رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أحمد نبيل: «البانتوميم» علَّمني كيف أصبح سفيراً لبلدي

عايش فى الدنيا من أجل «البانتوميم».. وأغلى جائزة حصلت عليها إضحاك الناس دون ابتذال

فنانو الزمن الحالى يفتقدون البصمة الحقيقية.. واعتزلت الفن حفاظًا على تاريخى

علمت فاروق الفيشاوى وسمية الألفى «الفن الإيحائى» لكنهما اتجها إلى التمثيل

الكوميديا الآن كلام سافل وشتائم

 

50 عامًا من الإبداع يتربع بها الفنان الكبير أحمد نبيل على عرش البانتوميم, ولأنه يعتبر هذا الفن وسيلة سامية للحياة, قضى حياته بهدف نشر البانتوميم فى مصر والعالم. وصفه الروس بالفنان الشعبى, لما يقدمه من رسالة هادفة تصل لكل الناس, وتخاطب القلوب قبل العقول, بقدرات خاصة يبكيك ويضحكك, بايحاءات صادقة ينقلك إلى عالم جديد وزمن بعيد, قادر على خطف مشاعرك لساعتين متواصلتين ليثبت أن الأداء هو قاعدة الممثل وليس الواقعية المبتذلة التى يدعيها البعض.. غاب عن الفن ل سنوات متواصلة, ورغم ذلك رضى بدوره أستاذا لتعليم فن البانتوميم.. حاورناه لنعرف تفاصيل مشواره الفنى.

 

● فى البداية سألته.. الم تشعر بالحنين للعودة لمجال الفن؟

 

●● رد ضاحكا.. أنا ولدت على المسرح، بدأت مغنيا خلال فترة الدراسة، وقبل خوض مجال التمثيل فى سن صغيرة وأنا امثل، وبرامج الأطفال فى التليفزيون وحتى السينما والإذاعة، 50 سنة قضيتها من حياتى فى التمثيل، منذ عام 1962 وأنا أشارك فى مسرح الأطفال، وأيضاً شاركت فى أعمال فنية مع نجوم مثل محمود المليجى وكمال الشناوى وصلاح ذو الفقار وفريد شوقى وفؤاد المهندس وعبدالمنعم مدبولى، الآن من الصعب أن أمثل بجانب أى ممثل من الفنانين الجدد، لأنهم لا يوجد بصمة واحدة تميزهم الآن، ما يجعلنى أتمنى أن أقف امامهم، مع احترامى لهم جميعا، لكننى شاركت مع قامات فنية كبيرة، قدمت كل ما أريد تقديمه، ليس المهم أن أحصل على أجر كبير، لكن المهم أن أقدم الفن الذى أتمنى أن أقدمه.

● ابتعدت عن الوسط منذ 9 سنوات.. لماذا حكمت عليه بهذه الصورة؟

●● لأننى من الصعب أن أظهر فى عمل يهين كرامتى، فهم يعتمدون فى الكوميديا التى يقدمونها على «الكلام السافل، والشتائم، وضرب بعضهم لبعض، حتى المخرجون فقدوا احترامهم للفنان، وأتذكر منذ 8 سنوات عرض على أحد تلاميذى فيلمًا، وكنت سأظهر فيه مجاملة لهم، وفوجئت أن أول كلمه فى السيناريو «اقلعى» فرفضت قبل اكمال القراءة، ووجدت أن من العيب أن يكون تاريخى الذى يتذكره الناس بالبانتوميم والفن الراقى أن يتذكرونى بالفاظ أقل ما توصف بالسافلة، حتى لو كانت هذه الالفاظ تعبيرا عن الشارع كما يبرر البعض، لكن الفن هدف سام ورسالة محترمة، الفنان لابد أن يحترم نفسه فيما يقدمه حتى يحترمه الناس، الفن يرتقى بالمجتمع لا يعتمد فقط على الواقعية المؤلمة، الناس لا تحترم بعضها وأنا لا استطيع أن أتعامل فى هذا المستوى من الحوار.

