رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بيوت من ورق

بوابة الوفد الإلكترونية

التلاعب فى مواد البناء. . وفساد المحليات. . وراء كل كارثة

95 ألف عقار آيل للسقوط. . والشرقية فى المقدمة تليها المنيا والدقهلية

 

منذ أيام قليلة، شهدت مدينة فاقوس بالشرقية، كارثة إنسانية بانهيار منزل من 4 طوابق على رأس ساكنيه الذين تحولوا فى لحظة إلى قتلى ومصابين، الحادث ليس الأول ولن يكون الأخير.

حيث أصبح خبر سقوط وتصدع العقارات بسبب غش مواد البناء حدثاً لا يستحق الانتباه على صفحات الصحف والمواقع الإلكترونية وآخرها حادثة سقوط عقار بمنطقة إمبابة مؤخراً والذى أدى إلى وفاة 3 مواطنين وترصد «الوفد» فى هذا التحقيق خطورة الأسمنت المغشوش الذى يتسبب فى انهيار العقارات الخرسانية بشكل سريع وهو من الأساليب الشائعة لمعدومى الضمير التى باتت تعرف بـ«غش المقاولين» فى غياب مسئولى الأحياء والإدارات الهندسية المسئولة عن إعطاء التصاريح للمبانى والإشراف ومراقبة تنفيذها ومطابقتها للمواصفات.

وتشير التقارير لوجود 95 ألف عقار مهدد بالانهيار طبقاً للجهاز المركزى لعام 2017 وتحتل 4 محافظات ثلث العقارات المهددة بالانهيار فى مصر على الترتيب: الشرقية بـ11400 عقار، تليها المنيا بإجمالى 10425 عقاراً، ثم سوهاج بإجمالى 7370 عقاراً، ثم الدقهلية بواقع 7095 عقاراً، طبقاً للجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء لعام 2017.

والقانون يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تجاوز عشرين ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة «تحديد ضوابط للبناء» لردع غش المواد المستخدمة فى عملية الغش المتعمد فى الإنشاءات المعمارية.

قال مصطفى أسعد من سكان البدرشين، 45 عاماً: سبق لى وقمت ببناء عقار على قطعة أرض بالاتفاق مع مقاول مبانى وبعد الانتهاء من إنشاء العقار فوجئت بالعديد من التصدعات بعد مرور عام من إنشاء العقار، وعند اللجوء لاستشارى معمارى كشف أن الأسمنت مغشوش وتسبب فى تآكل فى الحديد بشكل سريع وانفصال الغطاء الخرسانى للعقار.

وأوضح أسعد أنه حاول التواصل مع المقاول السابق عدة مرات وأضطر للجوء لقسم الشرطة لتحرير محضر ضده بتهمة الغش والتدليس. . أضاف: «مش عارف أخد منه لا حق ولا باطل لأن مفيش فواتير لإثبات انشاء العقار المتصدع».

ومن جانبه، عرض إبراهيم النادى من سكان البدرشين الجيزة 52 عاماً، مأساته، قائلاً: أنشأت عقاراً من 5 أدوار وبعد 6 أشهر حدث تشقق فى العمدان أسفر عن حالة من الرعب لأهالى المنطقة، خاصة بعد تساقط أجزاء من المنزل، مؤكداً إخلاء البيوت المحيطة به وافترش السكان الأرض، وقامت الوحدة المحلية بقطع التيار الكهربائى والمياه عن الأماكن المحيطة بالعقار، وإبلاغ قوات الحماية المدنية والشرطة والإسعاف للتدخل قبل حدوث كارثة قد تودى بحياة المواطنين.

وقال النادى: إن الإدارات الهندسية فى الأحياء هى المسئولة عما حدث بسبب انتشار البناء العشوائى تحت سيطرة مقاولى العقارات، ولا بد من تشديد عقوبة الغش والتدليس فى الإنشاءات حتى يصبح الفاسد عبرة لغيره ممن أسهموا فى انتشار عدد لا يُحصى من المبانى المغشوشة تحت مرأى ومسمع موظفى الأحياء ولذلك نطالب بتطوير منظومة المحليات.

