رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

«رفيق المسن».. وداعاً «خريف العمر»

بوابة الوفد الإلكترونية

3 آلاف شاب يمسحون دموع كبار السن

الخبراء: المشروع يوفر فرص عمل للشباب.. والراتب يبدأ بـ 4 آلاف جنيه

خريف العمر.. مرحلة سنية لها خصوصيتها، وكل من يدخلها يحتاج إلى معاملة خاصة جداً.

وخلف الأبواب المغلقة آلاف الحكايات عن عجائز يقضون لياليهم فى أحضان الألم، ووسط دموع لا تجف حزناً على حالهم، ووحدتهم وانشغال أبنائهم عنهم.

وظلت دور رعاية المسنين ملاذاً وحيداً لكبار السن الباحثين عن «ونس»، فيما ظل الملايين يتجرعون آلامهم فى صمت، انتظاراً لأن يقضى الله أمراً كان مفعولًا.

الآن ظهرت بارقة أمل جديدة لـ 7 ملايين مسن فى مصر، أمل يكفل لهم الرعاية الكاملة وهم فى «بيت العيلة»، هذا الأمل هو «رفيق المسن»، وهو استراتيجية متكاملة لرعاية كبار السن، بدأتها وزارة التضامن، التى شرعت فى تدريب آلاف الشباب للقيام بهذه المهمة الإنسانية الراقية.

قبل أيام انتهت وزارة التضامن الاجتماعى من تدريب خريجى أول دفعات مشروع رفيق المسن، وأعلنت الإدارة المركزية للرعاية الاجتماعية بالوزارة عن توافر خدمة رفيق المسن لرعاية المسنين فى منازلهم من خلال الجمعيات المشتركة بالمشروع فى محافظات القاهرة والجيزة والقليوبية والإسكندرية.

ومشروع «رفيق مسن» هو أهم مبادرات وزارة التضامن الاجتماعى، إيماناً منها بأهمية استثمار الطاقات الشابة عبر مجموعة من البرامج التدريبية والتأهيلية لإعداد أجيال تمتلك قدرات ومهارات كثيرة للمشاركة الفعالة فى الاهتمام بفئة كبار السن بصفة خاصة، والمضى قدماً نحو تنفيذ مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسى لتوفير حياة كريمة للفئات المجتمعية الأكثر احتياجاً خلال عام ٢٠١٩، بما يعزز التكافل والترابط الأسرى والتماسك الاجتماعى.

«رفيق المسن» مشروع قومى مدفوع بالكثير من الآمال والطموحات، حيث أتاح فرصة عمل لـ ٣ آلاف فتاة وشاب من شباب الخريجين خضعوا للتدريب الشامل، وحول أفكارهم ومشاريعهم إلى مصدر دخل، ومنحهم دورًا أساسيًا وإيجابيًا فى بناء مستقبلهم، و«طوق نجاة»، لإنقاذ ٩٠٠ مسن ومسنة، من الوحدة والأحزان، ومكافأة لشقاء السنين، ليتحقق حلم أغلب الأسر، ممن يبحثون عن «مرافق مسن»، ولا يرغبون فى وضع المسن بدور رعاية، ما يضمن إبقاءه ضمن أسرته وتقديم كافة أوجه الرعاية التى يحتاجها فى أفضل صورة، لتتكامل الواجبات، ويعود الدفء داخل جدران «بيت العيلة».

