتى التحقت بالمرحلة الجامعية وكانت دائمًا تحثنى على استكمال تعليمى رغم أنها لم تلتحق بالدراسة هى، لكن أصرت أن تزرع حب العلم بداخلى، فكنت بجانب الدراسة أحفظ القرآن حتى ختمت حفظه، وتكرمت فى أكثر من مسابقة على مستوى الجمهورية، ورغم ذلك كانت أمى هى السند لى، فكانت فى كل حفلات التكريم التى تتطلب منى السفر للقاهرة أو غيرها، كانت ترافقنى أمى ولم تتركنى قط.

وتضيف نجوى، كانت مرحلة الثانوية

العامة لدى هى الأصعب، لما تتطلبه من مصروفات للدروس، إلا أن أمى لم تدخر جهدًا بل امتهنت أكثر من عمل، فكانت تعمل بالبقالة تارة، وبيع الملابس تارة أخرى.

وأعربت الحاجة إحسانية عن فرحتها وفخرها بأبنائها وبما صنعته لأجل راحة أبنائها، مؤكدة أن التعب لصالح الأبناء هو فى الأساس راحة للضمير، وطمأنينة للإنسان.

«أمى رغم أنها لم تلتحق بمراحل تعليمية فى حياتها، إلا أنها تعلمت القراءة والكتابة، مؤكدة أنها تفخر بوالدتها حق الفخر بعد مشوار الحياة الصعب الذى خاضته ولم تنهزم خلاله قط.

 

جمالات : واجهت الزمن بمفردى.. وأتمنى من يعاوننى فى تزويج بناتى

جمالات ذلك الاسم الذى يحمل الكثير من المعانى والصفات والتى منها الجمال والرقة، ومن صفاته أيضًا الاعتزاز بالنفس وبالأشياء الثمينة والمقتنيات القديمة أيضًا المثابرة والشخصية القوية والجمال والحٌسن والاحترام والأخلاق القديمة، والرمز إلى العطاء والحنية.

كل هذا وأكثر من الصفات النبيلة عٌرف بها هذا الاسم المميز وامتازت بها على أرض الواقع شخصية اليوم والتى نحن بصدد الحديث عنها ضمن جولة الوفد داخل المحافظات لرصد حكايات وروايات الأمهات المكافحات من أرباب الطبقات المتوسطة والفقيرة منها واللاتى استطعن التغلب على الصعاب وتحدى الزمن وقسوة الأيام ولم يجدن من يحنو عليهن.

وفى البداية التقت محررة الوفد بإحدي الأمهات المكافحات أو كما يطلق عليهن سيدات بمائة رجل وغيرها من الألقاب العظيمة التى ترمز إلى النبل والعطاء.

جمالات محمد صاحبة الـ45 عامًا تروى لنا اليوم قصة كفاحها قائلة :

أجلس هنا على الرصيف وأروقة الشوارع منذ قرابة 25 عامًا لمساعدة زوجى بعد أن أنجبت منه 9 أولاد، سعيت لكسب المال الحلال والانفاق على الاولاد، وزادت المشقة والمعاناة بعد وفاته واعتمدت أنا و«ضرتى» على تحمل المسئولية بمفردنا من خلال بيع العيش الشمسى هنا منذ صباح شمس كل يوم وحتى الحادية عشرة مساءً.

نجلس فى نفس المكان كل يوم وأوقات نصطحب معنا الأبناء 25 عامًا هى سنوات الكفاح التى قضيناها بين أروقة الشوارع، ونقطن جميعنا بغرفة واحدة داخل منزل العائلة.

أتقاضى معاشا شهريا عن زوجى المتوفى مبلغا وقدره 800 جنيه كونه كان يعمل سائق حر، وتتقاسم معى المعاش الزوجة الثانية»ضرتي».

ورغم أن الحمل ثقيل لم أرض يومًا أن تعمل الفتيات حفاظًا عليهن وقررت تحمل المسئولية كاملة وأحلم فقط بأن تتزوج البنات وأطمئن عليهن إلا أننى لا أستطيع تجهيزهن أو توفير أية مستلزمات للزواج وأتمنى أن ينظر أحد المسئولين بعين الرحمة لأحوالنا كى نقدر على التغلب على مصاعب الزمان، والاطمئنان على البنات فهن قرة عينى ولا أبتغى غير ذلك.

وتكمل « جمالات « قصتها قائلة سعيت لتعليم الأولاد جميعهم والحصول على الشهادات والمؤهلات ورغم إلحاحى عليهم لم يتعلم منهم سوى ثلاثة فقط وكنت أتمنى أن يتعلم جميعهم.

وفى سياق متصل قالت الابنة حبيبة صالح البالغة من العمر 11 عامًا، وتدرس بالصف السادس الابتدائى أنام فى الأرض مع اخواتى منذ سنوات، ووالدتى تنام على السرير نظرًا لكبر سنها ومرضها فهى أصبحت لا تقوى على نوم الأرض،

«أمى تعبت وقدمت الكثير من أجلنا وأتمنى أن أكبر حتى أستطيع تقديم سُبل الراحة لها».. زاد الحمل بعد وفاة سند الأسرة وعائلها زوجى منذ ما يقرب من عشر سنوات وأصبحت أتحمل على عاتقى المسئولية.