رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

قراءة فى مؤشرات الأداء الاقتصادى

تراجع معدل التضخم وارتفاع الاحتياطى دليل تحسن ومبادرات الحكومة تدفع عجلة التصدير

 

تسير مؤشرات أداء الاقتصاد المصرى بخطى ثابتة رغم حالة التباطؤ التى تخيم على الاقتصاد العالمى خاصة بعد خفض صندوق النقد الدولة توقعاته للنمو العالمى بعد انتشار فيروس كورونا وانعكاساته السلبية على حركة التجارة والاستثمار والنمو العالمى.

كشفت مؤشرات الاقتصاد المصرى خلال النصف الأول من العام المالى 19/20 عن تحقيق معدلات نمو مستقرة بلغت ٥٫٦٪، وهذا المعدل يتم تصنيفه بأنه الأعلى على مدى 11 عاماً، رغم التحديات الاقتصادية الداخلية والخارجية والمخاطر المحيطة، ومنها استمرار تباطؤ النمو العالمى، حيث قام صندوق النقد الدولى بخفض توقعاته لمعدل النمو العالمى لعام 2020 للمرة الثالثة نزولاً من 3,6% فى أبريل 2019 إلى 3,3% فى يناير 2020، كما تتوقع عدد من المنظمات انخفاض معدل النمو العالمى بنسبة 0,3% فى العام الحالى، بسبب انتشار فيروس «كورونا»،

وقد جاء ارتفاع معدل النمو الاقتصادى المصرى خلال الربع الثانى والنصف الأول من العام المالى 2019/2020 مقارنة بالفترات المقارنة فى الأعوام السابقة، مدفوعاً بنمو قطاع تكرير البترول والاتصالات والتشييد والبناء، مع استمرار نمو قطاع السياحة.

وقد أشارت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، إلى أن قطاع تجارة الجملة والتجزئة احتل المركز الأول من حيث المساهمة فى الناتج المحلى الإجمالى للنصف الأول من عام 2019/2020 بنسبة مساهمة تصل إلى 14,7%، يليه قطاع الصناعة (12,6%) وقطاع الزراعة والغابات والصيد (12,0%)، وقد كان الاستهلاك العائلى المحرك الرئيسى للنمو فى السنوات السابقة، إلا أن نسبة مساهمته بدأت فى الانخفاض منذ عام 2017/2018، وفى المقابل، احتل الاستثمار المركز الأول فى مصادر النمو، وهذا يدل على أن مكونات النمو التى تضم الاستثمار والصادرات والطلب الاستهلاكى أصبحت فى وضع صحى عن ذى قبل.

وبلغت الاستثمارات العامة خلال النصف الأول من العام المالى 2019/2020، إلى 217 مليار جنيه، بنسبة نمو 5٪، منها 64 مليار جنيه استثمارات حكومية.

أما حالة التوظيف فإن المؤشرات تشير إلى ثبات نسبى لهيكل المشتغلين حسب النشاط الاقتصادى وفقاً للقطاع، وأن قطاعات الزراعة والصناعة وتجارة الجملة والتجزئة والتشييد والبناء والنقل والتخزين استحوذت على نحو 70% من إجمالى المشتغلين، كما أن هناك ارتفاعاً فى نسبة المشتغلين فى قطاعات تجارة الجملة والتجزئة، فقد ارتفع عدد المشتغلين بنحو 358 ألف فرد وفى الصناعة ارتفع عدد المشتغلين بنحو 426 ألف فرد ما يعكس زيادة جاذبية تلك القطاعات مقارنة بالقطاعات الأخرى.

كما أن مؤشرات النصف الاول من العام المالى 2019/2020، أوضحت أن معدلات التضخم لاتزال فى انخفاض نسبى مقارنة بالعام الماضى بعد انحسار تأثير سياسة تحرير سعر الصرف ليبلغ 6,8% فى يناير 2020 على أساس سنوى، و0,8% على أساس شهرى، وأن قسم الطعام والمشروبات يعتبر من الأقسام الرئيسية التى تسهم فى معدل التضخم، حيث سجلت نحو 2,1% فى شهر يناير 2020 مقارنة بشهر ديسمبر 2019 ويمثل الوزن النسبى لقسم الطعام والمشروبات نحو 35,8%، وفى ظل الانخفاض الملحوظ فى معدلات التضخم، فقد واصل البنك المركزى المصرى اتباع سياسة التيسير النقدى، وذلك من خلال خفض أسعار الفائدة بصورة تدريجية بعد الارتفاع الذى شهدته فى عام 2017 لاحتواء وخفض معدلات التضخم، وهذا يؤدى بدوره إلى خفض تكلفة الاقتراض، ويسمح بسياسة توسعية أكثر لزيادة الطلب على القروض للقطاع الخاص ورفع معدلات الاستثمار وهى السياسة التى تحرص الحكومة على تنفيذها لزيادة نشاط القطاع الخاص وتذليل العقبات أمام المستثمرين ورجال الأعمال لزيادة الاستثمار والإنتاج خاصة فى ظل المبادرات الحكومية التى تم إطلاقها لتشغيل المصانع المتعثرة وتسوية ديون العملاء المتعثرين من رجال الأعمال بالبنوك وهو ما ستنعكس آثاره الإيجابية على القطاع الصناعى والإنتاج وسوف تظهر آثاره خلال الفترة القادمة.