خطة البرنامج تتضمن توفير أفضل الخدمات ووسائل الرعاية لكبار السن، من خلال صقل مهارات الشباب والفتيات وإكسابهم الخبرات والمعارف اللازمة للعمل بمهنة جليس لكل مسن، ومدة البرنامج شهراً بإجمالى ٧٥ ساعة تدريب معتمدة منهم ثلاثة أسابيع تدريبًا نظريًا، وأسبوعًا عمليًا بمعامل كلية التمريض، وقد تم فعلياً تخريج الدفعة الأولى من رفقاء المسنين، وعددهم ١٥٠ شاباً وفتاة، من إجمالى ٣ آلاف خضعوا للتدريب الشامل، ممن تتراوح أعمارهم بين ١٨ وحتى ٤٥ عاماً من الحاصلين على الثانوية العامة أو ما يعادلها، والخالين من الأمراض الجسدية والنفسية، وإعداد منظومة موحدة للتعامل مع هذه الخدمة الضرورية، وقد بلغ عدد المسنين المستفيدين من الخدمة ٩٠٠ مسن، مع استحداث كود تأمينى باسم رفيق المسن، وأيضاً اعتماد شهادة اجتياز البرنامج التدريبى، وأصبح- الآن- متاح التعاقد معهم لخدمة المسنين فى المنازل، وذلك تنفيذاً لبروتوكول التعاون الذى تم توقيعه مؤخراً بين وزارة التضامن والمعهد القومى لعلوم المسنين بجامعة بنى سويف بالتعاون مع ٣ جمعيات أهلية، وهى «جمعية الرعاية بالمحبة، جمعية الباقيات الصالحات، جمعية الرعاية الاجتماعية بكرموز»، وذلك فى محافظات «القاهرة والجيزة والقليوبية والإسكندرية».

وفى المقابل صار رعاية المسنين نشاطاً لعدد من الشركات تحقق من خلاله إيرادات ليست قليلة.. مدير إحدى هذه الشركات، ومقرها المعادى قال لـ«الوفد»: نقدم أفضل عروض جليسة المسن من شباب الخريجين، والسعر يتحدد حسب المكان والحالة الصحية للمسن.

وأضاف: يوجد قسم خاص للعلاج الطبيعى بالمنازل، وتقديم الرعاية الصحية والتمريضية لكبار السن، من خلال الجليس والجليسات، ومدربات على أمراض «الجلطات والزهايمر بجميع المراحل، الشلل، قرح الفراش، القسطرة، الشيخوخة المبكرة، العمليات الجراحية»، ومـساعدة المريض على الحركة بشكل سليم، والعناية الشخصية اليومية، ومرافقة كبار السن داخل المستشفيات، وإعطاء الحقـن والمحاليـل وتركيب الكانيلولا بالمنازل، والغيار على الجروح بكافة أنواعها، خاصة التقرحات الجلدية، ومساعدة المريض على تناول أدويته فى المواعيد المحددة، ورعايتهم وتأهيلهم، كما يوجد مختصون لقياس السكر والضغط، كما نقدم أيضًا التمريض المنزلى على مدار الاسبوع بأقل الأسعار، ومواعيد العمل من ٩ صباحاً حتى ٩ مساء.

وحينما اتصلنا بأحد المستشفيات الطبية الشهيرة بمنطقة المعادى، أكد المسئولون أنه يتم تقديم الرعاية المتكاملة والضرورية التى تتناسب مع كبار السن- بمساعدة جليس المسن- خلال فترة الإقامة فيها، مقابل مبلغ ٣٠ ألف جنيه شهرياً.

وفى وسائل المواصلات المختلفة تنتشر إعلانات العمالة المنزلية المدربة وبأسعار تناسب الجميع، تبدأ من ٢٠٠٠ حتى ٤٠٠٠ جنيه شهري.

 

واجب اجتماعى ودينى

وأكد طارق زغلول، المدير التنفيذى للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان، أن توفير خدمة رفيق مسن لرعاية كبار السن، لها أهمية كبيرة فى تقديم رعاية متميزة لتلك الفئة، منوهاً أن العناية بكبار السن ليس واجبًا اجتماعيًا فقط، بل هو فى المقام الأول واجبًا دينيًا فرضه الله على أبناء المجتمع الواحد تجاه كبار السن، وجاءت وزارة التضامن لتكمل الصورة المشرقة فى العلاقات الإنسانية عندما دعت إلى الاهتمام بكبار السن، وهو ما يمس بالتأكيد قضية المواطنة ويحقق التكافل والترابط الأسرى والاستقرار النفسى والأمان الاجتماعى الذى يطالب به الجميع.