وأوضح حسن حامد، تاجر مواد البناء، أن الطوب الأحمر أهم مواد البناء فى تحديد المنافذ وبناء الشقق ولا يستطيع أحد الاستغناء عنه، ويتوفر العديد من الطوب التى تتناسب مع احتياجات البناء ويبلغ أسعار الطوب الأحمر فى الأسواق وفقاً للنوع والجودة، الطوب الأسمنتى المفرغ مقاس 40×20×20 سم عدد 1000 طوبة حوالى 630 جنيهاً مصرياً، وسعر الطوب الرملى الخفيف مقاس 60×20×20 سم عدد 1000 طوبة حوالى 550 جنيهاً، وسعر الطوب الأسمنتى المصمت مقاس 25×12. 5×6 سم عدد 1000 طوبة حوالى 500 جنيه.     

وأكد الدكتور سامح العلايلى، عميد كلية التخطيط العمرانى الأسبق بجامعة القاهرة، أن المواصفات القياسية للبناء والإنشاءات إذا تم التلاعب والإهمال بها قد تؤدى إلى انهيار المبانى وتُعرض أرواح المئات من المواطنين للخطر وفى الآونة الأخيرة ظهرت مبانى بمواصفات رديئة تستهلك سريعاً ولا تتحمل الجهد وتحتاج إلى صيانة واصلاحات تتكلف أكثر من ثمن الإنشاء.

وأوضح «العلايلى» أن اتحاد المقاولين مصنف المقاولين لثلاث درجات حسب القدرات المختلفة سواء فنية أو هندسية أو بحجم الأعمال السابقة، والمحليات لا تعمل على تخصصاتها الملتزمة به ومافيا العقارات التى تعمل على إنشاء عقارات غير مرخصة وتحت أعين رقابة الأحياء بالمناطق ولا يوجد من يقف أمام هؤلاء بسبب الفساد والجهل العلمى داخل الأحياء.

أضاف «العلايلى» أن ترخيص البناء وتوفير جميع الأوراق اللازمة من مالك العقار ليس بضمان كافٍ لتطابق المواصفات الهندسية والآمنة للإنشاء، فيجب إسناد الأمر لجهة رقابية تعاين جميع الإنشاءات، وخلال السنوات السابقة كان متاحاً الوثيقة العشوائية أو المجمعة العشوائية وتعمل على أن صاحب المشروع العقارى يصدر له موافقة على متانة المبنى من الناحية الهندسية والأساسات ومتانة المنشأة ويتم اصدار شهادة بذلك بعد المعاينة، واستدرك قائلاً: «أنا لا أعيب على المقاول الذى ينشئ مبنى لا يتحمل لأنه مثل الحرامى والأزمة ليس به ولكن فى اللى سايبه يسرق».

وكشف «العلايلى» عن أزمة كبيرة داخل المحليات بمراقبة الإنشاءات داخل الأحياء تتخطى 450 قرية و200 مدينة و27 محافظة ويحتاج إلى إعادة صياغة من جديد، مؤكداً وجود غش وتدليس فى عملية المبانى وتحت أعين الرقابة.

وقال المهندس علاء والى، رئيس لجنة الإسكان بمجلس النواب: إن هناك قانون «119» لسنة 2008 وينص على «تحديد ضوابط للبناء» لكشف عملية الغش المتعمد فى الإنشاءات المعمارية،

مطالباً المواطنين بأن يتحرى الدقة من الجهات الادارية، المختصة والإنشاءات المعمارية والتراخيص الخاصة بالمبانى.

وأوضح «والى» أن المواطنين ليس لهم جهة للاستعانة بالكشف عن العقارات أو المشروعات إلا الجهات الإدارية، وطالب بوضع آلية تساعد المواطنين للكشف السريع على العقار عبر «الإنترنت» ليتوافر للمواطن كافة المعلومات المطلوبة على موقع مخصص للإنشاءات المعمارية ويتمثل فى صورة بصمة لكل عقار على مستوى الجمهورية.

