رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

العرف العشائرى يعلو على القانون فى زمن الاقتتال لحل مشاكل الطلاق

بوابة الوفد الإلكترونية

قالت لابنتها المطلقة بعد تردد وصمت وهى تشجعها: «لا تخافى، لن يبقى طفلًا مدى الحياة عندما يكبر سيفهم، إنك لم تتخل عنه، وسيأتى اليك ويزورك ويحبك مهما تزوجت وأنجبت أطفالاً آخرين، بعدك عن أبيه وتسليمه طفلكما فى سلام، أفضل ألف مرة مما كنت فيه، هل تذكرين الكدمات التى كانت تغطى جسدك أسابيع ويدك التى تعرّضت للكسر بعدما ضربك والده بالمطرقة؟ لو بقيت مع ذلك الرجل لانتهت حياتك قبل أن تتمكنى من تربية ابنك وإيصاله إلى مرحلة الشباب، ارضخى لقرار العشيرة وفوضى أمرك لله.

بهذه الكلمات حسمت الجدة العراقية مصير حفيدها، وأقنعت ابنتها بأن تسلم الطفل لوالده ليرعاه، مقابل الطلاق وإنهاء الخلاف العالق بينهما أمام المحكمة منذ أشهر طويلة، فما يؤسف له أن قضايا الأسرة من طلاق ونفقة وحضانة، يطول أمدها غالباً فى الدول العربية بسبب الإجراءات القانونية الطويلة والمعقدة، وسبل التحايل التى يلجأ لها بعض الخصوم والمحامين، بجانب زحام القضايا، وكل هذا يؤدى إلى تعطيل الحسم فى هذه الخلافات، وبقاء القضايا عالقة أمام المحاكم سنوات طويلة، يضيع معها حق المظلوم من الأطراف المتخاصمة، وتزداد المشكلة تعقيداً فى زمن الحرب أو الاقتتال الداخلى، فحالة اللاأمن واللااستقرار فى أى دولة تنعكس تماماً على مسار القضايا وسرعة البت فيها، ومن هنا لجأت معظم المناطق فى العراق إلى الأحكام العشائرية لسرعة البت فى هذه الخلافات، ولتكون أسرع من القانون والمحاكم، وعلى الجميع احترام القرار الصادر من العشيرة بلا مناقشة، لأنه يكون الأصوب بالإجماع بعد مداولات واستعراض كل معطيات الطرفين المتخاصمين.

ومن هذا المنطلق قررت الشابة العراقية فاطمة محمد حنون أن تسلّم طفلها الذى لم يتجاوز السنتين إلى عائلة زوجها، بعد اتفاق عشائرى حسم القضية التى عجزت محكمة الأحوال الشخصية عن إنهائها لمصلحة أحد الطرفين. وقضى «الحل» بأن يسمح للوالدة برؤية طفلها فى منزل شيخ العشيرة مرة واحدة كل أسبوعين، وتم ذلك لتنهى العائلتان طريقًا طويلًا من الجلسات

المطوّلة فى المحاكم والشجارات المستمرة والتهديدات المتبادلة، ودعم والد ووالدة فاطمة وشقيقها قرار العشيرة، وأقنعوها بقول: «عندما يكبر ابنك سيذهب إلى أهله ولن يفضّل العيش معك، فأنت ليست ميسورة الحال، وسترى ابنك يومًا كاملًا كل اسبوعين، وأنت ما زلت شابة ستتزوجين مجدداً وستنسى المأساة وتنشغلى بتأسيس عائلة جديدة.

ورغم أن الشابة العشرينية لم تكن راضية تمامًا بالاتفاق المبرم، وكانت تبكى بحرقة أمام انتزاع ابنها أمجد من حضنها، ولكنها رضخت للواقع كى تنهى كم المشاكل والتهديدات، وحاولت ان تطمئن إلى كلام أمها: لا تخافى من أن يتربّى بعيدًا منك، سيدرك لاحقًا أهمية حنانك وسيذكرك دائمًا ويزورك حتى لو تزوجتِ وأنجبت الكثير من الأطفال، ولن يصدق إنك تخليت عنه، لكنه سيصدق إنك تحملت ألم تربيته بعيداً عن حضنك لأجل مصلحته، ووالده لن يؤذيه كما كان يؤذيك، كما أن جدته لأبيه موجودة وتحبه وستدافع عنه ولن تسمح لوالده بإيذائه.

وهكذا نجحت العشيرة فيما فشل فيه القضاة هناك، وكفت الشابة نفسها من شر رجل أرعن، داعية الله أن يعيش فى سلام مع أبيه، والذى هدد كثيراً بإحراقها هى وأهلها إذا ما أصاب الطفل مكروهاً وهو يعيش معها، وهى لم تضمن أن يصاب الولد بأى مكروه، فهو فى النهاية طفل له شقاوته.

عن الحياة اللندنية