وأوضح مدير المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، أن البرنامج التدريبى «رفيق مسن»، يهدف إلى تنمية الوعى لدى أبناء الوطن باحتياجات كبار السن وقضاياهم والتوعية بالمكانة الاجتماعية الرفيعة لهم، باعتبارهم شركاء التنمية، لما لديهم من الحكمة والخبرة والتجربة العملية التى ينبغى دعمها وتوطيد الروابط والعلاقات الأسرية من أجل خدمتها، لافتًا إلى أن هذه المبادرات والبرامج تأتى استجابة للمسئولية الاجتماعية المشتركة بين الجميع تجاه إعداد وتأهيل الكوادر الشبابية، ولكن يجب توفير الحماية الاجتماعية تحت تنسيق وإشراف كامل من الدولة متمثلة فى وزارة التضامن الاجتماعى والجمعيات الأهلية، بما يكفل حياة أفضل لكبار السن.

 

شهادة خبرة

وقالت الدكتورة أسماء عبدالعظيم، أستاذة التنمية البشرية والصحة النفسية والإرشاد الأسرى: تقديم خدمة رفيق المسن خدمة اجتماعية، ومجال عمل يوفر فرصة الحصول على عمل بمرتبات تبدأ من ٤ آلاف جنيه، بالتأكيد هى خطوات فى غاية الأهمية لمسار التطوير والتنمية، بما يسهم فى إحداث تغيير اجتماعى إيجابى، منوهة إلى أهمية الدورات التدريبية للكوادر الشبابية فى مجالات الإرشاد النفسى وتنمية مهارات التواصل وإدارة الذات والتعرف على الخبرات العملية والوصول إلى التميز والعمل على اتخاذ التدابير اللازمة لحماية حقوق المسنين، من أجل حياة كريمة.

وأشارت إلى أن هناك مواصفات محددة المفترض توافرها فى جليس المسن، وأهمها: أن يكون أمينًا على رعاية المسن ومسئوليته التى تطوع للقيام بها، وقدرته على تحمل ومواجهة قدر

عال من الضغوطات على المدى الطويل، كما أن حصول الجليس على شهادة خبرة معتمدة من وزارة التضامن تمثل ضمانة اجتماعية لكل الأسر المصرية.

وأضافت أستاذة التنمية البشرية، البرنامج يعزز الترابط والتماسك الأسرى والاجتماعى، ويقدم خدمة لكبار السن غير القادرين صحيًا على رعاية أنفسهم، وتوفير كافة أوجه الرعاية المتكاملة الملائمة داخل «الدور-المنازل- الأندية»، وتلبية احتياجاتهم الأساسية، ومواجهة المشكلات الناتجة عن كبر السن وكيفية التأقلم معها، وأيضًا العمل على تنظيم رحلات ترفيهية مخفضة التكاليف للكبار، حتى لا تؤثر وحدتهم على حالتهم الصحية والنفسية، ومدى تقبلهم للآخرين، والعمل على مشاركتهم فى الأنشطة المختلفة، وإدماجهم فى حياة سوية ومستقرة.

داعية إلى أهمية التوسع فى هذا المشروع الإنسانى، وتعميمه فى مختلف المحافظات، خاصة مع انشغال الأبناء بأعمالهم وحياتهم الشخصية، وهو ما يتطلب وجود أشخاص مدربين على رعاية هذه الفئة العمرية.

 

حياة كريمة

الدكتور أيمن الدهشان، رئيس جمعية الحضارة المصرية، استشارى التنمية الإدارية والبشرية، قال: لابد من التوسع فى خدمات رعاية كبار السن وتأمين حقوقهم، بحيث يمكن أن تتقاسم عملية الرعاية كل من الأسرة والدولة، من خلال إعداد كوادر شابة مؤهلة ومدربة قادرة على تقديم الدعم المتكامل والشامل إلى فئة كبار السن، وتعزيز ثقافة المسئولية الاجتماعية، ضمن المبادرة الرئاسية حياة كريمة.

وأكد رئيس جمعية الحضارة المصرية، أن اهتمام وزارة التضامن بكبار السن وتنفيذ مشروع المسن، عن طريق توفير الرعاية الاجتماعية المنزلية لكبار السن، إلى جانب تأهيل أسرهم، وتمكينهم من آليات التعامل معهم، فى ضوء توجيهات الرئيس «السيسى» بالاهتمام بكبار السن، باعتبارهم إحدى الفئات التى لها مكانة متميزة على مختلف المستويات، والتى لم تبخل يومًا على خدمة بلدها ومجتمعها بالجهد والعمل الدءوب طوال حياتها، خاصة أن هذه المرحلة تحتاج إلى رعاية واهتمام خاص فى جميع المجالات الحياتية الاجتماعية والصحية والاقتصادية والثقافية، فضلًا أن هذا النشاط يوفر فرص عمل جديدة تحد من البطالة، بحيث يؤمن الشباب والفتيات أنفسهم كأصحاب مهنة لهم معاش وتأمينات.