كما أوضحت المؤشرات أن كسر سعر الصرف حاجز الـ16 جنيهاً للدولار فى ديسمبر الماضى والاستمرار فى الانخفاض منذ ذلك الحين ليصل إلى 15,5 فى الوقت الحالى، محققاً بذلك ارتفاعاً بنحو 10% فى قيمته خلال عام 2019، وهذا يرجع إلى عدة عوامل، فى مقدمتها زيادة استثمارات الأجانب فى أذون الخزانة، التى ارتفعت لتصل إلى 15,29 مليار دولار بنهاية سبتمبر الماضى، مقارنة بـنحو 15,1 مليار دولار فى نهاية الشهر ذاته من العام الماضى، وارتفاع أعداد السائحين، واستقرار تحويلات المصريين العاملين بالخارج.

وأظهرت بيانات البنك المركزى ارتفاع تحويلات المصـريين العاملين بالخارج خلال شهر نوفمبر 2019 بمقدار 128,9 مليون دولار بمعدل سنوى 6,8% لتسجل نحو 2 مليار دولار مقابل نحو 1,9 مليار دولار خلال شهر نوفمبر 2018، وقد أسفر ذلك عن ارتفاع تلك التحويلات خلال الفترة يوليو/ نوفمبر 2019، وتمثل الأشهر الخمسة الأولى من السنة المالية 2019/2020 بنحو 1,2 مليار دولار بمعدل سنوى 12,1% لتسجل نحو 11,1 مليار دولار، وذلك مقابل 9,9 مليار دولار خلال الفترة المناظرة من العام السابق، ويرجع هذا إلى ارتفاع ثقة المواطنين المغتربين فى الاقتصاد بعد التحسن الملحوظ فى مؤشراته.

أما فيما يتعلق بمصادر النقد الأجنبى خلال الربع الأول من العام المالى 2019/2020 فقد بلغت نحو21,9 مليار دولار، حيث تمثل حصيلة الصادرات النسبة الأكبر من مصادر العملة الأجنبية بنحو 32%، تليها تحويلات العاملين بالخارج التى تمثل نحو 31%، مشيرة إلى انخفاض قيمة الواردات بنسبة 4,2% من 16,6 مليار دولار فى الربع الأول 2018/2019 إلى 15,9 مليار دولار خلال الربع الأول 2019/2020، حيث تمثل السلع الوسيطة النسبة الأكبر من الواردات (30%)، تليها السلع الاستهلاكية (24%) والسلع الاستثمارية (14%)، وبالتالى فإن نمو واردات السلع الاستثمارية بهذه النسبة، سينعكس خلال الفترة القادمة على دفع النمو الاقتصادى لمستوى أعلى.  كما تحسن أداء الميزان التجارى نسبياً حيث انخفض العجز من 9,8 مليار دولار فى الربع الأول من العام المالى السابق إلى 8,8 مليار دولار خلال الربع الأول من هذا العام، وارتفاع حصيلة الصادرات بنحو 300 مليون دولار خلال الربع الأول من العام المالى 19/20 مقارنة بالفترة ذاتها من العام المالى السابق، وانخفاض الواردات بنحو

700 مليون دولار خلال الربع الأول من العام المالى 19/20 مقارنة بالفترة ذاتها من العام المالى السابق.