● تعاملت مع العديد من المخرجين ماذا استفدت منهم؟

●● وقفت امام نجوم الآخراج مثل حسن الإمام ونيازى مصطفى وفطين عبدالوهاب، سعيد مرزوق، جميعهم عملت معهم، لو كان بيدى لكنت سجلت الكواليس الموجودة بالاستوديو، ليعرف أبناء هذا الجيل أصول الفن واحترامه، حسن الامام بقوته كان فى الكواليس ينادى الصغير قبل الكبير ب«الأستاذ»، رغم أنه يطلب منا أن نعيد المشهد 10 مرات حتى يظبط تعبيرات الوجه، أيضاً سعيد مرزوق الذى تمتع بتقديم أعمال فانتازيا واقعية كان يقدم الكوميديا بشكل راق تعتمد على كوميديا الافيه وليس كوميديا الالفاظ ويعيد التصوير أكثر من مرة ليجبر الجمهور حتى يضحك وفى نفس الوقت الفنان لا يضحك خلال التصوير، وهذا ما يبرر بقاء هذه الأعمال حتى الآن ونجاحها.

● أنت رائد لفن «البانتوميم».. وتألقت فى تقديم عروض فنية من نوع خاص.. لماذا فقدت القدرة على تقديم ذلك؟

كنت أقدم عروض البانتوميم لمدة ساعتين على مسرح الأوبرا، ولكن تقدم السن لم يعد يعطينى القدرة أن اقدم ذلك، ولم اعد قادرا على أن أصبح مهرجا، لأقدم فقرات طويلة، اعتزلت البانتوميم وأنا أقف على خشبة المسرح اقدم عرضا لمدة ساعتين، انتهيت منه وقلت للجمهور «هذا آخر عرض».

وهذا لم يكن سهلًا، فأنا منذ طفولتى وأنا عاشق لهذا الفن، ويكفى اننى عرفت فى اسرتى بأننى اقلد كل افراد العائلة والفنانين، الفن الايحائى - البانتوميم - موجود فى دمى منذ الصغر قبل حتى أن اعرف اسم هذا الفن، واعجابى بشارلى شابلن، جعلنى حريصا على مشاهدة جميع أعماله، وكنت أقلده، وبعدها كان يثير إعجابى الأفلام الصامتة اعتبرها قمة الفن والتعبير، لانها تعتمد على الحركة فقط، فكانت كوميديا رائعة دون ابتذال، ومن هنا أحببت هذا المجال وقررت أن امتهنه، ومنذ أن كنت طالبًا فى ثانوى كنت أرتدى زى شارلى شابلن شكلًا فقط، ولكنى كنت ابتكر موضوعا من خيالى، موضوعا مختلفا عن الذى قدمه شابلن على الشاشة، وكان هذا يلفت نظر أصدقائى وزملائى بالمدرسة.

● اعتزلت تمثيل البانتوميم، لكنك مهتم بتدريسه ونقله للخارج فحدثنا عن تجربتك خارج مصر؟

●● «البانتوميم» حياتى، والتصق باسمى، حتى إن الجمهور المصرى يتعامل مع هذا الفن باسمى، ولذلك عندما اعتزلت قررت أن يكون هدفى هو تعليم الطلبة فى مصر وخارج مصر، فأنا ادرس بجامعة الإسكندرية، وحاليًا أعطى كورسات للبانتوميم فى ألمانيا، وأقبض بمقدار 10 أفلام هنا، لاننى مؤمن بفنى واحترم نفسى، وأنا ارد الجميل لكل من علمنى هذا الفن، وأتعامل مع الطلبة مثلما علمنى مستشرق أمريكى كان فى الإسكندرية واكتشفنى وقت تقديمى لإحدى حفلات المدرسة، وقتها قال لى كلمة لا انساها «ان لا أقلد وان أكون نفسى» واتذكر فى هذا التوقيت كنت مبهورا بلورين وهارتى وقال لى بعد 10 سنوات لابد أن تتعلم الفن فى الخارج، واعطانى كتبا وقال لى لابد أن تتحول من فنان مؤدٍّ إلى قارئ مثقف وهذا الأمر لابد أن يتأثر به كل الفنانين الآن، هناك فارق كبير بين الفنان الذى يتحرك بدراسة ووعى ثقافى، وآخر يعتبر أنه موهوب ويتوقف عند هذا الحد، حتى أكون بهذا الشكل ظللت أذاكر 10 سنوات اقرأ وأتدرب على فن البانتوميم حتى أظهر للناس ليكون بداية قوية وليس مجرد تقديم تقليد لشخصيات أجنبية.