وأضاف رئيس جمعية الحضارة المصرية، أنه آن الأوان لتلقى فئة كبار السن ما تستحقه من الاهتمام والرعاية المناسبة من الأجيال الحالية، ليتمكنوا من العيش المريح والآمن، والحفاظ على مكانة المسنين داخل أسرهم، والعمل على اكتشاف طرق جديدة لتمكينهم وتوسيع مشاركتهم فى عملية اتخاذ القرار، بحيث يمكنهم الاعتماد على أنفسهم، وبما يسهم فى نهضة المجتمع وتطويره، وذلك بالاستفادة من خبراتهم المفيدة السابقة كل بحسب جهده وإمكانياته، وتوظيفها فى مشروعات صغيرة أو متوسطة توفر لهم دخلًا إضافيًا وتخرجهم من عزلتهم وتشعرهم بذاتهم ومكانتهم المهمة فى المجتمع كمصدر للعطاء الذى لا ينضب، بالإضافة إلى التنسيق بين الجهات الحكومية والأهلية المعنية بتلك الفئة سعيًا إلى تحقيق التكامل والتعاون المنشود بينها.

وقال الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسى بالجامعة الأمريكية: وزارة التضامن وضعت رؤية واستراتيجية متكاملة وواضحة لرعاية كبار السن، وهى ثقافة إيجابية للتعامل مع هذه الفئة العمرية، تقديرًا لمكانتهم الاجتماعية الرفيعة ودورهم الذى قدموه لخدمة وطنهم، والذى كان له الأثر الإيجابى فى إرساء قاعدة البناء والتنمية الشاملة.

وأضاف أستاذ علم الاجتماع: تقديم حزمة كبيرة من الخدمات لكبار السن، من أجل تحسين نوعية حياتهم بمختلف مجالاتها الاجتماعية والطبية والعلاجية والنفسية والترفيهية، وقضاء أحلى الأوقات بصحبة راعى المسن، واستيعاب واستثمار القدرات الخاصة بكبار السن، ومحاولة إدماجهم فى المجتمع كل حسب قدراته، وأيضاً تنظيم الندوات والمؤتمرات الثقافية والتوعوية للمجتمع والأسر حول أساليب الرعاية المثلى والتعامل الإنسانى مع المسنين وتقدريهم والحفاظ على مكانتهم داخل المجتمع والأسرة، بخلاف الرحلات الشهرية، والمصايف، وزيارات للأندية للتغلب على شعور الاكتئاب والعزلة، والتركيز على قصص النجاح العظيمة حتى ما بعد الستين، والتى تحفز على مواصلة مسيرة التقدم والنماء، وحماية حقوقهم والمحافظة عليها، وتوفير مصدر دخل مناسب وكاف لكبار السن، بما يكفل لهم حياة أكثر رفاهية وطمأنينة، ويعزز السلام الاجتماعى، والتواصل بين الأجيال ويهيئ الظروف التى تتيح للشباب والفتيات المشاركة الإيجابية، كما أنه يحقق دخلًا مناسبًا وأمنًا اقتصاديًا للعنصر البشرى، خاصة العاملين منهم فى القطاع الخاص والأعمال الحرة، وذلك فى إطار منهج تدريبى منظم وموحد وشامل لإعداد وتأهيل القوة البشرية وتعزيز قدراتهم ومهاراتهم لكى يتاح المجال أمامهم مستقبلاً لمواصلة العمل، وبالتالى تتكامل الواجبات وتنتج حياة كريمة للجميع، خاصة أن فى مصر نحو 7 ملايين مسن بنسبة ٧% من مجموع السكان، الأمر الذى يحتاج عناية خاصة ورعاية متميزة.