قال الدكتور عصام درويش، الخبير الاقتصادى: إن الآثار الاقتصادية فى غش مواد البناء تتمثل فى القيمة المهدرة من الأسمنت والحديد والعديد من مواد البناء وقيمة القوى العاملة الذى تنفق عليها ملايين الجنيهات أثناء إنشاء المبانى ترجع للخسائر وتتخطى أضعاف قيمة إنشاء المبنى أكثر مرتين.

وأشار «درويش» إلى أن تكلفة الخدمات الأساسية للبناء من تراخيص الإنشاء وضرائب العقار وتوفير خدمات الكهرباء والمياه تبلغ الكثير من الأموال حسب الرسم الهندسى للإنشاء وهذا تعتبر القيمة الاقتصادية للبناء بشكل عام قائلاً: «إن الآثار غير المباشرة هى إعادة البناء نفسه بعد الخسائر المتسبب فيها الإهمال وغياب الضمير فى الإنشاء».

وتابع الخبير الاقتصادى حديثه: إن أخلاق معدومى الضمير تبث فى المجتمع ثقافة الغش والتدليس من خلال إنشاء أدوار مخالفة، مؤكداً أن مواجهة الغش والتدليس يتمثل فى تغليظ العقوبات.

وطالب «درويش» من الجهات المسئولة برفع قيمة العقوبة القانونية وتتخطى أكثر من ثمن العقار للقضاء على من يسعى للغش والتدليس حتى يرتدع معدوم الضمير.

وأوضح مصطفى حجازى، مستشار قانونى، أن قانون الغش والتدليس رقم 48 لسنة 1941 والمعدل بالقانون رقم 281 لسنة 1994 القواعد الخاصة بجريمة الغش التجارى والعقوبات المترتبة عليه، مؤكداً أن القانون يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تتجاوز عشرين ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة.

وحذر محمد سامى، مهندس استشارى، من الأساليب الشائعة لمعدومى الضمير أثناء إنشاء المشروع، مؤكداً أن أكثر الفئات العاملة التى تسعى لسرقة مستلزمات البناء فى أوقات غياب مسئول المشروع، «الكهربائى والسباك» لأن أثناء كل مراحل البناء من القواعد إلى أن تسكن فأنت فى حاجة إليهم فقد فوجئ بعدم وجودهم أثناء صب السقف أو أساسات المنزل ومع ذلك هم أكثر الفئات العاملة سرقة للمشروع.

وتابع «سامى» حديثه: إن مقاول البناء لا يمكن أن يسرقك مادياً إلا عن طريق زيادة أمتار البناء بعد الانتهاء من إنشاء المشروع ويستخدم المقاول حيل ملتوية لتقليل التكاليف التى يتحملها المشروع بطرق غير هندسية وتأتى بالكوارث على المشروع، وهذا يجعل السقف غير متماسك بشكل جيد.

وأكد المهندس الاستشارى، أن خطورة الأسمنت المغشوش الذى قد يتسبب فى انهيار العقارات الخرسانية بشكل سريع أثناء فقدان المبنى التماسك بسبب غش العديد من مواد البناء وعلى رأسهم الأسمنت وهذا يقلل من تكاليف انشاء العقار.

وأضاف «سامى» أن الإرشادات تأتى وسط مخاوف المواطنين من انتشار ظاهرة تصدع أسطح وجدران منازلهم وهناك العديد من المواطنين لم يمض على إنشاء عقاراتهم سوى بضع سنين، مطالباً تكثيف الرقابة على منافذ بيع الأسمنت داخل المناطق العشوائية الذى يحدث بها غش تجارى فى مواد البناء.

 

إنفوجراف

83 مليون طن إنتاج الأسمنت فى عام 2018 طبقاً لتصريحات شعبة منتجى الأسمنت

19 شركة لمنتجى الأسمنت على مستوى الجمهورية طبقاً لتصريحات شعبة منتجى الأسمنت

95 ألفاً هو عدد العقارات الآيلة للسقوط فى مصر دون أن يتخذ إجراء بشأنها طبقاً للجهاز المركزى والإحصاء لعام 2017

4 محافظات تتصدر أكثر من 70% من العقارات الآيلة للسقوط فى مصر وهى الشرقية تليها المنيا ثم سوهاج ثم الدقهلية