● لماذا لم تنقل فنك للفنانين المصريين؟

●● بعد قدومى إلى مصر، قررت أن انقل فنى للمصريين بعد دراسه كاملة، وكان أول تلامذتى فاروق الفيشاوى وسمية الالفى وأحمد حلاوة وفاطمة التابعى ومجدى إمام، وتم تدريبهم بشكل تقنى، لكن للأسف فى الوقت الذى كنت أعلمهم البانتوميم كانوا يتقاضون 1000 فى حلقة تصوير مسلسل، لكنهم لا يحصلون سوى على 10 جنيهات فى أداء البانتوميم، ما أقصده أن الجمهور المصرى لم يفهم جيدا معنى فن البانتوميم، من أجل تقديم العرض كنت أظل لشهرين و3 شهور أقوم بتدريبات حتى اخرج بعرض محترم، التدريبات والجرى فى النادى كلها إرهاق، ولذلك لم أكن أسافر إلى تصوير بعض الأعمال لانشغالى بالبانتوميم، فأنا رفضت العديد من الأفلام المقرر تصويرها فى الخارج لاننى كنت مرتبطا بشكل كبير بإعطاء هذا الفن

حقه، وساعدنى اننى صنعت اسمى فأصبح لى أجر مخصوص فى كافة الأماكن التى قدمت فيها عروضا لكن هذا لم يكن يحدث مع الآخرين، وهذا ما يفسر لماذا لم يعمل الكثيرون بهذا الفن فى مصر.

● ماذا ينقصه فى مصر؟

●● نفتقد إلى الدعاية، وبالطبع أى دعاية تحتاج إلى تمويل، وهذا شىء غير متوافر، لأن معظم القنوات الفضائية الآن غالبًا ما تسعى إلى المكسب المادى أكثر من تقديم فن راق، بالرغم من أن فن البانتوميم يلقى ترحيبًا كبيرًا من الجمهور، ويحبه الكبار والصغار.

ما أريد أن أقوله أن هدف فن البانتوميم هو كيف تكون دبلوماسيا لبلدك، عندما أسافر إلى أى بلد، يطلقون على السفير، لاننى بحركتى اقدم ما أريد توصيله، عندما أسافر إلى الخارج، أشعر بقيمة البانتوميم، وسافرت للعالم كله لكى اقدم للأولاد اليتامى فن البانتوميم، كان هدفى توصيل الفن للناس، أنا عايش فى الدنيا لتوصيل هذا الفن، وأقل ما فعلته اننى ضحكت الناس دون كلمة خارجة.

● استطعت أن تمزج بين فن التمثيل والبانتوميم، هل هذا سر نجاحك؟

●● فى الخارج، لا يتخرج الممثل إلا بعد إتقانه الحقيقى لفن البانتوميم ويعتبرونه «قاعدة الممثل»، ولذلك كل الممثلين فى الخارج، خاصة ألمانيا وروسيا يعلمون جيدًا أسلوب الأداء الجيد، لكن هناك ممثلين يعتمدون فقط على الصوت، وكأنهم «يسمعون الفيلم» دون أداء على الوجه، ببساطة هذا ما يفسر اهتمام الناس الآن بمشاهدة أعمال الأبيض والأسود على حساب الأعمال المقدمة حاليا، لأن الممثل فى أعمال زمان كانت تعبيرات وجهه تتحدث دون صوت، لابد فى ورش التمثيل أن يعرف الفنان كيف يغير من ملامحه مع كل كلمة يقولها، وهذا ما يعلمه البانتوميم، على الفنانين الآن أن يحصلوا على كورس 3 شهور حتى يتعلموا كيفية الأداء الصامت ويكونوا ممثلين مميزين.