كما تشير المؤشرات إلى ارتفاع صافى الاستثمارات الأجنبية المباشرة بشكل ملحوظ خلال الربع الأول للعام المالى 2019/2020، وقد وصلت إلى 2,35 مليار دولار، بارتفاع قدره 66% مقارنة بالربع الأول 2018/2019، وجاءت الزيادة نتيجة ارتفاع صافى الاستثمار فى قطاع البترول بنحو 256,4 مليون دولار (نسبة زيادة تمثل 52,6%)، بالإضافة إلى ارتفاع صافى الاستثمارات الواردة لتأسيس شركات أو زيادة رؤوس أموالها بنحو 837,9 مليون دولار بنسبة زيادة تمثل 126%، كما ارتفعت الاستثمارات المتدفقة للداخل بنسبة 35% لتصل إلى 4,3 مليار دولار، ومع تبنى الدولة لسياسة تحرير سعر الصرف وتحسن ميزان المدفوعات، فقد ارتفع الاحتياطى من النقد الأجنبى تدريجياً ليصل إلى 45,4 مليار دولار فى يناير 2020 مقارنة بنحو 13,4 مليار دولار فى مارس 2013، الذى وصل فيه إلى أقل مستوى فى تاريخه، وبالتالى فإن استعادة مصر للاحتياطى من النقد الأجنبى تعتبر أحد أهم ركائز الاستقرار الاقتصادى المحقق، حيث يؤثر الانخفاض فى الاحتياطى الأجنبى على قدرة البلاد على تغطية متطلباتها من الواردات، وقد ارتفع عدد شهور الواردات التى يغطيها صافى الاحتياطى من النقد الأجنبى إلى 8,2 شهر فى ديسمبر 2019 مقارنة بنحو 2,8 شهر فقط فى مارس 2013 (أقل من الحد الأدنى 3 شهور الذى يوصى به صندوق النقد الدولى).

وتشير الدكتورة عبلة عبداللطيف، المدير التنفيذى ومدير البحوث بالمركز المصرى للدراسات الاقتصادية، إلى أن ما تحقق من معدل نمو يعتبر إنجاز فى ظل الظروف المحلية والدولية الراهنة.

وقارنت ببن النمو المحقق حالياً وما تحقق فى عام 2008/ 2009 فى أعقاب اتخاذ عدد من الإجراءات الإصلاحية لبيئة الأعمال بداية من عام 2004 التى ركزت على خلق بيئة اقتصاد كلى مشجعة للاستثمار الخاص باتباع سياسات توسعية ومستقرة، وإصلاح للمنظومة الضريبية ومنظومة تسجيل المشروعات وغيرها من السياسات، وبالتالى كان التحرك الدافع للقطاع الخاص للاستثمار، هو وجود فرص ربحية هو من يقوم باقتناصها.

أما معدل نمو 2018/2019 فقد جاء مدفوعاً باتجاه الدولة بالتوسع فى المشروعات القومية وفى سياق سياسات كلية انكماشية أعقبت برنامج الإصلاح الاقتصادى تمثلت فى ارتفاع مستويات الفائدة، وخفض الدعم على الطاقة، إلى جانب بدء تطبيق ضريبة القيمة المضافة. ورغم ما تحمله مقارنة السياق من تحديات أكبر تم مواجهتها فى عام 2018/2019، إلا أن الجانب الآخر يعنى أن القطاع الخاص الذى استمر فى التوسع خلال السياسات الانكماشية قد تحمل تكاليف غير معتادة، وأن النمو الكلى قد لا يكون مصاحباً بتحقيق ربحية (بشكل مماثل لفترة المقارنة) على مستوى المنشآت.

وأشارت إلى وجود تحديات تتعلق بالاستدامة منها فجوة التمويل، فمعدل الادخار العام المسجل فى 2018/ 2019 قد بلغ 9,4% مرتفعاً من 6,2% فى العام السابق، وما يناهز 4% فى أعقاب تحرير سعر الصرف فى 2016. أما معدلات الادخار التى حققها الاقتصاد المصرى فى 2008/2009 فكانت 12,6% وهى بذلك قد انخفضت متأثرة بتداعيات الأزمة المالية العالمية، حيث تراوح معدل الادخار العام ما بين 2006- 2008 حول 16,5%. وهنا لا يمكن تجاهل ادعاء أن انخفاض الدخول الحقيقية للقطاع العائلى وضعف معدلات ادخار قطاع الأعمال الخاص (وهو انعكاس الربحية) يشكل أحد أهم أسباب انخفاض معدلات الادخار وذلك على الرغم من تسجيل معدلات الفائدة مستويات مرتفعة.

ولفتت إلى أن معدلات النمو الحالية التى تم تحقيقها، رغم إيجابيتها، إلا أنها يجب ألا تشتت النظر إلى الأبعاد الثلاثة الأخرى التى تمت الإشارة إليها، وهى الاهتمام بالسياق العام والرؤية المستقبلية المحفزة للاستثمار الخاص فى كل القطاعات سواء كان الاستثمار وطنياً أم أجنبياً. فالمستثمر المحلى يعانى من عدد من المشكلات الهيكلية والمؤسسية التى تعوق توسعه وبالتالى تحول دون الاستثمار الأجنبى المباشر. هذا بالإضافة إلى ضرورة الاهتمام بقنوات توزيع ثمار النمو من خلال سوق العمل وضمان ارتفاع مستويات الدخول الحقيقية وهذه هى الضمانة الحقيقية لاستدامة معدلات النمو.