عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

من الغيبيات الخمسة وما تدري نفس بأي أرض تموت

وما تدري نفس بأي
وما تدري نفس بأي أرض تموت

 الإيمان بالغيب من صفات المتقين، قال تعالى فى سورة لقمان (إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ).

 

وقال الشيخ ابن العثيمين، رحمه الله، وصدق الله فلا أحد يستطيع أن يحكم بأنه سيموت في الأرض الفلانية، فقد يقول الإنسان‏:‏ أنا لن أخرج من بلدي فسأموت في بلدي، لكن هذا قد لا يتم، فأحيانًا يكون الإنسان في بلده لا يخرج أبدًا منها، فيمرض، وتحدثه نفسه وتحدوه همته وعزيمته إلى أن يسافر للعلاج، فإذا وصل إلى البلد الذي قرر أن يتعالج فيه مات فور وصوله، وهذا موجود ويحدث إذًا فهو لا يعلم بأي أرض يموت، ومن باب أولى أيضًا فإنه لا يعلم في أي وقت يموت، لأن الإنسان يتصرف في مكانه، فربما يقول قائل‏:‏ إذا أحس بالموت ورأى أنه لا شفاء له مثلًا قال‏:‏ أذهب إلى الأرض الفلانية وأموت فيها، فإذا كان لا يعلم هذا فما بالك بالزمن الذي لا يمكن تحديده أبدًا‏؟‏‏!‏ فالذي لا يعلم المكان لا يعلم الزمان من باب أولى‏.

 

ولقد جرت مسألتان إحداهما أدركتها أنا، والثانية حدثت بها من ثقة‏.‏

 أما الأولى‏:‏ فإنه كان راكبان على دباب ـ دراجة نارية ـ يمران بشارع فرعي، وهناك سيارة تمر بالشارع العام، فلما رأى صاحب السيارة هذا الدباب وقف من أجل أن يعبر الدباب، والراكبان على الدباب لما رأيا السيارة وقفا لتعبر السيارة، فهذا تصرف سليم، لكنه في خلال دقيقة أو دقيقتين تحركت السيارة وتحرك الدباب واصطدما، فمات أحد الراكبين، فبماذا نفسر هذه الواقعة‏؟‏ نفسرها بأن هذا الرجل الذي مات بقي له من عمره دقيقتان أو دقيقة، لو شاء الله ـ عز وجل ـ لعبر كل من السيارة والدباب بسلام، أو لعبرا من أول ما التقيا بسرعة وحصل الحادث، لكن حصل التوقف لمدة دقيقة أو دقيقتين من أجل أن يستكمل الأجل لهذا الذي مات، وهذه من آيات الله ـ عز وجل ـ قال النبي، صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إنه لن

تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها‏)‏‏.‏

 أما المسألة الثانية‏:‏ فقد حدثني بها من أثق به، فقد كان الناس في السابق يأتون مكة عن طريق البر على الجمال وكان الناس في ذلك الوقت ينزلون جميعًا ويسيرون جميعًا، لأن البلاد غير آمنة تمامًا، يقول‏:‏ فخرج الحجاج إلى مكة، وكانوا يمشون في الريعان ـ أي الجبال والأودية ـ على حدود الحجاز من نجد، وكان أحد القوم معه أمه مريضة وهو يمرضها، فسار الناس من مكان نزولهم ليلًا، وهو جالس يمرض أمه، ويمهد لها الفراش من أجل أن تنام على الراحلة مستقرة، ولما أكمل رحل المركب لأمه مشى، ولكنه أخطأ القوم، لأنهم تجاوزوا كثيرًا، يقول‏:‏ فدخل في طريق جادة صغيرة مع أحد الريعان، وصار يمشي وهو يظن أنه على إثرهم حتى ارتفعت الشمس، وخاف على نفسه من العطش، فتبدى ـ ظهر ـ له خباء بدو ـ أي خيمة صغيرة ـ فاتجه إليها ووصل إليهم، وقال‏:‏ أين طريق الحجاج‏؟‏ قالوا له‏:‏ طريق الحجاج وراءك، لكن انزل أنت والمرأة معك حتى تستريح وندلك فنزل بأمه يقول‏:‏ فما أن وضع أمه على الأرض حتى فاضت روحها، سبحان الله العظيم، فمن يقول‏:‏ إن امرأة من القصيم تأتي إلى الحجاز إلى هذه الأماكن التي قد لا يحلم أن يصل إليها، حتى تموت في هذا المكان‏؟‏‏!‏ ‏{‏وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ‏}‏‏.‏