● أصول التعليم. ما الدرس الذى تقدمه لكل فنان يريد إتقان فن البانتوميم؟

●● عندما أعلم تلامذتى، أعتمد بشكل أساسى على مسرحية مصرية أو فيلم مصرى، وأحذف منه الصوت، لو قارنا بين الأفلام المصرية القديمة والحديثة سنعرف الفارق، وهذا أيضاً ما يفسر أن الأفلام زمان كان يسهل تصديرها والأجانب يشاهدونها حتى دون ترجمة، أيضاً الفيلم الأجنبى الناجح فى مصر إذا حذفت منه الترجمة ستفهمه، التمثيل له قواعد خاصة، لكن إذا شاهدت ممثلا فى أكثر من مسلسل وفيلم وإعلان لا تجد خلافا فى ادائه وهنا أزمة تمثيل.

● أى من عروض البانتوميم كانت مؤثرة فى حياتك؟

●● قدمت فقرات كثيرة للأطفال منها برنامج ميم 7 ومع ماما سميحة وفقرات فى قناة المنوعات، و20 مسابقة كل منها 30 حلقة، حوالى 20 مسلسل بانتوميم، غير الفقرات التى قدمتها فى الأوبرا، وقدمت 30 حلقة بانتوميم فى ألمانيا، وتعرض حاليا، تخطيت 2000 عرض بانتوميم، لكن يظل عرض «دعاء للسلام» الذى قدمته فى 11 دقيقة، حكيت فيها قصة الحرب والسلام، الرسالة قالت فى النهاية الفائز والخاسر، كافة الاطراف خاسرون، الفرد الذى يعيش مع أطفاله ويسافر للحرب ويتدرب ويحارب وينتصر، ليعود ويجد منزله انتهى، وأبناءه ماتوا فى قصف الحرب، أجد عيونى تدمع، لأقول للناس أخذنا الوسام وأضحك، وهنا صعوبة العرض، وأوصلت رسالة أن أجمل ما فى الحياة المحبة وهذا العرض نال العديد من الجوائز.

● هل أنت راض عن الجوائز؟

●● كل فرد ضحك من عمل فنى لى، أعتبره وساما على صدرى، حصلت من وزارة الثقافة عام 2010 على عدد جوائز، ومن أكثر الجامعات المصرية حصلت على تكريمات، وفى وزارة الرى حصلت على جوائز عن عرض «يا نيل يا عين»، الحمد لله أنا راض عن مشوارى وعن فنى، الروس وصفونى بالفنان الشعبى، وكانوا يجلسوننى ويعاملوننى كالرؤساء، والحكام، فهم يعرفون قيمة فنى، وفى النهاية أنا راض.

تلميذى عادل عبده تلميذى طلب منى أن أعود لكنى الحمد لله، رضيت بمشوارى والناس تحبنى.

● لماذا لم تفكر فى عمل مدرسة أو أكاديمية خاصة بأحمد نبيل لتعليم الجيل الجديد فن البانتوميم؟

●● لا استطيع أن أنشئ أكاديمية بمفردى، فالموضوع ليس بهذه البساطة، فالأمر يتطلب العديد من الخبراء فى علم النفس وعلم الأعصاب وغيره، أى فريق عمل متكامل وليس أحمد نبيل بمفرده، وهذا الأمر يتطلب تمويلا وماديات غير متوافرة الآن، وبالرغم من ذلك كان لى أكثر من تجربة فى إنشاء فرقة للبانتوميم فى مصر، وكانت كلها تجارب فشلت، بسبب اهتمام الفنانين بالماديات وليس تقديم فن جيد، وبمجرد أن تأتى إليهم فرصة للخروج عن الفرقة ودخول عمل فنى آخر مجز ماديًا يتركون الفرقة بلا عودة، ومازلت وحدى أحارب لتخليد اسم هذا الفن.